عرض مشاركة مفردة
ابو عمر الفاروق ابو عمر الفاروق غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 170
#3  
طيب ننتقل إلىالشبهه وهي قولهم : ( لا جهاد إلا بإمام ) ؟!
وهي شبهة أوحى بها الشيطان للمخذلين والمثبطين عن الجهاد في هذا الزمان. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} .

ولا يخفى أن إشتراط الإمام لا يكون إلا في جهاد الطلب فقط كما ذكرنا سابقاً ولا أذكر أن أحداً من أهل العلم اشترط الإمام أيضاً في جهاد الدفع .. لكن في هذه الأيام سمعنا بعض الرويبضة يشترطون ذلك ويصرحون به في بعض مجالسهم هداهم الله !!

فلا أدري ما قولهم لو علموا أنه حتى في جهاد الطلب قال بعض العلماء يكره وبعضهم قال يحرم الغزو بدون استئذان ولي الأمر إلا في ثلاث حالات :-

الأولى: إذا عطل الإمام الجهاد.. لا يريد أن يجاهد.. هذا لا يستأذن.
ثانيا : إذا فوت الإستئذان المقصود, ..............................
ثالثا : إذا علمنا أن الإمام لا يقبل ولا يأذن .

ولا أدري ما سيكون رأيهم أيضا لو علموا أنه إذا عُدم الإمام أو غاب أنه يجب على المسلمين أن يؤمروا أحدهم عليهم للجهاد في غيابه أو عدمه ، وهذا قول البخاري . وقول ابن حجر والطحاوي وابن المنيّر وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وأقوالهم مثبتة وعمدة هذه المسألة هو حديث غزوة مؤتة حيث أمَّر الصحابة خالدا عليهم لما قُتِل أمراؤهم وهم في غيبة عن الإمام (النبي صلى الله عليه وسلم ) فرَضِيَ النبي صلى الله عليه وسلم صنيعهم هذا. وهناك شبهة تثار حول الاستدلال بهذا الحديث وهو أنه في مؤتة كان الإمام غائبا أما الآن فهو معدوم؟ وسأرد على هذه الشبهة أيضا فيما يأتي إن شاء الله.

روى البخاري بسنده عن أنس t: قال خَطَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح الله عليه، وما يسرهم أنهم عندنا» قال أنس (وإن عينه لتَذْرِفان) ، وفي رواية أخرى للبخاري عن أنس «حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم» .

قال ابن حجر ـ لما قُتِل ابن رواحة ـ [ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم الأنصاري، فقال اصطَلِحوا على رجل، فقالوا: أنت لها، فقال: لا، فاصطلحوا على خالد بن الوليد وروى الطبراني من حديث أبي اليسر الأنصاري قال: أنا دفعت الراية إلى ثابت بن أقرم لما أصيب عبد الله بن رواحة، فدفعها إلى خالد بن الوليد، وقال له أنت أعلم بالقتال مني] .

وقال ابن حجر أيضا: وفيه جواز التأمر في الحرب بغير تأمير ـ أي بغير نص من الإمام ـ، قال الطحاوي: [هذا أصل يؤخذ منه على المسلمين أن يقدموا رجلا إذا غاب الإمام يقوم مقامه إلى أن يحضر] . وقال ابن حجر كذلك: قال ابن المنيَّر: [يؤخذ من حديث الباب أن من تعيّن لولاية وتعذرت مراجعة الإمام أن الولاية تثبت لذلك المعيَّن شرعا وتجب طاعته حكما] كذا قال، ولا يخفى أن محله ما إذا اتفق الحاضرون عليه .

وقال ابن قدامة الحنبلي: [فإن عدم الإمام لم يُؤخَر الجهاد-أي جهاد الطلب- لأن مصلحته تفوت بتأخيره وإن حصلت غنيمة قسمها أهلها على موجب الشرع، قال القاضي ويؤخر قسمة الإمام حتى يظهر إمام احتياطا للفروج، فإن بعث الإمام جيشا وأَمَّر عليهم أميرا فقُتل أو مات، فللجيش أن يؤمروا أحدهم كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في جيش مؤتة لما قتل أمراؤهم الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أمَّروا عليهم خالد بن الوليد، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فرَضِيَ أَمرهم وصَوَّبَ رأيهم، وسمى خالدا “سيف الله” ].

وهناك دليل آخر، وهو حديث عبادة بن الصامت «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» . وقد رأينا !!
فنحن نسأل أصحاب هذه الشبهة كيف يُقاتِل المسلمون في هذه الحالة حيث لا إمام؟

والرد الشرعي هو أن يفعلوا كما فعل الصحابة في مؤتة فيؤمروا أحدهم.
ثم أن هذه الشبهة هي من صميم اعتقاد الشيعة فقد وَرَدَ في العقيدة الطحاوية [(والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين....) قال الشارح: يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على الرافضة حيث قالوا: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج الرضا من آل محمد، وينادي مناد من السماء: اتبعوه!! وبطلان هذا القول أظهر من أن يستدل عليه بدليل] . ومع أن الشيعة خالفوا هذه العقيدة مع بَدء ثورة الخميني وهذا من أظهر الأدلة على فساد هذا الاعتقاد الذي مازال مكتوبا في كتبهم، فالعجيب هو أن تعلق هذه الشبهة ببعض المنتسبين إلى أهل السنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لن يبرح هذا الدين قائما يُقاتِل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة» .

أليس «لن يبرح، ولا تزال» أفعال تفيد الاستمرار؟، أي استمرار القتال على الدين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أنه سيأتي على المسلمين زمان لا يكون لهم فيه إمام، ومع ذلك فقد نص صلى الله عليه وسلم على استمرار القتال. فالجهاد في سبيل الله لا يتوقف بسبب غياب الإمام، بل يؤمِّر المسلمون أحدَهم كما في حديث مؤتة، بل إن غياب الإمام هو من دوافع الجهاد لِنُصْبَة الإمام الذي يقيم الشريعة ويحوط الملة، وعلى كل مسلم في هذه الحالة أن يعتصم بهذه العصابة المذكورة في حديث جابر بن سَمُرة وهي الطائفة المنصورة.
وقد يظن البعض أنه لم يكن المسلمون بلا خليفة إلا في زماننا هذا، وهذا خطأ، بل قد مرت على المسلمين أزمنة لم يكن لهم فيها خليفة، ومن أشهر تلك الأزمنة السنوات الثلاث من عام 656 هـ (وفيها قَتَلَ التتار الخليفة العباس المستعصم ببغداد) إلى عام 659 هـ (وفيها بويع أول خليفة عباسي بمصر) ، ورغم انعدام الإمام إذ ذاك فقد خاض المسلمون معركة هي من مفاخر المسلمين إلى اليوم وهي معركة عين جالوت ضد التتار وكانت في عام 658 هـ، حدث هذا في توافر أكابر العلماء كعز الدين بن عبد السلام وغيره ـ ولم يقل أحد كيف نجاهد وليس لنا خليفة أو إمام ؟، بل إن قائد المسلمين في هذه المعركة (سيف الدين قطز) كان قد نَصَبَ نفسه بنفسه سلطانا على مصر بعد أن عزل ابن أستاذه من السلطنة لكونه صبيا صغيرا، ورضي بذلك القضاة والعلماء وبايعوا قطزا سلطانا، وعَدَّ ابن كثير فعل قطز هذا نعمة من الله على المسلمين إذ ـ به ـ كسرَ الله شوكةَ التتار ، كما عد ابن تيمية هذه الطوائف التي قاتلت التتار في تلك الأزمنة من الطائفة المنصورة، فقال (أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام وهم من أحق الناس دخولا في الطائفة المنصورة) .
وهذه القصة، من سيرة السلف الصالح فيها رد على شبهة (لا جهاد بلا إمام) بالإضافة إلى الأدلة النَّصَّية وهي حديث غزوة مؤتة وحديث عبادة بن الصامت فيما إذا كفر الإمام.

وهذه الشبهات سنة قدرية كانت ومازالت ولن تزال طالما وُجِدت طائفة مجاهدة قائمة بأمر الله ـ وهي باقية إلى نزول عيسى u ـ قال صلى الله عليه وسلم : «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس » ، وقال تعالى: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} . وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم المجاهدين بالظهور بأن المخذلين والمخالفين لن يضروهم، وإنما هي فتن تتميز بها الصفوف.


وأخيراً أحب أن أقدم نصيحة لإخواني أقول فيها .. إن الذين يجادلون الآن في حكم الجهاد هؤلاء كثير منهم إما جهلة وإما مغرضون, وأولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم, إن الذين يجادلون في حكم الجهاد الآن وهم قاعدون لا يتعدى عملهم التقلب بين ألوان النعيم, والنوم على الفراش الوثير, ولا يستيقظون إلا على البخور, ولا ينامون إلا على العطور ولا يتعدى عملهم كذلك إلا النظرة في الكتاب وياليتهم حتى نظروا في الكتاب طلبة للحق ولو كان كذلك لظهر لهم الحق الذي لامرية فيه , ومع ذلك يتكلمون في الجهاد ويقلون لا يوجد الأن جهاد أو أن الجهاد الأن فرض كفاية ..
هؤلاء كما يقول ابن تيمية: ( لا يجوز الجلوس معهم ) .
يقول ابن تيمية في الجزء الخامس عشر: ( فالزناة واللوطية وتاركوا الجهاد والمبتدعة وشربة الخمر, هؤلاء لا نصيحة فيهم لا لأنفسهم ولا للمسلمين ويجب مقاطعتهم وعدم الجلوس معهم ). وضع كلمة تاركوا الجهاد بين الزناة واللوطية, وبين المبتدعة وشاربي الخمر: لأن حكمهم واحد, بل ما الفرق بين شارب الخمر وتارك الجهاد?! إن شارب الخمر يضر نفسه وتارك الجهاد يضر الأمة جميعا .
ولا حول ولا قوة إلا بالله .. هذا والله أعلم وأعتذر لكم عن هذه الإطالة .., "

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

ابو عمر الفاروق غير متصل قديم 18-12-2002 , 04:42 AM    الرد مع إقتباس