بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول ،،، الشيخ الفاضل المجاهد ، أبو محمد المقدسي :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ونسأل الله أن يثبتكم ، وأن يفرج عن الدعاة المجاهدين الموحدين في كل مكان...
سؤالي شيخنا الفاضل ، يتعلق بسيد قطب رحمه الله ، وفي الحقيقة حاولت جاهداً أن أجد لك رأياً في سيد قطب ، فلم أجد ، ولعلك ذكرت شيئاً عن هذا الامر ، لكني لم أجد ذلك... ومن المعروف أن أدعياء السلفية بشكل خاص ، يشنون هجوماً شديداً على هذا الرجل ، وأكثر ما في هجومهم باطل ، وتلفيق ، وإدعاء ، وتحميل الكلام ما لا يحتمل ، أو تفسيره بسوء نية... ولا شك أن سيد قطب بشر يخطيء ويصيب ، وكثير مما كتبه وسطره بحكم أسلوب كتابته الأدبي ، قد يشكل سبباً في فهم البعض الخاطيء له ، أو تحميل كلامه ما لم يقصده... وسؤالي ، هو أريد رأيك في هذا الرجل ، فإني أثق بك ، وجزاك الله خيراً... وأرجو من الإخوة القائمين على الموقع إرسال الإجابة على بريدي ، بارك الله فيهم...
الجـواب
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أخي الفاضل / ……… حفظه الله وجعله من أنصار دينه ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بالنسبة للشيخ المجاهد والكاتب الفاضل أستاذنا الكبير سيد قطب رحمه الله تعالى فإن من عجائب هذا الزمان الذي لا تنقضي عجائبه أن يسأل عن سيد أمثالي ويتكلم فيه جرحا أو تعديلا ، وهو الذي فارق هذه الدار مستعليا على زخرفها وحطامها وفتاتها الذي تهالك عليه وأخلد إليه أكثر الخلق ، ويبذله الطواغيت لأهلها المنقادين الخاضعين لهم ، وأبى هو رحمه الله أن يخط ببنانه الذي سطر به ظلال القرآن والتوحيد ؛ كلمات تعتق رقبته من الموت ، يلبس بها الحق بالباطل أو يقر بها حكم الطاغوت ؛ في الوقت الذي يسود فيه كثير من أهل زمانها وجوههم وصحائفهم ، ومنهم كثير من أولئك الطاعنين الذين أطالوا ألسنتهم فيه ؛ ما هو أحط من تلك الكلمات التي ترفع عنها رحمه الله ، ويطوعون دينهم ليل نهار للطواغيت ويبيعونه بثمن بخس دون أن يكرهوا أو يهددوا بالموت والإعدام ، بل يسارعون في ذلك كأنهم إلى نصب يوفضون ، فينحرون على عتباتهم التوحيد ، ويبذلون لهم دينهم قربانا وكبش فداء لحطام دنياهم الفاني .
و والله لولا أن القول بالحق والنصح لكتاب الله وسنة رسوله فرض وواجب من الواجبات ، لما كتبت في سيد كلمة ، فالرجال أمثاله في زماننا قليل ، وكل من سار في هذا الدرب فلسيد عليه فضل شاء أم أبى اعترف أم جحد ، ولا يضر سيدا بعد هذا مدح من مدحه أو سب من سبه ، ففيه وفي أمثاله يصدق قول القائل ..
كم سيـــد متفضل قد سبـــه ***** من لا يساوي غرزة في نعله
فالبحر تعلوا فوقه جيف الفلا ***** والدر مدفون بأسفل قعره
ومع ما تقدم كله فسيد بشر كسائر البشر يصيب و يخطيء وله في كتاباته عثرات معروفة ، واضح لمن تتبع كتاباته وميز القديم منها من الجديد ، أنه تدارك أشياء منها ، وكان يتعاهدها بالتصحيح والتهذيب ، والواجب على المخلصين المقربين له وعلى رأسهم الأستاذ محمد قطب أن يكملوا ذلك له وأن لا يصرّوا على إبقائها كما هي ، فتبقى ثغرة وحجة يتخذها كل نطيحة وموقوذة ومتردية وما أكل السبع والسلطان ؛ ذريعة للطعن في سيد وتبديعه وتقويله ما قد بريء منه أو هو بالأصل منه براء ولكن زل قلم الأديب فقال ما لا يقصد صاحبه معناه المتوهم منه ، ومن أمثلة ذلك ما ينسب إليه من القول بوحدة الوجود ، فإن سيد يفرّق ضرورة وحتما في كل ما يكتب بين الخالق والمخلوق ، بل ويعظم الخالق ويوحده ويكفر كل من ادعى لنفسه أو لغيره خصيصة من خصائص الألوهية ، فضلا عمن يجعل الوجود كله هو الواحد الأحد ، ومن يزعم خلاف هذا فيه فإنه لا يعرفه ولا يعرف كتبه ، وما سطره في بعض مواضع الظلال من كلام أدبي خلاف هذا يجب أن يحذفه الغيورون على سيد والقائمون على كتبه خصوصا وهم يعلمون ويقرون أن سيد لايقصد حقيقة هذا الكلام وأنه أوضح ذلك وبينه في كتاباته الأخرى كما في ( خصائص التصور الإسلامي ) والذي هو من آخر ما كتبه سيد رحمه الله تعالى .
وعلى كل حال فقد كتب الناس في سيد بين إفراط وتفريط ، وظلمه البعض وغالى فيه آخرون ، ولسنا بحمد الله من هؤلاء ولا هؤلاء ، بل ندور مع الحق حيث دار ، ولا نعتقد العصمة في أحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ونحفظ لسيد وأمثاله من أنصار الدين حقهم ولا نبخسهم ما قدموه ، فنحب فيهم ثباتهم على الحق ونصرتهم للدين وشرعه وبراءتهم من الطاغوت وشركه ، ولا نقول ذلك جزافا أو عن عصبية وجهل ؛ فنحن ممن قرأ أغلب كتاباته في أول الطريق ، وممن يعرفه ولله الحمد ويعرف منهجه ومواقفه عن قرب ؛فقد سمعنا طروحاته ندية بإسنادها العالي من أقرب المقربين إليه أعني بذلك الشيخ ( السيد يوسف عيد ) وهو واحد من أفراد لا يتعدون أصابع اليد الواحدة زكاهم سيد رحمه الله تعالى في فهم طروحاته واستيعاب كتاباته في كلماته التي كتبها قبل إعدامه ونشرت بعنوان ( لماذا أعدموني )
هذا وقد كتب بعض المشايخ ملحوظات وتنبيهات على أشياء مما زل بها قلم سيد وهذا هو شأن أهل العلم ؛ الحق ونصرته أحب إليهم من الناس أجمعين ، وممن كتب في ذلك الشيخ محمد بن عبد الله الدويش رحمه الله تعالى في كتابه ( المورد الزلال في أخطاء الظلال ) ، أصاب في أشياء ولم يوفق في بعضها ، وقد قمت بقراءة كتابه سنة طباعته الطبعة الأولى وصنعت له آنذاك تقييما في رسالة سميتها (ميزان الاعتدال بتقييم كتاب المورد الزلال ) أيدته في أشياء مما كتب ،وخطأته في أخرى واستدركت عليه أشياء غفل عنها ، وأوصلت نسخة منها للأستاذ محمد قطب وأخرى للشيخ الدويش رحمه الله ، علق عليها بعض التعليقات قبل أن يتوفاه الله ، لازال عندي صورة عن عنها بخط يده ؛ لعلنا ننشرها قريبا مع تعليقاته إن شاء الله .
هذا ما عندي الساعة جوابا على سؤالك جعلنا الله وإياك ممن يتبعون القول فيتبعون أحسنه ..
والسلام
أخوك
أبو محمد
http://almaqdese.com/