PDA

View Full Version : حكايات رمضانية


فتى دبي
11-12-1999, 11:02 AM
يأتي شهر رمضان فتأتي معه النفحات الطيبة والخير العميم والرحمة
والمغفرة والتواصل فيكثر الذكر وتعمر القلوب بالإيمان ويتواصل ما
انقطع بين الانسان وربه

, ويظل لهذا الشهر قدسيته وجلاله وطقوسه وذكرياته عند الانسان
المسلم, فمنا من يتذكر سنة أولى صيام, ومنا من يتذكر حكايات عاشها
في حضرة الشهر الكريم, وآخرون ينقشون في أوراق حياتهم فضل هذا
الشهر في هدايتهم إلى طريق السداد والرشاد. وبين رمضان ورمضان
تتبدل الصورة ويتغير الحال, فالذي عاش أيام وليالي رمضان قبل عشر
سنوات لا يستطيع ان يقارنها أو يساويها بهذه الأيام, فقد اختفت
صورة المسحراتي أو المسحرّ أو أبو طبيلة كما يحلو للبعض ان يسميه
من أوراق هذا الزمن, وحل محله التلفزيون بمحطاته الفضائية
واستمرار ساعات البث وتواصلها وعدم انقطاعها. لقد كان المسحّر أو
المسحراتي واحدا من طقوس رمضان, فلا يمكن ان تتصور الذهنية
العربية, قبل سنوات, مرور ليالي رمضان دون ذاك الوجه العتيق وهو
يطرق الحارات والأزقة مردداً (يانايم وحد الدايم) إلا ان الزمن
المتسارع لم يدع شيئا دون تغيير, فقد أصبح ذاك الوجه الذي يمر على
أبواب البيوت ماشيا على قدميه يمتطي حمارا, ثم تطور الحال ليركب
سيارة بيك آب بعد ان أصبح هذا الطقس شكليا وليس ضروريا كما في
السنوات السابقة, وامتد الحال إلى التلاشي والاختفاء كليا بعد ان حل
محله التلفزيون والسهرات الرمضانية التي انتعشت بظهور الخيام
وانتشارها بشكل مثير ما بين تجارية وخاصة, اضافة إلى المراكز
والأسواق التي لا تهدأ لياليها والتي تحولت إلى مهرجانات من التسوق
والمتعة والتواصل وكأنها توصل الليل بالنهار. عموما بين هذا وذاك
اختفت من ليالي رمضان جلسات الحكايات القديمة التي كان يبرع فيها
أشخاص معينون والتي تحض على التآزر والتعاضد والشجاعة والكرم
والتي ما زالت راسخة في أذهان من حضروها, فقد كان للمجلس هيبته
وأناسه وتبدل الآن بعد ان كثرت الخيام فأصبح للهو والأصوات العالية
وعدم احترام حرمة المكان.. وقد كان الشاعر قديما يقول:
وما بقيت من اللذات إلا
محادثة الرجال ذوي العقول
وقد كنا نعدهم قليلا
فقد صاروا أقل من القليل

وكان أصحاب الأدب يقولون في حسن المعاشرة ألق عدوك وصديقك
بالطلاقة, ووجه الرضا والبشاشة, ولا تنظر في عطفيك, ولا تكثر
الالتفات ولا تقف على الجماعات, وإذا جلست فلا تتكبر على أحد,
وتحفظ من تشبيك أصابعك, وتخليل أسنانك, وليكن مجلسك هادئا
وحديثك منظوما مرتبا, واصغ إلى كلام مجالسك. ومن حكايات الفصحاء
ما حكي ان عبدالملك بن مروان جلس يوما وعنده جماعة من خواصه
وأهل مسامرته, فقال: أيكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه وله عليّ ما
يتمناه, فقام إليه سويد بن غفلة, فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين, قال:
هات, فقال: أنف, بطن, ترقوة, ثغر, جمجمة, حلق, خد, دماغ, رقبة,
زند, ساق, شفة, صدر, ضلع, طحال, ظهر, عين, فم, قفا, كف,
لسان, منخر, هامة, وجه, يد. وهذه آخر حروف المعجم. فقام أحد
أصحاب عبد الملك وقال: أنا أقولها من جسد الانسان مرتين, فضحك
عبدالملك وقال لسويد سمعت ماقال؟ قال: أصلح الله الأمير أنا أقولها
ثلاثا. فقال: هات ولك ما تتمناه. فابتدأ يقول: أنف, أسنان, أذن, بطن,
بنصر, بزة, ترقوة, تمرة, تينة, ثغر, ثنايا, ثدي, جمجمة, جنب,
جبهة, حلق, حنك, حاجب, خد, خنصر, خاصرة, دبر, دماغ, درادير,
ذقن, ذكر, ذراع, رقبة, رأس, ركبة, زند, زردمة, ساق, سرة, سبابة,
شفة, شارب, شفير, صدر, صدغ, صلعة, ضلع, ضفيرة, ضرس,
طحال, طرة, طرف, ظهر, ظفر, ظلم, عين, عنق, عاتق, غبب,
غلصمة, غنه, فم, فك, فؤاد, قلب, قفا, قدم, كف, كتف, كعب, لسان,
لحية, لوح, منخر, مرفق, منكب, نغنوغ, ناب, نن, هامة, هيئة, هيف,
وجه, وجنة, ورك, يمين, يسار, يافوخ, ثم نهض مسرعا فقبل الأرض
بين يدي أمير المؤمنين, قال فعندها ضحك عبدالملك, وقال: والله ما
تزيدنا عليها شيئا.

------------------
oasaif@maktoob.com

كحيلان
11-12-1999, 12:30 PM
جزاك الله خير

و بارك لك في اعمالك الصالحة