|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 170
|
#2
|
ومما ورد في ذلك أيضاً ما رواه مسلم في صحيحه : عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال : بعثنا رسول اللّه e، وأمَّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة قال : فقلت : كيف كنتم تصنعون بها ؟ قال : نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، فانطلقت على ساحل البحر فوقع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، قال : قال أبو عبيدة : ميتة، ثم قال : لا، بل نحن رسل رسول اللّه e وفي سبيل اللّه، وقد اضطررتم فكلوا، قال : فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، قال : ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقتطع منه الفدَر كالثور وكقدر الثور فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق ، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله e فذكرنا ذلك له، فقال : هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا ؟ قال : فأرسلنا إلى رسول اللّه e منه فأكله .
151 - وفي رواية قال : بعثنا رسول اللّه e في ثلاثمائة راكب، وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح نرصد عيراً لقريش فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط، فسمي جيش الخبط فألقى لنا البحر دابة يقال لها: العنبر، فذكر الحديث .
152 - وفي أخرى: سرنا مع رسول الله e وكان قوت كل رجل منا كل يوم تمرة وكان يمصها ثم يصرها في ثوبه وكنا نتخبط بقسينا حتى قرحت أشداقنا، فأقسم لأُخْطِئَنَّها رجل منا يوماًً فانطلقنا به نَنَعَشُه فشهدنا (له ) أنه لم يعطها فأعطيها فقام فأخذها.
معنى أقسم أحلف، وقوله : أُخْطِئَنَّها، أي : فاتته ومعناه أنه كان للتمر قاسم يقسمه بينهم فيعطي كل إنسان تمرة كل يوم، فقسم في بعض الأيام ونسي إنسانا فلم يعطه تمرته، وظن أنه أعطاه فتنازعا في ذلك وشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها بعد ا لشهادة .
153 - وفي رواية : فأتينا سيف البحر، فزخر زخرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار، فاطّبخنا واشتويتا وأكلنا وشبعنا ، قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان عد خمسة في حجاج عينها ما يرانا أحد، حتى خرجنا فأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه، ثم دعونا بأعظم رجل في الركب، وأعظم جمل في اركب، وأعظم كفل في الركب، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه .
قال المؤلف : وفي هذا الحديث دليل لمن ذهب إلى أن المضطر يأكل من الميتة إلى أن يشبع ويتزود منها لأن الصحابة رضي اللّه عنهم إنما أكلوها على تقدير أنها ميتة أبيحت لهم بالاضطرار، وقد أكلوا حتى سمنوا، وتزودوا كما تقدم، وكان هذا في زمن ثمان من الهجرة، واللّه أعلم .
154 - ومنه ما خرجه ابن عساكر بإسناده، عن يزيد بن عبد الصمد، ثنا أبو الجماهر، عن أبيه، قال : أصاب الناس بأرمينية جهد شديد حتى أكلوا البعر، فأمطروا بنادق فيها حب قمح .
وخرج أيضا عن عبد اللّه بن أبي جعفر قال : غزونا القسطنطينية فكسر بنا مركبنا فألقانا الموج على حشفة في البحر، وكنا خمسة أو ستة، فأنبت اللّه لنا بعددنا ورقة لكل رجل منا فكنا نمصها فتشبعنا وتروينا فإذا أمسينا أنبت اللّه لنا مكانها حتى مر بنا مركب فحملنا.
الحشفة: بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة جميعا بعدهما فاء هي الجزيرة في البحر لا يعلوها الماء، قاله الأزهري .
ومنه أن اللّه تعالى يستجيب دعاءهم بخوارق العادات لكرامتهم عليه ودخولهم في ضمانه .
155 - وفي سنن ابن ماجه، وصحيح ابن حبان، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، عن النبي e، قال : "الغازي في سبيل اللّه والحاج والمعتمر وفد اللّه دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم " .
156 - ورواه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه بنحوه من حديث أبي هريرة، وقال في آخره : "إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم " .
157 - وعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، عن رسول اللّه، قال : "وفد اللّه ثلاثة، الحاج والمعتمر والغازي، أولئك يسألون الله فيعطيهم سؤالهم ".
خرجه ابن عساكر من طريق إسماعيل الحمصي ، ثنا طلحة بن عمرو ، عن ابن المنكدر ، عنه، وفي هذا الإسناد ضعف ولكن يعضده الحديث قبله، وقد روى البزار هذا الحديث بنحوه بإسناد رجاله ثقات . 1
158 - وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما، عن النبي e قال : "خمس دعوات تستجاب : دعوة المظلوم حتى ينتصر، ودعوة الحاج حتى يصدر، ودعوة المجاهد حتى يقفل، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب". خرجه ابن عساكر أيضا من طريق عمرو بن أبي سلمة ، ثنا عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه، عن سعيد بن جبير ، عنه .
قال المؤلف : وحال هذا الإسناد كالذي قبله .
159 - وقد روى الطبراني في حديث بإسناد جيد، عن عقبة بن عامر الجهني رضي اللّه عنه ، عن النبي e، قال : "ثلاثة تستجاب دعوتهم، الوالد والمسافر والمظلوم" .
160 - وروى أبو داود والترمذي، عن أبي هريرة، أن رسول اللّه e قال : "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد ودعوة المظلوم ودعوة المسافر،. فإذا كان اللّه يستجيب دعاء المسافر من حيث هو فلم لا يستجيب دعاء المجاهد وهو أكرم الناس سفرا وأعظمهم في سفره أجرا، ولهذا جاء في الحديث : "إن اللّه يستجيب لهم كما يستجيب للرسل، وما ذاك إلا لكرامتهم عليه ورفعة منزلتهم لديه " .
161 - فروى ابن عساكر من طريق عمارة بن مطر ، ثنا عصام بن طليق ، عن هشام بن أبي جعفر، عن ابن المسيب، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، قال : قال رسول اللّه e : "اتقوا أذى المجاهدين في سبيل اللّه، فإن اللّه يغضب لهم كما يغضب للرسل لهم كما يستجيب للرسل ".
162 - وروى عبد اللّه بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي سَبْرة النخعي قال : أقبل رجل من اليمن، فلما كان في بعض الطريق نفق حماره يعني مات، فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال : اللهم إني جئت من الدثينة مجاهدا في سبيلك ابتغاء مرضاتك وأنا أشهد بأنك تحيي الموتى وتبعث من في القبور، ولا تجعل لأحد علي اليوم منة أطلب إليك أن تبعث لي حماري، قال : فقام الحمار ينفض أذنيه . خرجه البيهقي في دلائل النبوة وصحح إسناده، والإمام أبو القاسم القشيري في رسالته، وذكر البيهقي في أحد طرقه أن اسم هذا الرجل : نباتة بن يزيد، وأنه خرج في زمن عمر رضي اللّه عنه غازيا، فذكر القصة غير أنه قال : فباعه بعد بالكناسة ، فقيل له : تبيع حمارا أحياه اللّه لك ؟ قال : فكيف أصنع ؟
وخرَّج فيها أيضا بإسناده، عن ابن أبي عبيد البسري، عن أبيه، أنه غزا سنة من السنين فخرج في السرية فمات المهر الذي كان تحته وهو في السرية، فقال : يا رب أعرنا حتى نرجع إلى بسرى - يعني قريته - فإذا المهر قائم فلما غزا ورجع إلى بسرى قال : يا بني خذ السرج عن المهر، فقلت : إنه عرق فإن أخذت السرج داخلته الريح، فقال : يا بني إنه عارية، قال : فلما أخذت السرج وقع المهر ميتا.
قال المؤلف عفا اللّه عنه : كذا وقع في الرواية : بسرى، وصوابه بسر وهي قرية معروفة من قرى حوران .
163 - وعن حميد بن هلال ، قال : كان رجل من الطفاوة طريقه علينا يأتي على الحي فيحدثهم، قال : أتيت المدينة في عير لنا، فبعنا بضاعتنا ثم قلت لأنطلقن إلى هذا الرجل فلآتين من بعدي بخبره، قال : فانتهيت إلى رسول اللّه e فإذا هو يريني بيتا، قال : "إن امرأة كانت فيه فخرجت في سرية من المسلمين وتركت ثنتي عشرة عنزا وصيصيتها التي تنسج بها، قال : ففقدت عنزا من غنمها وصئصيئتها ، قالت : يا رب قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه، وإني قد فقدت عنزا من غنمي وصيصيتي، وإتي أنشدك عنزي وصيصيتي "، قال : فجعل رسول اللّه e يذكر شدة مناشدتها لربها تبارك وتعالى، قال رسول اللّه e : "فأصبحت عنزها وصيصيتها ومثلها، وهاتيك فأتها فاسألها إن شئت، قال : قلت : بل أصدقك ". رواه أحمد بإسناد رجاله رجال الصحيح .
الصئصئة بصادين مهملتين مكسورتين وهمزتين هي بعض آلات الحاكة، قال ابن فارس : صيصية الحائك شوكته .
164 - وخرّج ابن أبي الدنيا بإسناده، عند عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال : خرج قوم غزاة ومعهم محمد بن المنكدر وكانت صائفة فبينما هم يسيرون في الساقة قال رجل من القوم : أشتهي جبنا رطبا، فقال محمد بن المنكدر: استطعموا اللّه يطعمكم فإنه القادر فدعا القوم فلم يسيروا إلا قليلا حتى وجدوا مكتلا مخيطا، كأنما أن به من السيالة أو الروحاء ، فإذا هو جبن رطب فقال بعض القوم لو كان عسلا ؟ فقال محمد: إن الذي أطعمكم جبنا ههنا قادر على أن يطعمكم عسلا فاستطعموه، فدعا القوم فساروا قليلا فوجدوا قاقُزَّة عسل على الطريق فنزلوا فأكلوا الجبن والعسل وركبوا .
وروى السلطان نور الدين محمود المعروف بالشهيد في كتابه الاجتهاد في فضل الجهاد بإسناده، عن أبي يعقوب المصيصي، قال : غزونا بلاد الروم فقال لنا الدليل : ههنا واد من عسل فعدلنا إليه وأنزلنا رجلا يغرف لنا بالأسطال ، فخرج علينا الروم فتشاغلنا بهم ونسينا الرجل فغبنا عن الموضع، فلما كان بعد سنة غزونا فجئنا إلى ذلك الوادي فإذا الرجل حي، قال : فقلنا له : أيش خبرك ؟ قال : كنت أعطش فأشرب العسل وأجوع فآكل العسل، فرأيناه كأنه البلور إذا طعم شيئا رأيناه في جوفه من صفاء جلده .
والله تعالى أعلم .. , "
|
|
19-09-2002 , 02:53 AM
|
الرد مع إقتباس
|