كاظم الحوت: أيمن الظواهري طلب من صدام أن يكون «أمير المؤمنين» وزعيم «الحملة الإيمانية» سفارتا العراق في طهران والدوحة تمثلان خطي الارتباط الثاني والثالث لـ «أنصار الإسلام»
السليمانية - من أحمد أمين: رغم الانكار المتواصل للحكومة العراقية في عدم تورطها بالتعاون مع تنظيم «القاعدة» وجماعة «انصار الاسلام» المتطرفة التي تتحصن في المناطق الجبلية المنيعة في شمال شرقي العراق والتي تم تأسيسها وفقا لمقترح شخصي من قبل اسامة بن لادن وبتنسيق واشراف جهاز المخابرات العراقي لجعلها احدى بؤر «القاعدة» في المنطقة، وكذلك لكي تساهم في توفير ملاذ آمن للافغان العرب الذين تقطعت بهم السبل في افغانستان بعد بدء الولايات المتحدة تنفيذ مشروعها الشامل القاضي مكافحة الارهاب واستئصال جذوره، والذي يعتقد البيت الابيض ان تنظيم «القاعدة» يمثل محوره في المنطقة والعالم، الا ان ضباط المخابرات العراقية الذين وقعوا في أسر القوات الكردية وكانوا همزة الوصل بين بغداد و«انصار الاسلام» أو بمعنى آخر بين بغداد و«القاعدة» لما تمثله «انصار الاسلام» من وجه آخر لـ «القاعدة»، سردوا احداثاً وكشفوا وقائع وادلوا باعترافات نظيفة، أي انها لم تؤخذ منهم تحت طائلة التعذيب أو القهر أو «الحقن الخاصة «التي «تفك» اللسان مهما حاول الالتواء يمينا أو شمالا، لانهم انفسهم بدأوا يملون ويتذمرون من خط الجريمة الذي ما انفك يمتد لحكومتهم منذ اكثر من ثلاثة عقود مارا بالقريب والصديق والغريب القاصي والداني، افضت الى ان تجعل من انكار السلطات العراقية علاقاتها مع المجموعات الارهابية، مجرد شعار دعائي لايجديها نفعا ولايبعد عنها اصابع الاتهام ولايدفع عنها الجلوس على مقعد من سبقوها من زعماء الجرائم الانسانية في محاكم مجرمي الحرب.
لكن الامر الذي اثار الاستغراب في قضية «انصار الاسلام» وجعل المراقبين يتأملونه بتأن هو العامل الذي حال دون نجاح قوات «الاتحاد الوطني الكردستاني» بقيادة جلال طالباني في القضاء على هذه الجماعة التي لايزيد عدد افرادها على الـ 700 شخص وفقا لتصريحات مسؤولين امنيين في هذا الفصيل الكردي.
وذهب بعض المحللين الى الاعتقاد ان «اليكتي» يتعمد في عدم القضاء على «انصار الاسلام» ليجعلهم ذريعة ويستفاد منهم كورقة كلما حاول تقليم أظافر المجموعات الاسلامية الاخرى وحتى الحليفة التي سبق ان دخل معها في صراع مرير، وذهب آخرون الى تفسير هذا التعلل بوجود رغبة لدى «الاتحاد» في تلقي الدعم التسليحي واللوجستي المباشر من الولايات المتحدة، وهذا ماكان يقلق اطرافا في الحكومة الايرانية التي اعلنت صراحة أن طالباني يخطط للمجيء بالاميركيين للمنطقة واتهمته بالعمالة لواشنطن.
وللاجابة عن هذه التساؤلات التقت «الرأي العام» مسؤلا أمنياً في «الاتحاد الوطني» فضل عدم ذكر اسمه، وطلبت منه اعطاء اجابة صريحة وشفافة ومقنعة لهذه التساؤلات فصرح ان «اخفاق قوات اليكتي في القضاء على جماعة انصار الاسلام لم يكن وفقا للتحليلات التي ذكرتموها مطلقا ولابسبب القوة التي تمتلكها هذه الجماعة وانما لاسباب جغرافية وسياسية ، فهذه الجماعة اتخذت لنفسها معاقل في مناطق جبلية وعرة للغاية تقع في منطقة بيارة وطويلة ، وان مواقع الانصار تتوسط قواعد فصيلين اسلاميين يعتبران من اصدقاء الاتحاد الوطني هما الحركة الاسلامية بزعامة ملا علي عبد العزيز والجماعة الاسلامية بزعامة علي بابير، كما ان قواعدها محاذية تماما للاراضي الايرانية ، لذلك يصعب على الاتحاد الوطني شن هجوم كاسح وحاسم ضد هذه الجماعة لأن اضرارا مسلّم بها ستلحق بأصدقاء الاتحاد الوطني، وستتعرض حرمة الاراضي الايرانية للانتهاك غير الارادي وهذا ماقد يثير ازمة بيننا وبين اصدقائنا الايرانيين».
واضاف: «كما قامت انصار الاسلام بحفر كهوف عميقة في المناطق الجبلية الوعرة لاسيما سلسلة جبال شهرام، لذلك هي في امان من أي قصف مدفعي تقليدي، كما ان هذه الجماعة زرعت جميع مناطق التماس مع قوات الاتحاد الوطني بالالغام، ونحن بحاجة الى عمليات انتشار خاصة لتطهير المنطقة من وجود هذه الجماعة الارهابية، لكن وجود الاصدقاء في المنطقة يحول دون امكانية تنفيذ مثل هذه العمليات».
واعرب المسؤول الامني عن أسفه لعدم تعاون الحركة الاسلامية والجماعة الاسلامية تعاوناً مقبولاً مع «الاتحاد الوطني» في اطار القضاء على هذه «الجماعة الارهابية», وقال: «من المؤسف له ان تحسين بن ملا علي عبد العزيز زعيم الحركة الاسلامية يعتبر عملياً احد قادة انصار الاسلام، ولذلك ان النجاح لم يحالفنا في اقناع اصدقائنا في هذين التنظيمين بالتعاون معنا للقضاء على الانصار».
«الرأي العام» تركت موضوع القضاء على «انصار الاسلام» وملابساته لتواصل حركتها في اتجاه كشف حقيقة العلاقة بين بغداد و«الانصار» و«القاعدة», وكانت المحطة الثانية التي توقفت عندها في مديرية أمن «الاتحاد» المعروف افرادها بدهائهم حيث احبطوا نحو 95 في المئة من العمليات الارهابية التي كان عملاء جهاز المخابرات العراقي بصدد تنفيذها في المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد، هو ضابط المخابرات كاظم الحوت، صاحب البنية الضخمة واللياقة البدنية العالية لاسيما في الغوص والسباحة والتي استحق لاجلها لقب الحوت، والذي كشف هو الاخر بعد الحوار الذي اجرته «الرأي العام» مع ملازم المخابرات حيدر الشمري ونشر الثلاثاء الماضي، عن العلاقة بين ما حرص الاكراد على تسميته «مثلث الارهاب»، أي الحكومة العراقية وتنظيم «القاعدة» وجماعة «انصار الاسلام» المتطرفة, وفي ما يلي نص الحوار مع الحوت:
اسمك ؟
- ابو ايمان البغدادي.
اسمك الكامل وليس كنيتك؟
- لاحاجة لذلك.
باستطاعتي الحصول على اسمك الكامل من المسؤولين في هذا الجهاز فالامر بالنسبة لي وثائقي؟
- انا طلبت من المسؤولين الامنيين السماح لي بعدم الادلاء باسمي الصريح خلال اللقاءات الصحافية (,,,) لكن يظهر انك مصمم على معرفته واشعر بانك قادر على ذلك , اسمي الكامل هو كاظم حسين محمد.
ملقب بكاظم الحوت، ما هو سر هذا اللقب؟
- منحت هذا اللقب في العام 1991 من قبل صدام كامل شقيق حسين كامل، وقد لقبني بالحوت بعد تنفيذي عملية في اهوار الجنوب.
وما هي العملية؟
- قبل تجفيف الاهوار من قبل السلطات كانت هناك نقطة للمجاهدين العراقيين صعب على القوات العسكرية العراقية السيطرة عليها واسكات نيرانها، فقمت انا بخلع ملابسي ومسكت بيدي بندقية كلاشنيكوف وتمكنت من الوصول سباحة الى تلك النقطة وبدأت بمهاجمة افرادها واشغالهم الى حين وصول مجموعة اخرى من القوات العراقية واستطعنا السيطرة على هذه النقطة ، وبذلك منحني صدام كامل لقب الحوت.
درجتك الحزبية ورتبتك ؟
- نصير متقدم في حزب «البعث» وضابط بدرجة نقيب في جهاز المخابرات.
تحصيلك العلمي؟
- احمل شهادة السادس الاعدادي.
رحلتك مع جهاز المخابرات؟
- في 20 ديسمبر العام 1982 دخلت السلك العسكري على ملاك الاستخبارات العسكرية، لكنني انضممت الى جهاز المخابرات بعد العام 1991، أي بعد حرب الخليج الثانية.
متى القي القبض عليك؟
- في 12 يناير العام 2002 في داخل مدينة السليمانية، حيث جئت في العام 1999.
وفي أي شعبة في جهاز المخابرات كان تنسيبك؟
- شعبة مكافحة التجسس، القسم الايراني أو قسم المعارضة العراقية، وكانت المهمة الرئيسة المناطة بي اختراق صفوف المعارضة العراقية، لاسيما «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية» في العراق وجمع المعلومات عنه، لكن بعد ذلك تطور العمل.
ماالمقصود بتطور العمل ؟
- كانت المهمة مقتصرة على فصيل واحد، لكن بعد ذلك شمل العمل كل اطراف المعارضة بما فيها «المجلس الأعلى» و«الاتحاد الوطني» والحزب «الديموقراطي» وبقية الاحزاب والمنظمات الاجنبية العاملة في المنطقة وكذلك الوفود الاجنبية التي تصل في زيارات مقطعية لاقليم كردستان، وكذلك الجماعات المتطرفة في هذا الاقليم كـ «جند الإسلام» أو مايسمى بـ «انصار الاسلام».
كم مرة زرت «انصار الاسلام»؟
- اكثر من خمس مرات في منطقتي بيارة وطويلة.
وبمن التقيت؟
- العقيد ابو وائل، أي عقيد المخابرات العراقي سعدون محمود العاني.
وما هي علاقة جهاز المخابرات بــ «انصار الاسلام»؟
- كما اخبرتك سلفا مهمتي كانت ترتبط بقوى المعارضة العراقية فقط ، لكن بعد مجزرة خيله حمه في سبتمبر العام 2001 التي نفذتها «انصار الاسلام» ضد قوات «الاتحاد الوطني» وكنت آنذاك في بغداد، طرح علي معاون رئيس جهاز المخابرات العميد الركن السيد حسيب(المدير السابق لجهاز المخابرات الجنوبية في محافظة البصرة) اناطة مهمة جديدة لي، اضافة الى مهمتي السابقة، وسألته عن طبيعة هذه المهمة، فقال: «نريد منك الذهاب الى انصار الاسلام وسنعطيك رمزاً سرياً يسهل لك الالتقاء بشخص في هذه الجماعة»، فقلت له ولِمَ تم انتخابي لهذه المهمة اذ انه لابد من وجود ضابط ارتباط بينكم وبين انصار الاسلام؟ فقال: «لقد انقطع الاتصال مع ضابط الارتباط ولدينا شخص مهم للغاية في هذه الجماعة يدعى ابو وائل، وعليك ان تتحرى عنه والالتقاء به»، ومن ثم اعطاني رمزه السري (الشفرة)، فقطعت الطريق عبر مراحل عدة الى ان وصلت الى منطقة طويلة فالقي القبض علي من قبل افراد «انصار الاسلام»، واوصلوني الى ابي وائل فأعطيته الشفرة الخاصة به، وسألته عن اسباب انقطاع اتصالهم بجهاز المخابرات في بغداد، فاجابني متسائلا: «هل وصلت الى هنا بسهولة؟» فقلت: «كلا اذ ان رجال الامن وقوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني يفرضون اجراءات امنية صارمة وقد طوقوا المناطق المحيطة بمعاقل انصار الاسلام، فقال لذلك نحن لانستطيع ان نبعث بضابط ارتباطنا ابو نور (نقيب المخابرات سعد) الى بغداد اذ ان الاوضاع خطيرة».
بعد ذلك قلت لابي وائل ، بان العميد الركن السيد حسيب يهديك تحياته ويطلب منك اعادة الاتصال حتى وان حصل هذا الامر عن طريق الخط الثاني، أي السفارة العراقية في طهران، والاتصال من طهران ببغداد عن طريق السفارة العراقية في قطر التي تعتبر الخط الثالث للاتصال بين «الانصار» والمخابرات، فقال انه سيفعل ذلك، وبعدها قام بتسليمي فيلم فيديو يصور المجزرة التي ارتكبتها «انصار الاسلام» في خيله حمه، وبدوري أوصلت الفيلم الى جهاز المخابرات العراقية في بغداد.
وهل زرت السفارة العراقية في طهران؟
- نعم، والتقيت القائم بالأعمال عبد الستار الراوي خلال مباراة لكرة القدم بين منتخب الطلبة العراقي ومنتخب ايراني في ستاد آزادي (الحرية) في طهران، وسلمت مدرب الفريق اللاعب العراقي السابق حسين سعيد (السكرتير الحالي لعدي صدام حسين) رسالة قام بايصالها الى جهاز المخابرات في بغداد.
هل تريد القول ان حسين سعيد هو عنصر في جهاز المخابرات؟
- بكل تأكيد، اذ لايوجد شخص يعمل في اللجنة الاولمبية غير مرتبط بجهاز المخابرات ، لاسيما اللاعبين القدامى، وانا شخصيا حينما كنت مستقراً في السليمانية كان ضابط الارتباط بيني وبين المخابرات في بغداد هو اللاعب القديم رحيم كريم مدافع المنتخب العراقي السابق في عهد السبعينيات مع فلاح حسن ومجموعته، وكان لرحيم كريم عقد رياضي مع فريق يوهان في السليمانية وقد حضر من بغداد بموافقة عدي صدام حسين، وهو في الوقت نفسه كان ضابط الارتباط بيني وبين جهاز المخابرات ، وكان يقوم بايصال أي معلومة عاجلة احصل عليها الى بغداد بسهولة لانه لم يكن يثير الشكوك.
وهل ماذكرته يعني ان للسفارة العراقية في طهران علاقة بـ «أنصار الاسلام» اذ انك قلت انها بمثابة خط الاتصال الثاني بين «انصار الاسلام» وجهاز المخابرات؟
- طبعا، هذا الامر صحيح.
لكن كلامك يناقض التصريحات العراقية الرسمية التي تنفي وجود صلة بين بغداد و«انصار الاسلام»؟
- بالطبع ينكر النظام ذلك ، اذ لايوجد أي دليل مادي يؤكد تورطه في مثل هذه العلاقة.
وانت الست دليلا ماديا؟
- صحيح، لكنني الان في السجن ولست جالساً في محكمة لاهاي حتى ادلي بتصريحاتي ومعلوماتي عن كل مايتعلق بجماعة «الانصار» و«القاعدة».