في ظل الصمت الدولي والعربي أسدل الستار علي سيناريو المسرحية الهزلية التي نسجتها أمريكا وحلفاؤها، والتي انتهت بإعدام إنسان هو ميت في الحقيقة وإن كان حياً في الظاهر.

أمريكا قامت بدور البطل الخير الذي ينتصر في النهاية علي الشر كما نري دائماً في الأفلام العربية والهندية وكان صدام هو محور الشر، وحتي ينتصر الخير علي الشر كان لابد من التضحية مقابل تحقيق الديمقراطية المنشودة والأمن المفترض تحقيقه بإعدام صدام.

فكان الضحية فقط هو الشعب العراقي بقتل مليون إنسان عراقي من رجال وشباب وشيوخ ونساء وأطفال وهدم بيوتهم وتحطيم اقتصاد دولة لها سيادة ونهب أموالها ومواردها.

ما فعله بوش لانقاذ العراق من النظام الصدامي هو نفس ما فعله طبيب النساء الغبي الذي ضحي بالجنين والأم في سبيل نجاح العملية.

مثول صدام أمام محكمة الاحتلال والحكم عليه بالإعدام جاء بلا مصداقية وبلا شرعية ولا يعبر إلا عن مصالح أمريكية فلو أنه مثل أمام شعبه وأعدم بيد شعبه الذي تجرع ظلمه واستبداده لكان أفضل وكان سيرضي به الجميع، إنما مجيئه من محتل أكثر ظلماً وطغياناً جعله يلاقي ردود أفعال ساخطة.

فبأي حق يأتي إلي بلادنا محتل يحكم ويتحكم يظلم ولا يعدل يقتل أبناءنا ويغتصب نساءنا وينهب أقواتنا بدعوي الديمقراطية ويحاكم رئيس دولة علي جرائم ارتكبها ضد شعبه، أما الجرائم التي ارتكبها بوش ضد الانسانية كلها لايحاكم عليها..فأي ديمقراطية هذه؟!

مخطيء من ظن أن إعدام صدام هو نهاية للظلم وبداية عهد جديد يحقق فيه الاستقرار والعدل والأمن فالقضية ليست في صدام وإنما في المحتل الذي لا يصدر للعراقيين سوي القتل الجماعي والمجاني ومنذ احتلال العراق وإسقاط نظام صدام لم ولن يهنأ العراقيون بالأمان.

كان من الأولي لو أن في العالم ديمقراطية ترك الأمر للشعوب في اختيار حكامهم ومحاكمة الظالم منهم.

كان من الأولي لو أن في العالم عدلاً الحكم علي أمريكا وإسرائيل بالرجم حتي الموت، فإن لم يتحقق العدل في الحياة فجميعنا سيمثل أمام محكمة العدل الإلهية التي لا تظلم أحداً ولا تحابي أحداً.