أيها الكوكب المطل من علياء سمائه ..! أأنت عروس حسناء تشرف من نافذة قصرها وهذه النجوم
المبعثرة حواليك قلائد من جمان ...؟
أم ملك عظيم جالس فوق عرشة وهذه النيرات حور وولدان...؟
أم فص من ماس يتلألأ وهذا الأفق المحيط بك خاتم من الأنوار ...؟
أم مرآة صافية وهذه الهالة الدائرة بك إطار ...؟
أم تنور مسجور وهذه الأشعة جداول تتدفق ... ؟
أيها القمر المنير
إنك أنرت الأرض وهادها ونجادها وسهلها فهل لك ان تشرق في نفسي فتنير ظلمتها وتبددد ما أظلمها من سحب الهموم والأحزان
أيها القمر المنير
إن بيني وبينك شبهاً واتصالاً أنت وحيد في سمائك وأنا وحيد في أرضي كلانا يقطع شوطه صامتناً منكسراً حزيناً لا يلوي على احد ولا يلوي احد عليه وكلانا يبرز للآخر في ظلمة الليل فيسايره ويناجيه يراني الرائي فيحسبني سعيداً لأنه يغتر بابتسامة في ثغري وطلاقة في وجهي ولو كشف له عن نفسي ورأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين
ويراك الرائي فيحسبك مغتبطاً مسروراً لأنه يغتر بجمال وجهك ولمعان جبينك وصفاء أديمك ولو كشف له عن عالمك لرآه عالماً خراباً وكوناً يباباً لاتهب فيه ريح ولايتحرك شجر ولا ينطق إنسان
أيها القمر المنير
كان لي حبيبتاً تملأ نفسي نوراً وقلبي لذة وسروراً وطالما كنت أناجيها وتناجيني بين سمعك وبصرك وقد فرق الدهر بيني وبينها فهل لك ان تحدثني عنها وتكشف لي عن مكان وجودها ..؟ فربما كانت تنظر اليك نظري وتناجيك مناجاتي وترجوك رجائي
وها أنذا يخيل إلى أني أرى صورته في مرآتك وكأني أراه تبكي من اجلي كما أبكي من أجلها فأزداد شوقاً اليه وحزناً عليها .... فابق في مكانك طويلاً تطل وقفتنا ويدوم اجتماعنا
أيها القمر المنير
مالي أراك تنحدر قليلاً قليلاً الى مغربك كأنك تريد ان تفارقني ..؟
ومالي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئاً فشيئاً..؟
وماهذا السيف المسلول الذي يلمع من جانب الأفق على رأسك ..؟
قف قليلاً .. لاتغيب عني .... لا تفارقني .... لا تتركني وحيداً .... فاني لا أعرف غيرك ولا آنس بمخلوق سواك
آهـ .... لقد طلع الفجر ففارقني مؤنسي وارتحل عني صديقي ... فمتي تنقضي وحشة النهار ... ويقبل إلي أنس الظلام ...؟