|
|
عضو جديد
|
|
المشاركات: 73
|
#9
|
5ـ السلفية الجهادية ( الجزء الأول )
تسببت عدة عوامل رئيسية في تشكل الفكر السلفي الجهادي بالشكل الذي هو عليه الآن و منها :
1- سقوط الخلافة الإسلامية :
و هو ما أدى إلى تفرق الأمة و ضعفها و تشرذمها ، و جعلها صيداً ثميناً و سهلاً ، فلو كانت الأمة الإسلامية قاطبة تحظى بدولة كبيرة تحتضن جميع المسلمين و تمتلك جميع ثرواتهم و تبسط جسدها بالكامل على الرقعة الجغرافية التي يقطنوها لشكلت أقوى قوة اقتصادية على وجه الأرض ، و بالتالي ستكون قوة عسكرية ضخمة أيضاً ، لأن القوة العسكرية ترتكز أولاً و أخيراً على الاقتصاد .
2ـ أن الأمة الإسلامية تتعرض لحملات ( صهيوصليبية ـ وثنية ) تريد أن تدنس دينها و تشوه هويتها و تسرق خيراتها و لو عن طريق قتل أبنائها و رجالها و نسائها و اغتصابهم و تخويفهم و تجهيلهم و ظلمهم ..!! .
3ـ أن الأنظمة لا تقوم بدورها و لا تتحمل مسؤولياتها في صد هذه الأطماع و المخططات ، كما أنها لا تحكم شريعة الله .
4ـ أن جماعة الأخوان المسلمين تخلت عن العمل المسلح .
5ـ أنها صدرت عن علماء السلفية التقليدية فتاوى لم توافق رؤيتهم ، كالاستعانة بالأمريكان على العراق في حرب الخليج الثانية ، و الصلح مع اليهود ، و غيرها كثير من الفتاوى التي لم تكن للتواءم مع رؤية السلفية الجهادية ، بالإضافة أن السلفية التقليدية لا تحمل مشروعاً عملياً يرفع حالة الذل و يوقف مخططات الأعداء و أطماعهم .
و كانت نتاج لتزاوج أطروحات المفكر الإسلامي ( سيد قطب ) مع الفكر السلفي التقليدي ، و بعد عدة تجارب مسلحة ضد الإتحاد السوفيتي و بعض الأنظمة قررت بعض الجماعات أن تتحالف لتشكل الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود و الصليبيين ، و التي أصبحت تسمى لاحقاً بتنظيم القاعدة ، و إن كان مسمى ( القاعدة ) له جذور تمتد إلى الثمانينات ، ولكنه لم يكن يحظى بهذه التركيبة ، و لا بتلك الأيديولوجية العالمية .
و على كل حال أنا لست بصدد قراءة تأريخ هذه الفكرة و إنما قراءة المشروع الذي ترمي إليه ، خاصة أنها الجبهة الإسلامية السنية العالمية الوحيدة التي تتبنى فكرة العمل المسلح ، و خاصة بعد أن أضحت السلفية الجهادية أحد أهم اللاعبين المهمين على الساحة السياسية الدولية ، كما أني لست بصدد قراءة البعد الشرعي لكل تلك الأعمال و الأحداث التي كانت تقف خلفها السلفية الجهادية و إنما البعد السياسي .
ما أريد أن أنبه إليه أن الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله أهدر فرصة تاريخية و هي ( أحداث الحادي عشر من سبتمبر ) و التي أكسبته زخماً شعبياً كبيراً حتى بات سكان الأرض قاطبة على استعداد تام لأن يفهموا موقفه ـ فوت الفرصة ـ في فضح مؤامرات الأنظمة العربية و تبعيتها المطلقة للمشروع الأمريكي ، و أولى اهتمامه للظلم الأمريكي على الأمة الإسلامية و إن كان قد أشار إلى تلك النظم لكنه قطعاً لم يحسن استغلال تلك الفرصة بالشكل الذي يجعل الكثير من الشعوب المسلمة تتبنى رأيه حول تلك الأنظمة .
على كل حال وجدت السلفية الجهادية و على رأسها تنظيم القاعدة أن الشعوب تتعاطف معها كثيراً لأنها تمثل جبهة ممانعة قوية و مسلحة أمام الطموح و الأطماع الإمبريالية و الظلم الصهيوصليبي الممعن في طغيانه ، و لكنها و للأسف لم تستفد من التجربة الإيرانية في الثمانينات ، و لا حتى من تجربتها هي في مصر و الجزائر و السعودية ، و لم تفهم أن التفجيرات و العمليات داخل البلدان العربية و الإسلامية سيسلبها الكثير من ذلك الوميض و التوهج و النجومية التي كانت أحوج إليها من غيرها لأنها لا تحظى بأي دعم رسمي و إنما شعبي ، و لأن الشعوب العربية غالباً ليست مسيّسة و لا متدينة بالشكل الذي يجعلها تفهم أبعاد تلك العمليات و مقاصدها ، و لم تفك ارتباطها بالعلماء الرسميين بعد ، و لأنها أعطت فرصة لتلك الأنظمة أن تستغل تلك العمليات و توعز لإعلامها بتشويه الفكر السلفي الجهادي من جهة و نشر الفكر الليبرالي من جهة أخرى ، بغض النظر عن الأهداف الحميدة التي كانت تسعى لها ، و بغض النظر عن البعد الشرعي لمثل تلك الأعمال ، و لكنها قطعاً فقدت الكثير من شعبيتها بسبب تلك الأعمال التي كشفت لنا الأيام أنها لم تحقق أي مصلحة كبيرة يشار لها بالبنان سوى خروج الجيش الأمريكي من قاعدة الخرج و توجهه إلى قاعدة العيديد ..!! ، أو سوى إسقاط العلم الأمريكي من على القنصلية الأمريكية في جدة و الذي أعيد رفعه من جديد ..!! ، أو قتل بعض الأمريكان و الذين تم استبدالهم بآخرين ..!!
ثم أُدخلت القاعدة رغماً عنها في الحرب الطائفية في العراق بعد عمليات فرق الموت و فيلق بدر و غيرها من الميليشيات الشيعية ، و لم يكن من المصلحة في شيء أن يقوم الشيخ الزرقاوي رحمه الله رحمة واسعة بتلك التصريحات االطائفية لواضحة خاصة إذا عرفنا أن هناك من الفصائل السنية من يدافع عن أهل السنة في العراق و يوجه سلاحه للشيعة و لكنه لا يتبنى عملياته كما كان يفعل الشيخ ، و هذا بالضبط ما تقوم به الميليشيات الشيعية ، فهي تقتل أهل السنة و تتبرأ من فعلتها ، لأنها تدرك أن لتبني تلك العمليات أبعاداً خطيرة تضر بمشروعها السياسي ، و هو ما فات على الشيخ الزرقاوي رحمه الله بعد أن حاول الشيخ أبو محمد المقدسي ـ فك الله أسره ـ أن ينبهه له في المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة معه ، و اعتراف الشيخ الزرقاوي رحمه الله بالعمليات و تبنيها مهد الطريق للإعلام المتأمرك بأن يلصق جميع العمليات ضد المدنيين بتنظيم الشيخ الزرقاوي بما فيها تلك الجرائم التي قامت بها الفرق الشيعية ، حتى أضحت الصورة لدى المسلمين أن كل مدني يقتل في العراق يكون خلف مقتله الشيخ الزرقاوي ..!! ، و هذا الأمر تسبب كثيراً في الإساءة لصورة الشيخ رحمه الله و من خلفه تنظيم القاعدة و السلفية الجهادية .
للحديث بقية بإذن الله .
|
|
09-08-2006 , 08:56 AM
|
الرد مع إقتباس
|