|
عضو شرف
|
|
المشاركات: 4,063
|
#1
|
وإنا إليه راجعون ...!
....وإنا إليه راجعون.
قال لي:كنت مسافراً بالسيارة إلى مكة.. وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة.. يبدو أنه وقع لتوه..كنت أول من وصل إليه.. أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة أحاول إنقاذ من فيها.. تحسستها بحذر.. نظرت إلى داخلها قلبي ينبض بشدة.. ارتعشت يداي.. خنقتني العبرة.. ثم أجهشت بالبكاء.. منظر عجيب.. قائد السيارة ملقى على مقودها جثة هامدة مشيراً بسبابته.. كان وجهه مضيئاً.. تحيط به لحية كثيفة.. كأنه فلقة من قمر.. كنت ألتفت داخل السيارة كالمجنون.. وفجأة.. رأيت طفلة صغيرة ملقاة على ظهره.. محيطة بيديها على عنقه.. وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة.. لا إله إلا الله..
لم أرى ميتة كهذه الميتة.. سكينة ووقار.. صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه.. منظر سبابته التي قضت وهي توحد الله.. جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة.. بدأت سيارات المارين تقف حول سيارته..
وارتفع اللغط والأصوات.. كل هذا حدث بسرعة عجيبة.. نسيت أن أتفحص بقية من في السيارة.. كنت أبكي بكاء الثكلى.. ولم أشعر بمن حولي.. من رآني ظن أني قريب للميت.. صرخ بعض الناس: يوجد امرأة وأطفال في المقعد الخلفي.. صدموني!! التفت للخلف.. فإذا امرأة قد جمعت ثيابها.. وأحكمت حجابها.. وجلست بهدوء تنظر إلينا.. تضم إلى صدرها طفلين صغيرين لم يصابا بأذى.. كانا مضربين ينتفضان.. وهي تذكر الله وتهدئ روعيهما.. شعرت أنها جبل شامخ.. كانت تحاول النزول من السيارة.. بثبات عجيب.. لا بكاء.. ولا صياح.. ولا عويل.. أخرجناهم جميعاً من السيارة.. ومن رآني ورآها ظن أني صاحب مصيبة دونها.. اشتد بكائي.. والناس ينظرون إلي .. فالتفتت إليّ وهي تغادر السيارة وقالت بصوت تقطعه العبرات: يا أخي لا تبكِ عليه.. إنه رجل صالح.. صالح.. ثم غلبتها العبرات فسكتت..
نزلت تضم إليها طفليها.. وتتفقد حجابها وتصلح من عباءتها.. فلما رأت لغط الناس وازدحامهم.. انزوت بعيداً مع طفليها.. بادر أحد المحسنين وحمل الرجل وطفلته إلى المستشفى.. وهي تنظر إلينا من بعيد.. وتحاول أن تشغل الطفلين عن النظر إلى أبيهم وأختهم.. أقبلت إليها وعرضت عليها أن تركب معي لأوصلها لمنزلها.. فردّت بكل حياء بصوت هادئ:لا والله.. لا أركب إلاّ في سيارة فيها نساء.. بدأ الناس ينصرفون.. كل يكمل طريقه.. بقيت أرقبها من بعيد... شعرت أني مسئول عنهم.. مرَّ الوقت طويلاً.. ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة.. وهي ثابتة ثبات الجبال.. ساعتان كاملتان.. حتى مرّت سيارة فيها رجل وأسرته.. أوقفناهم.. وأخبرناه خبر المرأة.. وسألناه أن يحملها إلى منزلها.. فوافق..
فأقبلت بطفليها وركبت معهم.. كنت أشعر وهي تمشي أنها جبل يمشي على الأرض.. عدت إلى سيارتي وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم..
كنت أقول في نفسي.. انظر كيف يحفظ الله الرجل الصالح في أهله من بعده.. تذكرت قول الله:( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ).. نعم لا تخافوا على من تركتم في الدنيا لأننا نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا.. نحفظ أهلكم من بعدكم.. نسكن روعهم.. ونربط على قلوبهم.. ونكفل رزقهم.. ونزيد عزهم.. ما أروع القرآن.. وما أجمل أن تكون علاقتك بالله قوية متينة.. لأنه الحي الذي لا يموت.. والغني الذي لا يبخل..
ما أجمل أن يراك الله في الليل باكياً.. وفي النهار تالياً.. ما أجمل أن يراك وقد غضضت بصرك عن الحرام.. وسمعك عن الآثام.. لتكون محبوباً عند الله ( فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ).
* منقول ..
-------------------
حقاً..
( احفظ الله يحفظك )...
|
|
05-03-2005 , 03:16 PM
|
الرد مع إقتباس
|