|
منع من الكتابة
|
|
المشاركات: 17
|
#2
|
وبالفعل في تاريخ الإسلام، فقد كان اليهود والمسيحيون في المجتمعات الإسلامية يعاملون بصورة أفضل بكثير مما كان غير المسيحيين يعاملون به في الممالك المسيحية. لقد حكم المسلمون كل أو جزء إسبانياً من حوالي عام 800 وحتى أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، عندما هزمت القوات الإسبانية بقيادة الملك فرديناند المسلمين وأخرجتهم من إسبانيا، وأجبر الملك فرديناند وزوجته الملكة إيزابيلا الجميع على اعتناق الكاثوليكية المسيحية وأمرا بقتل من يرفض ذلك. وتحت الحكم الإسلامي، ازدهرت المجتمعات المسيحية واليهودية عموماً من إسبانيا إلى العراق، ومن جهة أخرى، وحتى وقت متأخر ساد التعصب المسيحي في مختلف أنحاء أوروبا. 5- لا يدعو القرآن المسلمين إلى قتل غير المسلمين. إنه يدعو إلى القضاء على الكفار، وهم أساساً العرب الذين كانوا يعبدون الأصنام أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. لقد انتشر الإسلام بسرعة كبيرة ووحد تحت لوائه - لواء التوحيد - جميع قبائل الجزيرة العربية. ورفض الإسلام لعبادة الأصنام، مهما كان مرفوضاً من قبل الفكر العلماني الحديث، ليس فريداً من نوعه، بل يمكن مقارنته مع قمع المسيحيين الأوروبيين للوثنية (التي غالباً ما يتم ربطها مع السحر) وبينما يدعو القرآن إلى القضاء على الكفار، فإن العهد القديم مليء بالتحريض على الإبادة. فحسب القصة في الإنجيل (والتي يشكك بصحتها التاريخية ولكن مئات الملايين من البشر يؤمنون بها) فإن العبريين بقيادة يهوذا غزوا الكنعانيين في مصر وقتلوا اثني عشر ألف رجل وامرأة في الوقت نفسه في مدينة آي - لأن الرب طلب منهم ذلك (كتاب يهوذا 25:8). وقتل العبريون جميع سكان هازور (القضاة 14:11). وفي الزبور هناك قول يخاطب البابليين: "بارك الله من يأخذ أطفالكم ويرطمهم بالصخور" مثل هذه التعابير موجودة في جميع الكتب المقدسة، وليست الدعوة إلى العنف مقتصرة على بعض آيات القرآن. 6- الأصولية الإسلامية ليست نوعاً مختلفاً عن باقي أنواع الأصولية، بما في ذلك الأصولية المسيحية واليهودية، والهندوسية. جميع أنواع الأصولية تقاوم الحداثة، والعلم، والفكر، ونادراً ما تكون مسالمة وبالإمكان أن تتحول إلى فاشية. وتطالب جميع أنواع الأصولية بالإيمان بالتعاليم المسلَّمة، وبنصوص مكتوبة، عوضاً عن الاعتقاد بالبحث العلمي المفتوح. وجميع أنواع الأصولية إما أن تقر بشرعية النظام الموجود، أو تدعو إلى العودة إلى الماضي حيث كان النظام الاجتماعي مرتباً بصورة تجعل العلاقات الاجتماعية منظمة حسب الإرادة الإلهية. 7- لم تشكل الأصولية الإسلامية تاريخياً تهديداً كبيراً للمصالح الغربية، ولكن بالعكس تم استغلالها لخدمة هذه المصالح. فقد كان الهدف الرئيسي لـ "لورانس العرب" مثلاً تحقيق تحالف بين البريطانيين والهاشميين، الذين يمكن أن يطلق عليهم مصطلح "إسلاميين"، خلال الحرب العالمية الأولى. وقد ساعدت الولايات المتحدة على تأسيس وتجنيد وتمويل حركة المجاهدين الأصولية في أفغانستان، بما في ذلك حوالي 30.000 شاب متطوع جاءوا من جميع أنحاء الأمة الإسلامية لمحاربة "الشيوعيين الملحدين" في أفغانستان في الثمانينيات. وقد شجعتهم الولايات المتحدة على اعتبار حربهم ضد السوفييت على أنها "جهاد" ووصلت بينهم وبين أسامة بن لادن الذي كان يعتبر حليفاً لأمريكا في ذلك الوقت. لقد كانت إدارة الرئيس ريجان تتعامل مع الأصولية الإسلامية طالما أنها كانت تخدم مصالحها. وكانت شركة نفط يونوكال، والتي مركزها في كاليفورنيا، تفاوض نظام طالبان في أفغانستان، حتى قبل هجمات 11 سبتمبر، لمد أنابيب نفط عبر الأراضي الأفغانية وكان زالماي خليل قد زار المسؤول في وزارة الخارجية، ورجل النفط المعروف، يقول في 1998م إن طالبان نظام صديق ويمكن عقد شراكة عمل معهم وأنهم لم يكونوا يمارسون أعمالاً معادية لأمريكا مثل الأعمال الأصولية التي تتم ممارستها في إيران. 8- إن لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم أسباباً شرعية لرفض السياسة الأمريكية. فأمريكا تدعم دعماً كاملاً إسرائيل الاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني. وهي تقود الحصار الوحشي على العراق، والذي يتعارض مع المنطق والأخلاق. وهي تحتفظ أيضاً بقواعد عسكرية في المنطقة على الرغم من الرفض الشعبي لها. 9- المسلمون لا يكرهون الولايات المتحدة كمفهوم مجرد، ولا يرفضون الثقافة الأمريكية اعتباطياً، أو يطالبون بتدمير الحضارة الأمريكية. الكثير من المسلمين بالفعل غير مرتاحين للسلوك الأمريكي، مثلهم في ذلك مثل معظم شعوب العالم الأخرى، من وسط أمريكا إلى اليابان. ولكن استطلاع الرأي الذي أصدرته مؤسسة زغبي الدولية في 11 يونيو هذا العام يظهر في تسع دول إسلامية، بما فيها بنجلاديش وماليزيا، أن أكثر دولة أجنبية مثيرة للإعجاب هي الولايات المتحدة. 10- المسلمون واليهود في فلسطين / إسرائيل لم يكونوا دائماً يكرهون بعضهم البعض، والصراع الحالي في الشرق الأوسط لا يعود تاريخه إلى عدة قرون. ولكنه في الواقع بدأ مع الهجرة اليهودية إلى المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، والتي ازدادت بصورة كبيرة بعد الهولوكوست، ونتج عن ذلك - بدعم دولي - قيام دولة إسرائيل كدولة يهودية تحديداً عام 1948م. وقد أدى الاستيطان والإرهاب اليهودي (الموثق بشكل جيد من قبل المؤرخ اليهودي الإسرائيلي إيلان باب) إلى تهجير حوالي 750.000 عربي فلسطيني (بما في ذلك مسيحيين ومسلمين). وليس الصراع العربي الإسرائيلي أساساً حول الإسلام، وليس صراعاً بين الإسلام والأديان الأخرى، ولكنه حول احتلال الأرض، والاستيطان، واضطهاد الفلسطينيين الذي أغضب العالم الإسلامي. كما يجب أن يغضب أي إنسان مفكر وصاحب مبادئ. لسوء الحظ، يعمد المسيحيون الأصوليون في الولايات المتحدة إلى تصوير هذا التاريخ من الظلم على أنه تحقيق لنبوءات الإنجيل، وتبنوا القضية الصهيونية وكأنها قضيتهم. ولا يمكن تصور أوهام أكثر تأثيراً على السلام العالمي وقضية العدالة. أخيراً على الأمريكيين، في فهمهم للإسلام، أن يفكروا بواحد من فصول التاريخ الرئيسية، وهي الحروب الصليبية التي دامت حوالي قرنين من الزمن، والتي ارتكب خلالها المسيحيون الأوروبيون مجازر مروعة ضد المسلمين. ففي عام 1099م دخل الجنود الكاثوليكيون القدس وقتلوا كل سكانها من المسلمين واليهود، بما في ذلك الأطفال والنساء. أما تصرفات الجيوش الإسلامية فكانت أكثر شهامة، وقد اكتسب القائد صلاح الدين الأيوبي مكانة مرموقة ومديحاً من المسيحيين والمسلمين على حد سواء بسبب إنسانيته. إن العالم الإسلامي يتذكر الحروب الصليبية، أما جورج بوش مثل الكثير من الأمريكيين، فهو جاهل بتاريخ هذه الحروب. ولذلك فقد أشار إلى "الحرب على الإرهاب" على أنها "حرب صليبية" في 16 سبتمبر الماضي. وهي عبارة أثارت غضباً واسعاً في العالم الإسلامي. ولم يكن جورج بوش يعني الإساءة فعلاً. ولكن مثل هذا الجهل في عالم يولد فيه التحامل الديني أعمالاً غبية من بلفاست إلى البلقان إلى مناطق أخرى في العالم هو جهل يسبب الموت بالفعل. أستاذ مشارك في قسم التاريخ، جامعة تافت، ومنسق برنامج الدراسات الآسيوية في الجامعة جريدة الوطن000
|
|
24-12-2002 , 12:40 AM
|
الرد مع إقتباس
|