لوبيز: أخي الموت، كيف نستعد لك؟..
الموت: أحيانا قد يكون الإنسان مشتركاً في رحلة فيكتب كل حاجاته لكيلا ينسى شيئاً ثم يضع هذه الحاجات في المحفظة ، معه بطاقة السفر والجواز ، والمال اللازم وأرقام الهواتف اللازمة ، وبعض الألبسة ، والعدة التي يستعملها كل يوم ، معه كتاب يقرؤه ، آلة حاسبة يحسب عليها ، لقد كتب كل الحاجات عندئذٍ يمضي رحلة موفقةً ناعمةً ، والاستعداد من علامات العقلاء ، وأخطر حدث عند الناس الموت أما أن يسكن في بيت فهذا مهم وكذلك أن ، يعمر بيتاً ، وأن يزوج أولاده ، ولكن أخطر حدث على الإطلاق المغادرة ، " الموت" و ما أدخله في حساباته ، فلذلك النبي الكريم عندما سئل " ... فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الأكْيَاسُ "
أولئك الأكياس أن تكثر ذكر الموت وأن تكثر من الاستعداد له ، بالتوبة وبالوصية و بالعمل الصالح ، بإنفاق المال ، بالدعوة إلى الله ، بالنهي عن المنكر الأمر بالمعروف ، بخدمة الخلق ، بالإكثار من العبادة ، نوافل العبادات طلب العلم ، قراءة القرآن ، أعقل الإنسان في مقياس النبي عليه الصلاة والسلام ، من أكثر ذكر الموت وأكثر الاستعداد له .
" عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ "
لوبيز: إذن لماذا يتناسى الناس هذا الموضوع الخطير ولا يسارعون بالتوبة؟؟؟؟…
الموت: الكيس من دان أي حاسب نفسه و عمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني ، هذا حال المسلمين اليوم يتبعون أنفسهم هواها وهناك دعاء يرددونه : يا رب ارحمنا ، يا رب أغفر لنا ذنوبنا ، يا رب نحن عبيد إحسان لسنا عبيد امتحان ، يا رب لا يسعنا إلا فضلك ، هذا كلام فارغ لأنه لا استقامة و لا انضباط و لا نية بالتوبة ، بل أحدهم مقيم على ما هو عليه و بلسانه يسترضي الله عـز وجل و الاسترضاء يكون بالعمل لا باللسان .
عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا ، فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه ، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم .
لوبيز: علي أي قدر يتفاوت الناس في خوفهم منك؟؟؟..
الموت: المؤمن لا يرعبه الموت كثيراً ، الإنسان يخاف الموت بقدر ذنوبه، والدليل قال تعالى :
((قل يا آيها الذين هادوا أن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت أن منتم صادقين))
علامة أن تكون مع الله في أحسن حال ألّا تخاف الموت ، علامة أنك مؤمن ولك عمل طيب أنك لا تخشى الموت ، أما الظالم يكره الموت ، "
لوبيز: متى يفكر الإنسان في الموت؟..وهل اختلاف العمر له دخل في تغير نظره الإنسان للموت؟..
الموت: بالتأكيد فحينما يموت أقران الإنسان ، و من هم في سنه ، من هم في مستواه ، فالقول الحق أنتم السابقون ونحن اللاحقون ، لذلك من دخل الأربعين دخل في أسواق الآخرة ، نحن في رحلة فإذا مضى ثلثا الوقت فالوقت المتبقي يخصص للاستعداد للعودة ، سافر إلى أي مكان ، فالرحلة عشرة أيام وبعد اليوم السابع تفكر في العودة ، في قطع التذاكر ، في جمع الأغراض، في شراء الهدايا ، في اختيار المركبة المناسبة ، بعد اليوم السابع التفكير ينعكس ، كيف نعود؟ و من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة .
لوبيز: هل الموت له شكل واحد أم أن له عده ألوان؟..
الموت: لحكمة بالغة أرادها الله ، أنواع الموت لا تعد و لا تحصى ، من موت بلا سبب إطلاقاً ، إلى مرض يدوم ثلاثين سنة طريح الفراش يعني بأعلى درجات القوة يموت ،
مثال بسيط..صديقك الذي أخبرتني به …مات بحادث سياره علي ما اذكر..ولم يكن يعاني أي مرض مزمن…فأنا كما أخبرتك أتي فجاءة
الغني يموت ، الفقير يموت ، القوي يموت ، الضعيف يموت ، الذكي يموت ، الطيب يموت ،الأحمق يموت ، الكافر يموت ، كلهم يموتون
تعددت الأسباب والموت واحد .
لوبيز: زرت من مده قريبه جدا قبر جدتي رحمها الله …لا ادري لما شعرت براحه كبيره اثر
مغادرتي للمقبرة؟…
الموت: يروى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى رجلاً فقال : أكثر ذكر الموت يسليك عما سواه " العوام لهم كلمات لها معنى عميق ، " إذا ضاقت عليكم الصدور عليكم بزيارة القبور" ، فأنا أنصح كل أخ بأن يزور مستشفى ومقبرة ، يرجع مرتاح النفس ، كل مريض له وضع لا يُحتمل وأنت معافى ، وليس من إنسان مات إلا بدفتره جدول أعمال ، فهناك إنسان عنده تسعون بنداً مثلاً وآخر أكثر أو أقل ، وجاءه الموت قبل إنجاز هذا كله .
النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أنس من أصحابه غفلةً ، نادى فيهم بصوت رفيع ، أتتكم المنية راتبةً لازمةً إما شقاوة وإما سعادة .
أنا أقول لكم إذا الإنسان نفسه بالتعبير الدارج قرنت عليه ، تعلقت بالدنيا وأبت أن تنصاع لأمر الله ، فالموت أفضل علاج لها ،
لوبيز: اذن لماذا لا يتعظ الناس رغم كثرة الجنازات هذه الأيام؟..
الموت: أكثرُ شيءٍ يؤلمني أن الناس الذين يمشون بالجنازة حديثهم عن الدنيا وما فيها ، مرة مشيت في جنازة بالصدفة فأكثر شيء آلمني أن اثنين بجانبي يتحدثان عن العقد الفلاني والصفقة الفلانية، وفلان خصم عليّ مبلغاً وأنا أريد أن أخصم عليه ، الميت أمامك وحديثك مِن مكان الخروج وإلى المقبرة حول الحسابات والتجارات والصفقات .
لوبيز: …….
الموت: أعتقد أنك مللت..فلنغير الجو قليلا..حتي لا يموت أحد المشاهدين من الملل
هناك طرفة : إنسان سأل فقيهاً فقال له : أين أمشي وأنا أشيع الجنازة أأمشي أمامها أم خلفها أم عن يمينها أم عن شمالها ؟ فقال هذا الفقيه مداعباً لا تكن في النعش وسر أينما شئت.
لوبيز: أليست هناك ولو فرصه أخيره للهروب من الموت ؟..
الموت: يا أخي إذا مات شخص فالبقية لديهم بحبوحة ، أفسح لهم في أجلهم ، أنت حينما تستيقظ يعني أن الله سمح لك أن تعيش يوماً آخر ، ما من يوم ينشق فجر إلا وينادي منادٍ يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة .