عرض مشاركة مفردة
مدثر مدثر غير متصل    
عضو جديد  
المشاركات: 73
#7  





4- عمالة حزب الله ! ، الوعد الصادق ، حرب النفوذ الداخلية ، و أشياء أخرى ..


كما لا يجب أن تدفعنا عواطفنا لتبني موقف حزب الله من غير إلمام بالأجندة التي يعمل لصالحها و يتبناها فإنه يجب أن لا تدفعنا عواطفنا أيضاً لمحاولة إلصاق التهم جزافاً بالحزب من مبدأ العدل و إحقاقاً الحق و تجلية الحقيقة ، فلا توجد قرينة واحدة تدل على أن حزب الله أو أي محلل سياسي أو عسكري كان يتوقع مثل هذا الرد العسكري الضخم على عملية الوعد الصادق ، و الواضح للعيان أن إسرائيل لن تزج بجيشها في معركة خطيرة كتلك التي دخلتها ـ مع حزب يعتمد في مجابهته لها على ( حرب العصابات ) بشكل أساسي ـ من اجل جنديين إسرائيليين تم اختطافهما على يد أتباع الحزب ، و الأرجح أن إسرائيل كانت تعد لخطة عدوانية على لبنان و سنحت لها الفرصة بعد عملية الوعد الصادق ، و ربما يفسر إصرار أمريكا على تمديد حالة إطلاق النار و إمداد إسرائيل بالصواريخ رغبتها في دخول حرب باردة مع إيران ، و ربما كانت عملية كتائب الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ في العراق ـ و هي كتائب شيعية ـ رسالة تذكر أمريكا بأن إيران لا زالت تمتلك ورقة المقاومة الشيعة في العراق .


إذاً الحزب ليس عميلاً لا لأمريكا و لا لإسرائيل ، و علينا أن نتجاوز مثل هذه التحليلات الساذجة و العقيمة لأنها تفوت علينا فرصة فهم حقيقة المشروع الإيراني من جهة و تقطع علينا طريق الإستفادة من تقاطع مصالحنا مع مصالح هذا المشروع في ضرب المشروع الصهيوصليبي الذي يشكل أكبر خطر على المنطقة من جهة أخرى ، و حماية الحدود الشمالية لإسرائيل التي صرح بها الأمين العام الأسبق للحزب صبحي الطفيلي على قناة العربية لم تأت على الأرجح إلا في إطار صفقة الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000 م ، و هذا يكرس القناعة التي تقول بأن حزب الله لا يسعى لتحرير كامل التراب الفلسطيني و إنما الهدف الأول للحزب هو إقامة الدولة الإمامية في لبنان على غرار إيران .


و قد تم اختيار هذا الوقت المهم جداً لتنفيذ عملية الوعد الصادق و الذي أعطى زخماً شعبياً إسلامياً للحزب لأنه جاء بعد عملية ( الوهم المتبدد ) التي أسرت فيها عدة فصائل فلسطينية مقاومة و منها الفصيل الجديد ( جيش الإسلام ) ـ و هو فصيل صاحب أيديولوجية سلفية جهادية على الأرجح ـ جندياً إسرائيلياً ، و أحتدم فيها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، مما أعطى إشارة للشعب المسلم على اختلاف مشاربه أن الحزب يسعى لتخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية ، و قد حقق به الحزب ما كان يصبو إليه ، مما يدلنا على دهاء القائمين على هذا الحزب و حنكتهم السياسية ، لأنهم استطاعوا أن يحققوا الكثير من الأهداف بسبب التوفيق في اختيار الوقت الملائم للعملية ، فقد خففوا بالفعل وطأة الضغط على الفلسطينيين على الأقل سياسياً مما أكسبهم زخماً شعبياً عريضاً ، و شرعية أوسع ، و مهد الطريق أمام المشروع الإيراني للتبشير بمذهبه من جهة و الترويج لمشروعه من جهة أخرى ، و غطى على المجازر التي تقوم بها الميليشيات الشيعية في العراق ، كما أن الاختيار الموفق للتوقيت ساهم في تخفيف الضغوط الدولية على كل من سوريا بشأن التحقيق الدولي في اغتيال الحريري و إيران بشأن ملفها النووي ، أما على الجبهة الداخلية فقد كان رداً عملياً قوياً من شأنه إسكات كل من ينادي بنزع سلاح الحزب ، فتمكن الحزب عملياً من التغلب على تجمع ( 14 آذار ) بفضل هذه العملية ، و الحقيقة أن هدف الحزب المعلن و هو تحرير الأسرى يقبع أيضاً على أجندة الحزب لأن الحقائق تذكر بأن الحزب يهتم كثيراً برعاياه و مناصريه و لا أدل على ذلك من الخدمات المدنية الكبيرة التي قدمها للطائفة في لبنان بعد البؤس الذي كانت تمر به على مدى قرون و أخرجها من حالة التشرذم و التفكك و الضعف حتى أوصلها إلى مصاف الوحدة و القوة و الشرف ، و أولى رعاية خاصة بأسر الشهداء ـ على حسب الحزب ـ الذين سقطوا في جبهات النزاع مع إسرائيل و الجرحى من صفوف الطائفة .



و لا شك أن الحزب حتى الآن لا زال يعد الطرف المنتصر في الحرب لأن الأهداف التي حددتها إسرائيل لعمليتها لم يتحقق منها شيء ، و لن يتحقق منها أهمها و هو تدمير الترسانة العسكرية لحزب الله ، لأن التأريخ لم يذكر لنا ـ و لو في مرة واحدة ـ أن جيشاً نظامياً استطاع أن يتغلب على قوى شعبية تعتمد ( حرب العصابات ) و تحظى بشعبية عالية و عمق مناصر في مناطق النزاع ، و يبدو أن ضرب البنى التحتية للبنان و المجازر التي بدأت إسرائيل بتنفيذها ـ كمجزرة قانا الأخيرة و غيرها كثير ـ محاولة لتشكيل جبهة شعبية لمطالبة حزب الله بتسليم الأسيرين و إنهاء حالة الحرب ، و العزف على الوتر الرنان بأن حزب الله قد تسبب بشكل أو بآخر في تلك المجازر ، و لكن يبدو أيضاً أن تجمع ( 14 آذار ) لا يزال يخشى من أن يتهم بالخيانة ، و إن كان الحريري هو الأقرب لمثل هذه التصريحات من جعجع أو جنبلاط ، و هذه قرينة على أن إسرائيل قريباً ستوسع عملياتها و تفتح طرقاً للدبلوماسية ، لأنها حتى الآن لازالت تقف عاجزة عن تحقيق أي مكسب سياسي من خلال عملياتها العسكرية .



و لا بد لنا أن نذكر في هذا السياق بأن تحقيق حزب الله لنصر مؤزر على إسرائيل يهدد المنطقة بانتشار المد الشيعي ، لأن الفكر المحرك للطرف المنتصر سرعان ما ينتشر في الأوساط التي كانت تؤيده و لا تتبناه ، كانتشار المد القومي بعد تأميم قناة السويس ، أو انتشار المد السلفي الجهادي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، أو انتشار المد الليبرالي بعد سقوط بغداد .


و على الأرجح فإن إسرائيل سترضخ لمطالب حزب الله و لو بعد حين ، و لكن عمليات التدمير الواسعة التي طالت البنى التحتية للدولة و أوقعت الكثير من المجازر ستجعل الحزب يفكر مليون مرة قبل أن يقدم على أسر جنود إسرائيليين في المرة القادمة خاصة أن إيران ستدفع ثمن إعادة بناء الجنوب اللبناني باهظاً ، و لكن لعل الأهداف التي حققتها إيران و ربيبها حزب الله كانت تستحق قدراً كبيراً من تلك الخسارة المادية ..!!


للحديث بإذن الله بقية .



مدثر غير متصل قديم 08-08-2006 , 02:00 PM    الرد مع إقتباس