|
|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 426
|
#4
|
هل غير الفكر السياسي الإسلامي خطابة وابتعد عن التكفير ؟.( 4)
_________________________________________
ما الحل وما العمل ؟
______________
(وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون(47))(الطور).
ومن يستوعب تلك الحالة ويعيها جيداً يشعر بأن الناس تعيش مأساة وكارثة ، لا يستحقون عليها القتل ، فيكيفهم ما بهم من عقوبة إلهية ، فمعظم الناس تعيش بوعي وإدراك خادع وبوهم كبير ، والخيار الذي سيختاره المشاهد لتلك الحقيقة هو خيار العلاج وإصلاح حال المعاق عقلياً ومحاولة دفعه من منطقة ومجال اللا عقل إلى منطقة ومجال العقل ، أي محاولة نقله وإخراجه من الظلام إلى النور ، لا القتل ، والعلاج أعني به هو بذل الجهد الفكري في شرح الحالة العامة للمصاب ومحاولة إخراجها بصورة فكرية قدر المستطاع ، ومن ثم إرشاده إلى كيفية الخروج من تلك الحالة ، وفي الوقت الراهن يستحسن ذلك عن بعد تجنباً للصدام والضجيج والعويل ، فبعض الناس سيكون حالهم أشبه بالمجانين المصابين بحالة هستيرية بسبب سوء حالهم وأحوالهم العقلية والروحية ، فنحن في زمن الإعجاب بالرأي وإتباع الهوى وكثافة الفتن وتقاطرها وكثرة الشبهات والإفتتان بالعقل وبمخرجاته ، فليس من السهولة نسف وتدمير البنى الفكرية الخربة التي تم بنائها في الأذهان و اقتلاع كل المسلمات الفكرية الخاطئة التي تجذرت في العقول المغتربة عن دينها وربها ، كما ليس من السهولة سحب و استلال الفتن والشبهات التي تشربتها الأفئدة ، خاصة لمن عرف عنهم بالحكمة والفطنة والفصاحة والنبوغ وسداد الرأي مثل بعض حملة شهادة الدكتوراه وخاصة من العلمانيين والليبراليين من المثقفين والمثقفات والكتاب والكاتبات والصحفيين والصحفيات...الخ ، أو كما يوصفون بالنخبة أو الصفوة ، وهم في حقيقتهم نخبة الضالين والمفتونين وصفوة المتخلفين عن الحقيقة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . قال تعالى(وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون(47))(الطور).
" عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الأيَةِ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ قُلْتُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) قَالَ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ ((شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ وَرَأَيْتَ أَمْرًا لاَ يَدَانِ لَكَ بِهِ )) فَعَلَيْكَ خُوَيْصَةَ نَفْسِكَ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ بِمِثْـلِ عَمَلِهِ " ( ابن ماجة ) .
ومجالس العلم لها جوها الخاص بين العلماء والدارسين فهي مجالس تحفها السكينة والرحمة ، فمن الممكن محاولة تصوير العملية بواسطة وسيلة إيضاح توضح للباحث آلية الحركة الروحية وطبيعتها وحقيقتها ونتائجها وحقيقة حالة وأحواله أو حال وأحوال الناس الروحية والعقلية ، وهذا إذا كان هناك اتصال مباشر ورغبة بالمعرفة للوقوف على الحقيقة الغائبة ، وهو بلا شك سيلاحظ ذلك على نفسه وعلى حاله وأحواله وسيشعر بها إذا كان من المسلمين المؤمنين بقدرة الله جل شأنه ، أو من غير المسلمين من الباحثين عن الحقيقة الغائبة ، وسيلاحظها أيضا على غيره من الناس وعلى الأجواء والأحوال العامة.
والعلاج هو نفس الخيار الذي سيختاره عاقل هذا الزمان تجاه المجنون ، فمن يعيش تحت وطأة العقوبة الإلهية التي ذكرناها لا يقتله أو يفكر بقتله إلا جاهل بالدين يهيم على وجهه في أدنى درجات برزخ العقل وتسوقه الشياطين على الناس بأسم الدين ، مثل المدعو( أبو حمزة المصري ) ، فهو يعيش بعاطفة دينية جياشة وبحالة ثورية ، وأعداء الإسلام يقدمونه كنموذج لمسلم أصولي وهو لا يعلم من الدين إلا رسمه ، وهو مثل التنويريين الذين لا يميلون إلى العنف والقتل ، فهم كذلك لا يعلمون من الدين إلا رسمه ولا يميلون إلى الأخذ من النقل الصحيح والتمسك به ، بل يميلون إلى استخدام العقل وتقديمه على النقل من خلال محاولة تطويع الآيات المحكمة ولي أعناق النصوص الربانية والنبوية ، وهذا العمل يلوي عنق صاحبة ويرده على عقبيه ، وهم يحاولون بذلك – وبحسب ظنهم - تكييف الدين ليوافق الواقع المادي الماثل أمامهم بمظاهره الإحتماعية الطارئة على البشرية بأسم مواكبة ( روح العصر ) أو التيسير على الناس ! ، وهذا العمل يعطل رسالة الدين في الإصلاح ، وهو من أسهل الأعمال ولا يكفل صاحبه أي جهد لأنه يساير الهوى المريض والوضع العام ، وهذا دليل على عدم معرفتهم بطبيعة وحقيقة ( روح العصر ) وآلية حركتها العامة وطبيعتها .
فالواجب هو تكييف الواقع ليوافق الدين ، وحقيقة ذلك التيسير المزعوم هو تيسير وتسهيل الأمر للشياطين التي تسير وتسوق الناس إلى الهاوية والهلاك ، كما هو تيسير وتسهيل العمل للنظم والمناهج والآليات التي تعمل على انحدار المجتمع الإسلامي بشكل خاص والجنس البشري بشكل عام واندثار قيمه ، فالتيسير على الناس لا يعني دعوة الناس للاستسلام للنظم والمناهج والآليات الغربية المعمول بها في الدول الإسلامية من خلال محاولة تعديل وتخفيف الالتزامات الدينية والمعلوم منها بالضرورة ، فالناس تريد ما يحفظ لهم ( دينهم وعقولهم وأعراضهم وأنفسهم وأموالهم ) وحقوقهم وضرورات حياتهم ، والناس تريد من ييسر ويسهل طريقها إلى الجنة وليس إلى جهنم ، وهناك دعاة على أبواب الجنة ودعاة على أبواب جهنم ، ولا إكراه في الدين ، فكل له مقعده في الجنة والنار فما عليه إلا الاختيار.
فيجب أن يبذل الجهد ( العلمي والعملي ) لتجديد ولتبديل تلك النظم والمناهج والآليات الغربية وتحويلها إلى إسلامية ليجد الناس سهولة في الحركة التي أمر بها الشرع ، (( وهنا يطلب بذل الجهد واستخدام العقل وتنشيط الفكر )) من أجل إيجاد نظم ومناهج وآليات حديثة توافق الشرع وتسهل الحركة العامة للناس وتضيق الحركة على الشياطين وأعوانهم من شياطين الإنس ، ولتشل قدراتهم الحركية نهائياً بعد ما تكتم أنفاس روح العصر الخبيثة ، وتنشيط الفكر لا يتم إلا من خلال الدوران والطواف (الفكري والروحي والنفسي ) حول محور التوحيد وهي كلمة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وهذا يتطلب الصدق والإخلاص لله جل شأنه والخشية منه وحده دون غيره ،(... إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور(28))(فاطر) ، لذلك نحن نقول بأن دعاة التنوير والتيسير لا يعلمون بأنهم لا يعلمون وذلك في أحسن أحوالهم ، فهم يقومون بتوطئة الأمر - من حيث لا يشعرون - للنظم وللمناهج وللآليات الغربية التي تتحرك حركة لا توافق الشرع فلذلك هي ستؤذي الجنس البشري وستنحدر به بسبب طبيعتها المؤذية للنفس وللدين وللعقل وللعرض وللنسل وللمال وللبيئة ولكل شيء .
ونحن نعتقد بأن المدرسة التقليدية كالوهابية أو السلفية وغيرهم من المدارس الأصولية –لأهل السنة والجماعة – ، وبشكل عام ، أقرب إلى الحقيقة بسبب ثقتهم بالنقل الذي بأيديهم ، فتغير الصورة المادية وبروزها وطغيانها على الجو العام لم يؤثر على إيمانهم بالخبر الصادق الصحيح – الكتاب والسنة - الذي أتى عن طريق الوحي ، ولكنهم بحاجة لإعادة قراءة الموقف العام ببعديه المادي والروحي ، وندعوهم لعدم الاستسلام لتلك النظم والمناهج والآليات الغربية الخبيثة التي تعمل على انحدار وفناء الجنس البشري ، فتلك النظم والمناهج والآليات تعمل بتوطئة الأمر (( للأعور الدجال )) ، فمن سيدرس وسيتأمل في حركتها وطبيعتها العامة وأسلوبها في العمل ونتائجها سيجدها نفس حركة وطبيعة وأسلوب الدجال والموجودة في النقل الصحيح ، أي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فالروح التي تسيرهم روح واحدة وأهدافها واحدة ، وهي ( انحدار وفناء الجنس البشري ) ، فالأمر بحاجة لقراءة ( جديدة و عميقة ) ، فنحن المسلمون ورثة الحقيقة المطلقة بلا ريب ، (الم(1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون(4)أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5) إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6) (البقرة).
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"(رواه أبن ماجه).
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
قال تعالى:"يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون(32)"(التوبة).
____________________________________
إن أي علم لا تكون العقيدة الإسلامية أساساً له يصبح حلماً يتداوله الناس فيما بينهم يعيشون بأوهامه.
قال تعال: " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(109)"(التوبة).
____________________________________
العقل مناط التكليف ورأس مال الإنسان ، والدين رأس مال العقل ، واليقين رأس مال الدين ، واليقين من صفات المؤمنين ، وأمة بلا دين تصبح مطايا للشياطين.
____________________________________
ملاحظة : أنا أعتقد بأن على العالم و الفقيه النظر إلى المسلمين -الذين يرفضون تطبيق الشريعة تطبيقاً كاملاً- نظرة عاقل هذا الزمان إلى المجنون الذي يمتلك نوع من الوعي الذي سيجعله يقاوم الدخول إلى المصحة العقلية بسبب علمه بوجود نوع من حبس الحرية ، فكذلك الشياطين ستقاوم حبس حريتها ومنعها من الحركة بعد شل قدرتها من خلال المناهج والنظم والآليات الإسلامية ، وهي ستقاوم ذلك من خلال أوليائها الذين تحكمت بمشاعرهم وقلوبهم وردود أفعالهم وعقوله وعلى رأسهم (العلمانيين أو اللبراليين) فهم يعيشون بوعي وإدراك خادع وبوهم كبير ، وهم في حالة استدراج من الخالق جل شأنه ، وهم لن يعوا تلك المسألة بسهولة ، ولنقرب المسألة إلى الأذهان هم أشبه بالنائمين مغناطيسياً ، بل حالهم أشد ، فحالهم وأحوالهم العقلية والروحية يرثى لها ، ولله في خلقه شؤون .
قال تعالى
(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون(67))(الزمر).
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
انتهى وبتوفيق الله .
|
|
23-01-2002 , 02:47 PM
|
الرد مع إقتباس
|