PDA

View Full Version : ( المشهد الخامس... انصفوا هذه المرأة العظيمة أيها العقلاء .)


بو عبدالرحمن
25-05-2001, 05:15 AM
-
آخر ما ذكرناه في الحلقة السابقة ..
كيف أن الله جل جلاله ، لتكريمه لهذه المرأة العظيمة ، جعل الجنة _دار كرامته __
هدية متواضعة لمن قرر أن يحسن إلى أمه ، ووطن النفس على أن يكون لها خادما ،
وان يكون بها ومعها رفيقا ، وعليها صبورا ، ومعها حليما ،
ولها محبا مشتاقا ، ومن أجلها جندياً مسارعا لمالا تطلبه منه _ في غير معصية _
وهذا هو رابط الحلقة السابقة لمن لم يقرأها ، أو أراد أن يعيد النظر فيها :
http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=36034
- - -
واليوم نواصل الرحلة المثيرة ...
… هذا ما فهمه السلف الصالح .. فأظهروا ضروباً عجيبة في حب أمهاتهم ،
والإحسان إليهن ، والتلطف معهن ، والتودد لهن ، والحرص على نيل رضاهن ..
ولنعرض هاهنا قبسا من تلك الأنوار ..

يروي أصحاب السير أن أخوين صالحين فاضلين عالمين ،
كان أحدهما يقطع الليل كله في صلاة ودعاء وبكاء وضراعة ،
وتلاوة ومناجاة ، وركوع وسجود حتى ينشق عمود الفجر ..!!
وكان الآخر لا يزيد على أن يسهر مع أمه يمسد لها قديمها ،
وهو يؤنسها بأعذب الكلام ، ويلاطفها بأجمل العبارات ،
ويضاحكها بأرق الطرائف ، حتى إذا طلبت منه أن ينصرف لتنام ،
قام وصلى الوتر ، ونام طول ليله إلى قبيل أذان الفجر ..!!
ولما سئل أحد الأئمة ( أحسبه الإمام أحمد رحمه الله ) :
أي الرجلين أفضل وأقرب إلى الله ، وأكثر أجراً ؟؟…
قال بلا تردد : الثاني بلا شك .. !!
ذلك لأن عمل الأول قاصر على نفسه ، وعمل الثاني متعدٍ إلى غيره ، وما ذلك الغير إلا أحب الناس ، وأولى الناس .. وهو أمه ..
فتأمل أخي الكريم في هذه القصة فإن فيها أعظم عبرة ودرس ..
***

ويروي أصحاب السير أيضا :
أن رجلا دخل المسجد ذات نهار ليصلي الضحى ،
فرأى أخا له في زاوية المسجد يبكي ، فبادر يصلي ويخفف صلاته ،
ثم أقبل على أخيه يلح عليه بالسؤال عن سر بكائه في هذه الساعة ..
فكان مما ذكره له ..( اسمع العجب )
أنه منذ الصباح قد تصدق .. وصلى .. وأكثر من الاستغفار .. والدعاء والبكاء ،
ومع هذا ….. فهو يخشى : أن لا يغفر الله له ما ارتكبه هذا الصباح ..!
فسأله عما فعل .. وما الجريمة التي ارتكبها ..!؟
فأخبره أنه كان منهمكا في قراءة كتاب ،
وأن أمه نادته مرتين أو ثلاثاً ولم ينتبه ، فلما انتبه لها ..
فزع وصاح وهو يطوي كتابه ، ويبادر بالقيام إليها ملبيا نداءها :
لبيك .. لبيك أماه ..!!
قال : وشعرت أن صوتي علا فوق صوتها …!!
ومنذ الصباح وأنا أحاول جاهداً :
أن أكفر عما فعلت ، وأخاف أن لا يغفر الله لي ما كان مني معها ..!!
فانظر يا مسكين ..
هذا رجل بلغت به حساسية الإيمان ، أنه يرى ارتفاع صوته ( بالتلبية ) لأمه وهو يبادر إليها ..
يرى ارتفاع صوته :عقوق لوالدته فدفعه ذلك إلى أعمال خير كثيرة ..
لعل حسناتها تمحو تلك السيئة .. ومع هذا .. ومع هذا . فهو يخاف !!
***

فماذا يقول أكثرنا وهو لا يصيح بكلمة ( لبيك ) ..
ولكن يصيح في وجهها بما يشيب لها الولدان ، فيسبها ويلعنها ، ويتلفظ بأقذر الألفاظ ، ثم هو كأنه لم يفعل شيئاً..!!
( وتحسبونه هيناً ، وهو عند الله عظيم ) ..
وفي الحديث يخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ..
رب كلمة لا يلقي لها المرء بالاً من سخط الله يهوي بها في النار سبعين سنة
_ أو كما قال صلى الله عليه وسلم __
***

ومما قرأته في هذا الباب …
قصة أحد الصالحين يموت ولده البكر الشاب ،
فيتقبل ذلك بإظهار الرضا ، والصبر الجميل ، وشكر الله على ما قضى وقدر ..
وتموت زوجه فيتلقى ذلك بنفس الروح الرضية ..
ولكنه حين ماتت أمه ………..زضج بالبكاء ، ولم يتمالك نفسه ..!!
فقيل له في لك ..
فقال : اليوم فقط شعرت أنه أغلق علي بموت أمي باب من أبوب الجنة ..!!
***

ومما سمعته في هذا الباب ..
قصة الشاب الذي أقبل من اليمن ، يحمل أمه العجوز على كتفيه ،
وكانت مشلولة ، ليحج بها ، وكان بيده يطعمها ويسقيها ويلبسها ..
وكان يظهر لها ألوانا من صور الإحسان إليها ،
يداعبها .. ويضاحكها .. ويلاطفها .. ويؤنسها ..
حتى إذا رآه أحد الصحابة ودار بينهما حديث ، سأل الشاب الصحابي الجليل :
هل تراني وفيتها حقها ؟؟
فقال له : كلا والله .. ولا بطلقة وجع __ صاحتها لحظة الولادة __ !!!

فانظر يا مسكين ..
عمل هذا الشاب ، وهو يحمل أمه على ظهره ،
ويمشي بها المسافات الشاسعة .. ويطعمها بيده ويلبسها .. ويغسلها .. بطيبة نفس ،
ومع هذا كله لا يُعد كل ذلك شيئاً يُذكر إلى جنب حقها العظيم عليه ..!!
قارن بين عمل هذا الشاب .. وبين ما تفعله معها من ألوان العقوق …!!!!!
***

ومما سمعته في هذا الباب ..
أن موسى عليه السلام سأل الله سبحانه ، أن يريه رفيقه في الجنة ..
فقال له : ستراه الليلة إذا نمت ..
ورأى موسى عليه السلام ، شابا اسمر ، فسأل أهذا نبي أم صديق ..
قيل له : لا هذا ولا ذاك .. بل هو رجل عادي ..
فسأل : فهل هو من أمة مضت ، أم من أمة لم تأتي بعد أم هو من أمتي ؟
قيل له : بل هو من أمتك .. وستجده في مكان كذا وكذا ..
وبادر موسى عليه السلام في الصباح مهرولا إلى ذلك المكان ..
هناك رأى الشاب نفسه ، فأخذ يرقبه من بعيد ، ليعرف عمله الذي أهله إلى هذه المنزلة العظيمة عند الله ،
فلم ير شيئا ذا بال ، غير أنه رآه يتردد كل حين إلى بيته ، ثم يخرج ، ثم يعود إليه وهكذا ..
وحين انصرف الشاب ، استأذن موسى على من في البيت ،
فإذا امرأة عجوز مقعدة ، وإذا هي أم ذلك الشاب ،
ودار بينه وبينها حديث شجي ، علم أنها راضية تمام الرضى عن ولدها ،
فسألها وهل تدعين له في دعائك ..أو هل تخصينه بدعوة ما ..
قالت : هي دعوة واحدة لا أبدلها بغيرها ، وأسأل الله أن يجبها لي ..
إنني لا أمل ولا أكل من قول : اللهم اجعل ابني هذا رفيق موسى في الجنة .. !!!
فأخذ موسى عليه السلام يرفع صوته بالتكبير ..
ثم أخبرها أنه موسى وأن الله قد استجاب دعاءها …!!
***

والقصص في هذا الباب كثيرة ومؤثرة ..
وإنما هذا غيض من فيض .. وفصل من رواية ..
تجعلك وأنت تتابعها تشعر بأنك تتضاءل وتتقزم ، وتغدو كعصفور منتوف الريش !!

والقصص على النقيض من هذه أكثر _ أعني قصص العقوق _ لكنها قصص دامية ..
ولولا الإطالة .. لأوردت نماذج شديدة المرارة من صور العقوق التي تحز في القلب ..وتدمي الفؤاد …
لكن غايتنا هنا أن نحرك القلوب لألوان من البر بهذه الأم العظيمة ..
ولذا سنضرب صفحا عن ذكر صور العقوق مكتفين بما ذكرناه من صور البر الرائعة ،
لعل هممنا تتحرك شوقا للإقبال على أمهاتنا .
نستدرك ما فات ، قبل أن نندم في ساعة لا ينفعنا فيها الندم شيئا ..
- - - - - -
في الحلقة القادمة سنقدم برنامجا مقترحا..
نسعى من خلاله لتحصيل مرضاة أمهاتنا علينا …
فتابعونا ..! ......... تابعونا يرحم الله أمهاتكم وأمهات المسلمين …
- - - -

ألب أرسلان
25-05-2001, 10:32 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا....

واعلم أنني أحبك في الله أخي الكريم...

كم نحن بحاجة الى مثل هذه المواقف التى ترقق القلوب و تشحذ الهمم....

فالذي يقرأ مثل هذه القصص يرى مدى التقصير الذي هو فيه.....

نسأل الله أن يعيننا على بر أمهاتنا....

وأكمل أحسن الله إليك.....
فكم من كلمة تخرج من صاحبها لا يعيرها بالا تفتح لها أبواب السماء....
وكم من كلمة خرجت من صاحبها و فتحت قلوب مغفلة وأسالت شلالات من الدموع....
وكم وكم.....

لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.....

وتقبل تحياتي....
أخوك
ألب أرسلان

بو عبدالرحمن
26-05-2001, 11:47 AM
_
أخي الحبيب / إلب إرسلان
............ رعاك الله ورفع قدرك

ابتداء ..
أحبك الله الذي أحببتني فيه ومن أجله ..
لقد أفرحني إعلانك محبتك لأخ لا تعرفه إلا من خلال هذه الشبكة
ولقد قال بعض السلف :
أن أرجى الأعمال عند الله :
محبة أقوام من أجل الله وفيه
لا لرابطة نسب ، ولا لوشائج قربى ودم ، ولا من أجل مصلحة دنيوية ..
فهنيئاً لك أيها الأخ الحبيب بهذا الروح التي حباك الله بها ...

ثانياً :
تعقيبك رائع جدا ..
وأحسب أنك كنت تختار كلماتك بدقة متناهية ..
بارك الله فيك ..
ومثل هذا التعقيب يحتاج إلأى وقفة متأنية معه .
غير أني الآن على عجلة من أمري
ولعل لي عودة إليه مرة أخرى
إن أعان الله سبحانه وتذكرت.. وفاضت المعاني في يسر على قلبي ..
جزاك الله خير الجزاء ..
ونفعنا الله بك ، وبدعواتك ..
- -- -

مدردش متقاعد
27-05-2001, 06:42 AM
أستاذي الفاضل بو عبدالرحمن..

لأ أخفي عليك أني كنت أغالب دمعة كادت أن تنحدر من عيني من شدة تأثري بهذه المواقف التي ترقق أشد القلوب قسوة..

غفرر الله لأمهاتنا و أمهات المسلمين اللواتي لم يألين جهدا في رعاية أبنائهن و السهر على راحتهم..

كم نحن مقصرون و الله مع أمهاتنا .. و لو قارنا أعمالنا بعمل أحد من السلف الصالح لاستحينا و لتواربنا حتى من أنفسنا خجلا و حياء..

مهما قلنا أو فعلنا.. فن نوفي تلك المرأة حقها...

أكمل بارك الله فيك.. فكلنا شوق لمتابعة فصول هذه السلسة البديعة.. لعلنا نتعظ و نعتبر..

بارك الله فيك و أحسن إليك و جعل ما تكتب في ميزان حسناتك يوم الدين

هايدي
28-05-2001, 09:10 AM
كتبت .. فأبدعت .. فأفدت..
فوالذي خلق السماء بلا عمد..
مهما كتبنامن مجلدات .. مسيرتها من الشام إلى اليمن..
لم .. ولن نوفي حقها أبدا..
إنها تلك الأم العظيمة..
إنها تلك الأم الفاضلة..
من كانت الجنة تحت قدميها ..
سبحان الله ..
أذكر قصة ذلك الصحابي الجليل ..
( أويس القرني ) رضي الله عنه..
ذلك الصحابي الذي أخبرعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لو دعا الله عز وجل لأجابه..
وأوصى عمراً بن الخطاب بأنه لو رأى رجلاً آتياً من اليمن ..كان مصاباً بداء البرص .. فشفي إلا موضع درهم أن يدعو له...
ففعل ..
أتعلم أيها المسلم لماذا أكرمه الله هذه الكرامة؟؟!!!
( برِّه بأمه )!!!!
فكبف بمنزلة من يبر بوالديه؟!!!!
سبحان الله...
فالحمد الله الذي يسر لنا عبادته .. وهيئ لنا الجنة لمن يطلبها..
( فالجنة تحت أقدام الأمهات )..
---
تحياتي للجميع..
:) :) :)

بو عبدالرحمن
29-05-2001, 08:55 AM
-
أخي الحبيب / مدردش
............ رفع الله قدرك

شكر الله لك هذه المتابعة الواعية ..

مغالبتك لدموعك تأثراً بما قرأت
دليل واضح على ما يعمر قلبك من معاني الخير وشوارق الأنوار
بارك الله لك وبارك فيك ..
وأسأل الله سبحانه أن يزيدك من فضله العظيم ..
بقية من هذه السلسلة حلقتان ..
أسألأ الله أن يعينني على الانتهاء منهما قريبا ..
دعواتك لي أيها الأخ الحبيب .
- - -

أسير الليل
29-05-2001, 01:19 PM
الغالي بو عبد الرحمن..الله يسعد اوقاتك بكل خير..


الله يجزاك كل خير على موضوعك القيم..

فعلا اخي سوء الادب والمعاملة مع الام عواقبه مريره..

اخي يقف اللسان..ويقف القلم عاجزا امام هذا القلب..

نسال الله ان يعلمنا حسن الادب مهم..والدعاء لهم بالجنة..

عزيزي لن ازيد موضوعك تجلت فيه الفائده..


وتقبل تحياتي

غريب نجد
30-05-2001, 06:01 PM
1^

جزاك الله خيرااخي الكريم وطرح الله بركته في قلمك ونفسك وكل ما تملك الى يوم الدين ..

الله اكبر ... الله اكبر ..الله اكبر مااعظمها واجلها من نعمة حرم الكثير منها الله اكبر .. ما اوسع رحمته الله اكبر ... اللهم ارحمنا انا مقصورن الله اكبر ...اللهم اعنا على بر الوالدين الله اكبر ..ما اروعها من قصص بها فوائد جمعه الله اكبر ... ما اقوع هذة الكمات على قلوبنا الله اكبر .... اين المفلوحون الله اكبر ... اللهم انفعنا بها الى يوم الدين

اسال الله العلي القدير ان يثبتك اخي في الله على ما انت عليه وان ينفعنا بك وينفع نفسك بك ولك منهم حولك وان يعينك على اعطاء غيرك كل مالديك من الخير وان يجعل كل ذلك في موازين حسناتك ..

استبيحك عذرا اخي الفاضل بان انشر هذة الكلمات بين افراد اسرتي ولكل من احبهم في الله ..

رعاك الله وحفظك الله بحفظه تحياتي لك ..

بو عبدالرحمن
30-05-2001, 11:20 PM
-
الأخت الفاضلة / هايدي
............ رعاك الله وحفظك

شكر الله لك هذه المتابعة ..
ونفعك الله بها في ديناك وأخراك ..
ما أجمل ما سطرت من كلمات ..
ومشاعر طيبة ..
فجاء تعقيبك جميلا ومؤثرا ..
وزادته الشواهد جمالا وقوة ..
بارك الله فيك ..
ونفعنا الله بك وبدعواتك ..
جزاك الله خير الجزاء ..
- --

بو عبدالرحمن
02-06-2001, 11:07 PM
-
أخي العزيز / أسير الليل
........... حفظك الله ورعاك

شكر الله لك هذه المتابعة الواعية
التي أسأل الله سبحانه أن ينفعك بها في دنياك وأخراك
جزاك الله خيرا على هذه الكلمات الطيبة المشجعة ..
وبارك الله فيك ..
ونفعنا الله بك وبدعواتك ..
- -