عرض مشاركة مفردة
تاج الوقار تاج الوقار غير متصل    
عضو نشيط  
المشاركات: 90
#1  
{ ربيع القلوب } ..~ سلسلة ربيع القلوب




[ شهرُ رمضانَ الذي أُنْزِلَ فيهِ القُرآنُ هدًى للنّاسِ و بيِّناتٍ من الهُدى و الفُرقان ]


رمضانُ موسمُ خيرٍ ، و مُعلمُ بِرّ ، و شاحِذُ همّة ، و راسمُ طريقِ أمّة ، هُوَ زينُ الزمانِ ،
و بِشرُ الأوانِ ، و مُلتقى العباداتِ ، و مجمع الخيراتِ .

فَدَيْتُكَ زائراً في كُلِّ عامٍ ××× تُحَيّا بالسّلامةِ و السّلامِ
و تُقبِلُ كالغمامِ يَفيضُ حيناً ××× و يبقى بعْدَهُ أثَرُ الغَمامِ
و كم في النّاسِ من كَلَفٍ مَشوقٍ ××× إليكَ و كمْ شَجِيٍّ مُستهامِ
بَني الإسلامِ هذا خيرُ ضيفٍ ××× إذا عشى الكريمُ ذُرا الكِرامِ





شاءتْ إرادةُ اللهِ أنْ تتّصِلَ فيهِ الأرضُ بالسّماءِ ، فيَبزُغَ الإسلامُ فجراً ، و تضعَ السّماءُ
للأرضِ دُستوراً

[ لا يَأتيهِ الباطِلُ منْ بينِ يديهِ و لا من خَلفهِ تنزيلٌ منْ حكيمٍ حَميد ] ...
إنّهُ القرآنُ الكريمُ الذي نزلَ للنّاسِ هُدًى و بيّناتٍ من الهُدى و الفُرقان .
و حسبُ رمضانَ أنَّ من لياليهِ ليلةُ القّدْرِ ، فأعظمْ بها من ليلةٍ هيَ خيرٌ من ألفِ شهرٍ ،
تَغْشى فيها أجنحةُ الملائكةِ العبادَ منَ القائمينَ و الذّاكرينَ و الرّكّعِ السّجود ، حتّى مطلع
الفجرِ و حضورِ القرآنِ المشهود.
يقول ابنُ الجوزيّ في شأنه : " مثَلُ الشهورِ الإثنى عشرَ كمثلِ يعقوبَ و أولادهِ ، فكما
أنّ يوسُفَ أحبُّ أولادهِ إليهِ ... كذلكَ رمضانُ أحبُّ الشّهورِ إلى اللهِ "
الصيامُ أبرزُ عناوينِ رمضانَ ، إنهُ انقباضٌ في الأمعاءِ ، و فُسحةٌ في الروحِ و الفُؤادِ
الإمساكُ حصارٌ لبواعثِ كلَ شهوةٍ و سَدُّ لنافذةِ كلِّ فتنةٍ ، و رُقيٌّ بالنّفسِ و سُمُوّ بها
إلى منازلِ السابقينَ .
قال شوقي : " الصّيامُ حِرمانٌ مَشروعٌ ، و تأديبٌ بالجوعِ ، و خُشوعٌ للهِ و خضوع ،
و لكلّ فريضةٍ حِكمَةٌ ، و هذا الحكمُ ظاهرهُ العذابُ ، و باطنهُ الرحمةُ ، و يستثيرُ الشفقة ،
و يَحُضُّ على الصّدقةِ ، و يكسرُ الكبرَ ، و يعلمُ الصبرَ ، و يسن خلالَ البِرّ ، حَتّى إذا جاعَ
منْ ألِفَ الشِّبَعَ ، و حُرمَ المُترفُ أسبابَ المُتع ، عرفَ الحرمانَ كيفَ يقع ، و الجوع كيف آلمهُ
إذا لذعَ "
و لقدْ أحسنَ الوصفَ رحمهُ اللهُ ، فالصّيامُ عاطفةُ تراحمٍ و حِكمةُ تسامحٍ ، و مِسطرةُ مساواةٍ
بينَ الغنيّ و الفقير ، و الصغيرِ و الكبير .





و مواكبةً للاستعدادِ الذي يشهدُهُ العالمُ الإسلاميُّ احتِفاءً بحلولِ هذا الضيفِ العزيزِ على القلوبِ
آثرتْ حملةُ الفضيلةِ إلا أن تُشاركَ قرّاءها الكرامَ هذه الاستِعْداداتِ المنشودة في هذه الأيام المعدودة
و ذلك عبر سلسلة علمية دعوية تُجَلّي من خلالها الحكمةَ من الصّيامِ ، إذِ الاقتصارُ على شِبَع ِ
البطنِ و الفرج ليسَ بسبيل المُحسنينَ و لا بمُبتغى السابقين ...
كما قال القائلُ :

إذا لـمْ يكـنْ فـي السّـمـعِ منّـي تصـامُمٌ ××× و في مُقلتِي غّضٌّ و في منطقي صمتُ
فحظّي إذن من صَومِيَ الجوعُ و الظما ××× و إنْ قلتُ صُمتُ يوما فما صمتُ

و إنّما رمضانُ أجلّ من ذلكَ و أعظمُ ، إنّهُ تَشَوُّفٌ للعِتقِ و سعيٌ للتي هيَ أقومُ .






' ربيعُ القُلوبِ '
سلسلتنا المنشودةُ نُعالجُ من خلالها حالنا معَ القُرآن حفظاً و تلاوة ،
و تَدَبّراً و رعايةً ، و نَنصحُ فيهِ للنّاهلينَ من معينهِ و المُغترفينَ من سلسبيلهِ سُبُلَ تأمّلهِ
و التّأثرَ به ، و بواعِثَ فهمهِ و العملَ به ، حتّى ننطوي في سلكِ السّائرينَ المُقتفينَ أثرَ
الصّحبِ و التّابعين .

شهرُ الصّيامِ غداً مُواجهنا ××× فليَعْقِبنَّ رعِيّةَ النَُسْكِ
أيّـامهُ كونــي سنـينَ و لا ××× تُفَنّيْ فلستُ بسائمٍ منكِ


و صلى الله على خير من صلّى و زكّى و صام ، و حجّ و جاهدَ و قام .


تاج الوقار غير متصل قديم 05-08-2011 , 09:54 PM    الرد مع إقتباس