السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أخواني الأعزاء اليوم لنا وقفه كبيرة ولقاء مع ضيف لم نكن ولم اكن أنا شخصيا أتوقع أن يكون بيننا وبينه لقاء علي الهواء مباشرة ،
ضيفنا اليوم هو شخص مميز جدا ولابد لنا جميعا من لقائه يوما ما، شئنا أم أبينا ،
وعلي الرغم من أنه ضيف ثقيل الظل علي قلوب كثير منا لكني أتوقع بأذن الله أن تتغير نظرتكم عنه بعد هذا اللقاء أن شاء لله …
ضيفنا اليوم هو المــــوت ..
فأهلا وسهلا به وأشكره علي تلبيته لدعوتي ..
لوبيز: أهلا وسهلا بك سيدي..
الموت: أهلا بك! مع أنى استعجب إصرارك وإلحاحك علي مقابلتي فأنت أول شخص
يطلب مني ذلك…لذلك وافقت علي طبلك مستعجبا!!!..
لوبيز: ولماذا يكرهك الكثيرون؟..من أنت؟..
الموت: اسمي الموت…أنا الوصلة بين الحياة الدنيا وما بعدها…قد يتشاءم الكثيرون مني عند ذكري ولا اعلم ما هو سر هذا التشاؤم فالأغبياء فقط هم من يتغنون بالماضي ، والأقل غباءً يعيشون الحاضر ، أما العقلاء ، الأذكياء ، العباقرة يعيشون المستقبل . فالذي يعيش المستقبل هو العاقل ، والذي يعيش الماضي هو الذي يجتر ذاته ، والذي يعيش الحاضر بين بين .
لوبيز: ما بين وبين قد يكون الاثنين
الموت: (ينظر إلى اعلي ويقول: ) الحمد لله علي العقل
ثم يستدرك قائلا:
لذلك فالدول المتقدمة بالمفهوم الحضاري دائماً تخطط لسنوات مستقبلية ، والدول الأخرى تواجه الأحداث ، والدول النائمة أحم عفوا النامية تتغنى في الماضي ، فالتغني بالماضي لا يقدم ولا يؤخر ، أما أن تواجه الأحداث أولاً بأول ، والمبادرة بيد الأعداء يحدثون فعلاً وأنت تردّ على هذا الفعل قد تنجح أو لا تنجح ، أما البطولة أن تعيش المستقبل .
لوبيز: على المستوى الفردي كل واحد له حياته شخصية ، إذا قلنا لأحد الأخوة الكرام يجب أن تعيش المستقبل ، ما هو أخطر حدث في المستقبل ؟
الموت : مغادرة الدنيا ،
لوبيز: إلى أين ؟
الموت: الإنسان يسافر ويرجع ، يذهب في نزهة ويعود إلى البيت.
يقوم بمهمة ثم ينام في البيت ، يأتي بعد شهر بعد سنة ، يذهب إلى بلد بعيد يقيم شهراً أو شهرين ، سنة أو سنتين ، ثم يعود ، أما هذه الرحلة فلا عودة منها…
لوبيز: إلى أين ؟ وماذا فيها ؟ وما العملة الرائجة في هذه الرحلة ؟
الموت: كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت ، والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر،والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر .
وكل إنسان سيحاسب إما خيرا فخير وأما شرا فشر…لذلك لا بد من التزود بالعمل الصالح وهذه هي العملة الرائجة هناك
قال تعالي: ((وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ
الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي))
لوبيز: صراحة كثير من الناس يتشاءمون عند ذكر الموت وأنا منهم للأسف
الموت: أنا أعتقد أن التفكر في الموت ليس من باب التشاؤم ، ليس من باب السوداوية ، وليس من باب أن تعيش في جو مأساوي ، لا أبداً ، فالموت مصير كل حي ، الموت نهاية كل إنسان ، الموت لا بد من أن نتجرع كأسه شئنا أم أبينا ، ولم يُعفَ من هذا التجرع نبي مرسل ولا سيد الخلق ولا ملك عظيم ، ولا غني كبير ، ولا طبيب ماهر ، الموت مصير كل حي .
وحامل الجنازة اليوم محمول عليها غدا!!
كما قال الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباء محمول
فـإذا حملت إلى القبور جنازةً فـاعلم بأنك بعدها محمول
لوبيز: قبل أسبوع تقريباً أخ لنا كريم وأبوه كما أظنه صالحاً ، ولا أزكي على الله أحدا ،
أنتقل إلى رحمة الله تعالي وأسأل الله تعالي أن ينير قبرة وأن ييسر حسابه ويوفقه للإجابة ..
هلا أخبرتنا ما خبره الأن؟…أهو في نعيم أم شقاء؟..أهو في ضيق أم وسع؟..أفي روضة من رياض الجنة ؟…أم في حفرة من حفر النار؟..
الموت: صدقني لا أعلم عنه شيئاً…فأنا كما أخبرتك وصله بين الحياة وما بعدها وليس أبعد من ذلك ولا اعلم بقدوم أجل أحدهم إلا عندما يشاء ربك..قال تعالي: ((ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت ان الله عليم خبير
))
فالموت ليس له قاعدة فأنا اخطف الإنسان فجأةً وبأي عمر ففي الثلاثينات موت ، وفي العشرينات ، بالأربعينات ، بالخمسينات ، الموت ليس له قاعدة إطلاقاً ، قاعدته الوحيدة أنه ليس له قاعدة !!!!!!!!!!
لوبيز: أخي الموت….هل تستطيع أن تصف لنا حال الإنسان عندما تقترب منه؟..
الموت: خوف ورعب عند الاحتضار، أحياناً يضغط على جبهته ، وأحياناً يصرخ بويله وأحياناً يأتي الإنسانَ عند الموت ألمٌ ينسيه كل متع الدنيا يقول لم أر خيراً قط وأحياناً يأتي الموت كعرس للمؤمن ، كتحفة للمؤمن .
صدقني أيها الأخ الكريم ولا أبالغ ، المؤمن حينما يدنو أجله وأدنو منه يكون في أسعد لحظات حياته لأنه في هذه الساعة يقطف ثمن عبادته كلها ، كل حياته صلواته ، ذكره ، استقامته ، ضبطُ جوارحه ، ضبطُ أعضائه ، ضبطُ دخله ، تربية أولاده ، دعوته إلى الله ، تجشمه التعب في سبيل الله ، انتهى التعب وجاء الإكرام ، انتهى التكليف وجاء التشريف ، انتهى العمل وجاء الجزاء ، انتهى الكدح وجاء التكريم ، انتهى السعي وجاء ترجمة قوله تعالى : ((لهم ما يشآءون ))
أيضا المؤمن يجري الله على لسانه الشهادة ويثبت قلبه عند السؤال…
قال تعالي: ((يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء
))
فالمؤمن لا يهاب الموت كالطالب لا يخشى ولا يهاب امتحان آخر العام فالكتاب قرأه مرات ومرات وحفظه وحلله وفهمه وأجاب عن أسئلته ، واستوعبه تراه في هذه الساعات الثلاث في أسعد لحظات حياته لأنه يقطف ثمار عام بأكمله .
لوبيز: ما زلت غير فاهم…بعد كل هذا الكلام الذي تفضلت به فلما التشاؤم إذن؟..
الموت:النظرة السوداوية للموت ينبغي ألا تكون في حياة المؤمن ، مرحباً بالموت كما قال بعض أصحاب رسول الله ، والكلمة المشهورة جداً والتي تعرفونها ، كان القادة المسلمون يقولون لأعدائهم جئناكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة ، لكن والله الذي لا إله إلا هو لو كان الإنسان شارداً ، أو عاصياً ، أو بعيداً ، فذكر الموت ينخلع له قلبه فهو شيء مخيف .
لوبيز: أخي الكريم، موضوع الموت طويل جدا، لكن الذي أراه إن شاء الله من حين إلى آخر أن نعالج بعض موضوعاته المتسلسلة وله موضوعات كثيرة ، لكن طبعاً الموضوع يبدأ في الدنيا كما تفضلت وذكرت ،
الموت : صحيح ، ولكني استعجب أن قله من الناس هي من تتفكر في شأن الموت !!!
لوبيز: قد يكون السبب هو أن الموضوع لا يهمهم؟؟؟
الموت(متعجبا):لا يهمهم؟؟؟؟؟؟….
يا أخي سبحان من قهر عباده بالموت ، هذا الموضوع خطير ومهم ولصيق بأي إنسان ، قد تتكلم عن الزكاة فهو موضوع رائع ولكنك تقول : ليس لي علاقة بالموضوع فليس عندي أموال أملكها ، الموضوع دقيق وعميق وعليه أدلة ، لكن ليس لك علاقة به فأنت فقير ، قد نتكلم عن الحج والفقير ليس عليه حج ، أكثر الموضوعات تمس أناساً دون أناس إلا الموت . فهذا لا يستطيع قائل أن يقول أنا ليس لي علاقة ، هذا مصير كل إنسان ، وهو مصير محتوم
لوبيز: أخي الموت …أنا شاب رياضي وألعب الرياضة باستمرار و وزني مثالي جدا….
ولا أتناول الدهون…ولا أدخن ولا اشرب الخمر ولله الحمد ..وليس عندي أمراض مزمنة ولله الحمد..فعلميا وحسب هذه المواصفات اللي أخبرتك بها ..فسأعيش طويلا…
لذلك فأنا أتوقع أننا لن نلتقي قريبا بأذن الله ..
الموت: ليس للموت قاعدة أبداً والوقائع كثيرة ، على كلٍ نحن أمام حدث مستقبلي و لا أعلم شخصيا متى سأزورك أو ازور أحد الاخوة المشاهدين بعد هذا اللقاء والصحة لا علاقة لها بموضوعنا ، قد يفجأ الموت إنساناً في أعلى درجات الصحة ، وقد يبقى الإنسان طريح الفراش ثلاثين سنة مشلولاً ، ويتمنى أقرب الناس إليه أن يموت ، لذلك أحدهم دعا دعاء : اللهم من أراد بي سوءاً فأصبه بشلل في يديه وعمىً في عينيه ، وسرطان في دمه حتى يتمنى الموت فلا يجده .
فالموت أحياناً من رحمة الله الكبرى ، يحكى أحدهم فيقول : لي والدة نربطها من أيديها ومن رجليها على السرير ، فقيل له لماذا ؟ قال : لو أطلقنا يديها لأكلت غائطها وخلعت كل ثيابها وبقينا اثنتي عشر سنة نربطها مضجعة على ديوان يداها مربوطتان ، فالموت رحمة بهذه المرأة .
لذلك اقرءوا الآية الكريمة :
(( والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا إن الله عليكم قدير))
لوبيز: أيضا لم تخبرني بالظبط…متي تأتي؟…
الموت: صدقني أنا لا أدري..فأنا آتي فجأةً فالموت صندوق العمل ، أنا الضيف الذي يأتي فجأةً فإذا زرتك لن أغير موقفي مهما رجوتني ، انتظر علي سنة ثانية حتى أبيع هذه البيوت ، حتى اصب السقف ، لدينا بضاعة في الجمرك حتى أخلصها انتظر حتى أعمل صالحا فلن اعبأ برجاءاتك ، هذا الموت خطير جداً ولا حدث أخطر منه والدليل قال تعالى :
(( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور))