السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ أختي كهرمانة .....وقد قرأت موضوع في هذا المجال ونقلته إليكم .....؛
من منا من لم يحلم في يوم من الأيام أن تكون لديه ثروة ووفرة في المال؟
من منا من لم تداعب خياله الآمال وسطوة الغنى والجاه؟
كثيرون هم الذين يسعون وراء الثراء ويتمنونه، وآخرون يعلقون السعادة ويحسبونها بتوفره؟ فهل ذلك صحيح؟
لاشك بأن المال قوة بحد ذاته وسلطان لا ينكره أحد.. فهو قد يقيك من أشياء كثيرة تستصعب نفسك القيام بها أو الانصياع لها.. كما أنه يقيك شر الحاجة أو التنازل للوصول لما تريد، فما دام لديك المال الكل سيخدمك، والكل محتاج إليك ويسعى وراءك.. هذه فلسفة تدور وتعمِّر في رؤوس الكثيرين منا وتقود بعضنا لمغامرات ومحاولات لا حصر لها!
إلا ان هذه القناعة قد لا تكون حقيقية في كثير من الأحيان، لأن كثرة المال قد تكون نقمة ووبالاً على الإنسان وعلى أولاده من بعده، عندما يزداد حب الذات وتكبر الأطماع فتزدهر الأنا.
وعندما تسمع قصصاً عن فلان وفلان بأنه يملك الملايين من المال، تجد نفسك مضطراً لتمنّي شيء مما معه ويتمتع به.. وعندما يتحفك البعض بنصائحه ويوصيك بألا تذهب بعيداً في توقعاتك، لأن فلاناً المليونير يعيش في تعاسة وهم وألم وربما حرمان سببها الأساسي ماله الذي تغبطه عليه! بالتأكيد لن تصدقه، فهؤلاء الأثرياء بمالهم الوفير قد يستطيعون توفير ما يحتاجونه في يوم أو سويعات قليلة، بينما أنت تحتاج لسنوات وسنوات لتحصل على شيء مما يتمتعون به.. كل ذلك صحيح، ولكن هل الأثرياء سعداء؟
هل المال هو كل شيء في الحياة؟ ربما
وبإجابة أكثر واقعية وشفافية نستطيع أن نقول ان المال ليس كل شيء ولكنه بالنسبة لغيرك قد يكون كل شيء.. فالمسألة نسبية بقدر احتياجك تزداد حاجتك، وبحجم طلباتك ومطالبك، يكون قدر المال لديك وفي النهاية لا نستطيع أن ننكر أن للمال أهميته وإغراءه الذي يفرضه ويهيمن به على النفس البشرية، المجبولة على حب السلطة والرغبة في التملك، إلا أن هذه الآراء والقناعات قد تهزها القصص الحقيقية، والصور الحية لواقع أناس كان المال هو سبب شقائهم الوحيد وحرمانهم من بعض ما يتمتع به أبسط وأضعف الناس.
والذين منهم تلك الفتاة السعودية التي نصيبها من الدنيا مال تركه لها والدها وشهادة حصلت عليها في عزه وحياته.. مال قد يكون ضخماً وكبيراً لدرجة تكفي لإسعاد مئات البشر، إلا انه كان قاصراً عن تحقيق ذلك لها.. ثلاثة وتسعون مليون ريال سعودي لم تستطع أن توفر لها أبسط وأهم الأشياء التي تحتاج إليها، بعد أن اضطرتها أطماع من حولها والذين هم أعز وأقرب الناس إليها، للبوح بكل ما تحمله وحمّلتها إياه الدنيا في قلبها من قهر وألم بسبب الصراع على المال!
قصتها التي روتها وصورتها أحد الأعداد السابقة لمجلة سيدتي، بعد أن نشرت تفاصيل دقيقة عن معاناتها، وكيف أن أعمامها وأهلها رفضوا إعطاءها شيئاً من نصيبها في إرث والدها الضخم بسبب خوفهم من أن يؤثر توزيع التركة على قوتهم المالية والاقتصادية فيضعفها.
وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل ان إغراء المادة قد سمح لهم أن يحرموا ابنة أخيهم من الزواج، وتكوين أسرة جديدة، حتى لا يدخل عنصر غريب في عائلتهم ويتمتع بأموالهم التي تعبوا هم ووالدهم في تكوينها وتنميتها.
إن قصة تلك الفتاة السعودية التي تجاوزت الأربعين دون أن تتمتع بحقها الطبيعي كامرأة تختلج في صدرها مشاعر الأنوثة والأمومة، ودون أن يحق لها أن تتصرف بشيء مما تركه لها والدها وجدها، لدليل حقيقي وصورة واضحة لما يمكن أن يسلبه المال من حرية وقرار وراحة صاحبه، إذا ما تمكن منه وسيطر على عقله ووجدانه.
وهذه الفتاة يوجد غيرها كثير ممن حرمتهم كثرة الأموال هناء العيش ولذته.. صور كثيرة متحركة لضحايا المال وجشع الأهل والأصحاب، نتعايش ونعيش معها دون أن نحس أو نتصور الجوانب الخفية منها.
ومثل هذه القصص تذكرنا بتلك الأسطورة التي تروى عن شخص ضل الطريق في صحراء قاحلة وراحلته تحمل أكياساً كثيرة من الذهب ولكنه مات وتعذب في ميتته، لأن ثروته الطائلة لم تكن كافية ولا وافية لتوفر له أبسط ضرورات الحياة، الماء والتي قد تكون في بعض الأحيان الحرية وراحة البال.. فليس بالضرورة أن يكون وراء بريق المال ولمعانه سعادة.. كما انه ليس أكيداً أن في مقدور المال توفير كل شيء، فهنالك أشياء كثيرة وبسيطة لكنها ضرورية، قد تقتلها كثرة المال أو الجري المتواصل للبحث عنه.
فلا بالنقد ولا الذهب أو الأراضي والقصور تتحقق السعادة والراحة.. بل هما تتحققان بأشياء أسمى وأنبل من أهمها صفاء السريرة وخلو النفس من الأحقاد والأضغان والرضا والقناعة بما كتب لك مع السعي الحثيث والجد والاجتهاد على رعايته وتطويره.. فالمال سلاح ذو نصلين حادين إن لم يقتلك قد يقتل عيالك من بعدك وبالرغم من هذا وذاك.. صدق عز من قائل: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا..
المصدر