الها شمي
23-09-2002, 09:35 PM
يا شباب أساس نجاحكم .... إيمان .. وعلم .. وقيم .. وأخلاق
بقلم:الأستاذ/مصطفى مشهور
بعد أيام يتوجه شبابنا إلى معاهدهم وجامعاتهم ، والشباب المؤمن قديماً وحديثاً فى كل مرحلة من مراحل التاريخ، عماد نهضة الأمة ، وسر قوتها ، ومبعث عزتها وكرامتها ، وحامل لوائها ورايتها ، وقائد مسيرتها إلى المجد والنصر ، وصدق الله العظيم إذ يقول ) إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)(الكهف: من الآية13)
والشباب صفحة بيضاء نقية خالية من كل البصمات ، إلا فطرة خالقه سبحانه المتجهة إلى كل خير ، ففى الحديث "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"
الشباب قوة ، وقوته تتمثل فى إيمانه ، وتتجلى فى تحرره من الانحراف والضلالات والخرافات ، فلا يضع نفسه إلا فى أعلى المراتب والغايات ، فلا يستذل لمخلوق ولا يبيع نفسه ، قوته فى انتمائه إلى القرآن وحملته ، والحق الذى قامت عليه السماوات والأرض، وهو على يقين أن من يقف تحت هذه الراية ، هم جند الله وأحبابه، وصنعة الرحمن وعباده ، الحق سلاحهم والتقوى زادهم ، والصبر درعهم ، والإيمان بالله عدتهم ، والوحدة شعارهم .
هذه الفطرة النقية وهذه الصفحات البيضاء تحتاج إلى المربين والموجهين الذين يخافون الله ويحرصون على بناء هذه الأمة ، التى يحيط بها الخطر من كل مكان ، وتدبر لها المؤامرات ، ولنا فى شباب الانتفاضة الأعزل الذى يقف أمام طغيان اليهود ويلقنهم الدروس وينزل بهم ما يستحقون ، لنا فى هذه المواقف عبرة ، فى أن الشباب إذا ربى على الإسلام ، ووثق صلته بالله فلن يغلبه أحد .
يتوجه الطلاب إلى دور العلم ، وهموم العالم العربي والإسلامي ، تملأ نفوسهم وتسيطر على عقولهم ، فهذه أمريكا والصهيونية تعبثان بكل شئ فى هذه الحياة ، وكأن العالم أصبح مزرعة لهؤلاء وما فيها عبيد لهم ، خاصة بلاد العرب والمسلمين ، التي يجب فى زعمهم أن تخضع لسيطرة أمريكا وهيمنة اليهود ، ومن يعترض فهو إرهابى، وعليه أن يدفع الثمن سجناً وحصاراً وإذلالاً ، ونفيا من الاسرة الدولية ومعاناة اقتصادية واجتماعية ..
ورغم كل هذا فالواجب الحتمي على الشباب يتضمن الآتي :
أولاً : أن يأخذ أموره وحياته كلها بالجد ، ويعد نفسه بل يجندها لا لمجرد أن ينجح أو يتفوق ، بل ليكون متميزاً فى علمه ، وفى أخلاقه وفى عقيدته ، وفى تعامله مع الآخرين ، وفى حرصه الشديد على القيام بالواجب ، حتى إذا وجد فى أي مكان ، رأى الناس فى شخصه الصدق متمثلاً فيه الوفاء فى عقوده وعهوده ، ورأوا فيه السماحة والحلم والعفو .
ثانياً : هناك ثلاث خصال لابد منها لطالب العلم وهى الجد ، والدأب والإخلاص ، وهى أساسية ، فحين يكون الشاب جاداً فإن ساعة واحدة ، خير من أيام ، وأكثر بركة منها ، فهذا الخلق لا يتم إلا إذا آمن برسالة وكان له هدف فى الحياة يسعى لتحقيقه ، وقد لاحظ الموجهون فى دور العلم ، أن الطالب الملتزم أقدر من غيره على تنظيم وقته ، ويتميز دائماً بالاستقرار النفسىِ ، ولا يعرف القلق ولا يتطرق إليه اليأس لأنه يؤمن بأن الأمر كله بيد الله وقدره .
ثالثاً : منزلة العلم فى الإسلام : إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه يحدثنا عن مكانة العلم ومنزلة العلماء أحاديث كلها عجب ، فيقول "طلب العلم فريضة على كل مسلم" وفى رواية "ومسلمة" ويقول فى مكانة العلماء "إن مثل العلماء فى الأرض كمثل النجوم يهتدي بها فى ظلمات البر والبحر ، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة" رواه أحمد عن أنس بن مالك
العلم يا شباب هو النور ، والطاقة الهائلة التى يمد الإنسان بها حياته وهو كما جاء فى الأثر "الأنيس فى الوحشة ، والصاحب فى الغربة والمحدث فى الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ، وبه يعرف الحلال من الحرام ، وهو إمام العمل والعمل تابعه" رواه ابن عبدالبر عن معاذ بن جبل .
ويجب على الشباب أن يقف عند مدلول "الفريضة" التى جاءت فى الحديث ، فهي تعنى أن طلب العلم واجب حتم ومفروض ، يتعبد به المسلم ، وهو حق لله عليه لا يجوز أن يتخلى عنه ، ويجب أن يؤديه بأمانة وصدق وإخلاص لأنه عبادة يتقرب بها إلى الله ، تزيده إيماناً ، وخشية وحباً لربه ، يجب أن يكون للعلم فى نفوسكم قداسة ، تساوى قداسة العقيدة ، قداسة وهيبة تشمل العلماء وتشمل الطلاب ، والجميع يسعون لأداء هذا الواجب ، كما يلبون نداء المؤذن للصلاة .
رابعاً : أحسنوا مراقبة الله تعالى فى كل شئونكم ، واعلموا أنه قريب منكم وناظر إليكم ، ومحيط بكل شئونكم ، أينما كنتم ، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، فاجتهدوا ألا يراكم إلا حيث يرضى عنكم ، ولا تغفلوا عن مراقبة الحق فيتسرب الشيطان إلى نفوسكم .
خامساً : أدوا فرائض الله فى أوقاتها ، ولا تهملوها اتكالاً على القضاء أو اشتغالاً بالأعمال ، أو تعللاً بالمعاذير، فإن ذلك من خداع النفس، ونزعات الهوى، قال تعالى) وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )(صّ: من الآية26) واعلموا أنه ما تقرب المؤمنون إلى الله بمثل ما اقترضه عليهم ، فإياكم وإهمال الفرائض والتكاسل عن الواجبات ، خاصة واجب تحصيل العلم .
سادساً : اجعلوا أكبر همكم أن تتسامحوا ولا تتعصبوا ، وأن تجمّعوا ولا تفرقوا ، فلا يجوز أن تنشغلوا بالمعارك الجانبية ، والمسائل الثانوية ، التى يتعذر أن يتفق فيها الناس على رأىِ واحد ، واهتموا جيداً بقضايا العلم الذى تطلبون ، واحرصوا على النجاح وتكوين أنفسكم ، وإياكم والتخريب والمخربين ، والمندفعين والمهرجين ، كونوا رجال بناء لا هدم ، أضيئوا الشموع ، ولا تسبوا الظلام ، ورسولكم صلى الله عليه وسلم بعث رحمة ، ولم يبعث لعاناً .
سابعاً : الحوار مع الآخرين بالحكمة ، وبالموعظة الحسنة ، لا بالحملات والشتائم ، وبالجدال بالتى هى أحسن، فهذا من أخلاق وآداب الإسلام ، ويحذر المسلم دائماً من تسفيه الآخرين مهما كانت آراؤهم خاطئة ، فبيان الخطأ شئ ، وتسفيه الرأى شئ آخر ، والحوار الهادئ هو الذى يكشف الصواب ويحافظ على المودة ، ومن هنا تستطيع أن تجد قبولاً لدى الآخرين .
تاريخ لا يُنسى
تعالوا معي يا شباب .. لنسأل ديار الشام وسواد العراق ، ورياض الأندلس ، ووادي مصر ، وفيافىِ الجزيرة، وبطاح أفريقيا ، وربوع العجم ، وبلاد الهند ، وأرجاء الصين ، ومعالم الدنيا كلها عن تاريخنا وأمجادنا، وعلومنا ، وحضارتنا ، وقيمنا وأخلاقنا ، وبطولاتنا وتضحياتنا ، لنتعلم ونعرف ونقتدى .
إن أسلافنا هم الذين هذبوا النفوس ، وهدوا القلوب ، ونشروا العلوم ، وفرضوا المعرفة ، وكرموا الإنسان، اسألوا مساجد المدينة المنورة ، والكوفة ، ومكة ، والأقصى الأسير ، والجامع الأمويِ ، وقرطبة والأزهر الشريف، والزيتونة ، فإن عندهم جميعاً الخير الأكيد .
الشباب أعز شيء :
جلس عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى جماعة من أصحابه فقال لهم تمنوا ، فقال أحدهم : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه فى سبيل الله ، ثم قال عمر : تمنوا ، فقال رجل آخر : أتمنى لو أنها مملوءة جواهراً أنفقها فى سبيل الله ، أتصدق بها ، ثم قال تمنوا فقالوا : ما ندرى ما نقول يا أمير المؤمنين ؟
فقال عمر : ولكنى أتمنى رجالا مثل أبى عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبى حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله"
الشباب المؤمن الكفء هو مصدر العزة لأمته ، وهو روح حضارتها ونهضتها ، وعماد الرسالات، وقوام الإصلاح ، إن رجلاً واحداً قد يساوى ألفاً ، ورجلاً قد يزن أمة بأكملها ، وقد قالوا "رجل ذو همة يستطيع أن يحيى أمة"
هل سمعتم عن فاتح القسطنطينية محمد الفاتح ، الذى تولى الحكم وهو شاب لم يتجاوز عمره اثنتين وعشرين عاماً ، رضى الله عنه وأرضاه ، لقد حقق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش" رواه أحمد إنه من المؤمنين القلائل النادرين فى التاريخ الذين ظهرت بطولاتهم فى هذه السن المبكرة ، لقد اقتدى بالصحابى الجليل أسامة بن زيد رضى الله عنه ، الذى تربى فى حجر النبوة ، ورغم صغر سنه ، كان فى كل غزوة يتقدم الصفوف فيرده الرسول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه ، ثم أجازه فحمل السيف جهاداً فى سبيل الله ، وهو ابن خمس عشرة سنة ، وفى يوم حنين ثبت مع العباس عم النبىِ صلى الله عليه وسلم ، وفى يوم مؤتة كان سنه الثامنة عشرة ، وكان الأمير ، وفى الجيش كبار الصحابة وخرج أبوبكر يودعه ، ويمشى فى ركابه .
ولقد طلب عمرو بن العاص رضى الله عنه من الخليفة أن يمده بالجنود وهو يفتح مصر ، فبعث إليه بأربعة آلاف ، على رأسهم أربعة من رجالات الإسلام عدّ كل واحد منهم بألف رجل"
ولقد خاض خالد بن الوليد رضى الله عنه –الحيرة – فطلب من أبى بكر مدداً فما أمده إلا برجل واحد ، هو القعقاع بن عمرو التميمى وقال : لا يهزم جيش فيه مثله ، وكان يقول لصوت القعقاع فى الجيش خير من ألف مقاتل"
يا شباب : هناك رجال غيروا التاريخ وشرفوه ، ورفعوا لواء الإنسانية ، وحافظوا على كرامتها ، وآخرون أهانوا التاريخ ولوثوه ، وهناك رجال أوفياء أضاءوا القرون ، وأزالوا الظلمات ، ومن العجيب أن المصلحين بحق وحملة المنهج الإلهي بصدق يظلون مغمورين أو مطاردين خاصة فى عالمنا العربي والإسلامي ، أو يظلون فى أعماق السجون والمعتقلات، ويوصمون بأشد التهم ، لأنهم حملوا الحق، ونطقوا بكلمة الحق ، لا يهابون أحدا إلا الله )الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) (الأحزاب:39) .
يتحدث أحد الكتاب عن الداعية الذى غير القرن العشرين فيقول "لو كان هناك عشرة من العرب غيروا القرن العشرين ، لكان حسن البنا فى مقدمتهم ، لقد رحل عن الدنيا وهو فى الثانية والأربعين من عمره ، وهى سن صغيرة جداً بالنسبة إلى ما حققه ، فلقد استمر تأثيره بعد موته طويلاً ، وأقوى مما كان ، لقد كان من تأسيسه "جماعة الإخوان المسلمين" العملاقة ، ثم قامت تتشبه بها حركات أخرى كثيرة ، منها الذى سلك طريق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومنها الذى استبد به الحماس" وهذه شهادة كاتب من غير الإخوان ، والأمر الذى لا يمكن تجاوزه هو تلك اليقظة الإسلامية التى كانت سبباً فى تحرير الكثير من بلاد الشرق ، ولقد سرى فى الجسد المسلم روح الجهاد والكفاح"
ثم جاء من بعده الأستاذ المرشد حسن الهضيبى رحمه الله ، فكان أمة وحده ، فوقف للباطل والمبطلين بالمرصاد، لا يكل ولا يمل ، حتى حافظ على الأمانة التى تحملها ، والحق الذى آمن به ، وكان رحمه الله يعرف وعورة الطريق ، ويقدر عظم التبعة ، ولم يكتمها عن صحبه ، وإنما أعلنها ليأخذ كل أهبته )أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2)
يا شباب : اذكروا هذه النماذج الفذة ، والرجال الأبرار ، اذكروا من أيقظوا فى الأمة الهمم ، وبعثوا فيها العزائم ، ووضعوا بصماتهم على التاريخ ، وتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم .
يا شباب : لقد نبه الإمام البنا رضى الله عنه إلى أن رسالة الإسلام الخالدة تستحق من جميع المسلمين الشباب قبل الشيوخ ، تستحق الجهد والعمل والعزم ، فقال "ومن الحق أن نذكر أمام هذه العقبات جميعاً أننا ندعو بدعوة الله ، وهى أسمى الدعوات ، وننادي بفكرة الإسلام ، وهى أقوى الفكر ، ونقدم للناس شريعة القرآن وهى أعدل الشرائع )صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة:138) وأن العالم كله فى حاجة إلى هذه الدعوة ، وكل ما فيه يمهد لها ويهيئ سبيلها .
وعجيب هؤلاء الرجال فى علمهم بالتاريخ ، وبالطريق وتكاليفه ، وبالدعوات الإصلاحية ، وعجيب فراستهم وصراحتهم ، وفهمهم لواقع الأمة .
أيها الشباب : )فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر:44)
لا تنسواالدعاءلأخوانكم في فلسطين
والمقاطعة سلاحنا
فإن لم نستطع دعم أخواننا المجاهدين في فلسطين
فلا ندفع ثمن رصاصة للصهاينة المجرمين
اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
بقلم:الأستاذ/مصطفى مشهور
بعد أيام يتوجه شبابنا إلى معاهدهم وجامعاتهم ، والشباب المؤمن قديماً وحديثاً فى كل مرحلة من مراحل التاريخ، عماد نهضة الأمة ، وسر قوتها ، ومبعث عزتها وكرامتها ، وحامل لوائها ورايتها ، وقائد مسيرتها إلى المجد والنصر ، وصدق الله العظيم إذ يقول ) إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)(الكهف: من الآية13)
والشباب صفحة بيضاء نقية خالية من كل البصمات ، إلا فطرة خالقه سبحانه المتجهة إلى كل خير ، ففى الحديث "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"
الشباب قوة ، وقوته تتمثل فى إيمانه ، وتتجلى فى تحرره من الانحراف والضلالات والخرافات ، فلا يضع نفسه إلا فى أعلى المراتب والغايات ، فلا يستذل لمخلوق ولا يبيع نفسه ، قوته فى انتمائه إلى القرآن وحملته ، والحق الذى قامت عليه السماوات والأرض، وهو على يقين أن من يقف تحت هذه الراية ، هم جند الله وأحبابه، وصنعة الرحمن وعباده ، الحق سلاحهم والتقوى زادهم ، والصبر درعهم ، والإيمان بالله عدتهم ، والوحدة شعارهم .
هذه الفطرة النقية وهذه الصفحات البيضاء تحتاج إلى المربين والموجهين الذين يخافون الله ويحرصون على بناء هذه الأمة ، التى يحيط بها الخطر من كل مكان ، وتدبر لها المؤامرات ، ولنا فى شباب الانتفاضة الأعزل الذى يقف أمام طغيان اليهود ويلقنهم الدروس وينزل بهم ما يستحقون ، لنا فى هذه المواقف عبرة ، فى أن الشباب إذا ربى على الإسلام ، ووثق صلته بالله فلن يغلبه أحد .
يتوجه الطلاب إلى دور العلم ، وهموم العالم العربي والإسلامي ، تملأ نفوسهم وتسيطر على عقولهم ، فهذه أمريكا والصهيونية تعبثان بكل شئ فى هذه الحياة ، وكأن العالم أصبح مزرعة لهؤلاء وما فيها عبيد لهم ، خاصة بلاد العرب والمسلمين ، التي يجب فى زعمهم أن تخضع لسيطرة أمريكا وهيمنة اليهود ، ومن يعترض فهو إرهابى، وعليه أن يدفع الثمن سجناً وحصاراً وإذلالاً ، ونفيا من الاسرة الدولية ومعاناة اقتصادية واجتماعية ..
ورغم كل هذا فالواجب الحتمي على الشباب يتضمن الآتي :
أولاً : أن يأخذ أموره وحياته كلها بالجد ، ويعد نفسه بل يجندها لا لمجرد أن ينجح أو يتفوق ، بل ليكون متميزاً فى علمه ، وفى أخلاقه وفى عقيدته ، وفى تعامله مع الآخرين ، وفى حرصه الشديد على القيام بالواجب ، حتى إذا وجد فى أي مكان ، رأى الناس فى شخصه الصدق متمثلاً فيه الوفاء فى عقوده وعهوده ، ورأوا فيه السماحة والحلم والعفو .
ثانياً : هناك ثلاث خصال لابد منها لطالب العلم وهى الجد ، والدأب والإخلاص ، وهى أساسية ، فحين يكون الشاب جاداً فإن ساعة واحدة ، خير من أيام ، وأكثر بركة منها ، فهذا الخلق لا يتم إلا إذا آمن برسالة وكان له هدف فى الحياة يسعى لتحقيقه ، وقد لاحظ الموجهون فى دور العلم ، أن الطالب الملتزم أقدر من غيره على تنظيم وقته ، ويتميز دائماً بالاستقرار النفسىِ ، ولا يعرف القلق ولا يتطرق إليه اليأس لأنه يؤمن بأن الأمر كله بيد الله وقدره .
ثالثاً : منزلة العلم فى الإسلام : إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه يحدثنا عن مكانة العلم ومنزلة العلماء أحاديث كلها عجب ، فيقول "طلب العلم فريضة على كل مسلم" وفى رواية "ومسلمة" ويقول فى مكانة العلماء "إن مثل العلماء فى الأرض كمثل النجوم يهتدي بها فى ظلمات البر والبحر ، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة" رواه أحمد عن أنس بن مالك
العلم يا شباب هو النور ، والطاقة الهائلة التى يمد الإنسان بها حياته وهو كما جاء فى الأثر "الأنيس فى الوحشة ، والصاحب فى الغربة والمحدث فى الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ، وبه يعرف الحلال من الحرام ، وهو إمام العمل والعمل تابعه" رواه ابن عبدالبر عن معاذ بن جبل .
ويجب على الشباب أن يقف عند مدلول "الفريضة" التى جاءت فى الحديث ، فهي تعنى أن طلب العلم واجب حتم ومفروض ، يتعبد به المسلم ، وهو حق لله عليه لا يجوز أن يتخلى عنه ، ويجب أن يؤديه بأمانة وصدق وإخلاص لأنه عبادة يتقرب بها إلى الله ، تزيده إيماناً ، وخشية وحباً لربه ، يجب أن يكون للعلم فى نفوسكم قداسة ، تساوى قداسة العقيدة ، قداسة وهيبة تشمل العلماء وتشمل الطلاب ، والجميع يسعون لأداء هذا الواجب ، كما يلبون نداء المؤذن للصلاة .
رابعاً : أحسنوا مراقبة الله تعالى فى كل شئونكم ، واعلموا أنه قريب منكم وناظر إليكم ، ومحيط بكل شئونكم ، أينما كنتم ، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، فاجتهدوا ألا يراكم إلا حيث يرضى عنكم ، ولا تغفلوا عن مراقبة الحق فيتسرب الشيطان إلى نفوسكم .
خامساً : أدوا فرائض الله فى أوقاتها ، ولا تهملوها اتكالاً على القضاء أو اشتغالاً بالأعمال ، أو تعللاً بالمعاذير، فإن ذلك من خداع النفس، ونزعات الهوى، قال تعالى) وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )(صّ: من الآية26) واعلموا أنه ما تقرب المؤمنون إلى الله بمثل ما اقترضه عليهم ، فإياكم وإهمال الفرائض والتكاسل عن الواجبات ، خاصة واجب تحصيل العلم .
سادساً : اجعلوا أكبر همكم أن تتسامحوا ولا تتعصبوا ، وأن تجمّعوا ولا تفرقوا ، فلا يجوز أن تنشغلوا بالمعارك الجانبية ، والمسائل الثانوية ، التى يتعذر أن يتفق فيها الناس على رأىِ واحد ، واهتموا جيداً بقضايا العلم الذى تطلبون ، واحرصوا على النجاح وتكوين أنفسكم ، وإياكم والتخريب والمخربين ، والمندفعين والمهرجين ، كونوا رجال بناء لا هدم ، أضيئوا الشموع ، ولا تسبوا الظلام ، ورسولكم صلى الله عليه وسلم بعث رحمة ، ولم يبعث لعاناً .
سابعاً : الحوار مع الآخرين بالحكمة ، وبالموعظة الحسنة ، لا بالحملات والشتائم ، وبالجدال بالتى هى أحسن، فهذا من أخلاق وآداب الإسلام ، ويحذر المسلم دائماً من تسفيه الآخرين مهما كانت آراؤهم خاطئة ، فبيان الخطأ شئ ، وتسفيه الرأى شئ آخر ، والحوار الهادئ هو الذى يكشف الصواب ويحافظ على المودة ، ومن هنا تستطيع أن تجد قبولاً لدى الآخرين .
تاريخ لا يُنسى
تعالوا معي يا شباب .. لنسأل ديار الشام وسواد العراق ، ورياض الأندلس ، ووادي مصر ، وفيافىِ الجزيرة، وبطاح أفريقيا ، وربوع العجم ، وبلاد الهند ، وأرجاء الصين ، ومعالم الدنيا كلها عن تاريخنا وأمجادنا، وعلومنا ، وحضارتنا ، وقيمنا وأخلاقنا ، وبطولاتنا وتضحياتنا ، لنتعلم ونعرف ونقتدى .
إن أسلافنا هم الذين هذبوا النفوس ، وهدوا القلوب ، ونشروا العلوم ، وفرضوا المعرفة ، وكرموا الإنسان، اسألوا مساجد المدينة المنورة ، والكوفة ، ومكة ، والأقصى الأسير ، والجامع الأمويِ ، وقرطبة والأزهر الشريف، والزيتونة ، فإن عندهم جميعاً الخير الأكيد .
الشباب أعز شيء :
جلس عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى جماعة من أصحابه فقال لهم تمنوا ، فقال أحدهم : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه فى سبيل الله ، ثم قال عمر : تمنوا ، فقال رجل آخر : أتمنى لو أنها مملوءة جواهراً أنفقها فى سبيل الله ، أتصدق بها ، ثم قال تمنوا فقالوا : ما ندرى ما نقول يا أمير المؤمنين ؟
فقال عمر : ولكنى أتمنى رجالا مثل أبى عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبى حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله"
الشباب المؤمن الكفء هو مصدر العزة لأمته ، وهو روح حضارتها ونهضتها ، وعماد الرسالات، وقوام الإصلاح ، إن رجلاً واحداً قد يساوى ألفاً ، ورجلاً قد يزن أمة بأكملها ، وقد قالوا "رجل ذو همة يستطيع أن يحيى أمة"
هل سمعتم عن فاتح القسطنطينية محمد الفاتح ، الذى تولى الحكم وهو شاب لم يتجاوز عمره اثنتين وعشرين عاماً ، رضى الله عنه وأرضاه ، لقد حقق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش" رواه أحمد إنه من المؤمنين القلائل النادرين فى التاريخ الذين ظهرت بطولاتهم فى هذه السن المبكرة ، لقد اقتدى بالصحابى الجليل أسامة بن زيد رضى الله عنه ، الذى تربى فى حجر النبوة ، ورغم صغر سنه ، كان فى كل غزوة يتقدم الصفوف فيرده الرسول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه ، ثم أجازه فحمل السيف جهاداً فى سبيل الله ، وهو ابن خمس عشرة سنة ، وفى يوم حنين ثبت مع العباس عم النبىِ صلى الله عليه وسلم ، وفى يوم مؤتة كان سنه الثامنة عشرة ، وكان الأمير ، وفى الجيش كبار الصحابة وخرج أبوبكر يودعه ، ويمشى فى ركابه .
ولقد طلب عمرو بن العاص رضى الله عنه من الخليفة أن يمده بالجنود وهو يفتح مصر ، فبعث إليه بأربعة آلاف ، على رأسهم أربعة من رجالات الإسلام عدّ كل واحد منهم بألف رجل"
ولقد خاض خالد بن الوليد رضى الله عنه –الحيرة – فطلب من أبى بكر مدداً فما أمده إلا برجل واحد ، هو القعقاع بن عمرو التميمى وقال : لا يهزم جيش فيه مثله ، وكان يقول لصوت القعقاع فى الجيش خير من ألف مقاتل"
يا شباب : هناك رجال غيروا التاريخ وشرفوه ، ورفعوا لواء الإنسانية ، وحافظوا على كرامتها ، وآخرون أهانوا التاريخ ولوثوه ، وهناك رجال أوفياء أضاءوا القرون ، وأزالوا الظلمات ، ومن العجيب أن المصلحين بحق وحملة المنهج الإلهي بصدق يظلون مغمورين أو مطاردين خاصة فى عالمنا العربي والإسلامي ، أو يظلون فى أعماق السجون والمعتقلات، ويوصمون بأشد التهم ، لأنهم حملوا الحق، ونطقوا بكلمة الحق ، لا يهابون أحدا إلا الله )الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) (الأحزاب:39) .
يتحدث أحد الكتاب عن الداعية الذى غير القرن العشرين فيقول "لو كان هناك عشرة من العرب غيروا القرن العشرين ، لكان حسن البنا فى مقدمتهم ، لقد رحل عن الدنيا وهو فى الثانية والأربعين من عمره ، وهى سن صغيرة جداً بالنسبة إلى ما حققه ، فلقد استمر تأثيره بعد موته طويلاً ، وأقوى مما كان ، لقد كان من تأسيسه "جماعة الإخوان المسلمين" العملاقة ، ثم قامت تتشبه بها حركات أخرى كثيرة ، منها الذى سلك طريق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومنها الذى استبد به الحماس" وهذه شهادة كاتب من غير الإخوان ، والأمر الذى لا يمكن تجاوزه هو تلك اليقظة الإسلامية التى كانت سبباً فى تحرير الكثير من بلاد الشرق ، ولقد سرى فى الجسد المسلم روح الجهاد والكفاح"
ثم جاء من بعده الأستاذ المرشد حسن الهضيبى رحمه الله ، فكان أمة وحده ، فوقف للباطل والمبطلين بالمرصاد، لا يكل ولا يمل ، حتى حافظ على الأمانة التى تحملها ، والحق الذى آمن به ، وكان رحمه الله يعرف وعورة الطريق ، ويقدر عظم التبعة ، ولم يكتمها عن صحبه ، وإنما أعلنها ليأخذ كل أهبته )أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2)
يا شباب : اذكروا هذه النماذج الفذة ، والرجال الأبرار ، اذكروا من أيقظوا فى الأمة الهمم ، وبعثوا فيها العزائم ، ووضعوا بصماتهم على التاريخ ، وتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم .
يا شباب : لقد نبه الإمام البنا رضى الله عنه إلى أن رسالة الإسلام الخالدة تستحق من جميع المسلمين الشباب قبل الشيوخ ، تستحق الجهد والعمل والعزم ، فقال "ومن الحق أن نذكر أمام هذه العقبات جميعاً أننا ندعو بدعوة الله ، وهى أسمى الدعوات ، وننادي بفكرة الإسلام ، وهى أقوى الفكر ، ونقدم للناس شريعة القرآن وهى أعدل الشرائع )صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة:138) وأن العالم كله فى حاجة إلى هذه الدعوة ، وكل ما فيه يمهد لها ويهيئ سبيلها .
وعجيب هؤلاء الرجال فى علمهم بالتاريخ ، وبالطريق وتكاليفه ، وبالدعوات الإصلاحية ، وعجيب فراستهم وصراحتهم ، وفهمهم لواقع الأمة .
أيها الشباب : )فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر:44)
لا تنسواالدعاءلأخوانكم في فلسطين
والمقاطعة سلاحنا
فإن لم نستطع دعم أخواننا المجاهدين في فلسطين
فلا ندفع ثمن رصاصة للصهاينة المجرمين
اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات