غير شكل
15-04-2004, 09:28 AM
د. عبد الله النفيسي
11/04/2004
كان يوري لوبراني ممثل إسرائيل في بلاط الشاه في إيران 1973 ـ 1979 وخبير إسرائيل الأول في شؤون الشيعة والأكراد، وثيق الصلة بالشاه محمد رضا بهلوي وكثير التردد على استراحة الشاه في جزيرة كيش وهو مهندس العلاقات بين الشاه والقيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني). وقد تتبع إفرايم سيجل الكاتب الإسرائيلي يتتبع هذه العلاقة بين القيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني) من جهة والشاه وإسرائيل من جهة ثانية في كتابه (صفقة كرمنشاه ) ويروي في كتابه الخطير كيف كانت كميات ضخمة من الأسلحة الإسرائيلية تشحن من ميناء إيلات الإسرائيلي في خليج العقبة لتعبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب قبالة عدن وكل بحر العرب وصولا إلى مضيق هرمز حيث تستقبلها قطع الأسطول الشاهنشاهي وتعبر بها الخليج العربي وصولا إلى ميناء عبادان حيث يتم تنزيل الأسلحة العادة شحنها في شاحنات الجيش الشاهنشاهي لتعبر الطريق الطويل جدا ما بين عبادان وكرمنشاه -المدينة الإيرانية ذات الأغلبية الكردية المحاذية للعراق- وفي كرمنشاه يتقابل الخبراء العسكريون الإسرائيليون المرافقون لشحنة السلاح مع القيادات الكردية العراقية (طالباني ـ برزاني) لإبرام الاتفاقات والتعاهدات والتدريبات في معركتهم المشتركة، كما يصفها سيجل، ضد بغداد.
هذه عيّنة - فقط عينة- من العلاقات الشاذة التي تورطت فيها القيادات الكردية العراقية تاريخيا بغض النظر عن المظالم الأكيدة التي كان يلقاها أكراد من أنظمة الحكم المتعاقبة على بغداد. وما يعقد موضوع الأكراد في العراق نقطتان هامتان:
أولاهما أن المنطقة التي يقطنونها غنية للغاية بالنفط والمعادن الأخرى الثمينة. وثانيتهما: أن الأكراد (أو الأصح الكرد) ينتشرون في وعاء جغرافي يلامس الأراضي الإيرانية والسورية والتركية ففي كل هذه البلدان الأربعة أقليات كردية وما يمس أقلية في هذا البلد يؤثر على تلك في ذاك البلد مما حول الأكراد إلى (كتلة حرجة) عسيرة الهضم في التعاطي الإقليمي. وجود النفط في المنطقة التي يقطنها الأكراد يجعل المنطقة مستهدفة في استراتيجيات الجوار الجغرافي وانتشار الأكراد بين أربع دول يرفع درجة الانتباه لخطورة وحساسية الموضوع الكردي لما يمثله ويرتبط به من تفريعات جغرافية وإقليمية. لذلك نزعم بأن الموضوع الكردي - خاصة بعد سقوط صدام حسين - أصبح ورقة بيد عتاة التحالف الانجلو ـ أمريكي في العراق يحركونه بالاتجاه الذي يكرس مصالح ذلك التحالف ليس في العراق فحسب بل حتى في إيران وتركيا وسوريا، وسيتحول الأكراد في المرحلة القادمة وفي الدول الأربع إلى حصان طروادة يتمكنون من خلاله خطف سلاح المفاجأة والمبادرة ومن ثم التوغل في التطويع الإقليمي الذي بدأ في المنطقة يظهر شيئاً فشيئا.
وتأسيساً على ذلك وفي ضوء هذا السياق الإقليمي نستطيع القول بأن الأكراد - أو على وجه الدقة الزعامات الكردية الممثلة بطالباني وبرزاني - أصبحوا في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، لا يمثلون قضية عادلة لأنهم تحولوا - فعلاً لا قولاً - مجرد (ورقة سياسية) يلوح بها التحالف الانجلو أمريكي في العراق للعرب - شيعة وسنة - كلما استشعر ذلك التحالف من عرب العراق - شيعة وسنة أيضا - عدم ارتياح أو تململا أو بادرة نحو (يا خيل الله اركبي)، لذلك سنلاحظ أن القوات الأمريكية تتعايش مع الميليشيات الكردية المسلحة في الشمال لا بل تنظر إليها على أنها قوات مكملة ومؤازرة ولا تنادي بنزع سلاحها، بينما سنلاحظ أن القوات الأمريكية والبريطانية لا تستطيع بالمقابل أن تتعايش مع ميليشيات الشيعة (قوات بدر مثلاً) ولا تطيق أن ترى سنيا عربيا يمتشق "كلاشاً" في الرمادي داخل ما يسمى بالمثلث السني الذي تبلغ مساحته أكثر من كل مساحة انجلترا.
"الزبون الأولى بالرعاية والعناية"، هكذا يعامل بريمر القيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني)، ذلك لأنه يعلم أن الأكراد رهائن تاريخيون لأية قوة خارجية تريد أن تهيمن على العراق وأن الخيارات أمامهم شحيحة ونادرة وأنهم في جزيرة يحيط بها البحر من كل جانب (وهو بحر مدلهم تسبح فيه حيتان العرب والفرس والترك).
11/04/2004
كان يوري لوبراني ممثل إسرائيل في بلاط الشاه في إيران 1973 ـ 1979 وخبير إسرائيل الأول في شؤون الشيعة والأكراد، وثيق الصلة بالشاه محمد رضا بهلوي وكثير التردد على استراحة الشاه في جزيرة كيش وهو مهندس العلاقات بين الشاه والقيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني). وقد تتبع إفرايم سيجل الكاتب الإسرائيلي يتتبع هذه العلاقة بين القيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني) من جهة والشاه وإسرائيل من جهة ثانية في كتابه (صفقة كرمنشاه ) ويروي في كتابه الخطير كيف كانت كميات ضخمة من الأسلحة الإسرائيلية تشحن من ميناء إيلات الإسرائيلي في خليج العقبة لتعبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب قبالة عدن وكل بحر العرب وصولا إلى مضيق هرمز حيث تستقبلها قطع الأسطول الشاهنشاهي وتعبر بها الخليج العربي وصولا إلى ميناء عبادان حيث يتم تنزيل الأسلحة العادة شحنها في شاحنات الجيش الشاهنشاهي لتعبر الطريق الطويل جدا ما بين عبادان وكرمنشاه -المدينة الإيرانية ذات الأغلبية الكردية المحاذية للعراق- وفي كرمنشاه يتقابل الخبراء العسكريون الإسرائيليون المرافقون لشحنة السلاح مع القيادات الكردية العراقية (طالباني ـ برزاني) لإبرام الاتفاقات والتعاهدات والتدريبات في معركتهم المشتركة، كما يصفها سيجل، ضد بغداد.
هذه عيّنة - فقط عينة- من العلاقات الشاذة التي تورطت فيها القيادات الكردية العراقية تاريخيا بغض النظر عن المظالم الأكيدة التي كان يلقاها أكراد من أنظمة الحكم المتعاقبة على بغداد. وما يعقد موضوع الأكراد في العراق نقطتان هامتان:
أولاهما أن المنطقة التي يقطنونها غنية للغاية بالنفط والمعادن الأخرى الثمينة. وثانيتهما: أن الأكراد (أو الأصح الكرد) ينتشرون في وعاء جغرافي يلامس الأراضي الإيرانية والسورية والتركية ففي كل هذه البلدان الأربعة أقليات كردية وما يمس أقلية في هذا البلد يؤثر على تلك في ذاك البلد مما حول الأكراد إلى (كتلة حرجة) عسيرة الهضم في التعاطي الإقليمي. وجود النفط في المنطقة التي يقطنها الأكراد يجعل المنطقة مستهدفة في استراتيجيات الجوار الجغرافي وانتشار الأكراد بين أربع دول يرفع درجة الانتباه لخطورة وحساسية الموضوع الكردي لما يمثله ويرتبط به من تفريعات جغرافية وإقليمية. لذلك نزعم بأن الموضوع الكردي - خاصة بعد سقوط صدام حسين - أصبح ورقة بيد عتاة التحالف الانجلو ـ أمريكي في العراق يحركونه بالاتجاه الذي يكرس مصالح ذلك التحالف ليس في العراق فحسب بل حتى في إيران وتركيا وسوريا، وسيتحول الأكراد في المرحلة القادمة وفي الدول الأربع إلى حصان طروادة يتمكنون من خلاله خطف سلاح المفاجأة والمبادرة ومن ثم التوغل في التطويع الإقليمي الذي بدأ في المنطقة يظهر شيئاً فشيئا.
وتأسيساً على ذلك وفي ضوء هذا السياق الإقليمي نستطيع القول بأن الأكراد - أو على وجه الدقة الزعامات الكردية الممثلة بطالباني وبرزاني - أصبحوا في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، لا يمثلون قضية عادلة لأنهم تحولوا - فعلاً لا قولاً - مجرد (ورقة سياسية) يلوح بها التحالف الانجلو أمريكي في العراق للعرب - شيعة وسنة - كلما استشعر ذلك التحالف من عرب العراق - شيعة وسنة أيضا - عدم ارتياح أو تململا أو بادرة نحو (يا خيل الله اركبي)، لذلك سنلاحظ أن القوات الأمريكية تتعايش مع الميليشيات الكردية المسلحة في الشمال لا بل تنظر إليها على أنها قوات مكملة ومؤازرة ولا تنادي بنزع سلاحها، بينما سنلاحظ أن القوات الأمريكية والبريطانية لا تستطيع بالمقابل أن تتعايش مع ميليشيات الشيعة (قوات بدر مثلاً) ولا تطيق أن ترى سنيا عربيا يمتشق "كلاشاً" في الرمادي داخل ما يسمى بالمثلث السني الذي تبلغ مساحته أكثر من كل مساحة انجلترا.
"الزبون الأولى بالرعاية والعناية"، هكذا يعامل بريمر القيادات الكردية في العراق (طالباني ـ برزاني)، ذلك لأنه يعلم أن الأكراد رهائن تاريخيون لأية قوة خارجية تريد أن تهيمن على العراق وأن الخيارات أمامهم شحيحة ونادرة وأنهم في جزيرة يحيط بها البحر من كل جانب (وهو بحر مدلهم تسبح فيه حيتان العرب والفرس والترك).