PDA

View Full Version : درس في العقيدة


التركي
27-11-2000, 03:13 AM
قال الإمام أحمد رحمه الله فى أصول السنة:
ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها :
= الإيمان بالقدر خيره وشره ، والتصديق بالأحاديث فيه ، والإيمان بها ، لا يُقال لِـمَ ولا كيف ، إنما هو التصديق والإيمان بها ، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُـفِيَ ذلك وأُحكِمَ له ، فعليه الإيمان به والتسليم له ، مثل حديث : " الصادق المصدوق " ومثل ما كان مثله في القدر ، ومثل أحاديث الرؤية كلها ، وإن نأت عن الأسماع واستوحش منها المستمع ، وإنما عليه الإيمان بها ، وأن لا يرد منها حرفاً واحدا ً ، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات .وأن لا يخاصم أحداً ولا يناظره ، ولا يتعلم الجدال ، فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه ومنهي عنه ، لا يكون صاحبه و إن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال و يسلم و يؤمن بالآثار .
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
قد دل الكتاب العزيز والسنة الصحيحة وإجماع سلف الأمة على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره وأنه من أصول الإيمان الستة التي لا يتم إسلام العبد ولا إيمانه إلا بها كما دل على ذلك آيات من القرآن الكريم وأحاديث صحيحة مستفيضة بل متواترة عن الرسول الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم ومن ذلك قوله عز وجل : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وقوله تعالى : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وقال تعالى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عن الإيمان قال عليه الصلاة والسلام : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله قال صدقت الحديث وهذا لفظ مسلم . وخرج مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبرائيل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فأجابه بقوله : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره فقال له جبرائيل صدقت والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وقال أيضا:
وهكذا القدر ، وهو الأصل السادس ، نؤمن به كما جاءت به النصوص ، والإيمان به يشمل أربعة أشياء عند أهل السنة :
( الأمر الأول ) هو العلم بأن الله سبحانه وتعالى قد علم الأشياء كلها وأحصاها وأنه لا تخفى عليه خافية جل وعلا ، فهو سبحانه يعلم كل شيء كما قال عز وجل إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وبهذا يرد على غلاة القدرية والمعتزلة الذين أنكروا هذا العلم ، قال الشافعي " رحمه الله " في حقهم : ناظروهم بالعلم ، فإن أقروا به خصموا وإن جحدوه كفروا؛ لأن قولنا : إن الله عالم بالأشياء هذا هو القدر؛ لأن الأشياء لا تخفى على الله ، فمتى علم الله بالأشياء فمستحيل أن تقع على خلاف علمه؛ لأن وقوعها غلى خلاف علمه يكون جهلا .
أما إن جحدوا ذلك ، وقالوا إنه سبحانه لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها فهذا كفر وضلال وتكذيب لله سبحانه وتعالى ووصف له بالجهل وهذا تنقص عظيم يوجب كفر من قاله .
( الأمر الثاني ) الكتابة ، وهو أن الله سبحانه قد كتب الأشياء كما قال عز وجل : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وقال سبحانه : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ والمقصود أنه كتب الأشياء كلها جل وعلا كما دلت على ذلك الآيتان السابقتان وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : " إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء أخرجه مسلم في صحيحه .
فكتابة الأشياء التي أوجدها سبحانه أو سيوجدها أمر معلوم جاءت به النصوص من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فعلينا أن نؤمن بذلك ونعتقد أن الله كتب الأشياء كلها وعلمها وأحصاها ، لا تخفى عليه خافية وهو سبحانه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
( الأمر الثالث ) مشيئته النافذة وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه لا يكون شيء في ملكه دون مشيئته جل وعلا ، بل ما شاء الله يكون وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس ، فلا بد إذا من الإيمان بهذه المشيئة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، قال عز وجل : لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وقال سبحانه : فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ فالمقصود أنه سبحانه له المشيئة الكاملة النافذة إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ سبحانه وتعالى .
( الأمر الرابع ) قدرته على الأشياء وخلقه وإيجاده لها ، وأن نؤمن بأنه سبحانه على كل شيء قدير وأنه الخلاق العليم وأن جميع الأشياء الموجودة هو الذي خلقها وأوجدها ، وهكذا في المستقبل لا أحد يشاركه في ذلك ، بل هو الخلاق والرزاق وهو على كل شيء قدير وبكل شيء عليم كما قال سبحانه اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
فالإيمان بالقدر يشمل هذا كله ، يشمل إيماننا بعلمه بالأشياء وكتابته لها ، وإيماننا أيضا بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وإيماننا أيضا بأنه الخلاق لكل شيء وأن جميع الأشياء هو خالقها وموجدها سبحانه وتعالى ، وفي هذا رد على من قال خلاف ذلك من المعتزلة وغيرهم ، فإن من أنكر مشيئة الله وقال إنه يوجد في ملكه ما لا يريد فهو مكذب لله عز وجل متنقص له سبحانه وتعالى ، فلا بد من الإيمان بأنه على كل شيء قدير وأن ما شاءه كان وما أراده بإرادته الكونية كان ولكن بعض الناس تخفى عليهم هذه الأشياء التي جاءت بها الرسل ، فيجب أن تبين لهم بأدلتها ، وأن يوضح لهم الفرق بين الإرادة الكونية التي لا يتخلف مرادها وهي المذكورة في مثل قوله سبحانه إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
وبين الإرادة الشرعية التي قد يتخلف مرادها بالنسبة إلى بعض الناس وهي المذكورة في قوله سبحانه : يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ الآية .
ومعلوم أن بعض الناس مات على جهله ومات على غير توبة ، وقال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ الآية ، هذه إرادة شرعية ، لأنه سبحانه قد خفف على قوم ولم يخفف على آخرين ، فمعنى ذلك أنه أمر بهذا ورضي به وأحبه ، ولكن من الناس من وفق لهذا الشيء ومنهم من لم يوفق له ، ومن ذلك ما جاء في الحديث الصحيح : أن الله سبحانه يقول يوم القيامة لبعض المشركين : لو كان لك مثل الأرض ذهبا أكنت مفتديا به ، فيقول : نعم ، فيقول الله سبحانه له : قد أردت منك ما هو أدنى من ذلك وأنت في صلب أبيك آدم أردت منك أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا الشرك ، يعني أردت منك شرعا أن لا تشرك بي ، وذلك بما جاء على ألسنة الرسل من الأمر بعبادته وحده والنهي عن الإشراك به ، لكن أبى أكثر الخلق إلا الشرك بالله عز وجل ، ولم يقبلوا الإرادة الشرعية ، فمن آمن بهذه الأمور الأربعة ، وهي : علم الله سبحانه بجميع الأشياء ، وكتابته لها ، ومشيئته لما وجد منها ، وأنه سبحانه خالق الأشياء وموجدها - فقد آمن بالقدر إيمانا كاملا ، ومن قصر في ذلك فقد قصر في الإيمان بالقدر ولم يسر على هدى أهل السنة والجماعة في ذلك ، ولم يؤمن بالقدر على حقيقته ، بل آمن ببعضه وكفر ببعض .
ثم هذا الإيمان بالقدر لا يلزم منه أن يكون العبد مجبورا لا إرادة له ولا مشيئة وإنما هو كالسعفة تحركها الرياح هكذا وهكذا ، وكالريشة في الهواء خلافا للقدرية المجبرة من الجهمية وغيرهم ، بل له اختيار ومشيئة وله إرادة وعقل يميز به ، ولكن هذه المشيئة وهذه الإرادة وهذا الاختيار لا يكون به شيء إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى كما قال الله تعالى لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فهو مخير ومسير ، مخير من جانب لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه بصرا وأعطاه أدلة وأدوات ومكنه من الإيمان والعمل فهو قادر وله إرادة وله مشيئة يقدر أن يتباعد عن المعصية ويقدر أن يطيع وأن يعصي ويقدر أن يتصدق ويقدر أن يمتنع ، وهو مسير من جهة أخرى وهي أنه ليس له مشيئة إلا بعد مشيئة الله ولا اختيار إلا بعد اختيار الله ولا يستقل بالأشياء ، فله إرادة خاصة ومشيئة خاصة بعد مشيئة الله وإرادته ، ولهذا قال عز وجل : هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الآية . فالإنسان سائر ومسير وميسر لما خلق له ، هو سائر بما أعطاه الله من العقل والاختيار والمشيئة ، ومسير بما سبق في علم الله من القدر السابق ، وميسر لما خلق له من خير وشر فهو لا يمكن أن يخالف ما قدر الله له ولا أن يحيد عنه ، وهو مع ذلك ميسر لما خلق له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى والآية بعدها ، متفق على صحته من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن هذا يعلم المؤمن الفرق بين عقيدة السلف الصالح وعقيدة المعتزلة والقدرية النفاة وعقيدة القدرية المجبرة .
فالقدرية المجبرة غلوا في إثبات القدر حتى قالوا : ليس للعبد إرادة ولا مشيئة ، وقد أخطئوا في ذلك وأصابوا في الإيمان بالقدر . أما القدرية النفاة فغلوا في نفي القدر وأفرطوا في ذلك وأخطأوا في هذا غاية الخطأ ولكنهم أصابوا في إثبات المشيئة والاختيار للعبد ، وأخطأوا في جعله مستقلا بذلك . فإن أهل السنة والجماعة أخذوا ما عند الطائفتين من الحق وتركوا ما عندهما من الباطل . وهكذا يجب على أهل الحق إذا ردوا على أهل الباطل أن يفصلوا وأن ينصفوا ، فيقولوا لهم قلتم كذا وقلتم كذا ، فنحن معكم في هذا ، ولسنا معكم في هذا ، نحن معكم في الحق الذي قلتموه كالإيمان بالقدر ولسنا معكم بأن العبد مجبور ، بل له اختيار ومشيئة ، ويقال للمعتزلة وأشباههم نحن معكم في أن العبد له مشيئة واختيار ، ولكن لسنا معكم في تجهيل الله سبحانه وإنكار علمه ومشيئته . وهكذا يقال للشيعة نحن معكم في محبة أهل البيت ومحبة علي رضي الله عنه وأرضاه ، فإنه ومن سار على نهجه على هدى وأنه من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو أفضلهم بعد الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا ، ولكن لسنا معكم في أنه معصوم ولسنا معكم في أنه الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قبله ثلاثة ، ولسنا معكم في أنه يعبد من دون الله ويستغاث به وينذر له ونحو ذلك ، لسنا معكم في هذا ، لأنكم مخطئون في هذا خطأ عظيما ، لكن نحن معكم في محبة أهل البيت الملتزمين بشريعة الله والترضي عنهم والإيمان بأنهم من خيرة عباد الله عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديث زيد بن أرقم المخرج في صحيح مسلم : إني تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به . . . " ثم قال : " وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي .
وهكذا بقية الطوائف نأخذ ما معهم من الحق ونقر لهم به ، ونرد عليهم باطلهم بالأدلة النقلية والعقلية . . وبهذا يتضح أن هذه الأصول الستة هي أصول الدين ، وهي الجامعة لكل ما أخبر الله عنه ، فمن استقام عليها عقيدة وقولا وعملا فقد استكمل الإيمان وسلم من النفاق ، لأن هذه الأصول تقتضي من المؤمن بها أداء ما أوجب الله عليه له ولعباده ، وتقتضي تصديقه بكل ما أخبر الله به في كتابه ، أو أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح من السنة ، ومن جحدها أو جحد شيئا منها لم يكن مؤمنا . والخلاصة أن هذه الأصول أصول عظيمة وقواعد أساسية لهذا الدين العظيم ، تجب مراعاتها والاستقامة عليها في جميع الأحوال ، والبراءة من كل ما خالفها ، ومن أتى بقول أو عمل يوجب كفره فهو دليل على عدم إيمانه بهذه الأصول أو بعضها الإيمان الصحيح ، وذلك مثل ترك الصلاة المكتوبة ، فإن الذي لا يصلي لا إيمان عنده على الصحيح يحجزه عن ترك الصلاة التي هي عمود الإسلام ، ولهذا فإن القول الصواب إنه كافر كفرا أكبر لقوله صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة خرجه مسلم في صحيحه ، وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " خرجه الإمام أحمد وأهل السنة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه وهكذا من يستهزئ بالله سبحانه أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بالجنة أو النار ، أو بالقرآن ، وما أشبه ذلك فإنه كافر إجماعا ، لأن هذا الاستهزاء والتنقص دليل على أن دعواه الإيمان باطلة ، وأنه ليس عنده إيمان يحجزه عن الاستهزاء بما ذكر .
وهكذا الذي يهين المصحف أو يلطخه بالنجاسة أو يجلس عليه وهو يعلم أنه كتاب الله ، فإن هذا دليل على أن هذا الرجل لا إيمان له ، وإنما يدعي الإيمان ، ولو كان عنده إيمان صحيح لحجزه عن هذا العمل الذي يوجب كفره .
وهكذا من استهزأ بالرسل أو كذب بعضهم عليهم الصلاة والسلام يكون كافرا؛ لأن استهزاءه بهم أو ببعضهم أو تكذيبه لهم أو بعضهم دليل على أن إيمانه ليس بصحيح بل هو دعوى ، وعلى هذا يقاس بقية الأمور التي تقع من الناس ، ومن ذلك قوم مسيلمة لما صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به وصلوا وصاموا ، ولكنهم ادعوا أن مسيلمة شريك في الرسالة صاروا عند أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم كفارا لا نزاع بين أهل العلم في ذلك ولو صلوا وصاموا وقالوا إن محمدا رسول الله ، لأنهم لما قالوا إن مسيلمة شريك في الرسالة كفى هذا في كفرهم؛ لأنهم بهذا قد كذبوا قول الله تعالى : مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ كما كذبوا الأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين والمرسلين .
وهكذا القاديانية لما آمنوا بأن غلام أحمد نبي وأنه يوحى إليه ، صار من آمن منهم بهذا كافرا كفرا أكبر؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ، وهكذا من لم يؤمن بأن الجنة حق ، أو لم يؤمن بأن النار حق ، أو قال إن النار ليست عذابا لأهلها بل نعيم لهم ، كما يقول ذلك ابن عربي الضال المعروف بالقول بوحدة الوجود ، ولا شك أن هذا إنكار لما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم من كون النار أعدها الله عذابا لا نعيما جزاء لهم على ما فعلوا من الأعمال التي حرمها الله عليهم وعلى ما تركوه مما أوجب الله عليهم ، وعلى ما كذبوا به مما أخبرت به الرسل ودل عليه الكتاب العزيز ، والقرآن مملوء من الآيات الدالة على أن النار عذاب لأهلها ، لا ينكر ذلك إلا مكابر معاند ، أو جاهل لا يدري شيئا مما جاءت به الرسل ، أو فاقد للعقل .
ويتبين من هذا أن الأمور تؤخذ أحكامها على ظاهر الكتاب والسنة ، وعلى ما أخبر الله به ورسوله ، وعلى ما جاء عن سلف الأمة ، ومن أبى ذلك وادعى خلاف ما تقتضيه هذه الأصول فإن دعواه باطلة .
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا للفقه في كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ويرزقنا وسائر المسلمين الإيمان الصادق والعمل الصالح ، وأن يمنحنا الثبات على الحق حتى نلقاه سبحانه إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .
وقال أيضا :
المشروع للمسلم عند وقوع المصائب المؤلمة الصبر والاحتساب، وأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، وأن يتحمل الصبر، ويحذر الجذع والأقوال المنكرة؛ لقول الله سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك, واستعن بالله, ولا تعجز, فإن أصابك شيء؛ فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا, وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل, فإن لو تفتح عمل الشيطان خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها ولا يجوز الجزع وإظهار السخط أو الكلام المنكر مثلما ذكر في السؤال (لعبة القدر العمياء) وهكذا قوله: (ولكن القدر المترصد لمنصور لم يحكم لعبته الأزلية).
هذا الكلام وأشباهه من المنكرات العظيمة، بل من الكفر البواح؛ لكونه اعتراضا على الله سبحانه، وسبًّا لما سبق به علمه واستهزاء بذلك، فعلى من قال ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه توبة صادقة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية متفق على صحته من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة متفق على صحته من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة، وبالله التوفيق.
وسئل سماحته رحمه الله:
السؤال : سائل في مدينة كركوك بالعراق يقول في سؤاله : يحصل عندنا نقاش حول مسألة التوكل هل يكون التوكل مع الأسباب أو بغير الأسباب؛ لأننا نعلم عن توكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة فأفيدونا عن ذلك بارك الله فيكم ؟ .
الجواب : التوكل يجمع شيئين : أحدهما : الاعتماد على الله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأن قدره نافذ وأنه قدر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى .
الثاني : تعاطي الأسباب فليس من التوكل تعطيل الأسباب بل التوكل يجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله ومن عطلها فقد خالف الشرع والعقل؛ لأن الله عز وجل أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وأمر رسوله بذلك وفطر العباد على الأخذ بها ، فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب بل لا يكون متوكلا حقيقة إلا بتعاطي الأسباب ، ولهذا شرع النكاح للعفة وحصول الولد وأمر بالجماع ، فلو قال أحد من الناس أنا لا أتزوج وانتظر الولد بدون زواج لعد من المجانين ، وليس هذا من أمر العقلاء ، وكذلك لو جلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات لم يكن ذلك مشروعا ولا توكلا بل يجب عليه أن يسعى في طلب الرزق ويعمل ويجتهد مع القدرة على ذلك ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب ومن قال ذلك فقد غلط وقد قال الله لها : وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا الآية ، وهذا أمر لها بالأسباب وقد هزت النخلة وتعاطت الأسباب ، حتى وقع الرطب فليس في سيرتها ترك الأسباب ، أما وجود الرزق عندها وكون الله أكرمها به وأتاح لها بعض الأرزاق فلا يدل على أنها معطلة للأسباب بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب ، وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئا من الكرامات فهذا من فضله سبحانه لكن لا يدل على تعطيلهم الأسباب فقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن وقال سبحانه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فشرع لعباده العبادة له والاستعانة به وكلتاهما من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة ، والآيات الدالة على ذلك كثيرة .
وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين عافاه الله:
(القَدر) بفتح الدال، تقدير الله تعالى للكائنات، حسبما سبق به علمه، واقتضته حكمته.
الإيمان بالقضاء يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلا، أزلا وأبدا، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.
الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض، إن ذلك في كتاب، إن ذلك على الله يسير). وفي صحيح مسلم- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة).
الثالث : الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله: (وربك يخلق ما يشاء ويختار)، وقال: (ويفعل الله ما يشاء)، وقال: (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء).
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين: (ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم). وقال: (لو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون).
الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها، وصفاتها، وحركاتها، قال الله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل). وقال: (وخلق كل شيء فقدره تقديرا). وقال عن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه: (والله خلقكم وما تعملون) والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدرته عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
أما الشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة (فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا). وقال: (فأتوا حرثكم أنى شئتم). وقال في القدرة: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا). وقال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع بإرادته. كالمشي، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى، وقدرته لقول الله تعالى: (لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين). ولأن الكون كله ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات أو فعل من المعاصي، وعلى هذا فاحتجاجه به باطل من وجوه:
الأول: قوله تعالى: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء، كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون). ولو كان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
الثاني: قوله تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسل، لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر الله تعالى.
الثالث: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة. فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: لا اعملوا فكل ميسر، ثم قرأ (فأما من أعطى واتقى) الآية. وفي لفظ لمسلم: (فكل ميسر لما خلق له)، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بالعمل ونهى عن الاتكال على القدر.
الرابع: أن الله تعالى أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلا ما يستطيع، قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) وقال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها). ولو كان العبد مجبرا على الفعل لكان مكلفا بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فلا إثم عليه لأنه معذور.
الخامس: أن قدر الله تعالى سر مكتوم لا يعلم به إلا بعد وقوع المقدور وإرادة العبد لما يفعله سابقة على فعله فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علم منه بقدر الله، وحينئذ تنتفي حجته بالقدر إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه.
السادس: أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ولا يعدل عنه إلى مالا يلائمه ثم يحتج على عدوله بالقدر، فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟ أفليس شأن الأمرين واحدا؟!
وإليك مثالا يوضح ذلك: لو كان بيد الإنسان طريقان أحدهما ينتهي به إلى بلد كلها فوضى، قتل، ونهب، وانتهاك للأعراض وخوف، وجوع، والثاني ينتهي به إلى بلد كلها نظام، وأمن مستتب، وعيش رغيد، واحترام للنفوس والأعراض والأموال، فأي الطريقين يسلك؟؟ إنه سيسلك الطريق الثاني الذي ينتهي به إلى بلد النظام والأمن، ولا يمكن لأي عاقل أبدا أن يسلك طريق بلد الفوضى، والخوف، ويحتج بالقدر، فلماذا يسلك في أمر الآخرة طريق النار دون طريق الجنة ويحتج بالقدر؟
ومثال آخر: نرى المريض يؤمر بالدواء فيشربه ونفسه لا تشتهيه، وينهى عن الطعام الذي يضره فيتركه ونفسه تشتهيه، كل ذلك طلبا للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء أو يأكل الطعام الذي يضره ويحتج بالقدر فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله به ورسوله أو يفعل ما نهى الله عنه ورسوله ثم يحتج بالقدر؟
السابع: أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي، لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو انتهك حرمته ثم احتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته. فكيف لا يقبل الاحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في اعتدائه على حق الله تعالى؟!
ويذكر أن- أمير المؤمنين- عمر بن الخطاب رضي الله عنه (رفع إليه سارق استحق القطع، فأمر بقطع يده فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنما سرقت بقدر الله فقال عمر: ونحن إنما نقطع بقدر الله).
للإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
الثانية: أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده، لأن حصوله نعمة من الله تعالى، بما قدره من أسباب الخير، والنجاح، وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة: الطمأنينة، والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة وفي ذلك يقول الله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتكم والله لا يحب كل مختال فخور). ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له). رواه مسلم.
وقد ضل في القدر طائفتان:
إحداهما: (الجبرية) الذين قالوا إن العبد مجبر على عمله وليس له فيه إرادة ولا قدرة.
الثانية: (القدرية) الذين قالوا إن العبد مستقل بعمله في الإرادة والقدرة، وليس لمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.
والرد على الطائفة الأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:
أما الشرع: فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة، ومشيئة، وأضاف العمل إليه قال الله تعالى: (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة). وقال: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها). الآية. وقال: (من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد).
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته كالأكل والشرب والبيع والشراء، وبين ما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاش من الحمى، والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريد لما وقع عليه.
والرد على الطائفة الثانية (القدرية) بالشرع والعقل:
أما الشرع: فإن الله تعالى خالق كل شيء وكل شيء كائن بمشيئته، وقد بين الله تعالى في كتابه أن أفعال العباد تقع بمشيئته فقال تعالى: (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات، ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد). وقال تعالى: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين).
وأما العقل: فإن الكون كله مملوك لله تعالى والإنسان من هذا الكون فهو مملوك لله تعالى ولا يمكن للمملوك أن يتصرف في ملك المالك إلا بإذنه ومشيئته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ملاحظة: جزى الله خيرا من نقل الموضوع إلى منتدى"أنا المسلم" أولا لأنى لم أتمكن من الدخول فيه لسبب فنى فيما يبدو! ومن أراد أن ينقله إلى المنتديات الإسلامية الأخرى فله ذلك وجزاه الله خيرا

المسلم العربي
27-11-2000, 04:12 AM
اخي العزيز : التركي .
وفقك الله وأسعدك ، وجمعنا الله وإياك ووالدين والمسلمين اجمعين في رياض جناته ....
وإلى الأمام .......

التركي
27-11-2000, 07:48 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هلا بيك والله
وينك
ماشفناك
تأخرت علينا
الله يجمعنا وإياكم في جناتة