عرض مشاركة مفردة
شفيق شفيق غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 180
#1  
المرتزقة: الوجه البشع في العراق
كتب فهمي هويدي لحريدة الشرق الأوسط/27-9-2007

إذا صح أن العراق أصبح أحد المراكز الأساسية لنشاط تنظيم القاعدة، فالأصح أنه أصبح أيضاً أهم مناطق جذب مليشيات المرتزقة، علماً بأن الأولين يفدون إلى العراق أملا في الحصول على الشهادة، أما الآخرون فإنهم أصبحوا يتقاطرون عليه تراودهم أحلام الثراء العريض. ورغم أن الطرفين أصبحا من أبرز معالم الكارثة التي حلت بالعراق بعد غزوه، إلا أن الأضواء مسلطة على ممارسات القاعدة، في حين أن ثمة تعتيماً شديداً على ما تفعله مليشيات المرتزقة. ولولا الأزمة التي ظهرت على السطح مؤخراً بسبب قتل بعض عناصر المرتزقة لأحد عشر مدنياً عراقياً دفعة واحدة، لظل الملف مسكوتاً عنه، ولاستمرت الجرائم البشعة التي يرتكبها أولئك المرتزقة خارج دائرة الضوء والاهتمام.

في الأسبوع الماضي وقعت الحكومة في حرج لأن بعض المرتزقة الذين يتبعون شركة «بلاك ووتر»، ويتولون حراسة الدبلوماسيين الأمريكيين، أطلقوا النار على 11 مواطناً عراقياً وقتلوهم جميعاً، لمجرد الاشتباه بهم أثناء حراستهم لموكب واحد من أولئك الدبلوماسيين، بينما كان يمر بالقرب من ساحة النسور غربي بغداد. كان الحادث صادماً وفجاً للغاية، لأن عملية القتل تمت باستهانة شديدة، حيث عومل العراقيون في هذه الواقعة وكأنهم مجموعة من الحشرات لا بد من التخلص منها ليمر موكبه دون معوقات. وكما نشر على لسان احد العراقيين الذين شاهدوا الحادث، فلو أن هؤلاء كانوا خرافاً أو كلاباً ضالة اعترضت الطريق لما أطلق عليهم الرصاص وأبيدوا بالصورة التي تمت. ولكن لأن حياة العراقيين في نظر هذه المليشيات أرخص من أي شيء، فإن المرتزقة لم يترددوا في إطلاق النار عليهم وقتلهم بدم بارد لمجرد إفساح الطريق لموكب الدبلوماسي الأمريكي.

حين ذاع الخبر وجد رئيس الحكومة نفسه في مأزق، دفعه إلى التصريح بأنه تقرر إنهاء عقد شركة بلاك ووتر التي يفترض أنها شركة أمريكية تعمل في مجال الخدمات الأمنية. وأعلن رسمياً أنه طلب من رجالها مغادرة البلاد حتى إشعار آخر. لكنه لم يكن بمقدوره أن ينفذ شيئاً مما تحدث عنه، لأن الشركة في موقف أقوى منه، وهي التي جاءت بناء على اتفاق مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ومن مهامها حراسة الدبلوماسيين الأمريكيين والمنطقة الخضراء. لذلك فإنه لم يكد يمر يومان حتى قيل إن عناصر الشركة عادوا لمزاولة مهامهم في بغداد، ولتغطية هذا التراجع قيل إن الحكومة تدرس وضع ضوابط لعمل المرتزقة في البلاد.

ورغم أن الأزمة هدأت تقريباً، إلا أن حادث قتل الأحد عشر عراقياً استدعى إلى دائرة الضوء ملف شركة بلاك ووتر، والشركات المماثلة الأخرى، خصوصاً أن بعض المعلومات المثيرة تكشفت أثناء الغضب الذي أعلنه رئيس الوزراء العراقي. فقد تبين مثلاً أن شركة بلاك ووتر تعمل في العراق بلا عقد يمكن للحكومة إلغاءه. وتبين أيضاً أن هذه الشركات جميعاً لها حصانة تحول دون محاسبتها أمام القضاء العراقي، وأن أول حاكم مدني أمريكي للعراق «بول بريمر» أصدر قراراً بهذا المعنى في عام 2003. تبين أيضاً أن الشركة وهي تعمل في العراق المستباح استوردت كماً هائلاً من الأسلحة التي شملت أجهزة للرؤية الليلية والمدرعات، وباعتها في السوق السوداء. وأن رجالها لم يكتفوا بدورهم في الحراسة، ولكنهم اشتركوا في عمليات النهب والسلب، وكونوا عصابات للجريمة المنظمة، وهي الأمور التي تكشفت أثناء التحقيقات التي تجريها السلطات الأمريكية، ليس غيرة على دماء العراقيين وأعراضهم وأموالهم بطبيعة الحال، وإنما للتثبت من مدى التزام الشركة ببنود العقد الموقع مع البنتاغون.

لم يكن ما جرى في ساحة النسور البغدادية هو الحادث الأول من نوعه، الذي قامت فيه عناصر بلاك ووتر بقتل مدنيين عراقيين أبرياء من دون مبرر، ولكنه كان الحادث السادس كما ذكرت بعض الصحف العراقية المعارضة للاحتلال. وهي الصحف التي فتحت بهذه المناسبة ملف جيوش المرتزقة التي أصبحت ترتع في أنحاء البلاد وأطلقت يدها في البلد حيث استباحت كل شيء. وفي ظل الحصانة فإنها ظلت دائماً فوق القانون وفوق أي حساب. (حين فتح الملف ظهرت معالم تلك الصفحة البشعة في سجل الاحتلال. وعرفنا أن مليشيات المرتزقة تقاطرت على العراق من كل صوب بعد الغزو، تحت عنوان مستتر هو «شركات الخدمات الأمنية». ويقدر عددها الآن بحوالي 50 شركة تضم 40 ألف مقاتل، يتقاضى الواحد منهم في اليوم الواحد ما بين ألف وألفين من الدولارات، الأمر الذي يكلف الخزانة العراقية ملايين الدولارات. (العقد الذي أبرمه بول بريمر في عام 2003 مع شركة بلاك ووتر لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين كانت قيمته مائة مليون دولار).

شفيق غير متصل قديم 16-10-2007 , 06:16 AM    الرد مع إقتباس