هذه ثلاث حكايات والرابعة نؤجلها إلى حين ...
اسوق هذه الحكايات وأنا أعلم يقينا أن كثيرين وكثيرات
يعرفون قصصا مماثلة كثيرة .. فليتنا نقوم بحشد هذه القصص
لعل رسالتنا تصل إلى أمثال هؤلاء فتحرك فيهم ما جف من قلوبهم
ولعلهم يرعوون عن غيهم ،
لا سيما وهم يرون ويسمعون بما يمر به أخوانهم المسلمون في بلاد كثيرة
من العوز والحاجة والفاقة والضر والفقر .. فاقرأ وتامل وساهم في النشر ..!
ولك أجر كأجر كاتبها وقائلها ..فالدال على الخير كفاعله ..
= =
قال الراوي :
حدثنا أخ فاضل بالقصة التالية قال :
ما إن ولجتُ أحدَ محلاتِ العطور ، حتى هبّ عليّ نسيمٌ معطر ، كأنه آتٍ للتو من الجنة ..!
بينما كنتُ أقلبُ نظري في أنواعِ العطور المصفوفة في أرفف المحل بعناية فائقة
أبحث عن ماركة متواضعة اعتدت أن اشتريها ، دخل شابُ فألقى السلام ،
كان لا يتجاوز الأربعين من العمر ، اعتنى بوضوح في ربط عمامته على رأسه
فبدأ بها أنيقا ، ولم يطل بحثه عن حاجته ، فما لبث أن قال :
أبحث عن ماركة معينة من العطور ، لا اعرف اسمها ،
غير أن قيمتها لا تقل عن ثلاثمئة درهم ..!!!!!!!!

سرعان ما رفت ابتسامة عريضة على وجه البائع الشاب ،
ثم استدار إلى الأرفف التي وراء ظهره ،
وأخرج منها قنينة متوسطة الحجم ، وقدمها للشاب قائلا :
ربما هذا ما تبحث عنه .. بل لعل هذا أجود مما تبحث عنه..!

بادر الشاب يدفع المبلغ كاملا غير منقوص ، ولم يساوم ولم يفاصل !!
ثم انصرف .. فقلت للبائع وأنا في قمة انفعالي :
ما تفعله حرام ..!!! هذه النوعية التي بعتها للرجل أنا أعرفها جيداً
لا يزيد سعرها عن سبعين درهما ، فكيف تبيعها بثلاثمئة درهم ..!!؟

ضحك البائع الشاب وقال :
يا حبيبي ،، هذا الرجل لا يريد أن يشتري عطرا ،
إنما يريد أن يدفع فلوس والسلام ..!!
وقد حققنا له رغبته فخرج مسرورا ، وحققنا لنا ربحا فسررنا به !!
وأنت ليش زعلان ..!!

وأزيدك من الشعر بيتاً ..
لو أني أخبرت هذا الشاب ، أن سعر العطر الذي أخذه بسبعين درهما ، لما اشتراه !!
أنا خبير بهذه النوعية من الزبائن ..!!
* *

قال الراوي :
لم أملك إلا أن ابتسم وأنا أردد : حسبنا الله ونعم الوكيل ..
إنا لله وإنا إليه راجعون .. !!
وكان يجلس معنا أخ ثالث فقال :
أقص عليكما ما هو أعجب من هذا ..
زرتُ بلداً قريبا ، فعرّجتُ إلى صديقٍ أعرفه هناك ، كان يملكُ محلا لبيعِ الأقمشة
غير أني وجدته قد حوله إلى محلٍ لبيع العباءات ..
وأثناء جلوسي معه ، لاحظت أن الإقبالَ على المكانِ كان رائعا ،
لكني لاحطت ملاحظة أخرى ..

وهي أن الأسعارَ غالية جداً ، فأقل سعر للعباءة الواحدة : ألف درهم !!!!
وما بين الألف والخمسة آلاف تتراوح الأسعار !!!
والنساء يدفعن مسرورا ت !!!!!

قلت لصاحبي وأنا أقلب في يدي بعض العباءات :
من خبرتي بالعباءت التي اشتريها أو يشتريها أهلي
أرى أن هذه العباءات لا تفرق كثيرا عن تلك التي نشتريها
ولا يكون سعرها بمثل هذا الذي أراه عندك ..!؟

فضحك صاحبي وقال :
صدقت .. ولكن ماذا نفعل ؟؟ النساء يردن هذا !!!!!

حين كنا نبيع نفس النوعية باسعار أقل بكثير مما هي عليه الآن ،،
لم يكن الإقبال عُشر معشار ما تراه الآن ..!!
فرأينا أن نعيد ترتيب المكان ، وتنظيم البضاعة ، ورفع الأسعار !!
وكانت المفاجأة أن الإقبال كان أكبر مما قدرنا !!

والعباءة التي كان ثمنها مئتين أو ثلاثمئة على الأكثر ولا يشتريها أحد
أصبح سعرها يتجاوز الألف درهم ،، والنساء يحجزنها مسبقا لنفاد الكمية ..!!!
* *

عاد صاحبنا الأول يقول :
هذه القصة ذكرتني بقصة مماثلة ..
عاد رجل من زيارة إلى شرق آسيا ، وهو يحمل ألوانا من العطور والبخور والعود ،
وافتتح محلا ، ووضعها في أرفف منظمة في المكان ،،
غير أنه لاحظ عدم إقبال الناس عليه ، أكثر الذين يدخلون من رجال ونساء
يقلّبون البضاعة ، و يسألون عن السعر ، ثم يديرون ظهورهم إلى الخارج ، وهم يقلبون شفاههم ،

وكاد الرجل أن يغلق المكان متحسرا على خسارته ..!
واستشار صديقا له ، فقال له صاحبه وهو يحاوره :
وتقبل نصيحتي لك .. قال : نعم ..

قال : أغلق المكان لمدة أسبوعين أو ثلاثة ، وقم بأعادة تنظيم المكان من داخله
بتجديد ديكورات جميلة ، ويافطات ملفتة ، وألوان زاهية ، وأرفف أنيقة ،،
ثم ضع بضاعتك نفسها ، وعلى كل منها سعر جديد .. ولكن هذه المرة لا تخف

أجعل السعر عاليا جداً جداً..!!
ما كان بمئة درهم ،، لا تتردد أن تجعله بخمسمئة أو يزيد !!!!! وهكذا ..
تعجب التاجر وتردد وتلكأ .. غير أن صاحبه أخذ يشجعه ويطمئنه ..
وفعلها ،، وأضاف أن عمل على تغيير الواجهة الخارجية نفسها لتبدو جذابة..!!

ثم افتتح المكان بعد أن أغلقه لمدة اسبوعين ..!!
والبضاعة هي نفس البضاعة ، ولكن الأسعار كانت غير الأسعار !!
وما راعه إلا وهو يرى شدة الإقبال على المكان وحرارة الشراء ،،
والرجال والنساء يدفعون بسخاء ،، ونفوس راضية!!
* *

* *
أما الحكاية الرابعة فنؤجل عرضها لأنها جاءت في صورة حوار طويل ذي شجون
قد نلحقها هنا ، وقد نحررها في عنوان جديد منفصل ، لنعطيها زخما تتميز به !!
وبالله التوفيق ، ومنه العون والمدد ..

لا حول ولا قوة إلا بالله ..

عاد أنا تركت السوق والمشاري منذ أن تفشى هذا الأمر في أسواقنا ..

وما ذلك إلا لأني أرفض أن يسرقني أحد برضاي ..

(( رب ضارة نافعة )) :banana:

الأخت الفاضلة / زمردة
....... رعاك الله وحفظك من شر كل ذي شر

جزاك الله خير الجزاء وضاعف لك الأجر على حسن متابعتك
وأسأل الله سبحانه أن ينفعك وينفع بك ..

وبالنسبة لتعقيببك بارك الله فيك ..
ما هذا أردنا ، ولا إلى هذا قصدنا ..
فليس هدف هذا المقال أن نقول للناس لا تذهبوا إلى السوق لشراء حاجياتكم !!
كلا ، بل غاية ما في الأمر ، أن نلفت أنظار الناس إلى المصائد التي ينصبها بعض التجار
في طريق اصطيادهم، والسبب في هذا فريق من الناس لا خلاق لهم !

ونريد أن نقول للناس :
لا تستعجلوا الشراء ، ولا تغرنكم بهارج وزينات المكان !!
بل عليكم أن تبحثوا هنا وهناك .. والراجح أنكم ستجدون عين البضاعة بسعر أقل ..

هذه واحدة .. والثانية :
أن نلفت أنظار هؤلاء المفتونين بالمباهاة فيصرون على شراء الغالي والنفيس أنهم مضحوك عليهم !
نعم مضحوك عليهم من االتجار أنفسهم ، ومن قبل الناس عامة ..!
فما يصنعونه ليس من عمل العقل ، ولا منطق الإيمان ، بل هو حماقة كاملة ،
وقد أعيت الحماقة من يداويها .. !!
فأردنا أن نطرق القضية مرة بعد مرة لعل بعض هؤلاء تقع عينه عليها فيرعوي ويتقي الله ..!

ثالثاً :
والذي أردناه أيضاً من هذا المقال هو :
أن الإنسان إذا بحث وسأل سيجد (( نفس )) البضاعة ذات الماركة !! وعين القماش ،
في مكان آخر بسعر أقل بكثير ، فلماذا يصر بعض الناس أن يركبوا رؤوسهم الفارغة
ليشتروا البضاعة نفسها بأضعاف مضاعفة !!!

تحدثني الزوجة حفظها الله أن امرأة اشترت فستاناً بمائة وخمسين درهماً ،
وجدته بعينه في مكان آخر بسبعمئة درهماً وكثيرات مقبلات عليه مسرورات !!!
نفس القماش ، نفس الماركة ، نفس اللون ، الفرق الوحيد :
أن الأول يباع في متجر متواضع يتردد عليه ( عوام الناس )
وأما الثاني في متجر لـ( الهاي هاي !! ) ..
والغريب أن تجد جمهرة من النساء والرجال يترددون على الثاني لمجرد إفراغ جيوبهم هناك!!
أي عقل هذا ؟! وأي منطق !؟ واين الإيمان اصلاً عن هذا !!؟

مثال آخر :
تجد إنساناً يصر على أن يلبس نعلاً ( أعزكم الله ) بأربعمئة وخمسمئة وستمئمة درهم
والأغرب أنه ينظر إلى الذين يلبسون نعالاً رخيصة الثمن على أنهم ( لا شيء ) !!!
والحقيقة أن هذه عملية إسقاط فحسب !!
لأنه هو ( لاشيء ) فهو ينظر إلى الآخرين كذلك ..!!!

أما أنا فيعلم الله سبحانه أنني منذ أن عرفتُ نفسي لم ألبس نعلاً يزيد ثمنه على خمسين درهماً فقط
لا أتذكر ابداً أنني دفعت أكثر من هذه الخمسين لشراء نعل ..!!!

ولقد حدث معي عدة حوارات مع أمثال هؤلاء في قضية النعل هذه !!
وإنك لتسمع العجب مما يفلسفون به الأمر الذي يدفعهم لشراء نعلا بهذا المبلغ الكبير
ومن أعجبها :
أن يقول لك بعضهم .. أن الناس لا يحترمون من يلبس نعلا رخيصا!!!!!!!!!!!!!!!!!!
قلت له :
إذا كان الناس لا يحترمونني لشخصي ،، بل لنعلي .. !!
فالله الغني عن احترامهم ، ولست في حاجة إلى احترام الحمقى !!

وقلت له : لو أن العالم كله في كفة .. وأنا في كفة ..
ورأى أن ينظر إلى باحتقار لأني ألبس نعلا رخيصا ، فلن اكترث لذلك
الذي يعنيني هو رضا الله عني .. أما الناس ..
فما الناس .. ليسو سوى تراب قد يعلو ويرتفع ، ثم يقع فيكنسه كناس !!

ومن عجيب ما قاله بعضهم :
أن النعل الثمين الغالي يعمر طويلا ..وقدر هؤلاء عشر سنين !!!
فقلت له وأنا أبتسم :
إنك تؤمل أن تعيش طويلا يا صاحبي !!!
وليس هذا هو منطق الإيمان الذي عليه رسولك الحبيب صلى الله عليه وسلم ،
ولا الصحابة الكرام ولا السلف الصالح ..!!
قد يختطفك الموت قبل هذه العشر السنين بكثير ..!!

ثم استحلفك بالله ألا تجد نفسك تغير هذا النعل بعد مرور سنتين تقريبا !؟
فيضحك أكثر هؤلاء الذين أحاورهم ويقولون :
أما هذه فنعم ...!!

قلت : وأنا أفعل ذلك أيضا ، ولكن الفارق بيني وبينك كبيرا وهائلاً !!
لأني أغير نعلا جديد اً ، بنعل تالف أو أوشك
وأنت تغير من باب التجديد ..!!

فأكون قد دفعت مائة درهم فقط ( وفي مكانها ) ،
في الوقت الذي تدفع أنت مبلغا يتجاوز الألف درهم ( وفي غير مكانها ) !!! وهكذا

وهذه نتف من تلك الحوارات المثيرة .. وإلا فإن تفاصيلها عجيبة
تدل على عقلية عجيبة عند هؤلاء الذين يحبون أن يفرغوا جيوبهم مما فيها والسلام !!

أكتفي بهذا .. فقد أطلت ..
وجزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك

الأخت الفاضلة / بشاير
... بشرنا الله وإياك برضاه عنا في الدنيا قبل الآخرة

جزاك ربنا خير الجزاء وضاعف لك الأجر أضعافا كثيرة

وبارك لك جهودك الطيبة ، واراكِ ثمرتها ، وقر عينك بها ،

نعم ،، إنها أموال تنفق بغير وجه حق ..
والعجب أن يفلسف هؤلاء هذا التبذير بألوان من الفلسفة الخائبة
وقد علموا أن المبذرين إخوان الشياطين .. لا أخوان الملائكة !!

نسأل الله أن يرحمنا برحمته ، وأن يلطف بعباده المسلمين جميعا

الأخ الحبيب الغالي / مدردش
...... رحم الله والديك الكريمين ورفع الله قدرك في الدارين

هلا والله بالغائب ،
الغائب الذي لا زال حاضرا معنا وأن غاب عنا شخصه وانقطعت عنا أخباره

هلا والله ، وأهلين ومرحبتين وثلاثاً وأربعاً ،، وعشرا ومائة

حياك ربي وبياك وجعل الفردوس مأوانا ومأواك

من غير سابقة عذاب ولا مناقشة حساب

اللهم آمين

حمدا لله على السلامة ..

وعودة حميدة ، بهمة سديدة .. :-)

اشتقنا إلى دردشات مدردش وحكاياته العديدة :knight:

جزاك الله خير الجزاء ، وبارك الله فيك حيثما كنت

أكتفي في هذا الرد بفرحة الترحيب بك

مؤجلا التعليق على تعقيبك

فلا تنسني من دعائك يا أخي

فإن دعاء المسافر مستجاب ..
فأكثر من الدعاء وألح فيه ، واذكرني عند ربك كلما رفعت يديك