العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > سـوالــف إســلامــيـة > معالم في طريق التغيير !!!
المشاركة في الموضوع
الفجر الفجر غير متصل    
عضو جديد  
المشاركات: 18
#1  
معالم في طريق التغيير !!!
معالم في طريق التغيير

محمد محمد بدري


لا شك أن المسلم الذي يرى الحياة من خلال واقعه وليس من خلال أمـانـيه ، يدرك لأول وهلة أن "واقع" الأمة الإسلامية اليوم هو مصداق قول رسول الله -صلى الله علـيـه وسلم: »يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، قالوا : أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ ، قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعــن الله المهابة من صدور أعدائكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ، قالوا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت«(1) .
فقد أصبحت الأمة الإسلامية "غثاء" من النفايات البشرية الخاوية ، تعيش على "ضفاف" مجرى الحياة الإنسانية كدويلات متناثرة ومتصارعة،تفصل لينها حدود جغرافية ونعرات قومية مصطنعة ، وتعلوها راية "الوطنية" ، وتحكمها قـوانين الغرب العلمانية.. تدور بها "الـدوامـات" الـسـيـاسية فـلا تملك نفسها عن الدوران، ولا تختار حتى المكان الذي تدور فيه!!
لـقـد قـذف الله فـي قـلــوب المسلمين "الوهن" فأصبحت أمتهم تخاف من تكاليف الحرية ومجابهة الظلم في الداخــــل ، وتجبن عن صد الغزاة في الخارج.. فتداعت عليها الأمم ، وأحاط بها الأعداء الذين أوصلوها إلى مرحلة "القصعة المستباحة" التي حذرها إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ولا ريب أن هذه الحال تـؤرق أكـثـر المسلمين وتقض مضاجعهم ، فتقفز إلى أذهانهم أسئلة بكثيرة : كيف نخرج بأمتنا من أزمـتهـا ، وننتقل بها من الاستضعاف إلى التمكين ؟ ومن التبعية إلى الريادة ؟ كيف نرفع "غثاء" الأمـــــة الإسلامية من حضيضه الذي يعيش فيه ليعود كما أراده الله خير أمة أخرجت للناس ؟
ولكن لا موغل في "حلم" الريادة البشرية على حـســـاب "حقيقة" التبعية ، أو تهرب من مواجهة "واقع" الاستضعاف بالانغماس في "خيال" التمكين ، لا بد أن نحزم أمرنا ونعد عدتنا ، ونجد السير في طريق التغيير الذي يمكن أن نتبين بعض معالمه فيما يلي :
1- إقامة الفرقان الإسلامي :
بينما كـــان الاستعمار القديم يستعين بقواته العسكرية لقهر شعوب المستعمرات، لـم يـعـد الاستعمار الجديد في حاجة إلى استخدام القهر بالقوات العسكرية ، بعد أن أفلح في اختيار عملائه وصـنـائـعـه من النخبات "الوطنية" التي أشربت في قلوبها ثقافة الاستعمار وتربت على يديه ، ونشأت في كنفه ورعايته.. ثم وقفت تحت راية "الوطنية" وتخفت وراء لافتة "الإســــــلام" لتقـوم بمؤامرة "التباس" الحق بالباطل التي تفتن الأمة عن دينها، وتـمـزق وحدتها وتشتت شـمـلـهـا ، وتوجد الثغرات فيها كي ينفذ من خلالها أعداء الأمة الذين يحطمون قواها ويستنزفون طاقاتها...
لقد تمكن أعداء الأمة الإسلامية عبر النخبات الوطنية ، من مزج الإسلام بالأفكار الغربية عنه من "علمانية" وقومـيـة و "وطنية" وغيرها ، ليلتبس على الأمة أمر دينها ، وليصبح الإسلام الواحد بعقيدته ومـبـادئــه تشريعاته اسماً متعدداً بتعدد ألوان مؤامرة "الالتباس" التي تصد الأمة عن سبيل الإسلام الحق .
ومن هنا فإنه لا يمكن تحقيق انـطـلاقــة قـويـة فـي طريق إحياء الأمة الإسلامية إلا باقامة "الفرقان" الذي يرفع "الالتباس" ويسقط اللافتات الخادعة التي تتوارى خلفها العلمانية . فيتمايز الناس إلى فسطاطين : فسطاط نفاق لا إيمان فيه ، وفسطاط إيمان لا نفاق فيه.. وعـنـدهــا تخرج الأمة الإسلامية من حال التذبذب إلى الانحياز إلى دينها وشريـعـتـهــا، والانتصار لإسلامها من كل أعدائها .
2- إحياء الهوية الإسلامية :
تشكل الـهـويـة - في أية أمة - الحافز العقدي والدافع النفسي الذي يدفع الأمة في طريق التقدم والحضارة، ويقاوم في ذات الوقت الاجتياح الحضاري للأمم الأخرى.. فما هي هوية الأمة الإسلامية ؟
لا شك أن الإسلام "وحــــده" هو هوية الأمة الإسلامية ، ومحور اجتماع أفرادها ، والقوة الدافعة التي تفجر طاقاتها وتقوي وقفتها في مواجهة كل أعدائها . لقد قام العملاء من بني جلدتنا بإبعاد الإسلام كـهـويــــة للأمة الإسلامية ، وزعموا أن طريق "الإحياء الحضاري" للأمة هو "إحياء الهوية الوطنية" و "المشروع القومي المتجدد"!!
فأما "الهوية الوطنية" فقد فرقت الأمة الإسلامية إلى كيانات جزئية ومجتمعات منفصلة ، وأصبح الفرد في ظلها يعاني من"الاغتراب" و "فقدان الانتماء" للأمة، فانعزل داخل همومه الفردية واهتماماته الذاتية،.. وتـحـولــت المجتمعات الإسلامية إلى "ركام" من الأفراد لا يربطهم خيط جامع.. ووصلت الأمة إلى المعادلة الصعبة: وطن بلا مواطنين ، ومواطنون بلا وطن..
3- التربية الإسلامية الشاملة :
يتأسس بنيان المشروع الحضاري العلماني على شفا جرف هار من مفاهيم الغرب النصراني عن الدين ، والتي تجعل الإسلام مـجـمـوعة من الطقوس والشعائر لا علاقة لها بشأن من شؤون الحياة !!
ومن هنا كان تعامل زعماء العلمانية مع مشاكل الأمة الإسلامية وأزماتها الحضارية، تعاملاً ناقصاً يشوبه الاضطراب والعجز.. وما ذلك إلا لأن هؤلاء الزعماء يحاولون مصالـحـة "كل" أزمات الأمة ومشاكلها بـ "جزء" من الإسلام !!
ومن هنا فإن المشروع الحضاري الإسلامي لا بد أن يكون منهاجاً للتغيير الكامل والجذري، يـقـوم بمجابهة الأزمات الحضارية للأمة والانتكاسات الفردية والاجتماعية عبر "خطاب إســلامي شـامــل" يهتم بالجانب العقدي والتشريعي والسلوكي اهتماماً متوازناً ومتعانقاً ، يعالج السقوط العقائدي والاجتماعي والأخلاقي علاجاً شافياً..
4- إخراج الأمة المسلمة :
وفـي ظـــل عنف الحكام في معاملة خصومهم السياسيين ، وإرهابهم لكل من يعارض أمراً يهمون به . فـي ظل ذلك تخلى أكثر الأمة عن "واجب" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة للحكام ، وآثروا العافية يأساً من الإصلاح ، ورغبة في إصلاح الذات!!
وفي ظل هذا الواقع ، لا بد أن نؤكد أن المسئولية عن الإسلام هي مسئولية كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمــداً رسول الله على تفاوت في الدرجات بتفاوت الاسـتـعـــدادات، والقدرات،والمواقع، والظروف.. وأن العمل الإسلامي هو جهاد "أمة" وليس جهاد "حزب" أو "جماعة" أو "تنظيم" .
ومن هنا فـإن "إخراج الأمة المسلمة" هو العلاج الحاسم ، والوقاية الحقيقية لكل المسلمين من نماذج الأنظـمـة الطاغية التي تُخرجها العلمانية ، والتي يراد بها حرق "المستضعفين" من المسلمين في أتون الظلم والقهر والاستعباد .
5- الطليعة تقود الأمة :
يضع الإسلام لقـيـادة الأمــــة الإسلامية شروطاً دقيقة ومواصفات خاصة . وتؤكد الأصول الإسلامية أن "أولي الأمر" هم "العلماء والأمراء".. بل إن أكثر المفسرين يرون أنهم "العلماء" وحدهم .
ولا شك أن هذا الاهتمام بأمر القيادة في الأمة الإسلامية ، يرجع إلى أن الأمة التي يقودها ويتولى زمام أمورها "فقهاء" و "أولو ألـبـاب" تتقدم وتنتصر ، أما الأمة التي يقودها ويتولى زمام أمورها "خطباء" لا يحسنون إلا الـتلاعب بالمشاعر والعواطف.. فإنها تبقى تتلهى بـ "الأماني" حتى إذا جابهت الأزمات لم "يفقه" حكامها من "الخطباء" ماذا يصنعون ؟ وآل أمرهم إلى الفشل ، وأحلوا أمتهم دار البوار .
ومن هنا فإنه لا سبيل إلى الإحياء الحضاري للأمة الإسلامية إلا أن يوجد في الأمة "فقهاء" يتصفـون بصفات المؤمنين ويتحركــون على أســاس من الوعي يقيم الوحي قرآناً وسنة مع الدراية بشؤون الواقع.. "فقهاء" يتميزون بمنهجيتهم وموضوعيتهم في رؤية حقائق الواقع، ومواجهة تحديات العصر..
ولكي يستطيع هؤلاء الفقهاء حمل رسالة أمتهم وتقديم العطاء الحضاري المنشود ، لا بد أن يكون عـمـلـهـم بـ "روح الـفـريـق" ولا بـد أن تربط بينهم من شبكة من العلاقات العقائدية والاجتماعية خيوطها الإيمان والتكامل والـتـنـاصــر والـجـهــاد فـي سبيل الخروج بالأمة الإسلامية من التبعية إلى الريادة ومن الاستضعاف إلى التمكين .
إن "نواة" الفقهاء التي تتسم بالفاعلية والحيوية ، تجذب إليها "صفوة" الفكر والتجارب ، و "خيرة" القدرات والإمكانات ليتكون من هؤلاء جميعاً "طليعة" قوية قادرة على تحدي كل أعداء الأمة ، ومواجهة جميع أزماتها ، والسير في طريق الإحـيـــاء الحضاري بصبر ودأب ، حتى يأذن الله بالانبعاث الإسلامي المنشود.. وإذن فإن قيادة الطـلـيـعـة المـؤمنة للأمة الإسلامية هو في حقيقة أمره "تشترطه" أسس التغيير ، وتستدعيه متطلبات التمكين.


يتابع ....

الفجر غير متصل قديم 03-08-2002 , 04:55 PM    الرد مع إقتباس
الفجر الفجر غير متصل    
عضو جديد  
المشاركات: 18
#2  

تابع - معالم في طريق التغيير


6- إحياء الفاعلية الإسلامية :

يُقَسِّم المراقبون العالم اليوم إلى "الشمال" تعبيراً عن العالم المتقدم.. و "الجنوب" تعبيراً عن العالم المتخلف..
فأما الأول : فيمثل في الدول المتقدمة ، ويشمل محور اليابان ودول أوربا الغربية وأمريكا الشمالية وحلفاءهم..
وأما الثاني : فيتمثل في بقية دول العالم التي تقع خارج هذه المحاور .
ولا شــك أن السـبـب الأول للهوة الحضارية بين الشمال والجنوب ، أن دول الأول يتميز أفرادها بـ"الفاعلية" والحرص على الوقت، والتوجه بنشاطهم الجاد في سبيل تقدم أمتهم.
أما دول الثاني ، فإن أفرادها يغلب عليهم "انعدام الفاعلية" والنظر إلى الوقت على أنه لا قيمة له ، وتوجه نشاطهم إلى اللغو والحديث غير المنتج .
وكي نوضح ما نقول فإنه من المستحسن أن نتأمل تجربة بلد مثل اليابان.. إن هذه الدولة تعيش في منطقة فقيرة في موادها الخام.. كـمـا أن وضـعـهــا الجغـرافـي لا يجعلها منطقة استراتيجية.. ولكنها مع ذلك تتقدم يوماً بعد يوم ويغزو إنتاجها التكـنـولـوجـي العــالم الغربي.. فما سر ذلك ؟
إن الـســـر يكـمـن فـي أن فاعلية "الإنسان" الياباني أضعاف أضعاف غيره من أفراد الأمم المتخلفة الذين انعدمت فاعليتهم وتوارت جهودهم..
إن المتأمل للنماذج التنموية في الأمة الإسلامية يجد أن الأنظمة العلمانية ترتكز على عنصر رأس المال على أنه الـعـنـصـــر الوحيد القادر على تحيق التقدم.. ولذلك فهي تهمل بناء "الإنسان" لتنفق على بناء "المصانع"!!
ولا شك أن هذه الطريقة فـي البناء الحضاري هي طريقة "العملاء" الذين يحبون أن تظهر أنظمة حكمهم بمظهر التقدم ، فيقيمون المصانع العملاقة ، ثم يستوردون كل معداتها من الدول المتقدمة.. ويستوردون معها "كوادر" العمل في هذه المصانع . فلا يكون لهذه المصانع والمشروعات التنموية - رغم الإنفاق الكثير فيها - أدنى أثر في التقدم الحضاري المادي.. وما ذلك إلا لأن "الإنسان" في كل هذه المشروعات يكون غائباً ، أو على أحسن الأحوال يكون حاضراً ولكنه يعاني من "اللافاعلية"..
7- الريادة البشرية :
يتوقف "وجود" أية أمة في الحياة على حمل هذه الأمة لرسالتها.. فإذا ضعفــت عن حمل هذه الرسالة، انتهى "وجود" الأمة وحل محلها أمة أخرى لا علاقة لها بها، وإن ربطتها بها روابط الدم والأرض واللغة والثقافة..
وهذا هو ما فهمه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من قول الله - عــز وجل- : ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) [ آل عمران 110] ، حيث قال في تفسيرها : لو شاء الله لقال : أنتم ، فكنا كلنا.. ولكن قال: كنتم في خاصة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن صنع صنيعهم ، كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
وإذن فــالأمة الإسلامية إنما تتميز بقيامها برسالتها في الدعوة إلى المعروف وفعل الخـيــر، والنهي عـــن المنكر وجميع الشرور.. فإذا تخلت عن شيء من هذه الرسالة نقصت قيمتها بقدر ذلك.. أما إذا تخلت عن هذه الرسالة بكاملها ، فإن مصيرها هو الاختفاء من الوجود والحياة..
ولا شك أن الأمة الإسلامية لا تستطيع حمل رسالتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا إذا كانت تمتلك "الرادع" للعقل الغريب الذي لم يتخل بعد ، وقد لا يتخلى عن حب العدوان والسيطرة ، لاستعباد الآخرين ، ونهب مقدراتهم ، وإشاعة التخلف في حياتهم..
ومن هنا يبرز "الجهاد" رادعاً للعقل الغريب ومضاعفاته في الفتنة والفساد.. يبرز الجهاد ليعكس مفهـوم "الأمن الإسلامي" الذي يركز على إيصال الرسالة وتبليغها إلى الآخرين في جو من الأمــــن الفكري والمادي والنفسي والشعوري يزيل العوائق التي تحول بين الناس وبهت رؤية الحق على حقيقته ، أو تمنع من تبينه من اتباعه..
وحين تقوم الأمـــــة الإسلامية بهذا الدور ، وتخوض في سبيله الجهاد الشاق ، سيكون "البقاء للأصلح" لا بالمعنى الدارويني الفاسد ، وإنما بالمعنى الرباني : فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)) [الرعد 17] . وسيُخرج الله بهذه الأمة من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.. وستعود الأمة الإسلامية مرة أخرى إلى "الريادة البشرية" .

انتهى .

الهوامش:
1- أخرجه أحمد وأبو داود .


مجلة البيان / المنتدى الإسلامي / العدد ( 61 )

الفجر غير متصل قديم 03-08-2002 , 04:56 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.