عرض مشاركة مفردة
بو عبدالرحمن بو عبدالرحمن غير متصل    
مبدع متميز  
المشاركات: 5,287
#1  
( بنـــــــــاء الإنســـــــان ... )
كم من مشاريع رائعة فشلت فشلاً مدوياً ، وكم من مصانع أفلست ،
والسبب في هذا وهذا واحد ،
وهو أن الإنسان الذي يقف وراءها ، هو نفسه بحاجة إلى عملية إصلاح ترميم وإعادة بناء ..
فما لم نبدأ بإصلاح الإنسان بادئ ذي بدء ،
فلا أمل يرجى في إصلاح شيء في المجتمع والأمة ..


وهل هناك أصعب من عملية إصلاح الإنسان ؟
بل هل هناك شيء أعظم من هذه المهمة ؟
وهل هناك أشرف من هذه الوظيفة ؟

إن عملية إصلاح إنسان ، تقتضي طرح أفكار من رأسه ،
وخلع معتقدات من قلبه ، وغرس بدائل في نفسه ، ووضع موازين دقيقة في يده .. ونحو هذا
.

والمفتاح الحقيقي لهذه العملية كلها ،
يكمن في إيقاظ ما يسمى بالضمير الفردي وحراسته ،
والسهر عليه حتى لا يغفو ، أو يخضع لنزوة طارئة ، وهو عارض ...


هذه الحقيقة أجملها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في كلمة جامعة مانعة حيث قال :
" ألا وإن في القلب مضغة إذا صلحت ، صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت ، فسد الجسد كله ،
ألا وهي القلب .. "


ولذا قال بعض الربانيين :
إن النجاح في إصلاح القلب ، لهو نجاحٌ في القمة ،
وإن الفشل في إصلاح القلب ، لهو فشلٌ في الصميم .


على ضوء ما يتم من إصلاح لهذا القلب ، تؤتي الشجر أكلها كل حين بإذن ربها ..!

ولكنا نرى للأسف أن جمهرة غفيرة جداً من الناس ،
جعلوا كل اهتمامهم في الاعتناء بأجسادهم وأناقتها ، وتسمينها ،
وأهملوا بالكلية قضية قلوبهم ، فلا عجب إن نرى هذا الإنسان منتفخاً كالبرميل ،
وهو عند التحقيق خاوٍ من داخله !

إن بناء الإنسان لا يمكن أن يستقيم ولا أن يستوي على سوقه يعجب الزراع ،
إلا إذا انصب الاهتمام على تكميل شخصيته عقليا ، وروحيا ، وبدنيا ..


فهل حقاً تسعى مناهجنا التعليمية في الوطن العربي الكبير ، نحو تحقيق هذه الغاية ..؟
أما أنا فأشك ..!!

وإليكم هذا النقل الذي ربما وضح هذه الحقيقة ..
جاء في مجلة الرسالة وقد كانت من أشهر مجلات الوطن العربي في أيامها:

( لقد عجزت مدارسنا عن تنشئة الجيل الذي يكون له مع العلم خُلُق ، ومع العمل ضمير ، ومع الشهادة إرادة ... )

أقول :
إذا كانت هذه الصيحة قد انبعثت منذ أكثر من سبعين سنة ،
فماذا يمكن أن نقول اليوم عما تفرزه مناهجنا التعليمية .. ولا يزال الحبل على الجرار !

ونعود إلى نفس القائل السابق لنسمع ما يقول :
( ليس من شأن المدرسة ولا في مقدورها أن تخرج الطالب عالماً يبتكر ،
وإنما شأنها أو جهدها أن تخرجه متعلماً يقرأ ويبحث ،
فإذا لم تصنع القارئ الباحث ، فإنها لم تصنع شيئا ..)..


وللأسف أيضا ،
أن انحدار مستوى التعليم ، لا يزال يمضي نحو القاع ،!!
وإنك لترى العجب ، كيف أن طلابا وطالبات يصلون إلى المرحلة الثانوية وهم يعجزون عن مجرد القراءة الصحيحة ..!
ناهيك عن الإملاء والتعبير والإبداع ...!!


أما عن تربية الخلق وتقويم السلوك ،
فللأسف لم يعد من ضمن ( أولويات ) مناهجنا التعليمية ،
ولكنه يعتمد أكثر ما يعتمد على إخلاص المعلم في مهنته ..!


وعوداً على بدء نعيد ما قلناه في أول هذا المقال :
.. ما لم نبدأ بإصلاح الإنسان بادئ ذي بدء ،
فلا أمل يرجى في إصلاح شيء في المجتمع والأمة ..


بو عبدالرحمن غير متصل قديم 25-07-2007 , 11:40 AM    الرد مع إقتباس