|
|
عضو جديد
|
|
المشاركات: 8
|
#1
|
من العلامة عبدالعزيز بن باز " رحمه الله " الي كل من يراه من المسلمين
حكم الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد : فلا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال سبحانه وتعالى { سبحن الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي بركنا حوله لنريه من ايتنا إنه هو السميع البصير } [سورة الإسراء ، الآية : 1] . وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماء ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولاً خمسين صلاة فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمساً في الفرض ، وخمسين في الأجر ، لأن الحسنة بعشرة أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .
وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث ، والله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها ، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها ، ولم يخصوها بشيء ، ولو كان الإحتفال بها أمراً مشروعاً لبيّنه الرسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة ، إما بالقول وإما بالفعل ، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر ، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا ، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ولم يفرطوا في شيء من الدين ، بل هم السابقون إلى كل الخير . فلو كان الإحتفال بهذه الليلة مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس ، وقد بلغ الرسالة غاية البلاغ ، وأدى الأمانة ، فلو كان تعظيم هذه الليلة والإحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أن الإحتفال بها وتعطيمها ليسا من الإسلام في شيء ، وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها النعمة ، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله ، قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا } [ سورة المائدة ، الآية : 3] وقال عز وجل في سورة الشورى : { أم لهم شركاؤا شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظلمين لهم عذاب أليم } [ سورة الشورى ، الآية : 21] .
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة التحذير من البدع ، والتصريح بأنها ضلالة ، تنبيهاً للأمة على عظم خطرها ، وتنفيراً لهم من اقترافها ، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أحدث في لأمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وفي رواية لمسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " زاد النسائي بسند جيد : " وكل ضلالة في النار " .
وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بلغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع فأوصنا ، فقال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن تأمّر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ضلالة " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح بعدهم ، التحذير من البدع والترهيب منها ، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين ، وشرع لم يأذن به الله ، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم ، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله ، ولأن لاومها التنقص للدين الإسلامي ، واتهتمه بعدم الكمال ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم ، والمنكر الشنيع ، والمصادمة لقول الله عز وجل : { اليوم أكملت لكم دينكم } [ سورة المائدة ، الآية : 3] والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها .
وأرجو أن يكون فيها ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة ، وأعني بدعة الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، والتحذير منها ، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء ولما أوجب الله من النصح للمسلمين ، وبيان ما شرع الله لهم من الدين ، وتحريم كتمان العلم ، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة ، التي قد فشت في كثير من الأمصار ، حتى ظنها بعض الناس من الدين ، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق والثبات عليه ، وترك ما خالفه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
* * مجموعة فتاوى الشيخ بن باز الجزء الأول صفحــة 877
__________________
المحب لكم
|
|
23-10-2000 , 07:21 AM
|
الرد مع إقتباس
|