عرض مشاركة مفردة
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#5  

ومن تلك القصص الأسطورية قصة الزهرة الممسوخة فقد ذكر في زمن الجاحظ أن الزهرة ( أناهيد ) [ وتسمى نجمة الصبح عند العامة وعشتار لدى بابل ، وفينوس لدى الرومان وعند هذين الشعبين الكثير من القصص عن الزهرة ] امرأة بغي علمت باسم الله الأعظم من بعض الملائكة فكانت تخترق السماء فمسخت نجماً لأجل ذلك واشتهر كذلك سهيل بذلك وربطوا قصة الزهرة بهاروت وماروت ، وقد عرف هذا لدى العرب في الجاهلية وكذلك عرف مثل هذا عند الهند غير أنهم ينسبون هذا إلى عطارد ، وكما ذكر جواد علي في المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام [ ج6 : ص 817 ] :

(( وللعرب أساطير عن الكواكب، من ذلك ما ذكروه من أن "الدبران" خطب "الثريا" وأراد القمر أن يزوجه منها، فامتنعت وأعرضت، وقالت للقمر: ما أصنع بهذا السبروت الذي لا مال له؟ فجمع الدبران قلاصه، ووضعها قدامه، وأخذ يتبعها يريد اقناعها بالزواج منه. ومن ذلك قولهم في "المرزم"، وهو "الشعري"، يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة لحر. تقول العرب: إذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى، وهما الشعريان: "العبور" التي في "الجوزاء" و"الشعرى الغميصاء" التي في الذراع. تزعم العرب أنهما أخت "سهيل". وقد عبدت طائفة من العرب "الشعرى العبور". قالوا: إنها عبرت السماء عرضا، ولم يعبرها عرضا غيرها، فأنزل الله: "وإنه هو رب الشعرى"، وسميت الأخرى "الغميصاء"، لأن العرب قالت في حديثها إنها بكت على أثر العبور حتى غمصت.

وزعموا أن "سهيلا" كان عشّارًا على طريق اليمن ظلوما فمسخه الله كوكبا. وعرف بأنه نجم يماني عند طلوعه تنضج الفواكه وينقضي القيظ .))

وقريب من هذا في القصص الشعبي يذكرون عن المرزم ( الشعرى ) أنه يلاحق الثريا لأن عندها ثأراً وهي تقول له متحدية :

أنا الثريا منك بري ** ما تلحقني يا المسكين

ويرد عليها المرزم مهدداً :

وأنا المرزم ** وازمك زم ** وأخلي قصيبات أمك دم

ويزعمون أيضاً في القصص الشعبي أن الجدي قتل والد بنات نعش وزين لدى الدخيلين فهن يحملن نعش أبيهن ويطاردنه وقد حلفن ألا يدفن أباهن إلا بعد الأخذ بثأره !


****

ومن القصص الخرافية ما ذكره الجاحظ في الحيوان [ ج3 : ص 534 ] عن النساء قال:

(( وأما قول النساء وأشباه النساء في الخفافيش، فإنهم يزعمون أن الخفاش إذا عضَّ الصبي لم ينزع سنه من لحمه حتى يسمع نهيق حمار وحشيٍّ، فما أنسى فزعي من سِنِّ الخفاش، ووحشتي من قربه إيماناً بذلك القول، إلى أن بلغت.
وللنساء وأشباه النساء في هذا وشبهه خرافاتٌ، عسى أن نذكر منها شيئاً إذا بلغنا إلى موضعه إن شاء اللّه.))

وما يشبه هذا في القصص الشعبي عن النساء أن النساء يخفن من طائر كالبومة أو هو البومة وسمونه ( الصَّرَّارَه ) ولكنهن لا ينطقون باسمه ويكنين عنها باسم ( العفنة ) يحكين عنها الأساطير فيقلن أنها كانت امرأة ففقدت لها طفلاً فحلفت أن تفجع كل أم في طفلها وتحولت إلى هذا الطائر وهن في الليل عندما يكن خارج القرف يضعن أطفالهن في المهد ويسمونه ( الحنيّة )

وعن الجن فحدث ولا حرج ففي الجن عرف منذ زمن الجاحظ حديث الغول وتشكلها على أي شكل غير رجلها تكون رجل حمار وقد عرف مثل هذا في الأدب الشعبي ويسمونها ( الدجيرة ) حيث يزعمون عن الدجيرة أنها تتشبه وتتشكل على أي شكل غير أن إحدى رجليها ولعلها اليسرى فتبقى دوما ( رجل حمار ) .

ويعرف عن الدجيرة هذه أنها تقتل من تعترضه بدغدغته حتى الموت ويقال أنه كي تتخلص منها أو تتحكم فيها فعليك بضرب ضلها بسكين أو شيء من هذا على أن لا تضربها مرة أخرى فإنك لا تستطيع قتلها أو السيطرة عليها ، ويقولون انه إن فعلت ذلك وضربتها ضربه فستترجاك كي تطلقها وأنها ستنفذ كل ما تأمر به و وقد وجدت مثل هذا في ما ذكره الجاحظ في الحيوان [ ج6 : ص 233 ] :

(( فإنّ الأعرابَ والعامّة تزعُم أن الغول إذا ضربت ضَربةً ماتت، إلاّ أن يُعيد عليها الضّارب قبل أن تقْضي ضربة أخرى، فإنّه إن فعل ذلك لم تمُتْ، وقال شاعرهم:
فَثنّيتُ والمِقدارُ يحرُسُ أهلَهُ ... فَلَيْتَ يميني قبل ذلك شلّتِ
وأنشد لأبي البلاد الطُّهَويّ:
لهَانَ علَى جهينةً ما أُلاقي ... من الروعاتِ يومَ رحَى بطانِ
لقيتُ الغول تسرِى في ظلامٍ ... بسهبٍ كالعباية صحصحانِ
فقلتُ لها كلانا نقض أرضٍ ... أخُو سفَر فصدِّى عن مَكانى
فصدتْ وانتحيتُ لها بعضبٍ ... حسامٍ غيرِ مؤتشبٍ يمانى
فقدّ سَراتها والبرك منها ... فخرتْ لليدين وللجران
فقالت زدْ فقلتُ رويدَ إنِّى ... على أمثالها ثبتُ الجنانِ
شددتُ عقالها وحططت عنها ... لأنظرَ غدوةً ماذا دهانى
إذا عينان في وجهٍ قبيحٍ ... كوجْه الهرِّ مشقوق اللسانِ
ورجلا مخدجٍ ولسانُ كلبٍ ... وجلدٌمن فراءِ أو سنانِ ))

وشبيه لهذا في خرافات العامة وقصصهم حديثهم عن السعلي أو السعلو فإن ضربته مرة فإنك تسيطر به لدرجه أنه يطلب منك تخليصه ويقولون أنه أن قال لك بعد أن ضربته ضربة واحدة : رد لي ( أي أضربني مرة أخرى ) فقل له : لم تلدني أمي إلا مرة ، وإن قال لك افشحني ( الفشح معناه : القفز ) فقل : رجلي قصيرة ، وإن قال لك : أرجمني ( أو أبصق علي ) فقل له : ريقي ناشف !!!



يتبع ...

الطارق غير متصل قديم 02-07-2007 , 11:34 PM    الرد مع إقتباس