غير شكل
13-09-2004, 12:15 AM
بدأت المقاومة الأفغانيّة بقيادة طالبان في تبني استراتيجيّة جديدة تأخذ في الاعتبار الموارد البشريّة والمادّيّة المحدودة, وتعتمد هذه الاستراتيجية على توظيف المزيد من المقاتلين العرب المدرّبين بدرجة كبيرة ومنحهم أدواراً قيادية، وخاصة أن بعض هؤلاء المقاتلين قد أصبح خبيراً في تصنيع وتطوير نوعيات معينة من الأسلحة والقنابل. كما تتضمن الخطة الاستفادة من هؤلاء المقاتلين في المدن الأفغانيّة الكبرى, لحشد التأييد لطالبان، والمشاركة في شن الهجمات على القواعد الأمريكية, والعمل على خلق حالة من الفراغ الأمني في البلاد ، وتوسيع ساحة المواجهة بين الولايات المتحدة وأسامة بن لادن.
ومنذ سقوط نظام طالبان في أفغانستان نهاية عام 2001, استمرت المقاومة الأفغانيّة المتمركزة قرب الحدود الأفغانية الباكستانية، في تصعيد الصراع مع قوّات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة، وتوريط هذه القوات في حرب عصابات بالمناطق الجبلية الوعرة، كبدتها خسائر فادحة. ويتم التخطيط لهذه الحرب التي تقودها المقاومة الأفغانية من داخل أفغانستان بزعامة الملا عمر وأسامة بن لادن ومن يساعدهما من الكوادر البارزة مثل أيمن الظواهري، وجلال الدين حقاني، وسيف الله منصور، وغيرهم ممن انتقلوا مؤخراً من مناطق القبائل الباكستانية إلى داخل أفغانستان، بعيداً عن أعين المخابرات الباكستانية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
لقد ادعى المسئولون الباكستانيّون مؤخراً أنهم كانوا على وشك الوصول إلى الرؤوس الكبيرة في تنظيم القاعدة، حيث تكثفت المجهودات الباكستانية طوال الأشهر القليلة الماضية لمطاردة فلول تنظيم القاعدة المختبئة في باكستان بسبب الضغوط الأمريكية. وكانت آخر عمليات المداهمة قد وقعت في منطقة قريبة من "شوال" تسمى "جبال بوش" على الحدود الباكستانية الأفغانية، وقد عرفت هذه المنطقة بهذا الاسم لسنوات طويلة، دون أن يكون للاسم أي ارتباط بالولايات المتحدة.
ومنذ أيام، قام الجيش الباكستاني، تسانده عدة مروحيات أمريكية مقاتلة، بمحاصرة مسكن "زارما جان" زعيم قبائل "شوال" والذي أكد للمسئولين تعاونه التام مع الحكومة الباكستانية. وقد قامت القوات الباكستانية بتمشيط مناطق "مانجاروتي", و"داري نيشتار" و"جبال بوش" , براً وجواً على مدى 11 ساعة, ومع ذلك لم تتمكن من الوصول إلى مقاتل أجنبي واحد.
وطبقًا لمصادر مقربة من طالبان، فإن هذه العملية جاءت متأخرة، بعد أن كان المقاتلون الأجانب وكوادر تنظيم القاعدة قد تركوا باكستان بالفعل. ومن هؤلاء "محمود الحق يار" التي تدعي المصادر الأمنية الباكستانية والأمريكية أن الملا عمر أرسله إلى شمال العراق لتدريب مقاتلي "أنصار الاسلام" قبل غزو القوات الأمريكية لأفغانستان..وقد عاد محمود إلى أفغانستان منذ أشهر قليلة، وتم تعيينه في مجلس قيادة طالبان، المشكل من قبل الملا عمر، وأوكلت إليه مهمة رعاية المقاتلين الأجانب وكوادر تنظيم القاعدة ، وتأمين عملية انتقالهم من باكستان إلى الأراضي الأفغانية.
أما سيف الله منصور فهو ابن أحد أبرز زعماء المقاتلين الأفغان في فترة الاحتلال السّوفييتيّ لأفغانستان في الثّمانينيّات, وقد قام بالعديد من العمليات القتالية التي كبدت القوّات السّوفييتيّة خسائر باهظة وأرغمتها على التقهقر عن منطقة "جرديز". وقد توطدت شعبية سيف الله منصور عندما قام في أبريل 2002 بتخطيط وتنفيذ الهجوم الذي قُتِلَ فيه 18 جنديّ أمريكيّ في منطقة "شاهي كوت". وقد اكتسب "جلال الدين حقاني" أيضاً شهرة كبيرة خلال قتاله في صفوف المجاهدين الأفغان وهزيمته للقوات الشيوعية في "خوست"وهي أول مدينة تسقط في يد المجاهدين بعد انسحاب القوات السوفيتية عام 1989.
ومنذ عودته من العراق, أقنع "محمود الحق يار" –حسب مصادر مطلعة- زعماء طالبان بأنهم يحتاجون لتعديل استراتيجيّتهم بحيث تأخذ في الاعتبار الموارد البشريّة والمادّيّة المحدودة . وحاليًّا تواجه طالبان الكثير من المشاكل، وفي مقدمتها عجزهم عن تحقيق الانتشار الواسع لخلاياهم، وتنسيق الهجمات والعمليات القتالية، حيث أصبحت اتصالاتهم مرصودة بدقة من جانب الولايات المتحدة.
وتتضمن خطة "محمود" الاعتماد على توظيف المزيد من المقاتلين العرب المدرّبين بدرجة كبيرة ومنحهم أدواراً قيادية ، وخاصة أن بعض هؤلاء المقاتلين، ممن شاركوا في الحرب في العراق ، قد أصبح خبيراً في تصنيع وتطوير نوعيات معينة من الأسلحة والقنابل.كما تتضمن الخطة الاستفادة من هؤلاء المقاتلين في المدن الأفغانيّة الأساسيّة, مثل "جلال أباد", و"خوست", و"كنار", و"كابول", لإقناع المواطنين بأهداف طالبان، والحصول على تعاطفهم في مواجهة القوات الأمريكية والمشاركة في شن هجمات ضد القوات الأمريكية، التي بدأت في تهدئة الأمور، بهدف توفير الأمن اللازم لإجراء انتخابات الرئاسة الأفغانية في 9 أكتوبر القادم، حيث تدرك الولايات المتحدة أن توسيع نطاق العمليات سوف يؤثر سلباً على أجواء الانتخابات ، فضلاً عن أن الهجمات الأمريكية سوف يتم الرد عليها بأعمال انتقامية من جانب مقاتلي طالبان.
وتستهدف استراتيجيّة "محمود" بصفة خاصّة تدمير المراكز الحكومية والإدارية في المدن الأفغانية الأساسيّة وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، وهو ما يضعف شوكة الولايات المتحدة وأعوانها ، ويخلق حالة من الفراغ الأمني، تتيح لطالبان توسيع نطاق المواجهات ضد القوات الأمريكية.ورغم أن عدد المقاتلين الأفغان و العرب المنتمين لطالبان لا يتجاوز حالياً بضع آلاف، فإن شعبية طالبان آخذة في التزايد ، وخاصة بين الشباب الذين يتلقوا تعليمهم في المعاهد الدينية في باكستان وأفغانستان، والتي يقوم بالتدريس فيها العديد من المجاهدين والمتعاطفين مع نظام طالبان.كما أصبح يلاحظ كثرة التعليقات التي يكتبها المواطنون على الحوائط في المدن الأفغانية ،والتي تتضمن عبارات مثل "تحيا القاعدة" ، "تعيش حركة طالبان"، "الزعيم المؤمن أسامة بن لادن" ، "أمير المؤمنين الملا عمر" ،ولم تكن هذه التعليقات تلاحظ قبل ذلك.
أكثر من هذا ، فإن محلات لعب الأطفال، من قندهار إلى كابول، أصبحت مليئة بدمى وعرائس تغني أناشيد قومية أفغانية "بدون موسيقى" مؤيدة لطالبان، وأصبحت المنتجات التي تحمل شعار بن لادن تحقق أعلى المبيعات.بل أن عمائم طالبان أصبحت منتشرة بين الكثير من شباب المدارس والجامعات ،وحتى بين جمهور كرة القدم في المدرجات.
لقد أصبح في أفغانستان نوعان من الموالين لطالبان ، هؤلاء المنخرطين بالفعل في ميادين القتال ضد القوات الأمريكية ومن يساندها ، وأولئك الذين ينتظرون اللحظة المناسبة لتلبية النداء لنصرة إخوانهم في مواجهة المعتدي الأمريكي. وكذلك الأمر بالنسبة لتنظيم القاعدة، الذي أصبح بدوره يضم جيل الحرس القديم من أمثال بن لادن والظواهري، ممن يركزون جهودهم في أفغانستان، وكذا الجيل الجديد الذي يضم شبكة واسعة من المقاتلين.
عبد الله صالح
11/09/2004
مجلة العصر
ومنذ سقوط نظام طالبان في أفغانستان نهاية عام 2001, استمرت المقاومة الأفغانيّة المتمركزة قرب الحدود الأفغانية الباكستانية، في تصعيد الصراع مع قوّات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة، وتوريط هذه القوات في حرب عصابات بالمناطق الجبلية الوعرة، كبدتها خسائر فادحة. ويتم التخطيط لهذه الحرب التي تقودها المقاومة الأفغانية من داخل أفغانستان بزعامة الملا عمر وأسامة بن لادن ومن يساعدهما من الكوادر البارزة مثل أيمن الظواهري، وجلال الدين حقاني، وسيف الله منصور، وغيرهم ممن انتقلوا مؤخراً من مناطق القبائل الباكستانية إلى داخل أفغانستان، بعيداً عن أعين المخابرات الباكستانية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
لقد ادعى المسئولون الباكستانيّون مؤخراً أنهم كانوا على وشك الوصول إلى الرؤوس الكبيرة في تنظيم القاعدة، حيث تكثفت المجهودات الباكستانية طوال الأشهر القليلة الماضية لمطاردة فلول تنظيم القاعدة المختبئة في باكستان بسبب الضغوط الأمريكية. وكانت آخر عمليات المداهمة قد وقعت في منطقة قريبة من "شوال" تسمى "جبال بوش" على الحدود الباكستانية الأفغانية، وقد عرفت هذه المنطقة بهذا الاسم لسنوات طويلة، دون أن يكون للاسم أي ارتباط بالولايات المتحدة.
ومنذ أيام، قام الجيش الباكستاني، تسانده عدة مروحيات أمريكية مقاتلة، بمحاصرة مسكن "زارما جان" زعيم قبائل "شوال" والذي أكد للمسئولين تعاونه التام مع الحكومة الباكستانية. وقد قامت القوات الباكستانية بتمشيط مناطق "مانجاروتي", و"داري نيشتار" و"جبال بوش" , براً وجواً على مدى 11 ساعة, ومع ذلك لم تتمكن من الوصول إلى مقاتل أجنبي واحد.
وطبقًا لمصادر مقربة من طالبان، فإن هذه العملية جاءت متأخرة، بعد أن كان المقاتلون الأجانب وكوادر تنظيم القاعدة قد تركوا باكستان بالفعل. ومن هؤلاء "محمود الحق يار" التي تدعي المصادر الأمنية الباكستانية والأمريكية أن الملا عمر أرسله إلى شمال العراق لتدريب مقاتلي "أنصار الاسلام" قبل غزو القوات الأمريكية لأفغانستان..وقد عاد محمود إلى أفغانستان منذ أشهر قليلة، وتم تعيينه في مجلس قيادة طالبان، المشكل من قبل الملا عمر، وأوكلت إليه مهمة رعاية المقاتلين الأجانب وكوادر تنظيم القاعدة ، وتأمين عملية انتقالهم من باكستان إلى الأراضي الأفغانية.
أما سيف الله منصور فهو ابن أحد أبرز زعماء المقاتلين الأفغان في فترة الاحتلال السّوفييتيّ لأفغانستان في الثّمانينيّات, وقد قام بالعديد من العمليات القتالية التي كبدت القوّات السّوفييتيّة خسائر باهظة وأرغمتها على التقهقر عن منطقة "جرديز". وقد توطدت شعبية سيف الله منصور عندما قام في أبريل 2002 بتخطيط وتنفيذ الهجوم الذي قُتِلَ فيه 18 جنديّ أمريكيّ في منطقة "شاهي كوت". وقد اكتسب "جلال الدين حقاني" أيضاً شهرة كبيرة خلال قتاله في صفوف المجاهدين الأفغان وهزيمته للقوات الشيوعية في "خوست"وهي أول مدينة تسقط في يد المجاهدين بعد انسحاب القوات السوفيتية عام 1989.
ومنذ عودته من العراق, أقنع "محمود الحق يار" –حسب مصادر مطلعة- زعماء طالبان بأنهم يحتاجون لتعديل استراتيجيّتهم بحيث تأخذ في الاعتبار الموارد البشريّة والمادّيّة المحدودة . وحاليًّا تواجه طالبان الكثير من المشاكل، وفي مقدمتها عجزهم عن تحقيق الانتشار الواسع لخلاياهم، وتنسيق الهجمات والعمليات القتالية، حيث أصبحت اتصالاتهم مرصودة بدقة من جانب الولايات المتحدة.
وتتضمن خطة "محمود" الاعتماد على توظيف المزيد من المقاتلين العرب المدرّبين بدرجة كبيرة ومنحهم أدواراً قيادية ، وخاصة أن بعض هؤلاء المقاتلين، ممن شاركوا في الحرب في العراق ، قد أصبح خبيراً في تصنيع وتطوير نوعيات معينة من الأسلحة والقنابل.كما تتضمن الخطة الاستفادة من هؤلاء المقاتلين في المدن الأفغانيّة الأساسيّة, مثل "جلال أباد", و"خوست", و"كنار", و"كابول", لإقناع المواطنين بأهداف طالبان، والحصول على تعاطفهم في مواجهة القوات الأمريكية والمشاركة في شن هجمات ضد القوات الأمريكية، التي بدأت في تهدئة الأمور، بهدف توفير الأمن اللازم لإجراء انتخابات الرئاسة الأفغانية في 9 أكتوبر القادم، حيث تدرك الولايات المتحدة أن توسيع نطاق العمليات سوف يؤثر سلباً على أجواء الانتخابات ، فضلاً عن أن الهجمات الأمريكية سوف يتم الرد عليها بأعمال انتقامية من جانب مقاتلي طالبان.
وتستهدف استراتيجيّة "محمود" بصفة خاصّة تدمير المراكز الحكومية والإدارية في المدن الأفغانية الأساسيّة وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، وهو ما يضعف شوكة الولايات المتحدة وأعوانها ، ويخلق حالة من الفراغ الأمني، تتيح لطالبان توسيع نطاق المواجهات ضد القوات الأمريكية.ورغم أن عدد المقاتلين الأفغان و العرب المنتمين لطالبان لا يتجاوز حالياً بضع آلاف، فإن شعبية طالبان آخذة في التزايد ، وخاصة بين الشباب الذين يتلقوا تعليمهم في المعاهد الدينية في باكستان وأفغانستان، والتي يقوم بالتدريس فيها العديد من المجاهدين والمتعاطفين مع نظام طالبان.كما أصبح يلاحظ كثرة التعليقات التي يكتبها المواطنون على الحوائط في المدن الأفغانية ،والتي تتضمن عبارات مثل "تحيا القاعدة" ، "تعيش حركة طالبان"، "الزعيم المؤمن أسامة بن لادن" ، "أمير المؤمنين الملا عمر" ،ولم تكن هذه التعليقات تلاحظ قبل ذلك.
أكثر من هذا ، فإن محلات لعب الأطفال، من قندهار إلى كابول، أصبحت مليئة بدمى وعرائس تغني أناشيد قومية أفغانية "بدون موسيقى" مؤيدة لطالبان، وأصبحت المنتجات التي تحمل شعار بن لادن تحقق أعلى المبيعات.بل أن عمائم طالبان أصبحت منتشرة بين الكثير من شباب المدارس والجامعات ،وحتى بين جمهور كرة القدم في المدرجات.
لقد أصبح في أفغانستان نوعان من الموالين لطالبان ، هؤلاء المنخرطين بالفعل في ميادين القتال ضد القوات الأمريكية ومن يساندها ، وأولئك الذين ينتظرون اللحظة المناسبة لتلبية النداء لنصرة إخوانهم في مواجهة المعتدي الأمريكي. وكذلك الأمر بالنسبة لتنظيم القاعدة، الذي أصبح بدوره يضم جيل الحرس القديم من أمثال بن لادن والظواهري، ممن يركزون جهودهم في أفغانستان، وكذا الجيل الجديد الذي يضم شبكة واسعة من المقاتلين.
عبد الله صالح
11/09/2004
مجلة العصر