*بنت العرب*
26-03-2003, 01:11 AM
العراق لم ينهر، ميناء ام قصر الصغيرالذي لم يبق منه الا شارعان بعد أخذ الكويت نصفه يقاوم لليوم الرابع، بينما تستعصي البصرة علي المحاولات الامريكية البريطانية اليائسة لاقتحامها.
الحرب النفسية الامريكية علي العراق بدأت تتقهقر مهزومة علي صخرة الصمود العراقي. فالرئيس العراقي لم يقتل، ونائبه طه ياسين رمضان الذي من المفترض انه في الدار الاخرة ظهر في مؤتمر صحافي علني امام اجهزة الاعلام العالمية.
آلة الدعاية الامريكية قالت ان الفرقة الواحدة والخمسين في الجيش العراقي استسلمت بالكامل لقوات التحالف، ليفاجئنا قائدها بالظهور علي شاشة الجزيرة، من قلب مدينة البصرة، محاطاً بالعشرات من جنوده.
توقعنا ان تعتمد الآلة الدعائية العراقية المتخلفة و غير الحضارية علي المبالغة في تضخيم خسائر الاعداء، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، جاء الاداء الاعلامي العراقي علي غير العادة متميزا. يعتمد علي الحقائق المجردة، والمعلومات الدقيقة.
العراق يقول انه اسقط طائرة معادية، البنتاغون يكذّب، فيرد العراق بتقديم طيارين جري اسرهم. يعلن طه ياسين رمضان في مؤتمر صحافي انه جري اسر مجموعة من الجنود الامريكيين في سوق الشيوخ رامسفيلد يكذّب الخبر، مرة اخري، فيقرر العراق ظهور هؤلاء علي شاشات التلفزة، فيعلن متحدث باسم البنتاغون ان عشرة جنود امريكيين في عداد المفقودين.
الادارة الامريكية تقول انها تتجنب المدن حتي لا توقع خسائر في المدنيين، فتقدم لنا قناة الجزيرة صوراً مفجعة لعشرات الاطفال والمدنيين العراقيين الذين قتلتهم القنابل العنقودية الامريكية.
العراقيون قالوا لنا انهم سيبيضون وجوه العرب هذه المرة، ويبدو انهم يعنون ما يقولون، فها هم يصمدون لليوم الرابع ويسقطون طائرات ويأسرون جنوداً، ويوقفون التقدم الامريكي.
والاهم من كل هذا تلك الوحدة الوطنية الرائعة التي انعكست في جميع المدن العراقية، حيث اثبت الاشقاء الشيعة، وهم الاغلبية، انهم اكثر وطنية من الجميع، ويتمتعون بولاء عظيم لوطنهم، علي عكس ما حاولت بعض فصائل المعارضة العراقية المرتبطة بامريكا تصويرهم.
الشعب العراقي تجاوز جزءاً كبيراً من المحنة، مثلما تجاوز عقدة الخوف من الامريكان، واصبح اكثر ايماناً بنفسه وقدراته، الامر الذي سيضع الامريكان وحلفاءهم البريطانيين في ورطة كبيرة.
الدلائل تشير الي ان فيتنام العراقية قد تكون بدأت بالفعل وان الرئيس الامريكي جورج بوش سيواجه اياماً عصيبة للغاية. فمعظم الاسري الذين عرضهم التلفزيون العراقي هم من تكساس بلد الرئيس نفسه.
الانتصار المعنوي الذي حققه العراقيون بصمودهم الاسطوري امام الآلة العسكرية الامريكية الجبارة ستكون له آثار عظيمة في الشارع العربي، مثلما سيشكل هزة للانظمة العربية الرسمية التي تواطأت وتحالفت مع العدوان الامريكي.
ومثلما اعاد الجندي المصري الثقة الي العرب جميعاً بقتاله البطولي في حرب رمضان عام 1973، بعد ان انهارت هذه الثقة بسبب هزيمة حزيران عام 1967 المخجلة، ها هو الجندي العراقي يمسح الاثار السلبية لاستسلام الجنود العراقيين المهين اثناء حرب الكويت عام 1991.
لاشك ان الانظمة العربية الفاسدة والديكتاتورية تلقت انباء الصمود العراقي بحزن كبير وخيبة امل اكبر، فالرئيس المصري حسني مبارك عميد الزعماء العرب قال امس انه كان يأمل ان تكون هذه الحرب سريعة مثلما وعده الرئيس بوش، ولكنها لا تبدو كذلك.
ومن المفارقة ان الكويت التي ينطلق من ارضها العدوان الامريكي قالت انها تصر علي ان يتضمن بيان وزراء الخارجية العرب فقرة تدين العدوان العراقي عليها، وايدتها الدول الخليجية الاخري. ولا نعرف ما هو، واين هو العدوان العراقي علي الكويت، وكيف تؤيد دول الخليج الاخري هذه الاكذوبة المخجلة.
ما يثير الحنق ان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي الذي كان يتصرف كالطاووس قبل بداية العدوان، اعتبر عرض العراقيين لصور الاسري والقتلي الامريكيين مخالفاً لمعاهدة جنيف بشأن معاملة الاسري، وطالب الحكومة العراقية باحترام هذه الاتفاقية. تري اليس قتل سبعين عراقياً مدنياً في قلب البصرة بالقنابل العنقودية يتطابق مع بنود هذه المعاهدة؟ وهل قصف بغداد بالقنابل الاضخم يتناغم مع القانون الدولي؟
الصمود العراقي اعاد الاعتبار للمواطن العربي، مثلما اعاد الثقة لقدراته، ووضع العرب والمسلمين علي اعتاب مرحلة جديدة، لعلها نهضة، لعلها انتفاضة كرامة، لعلها بداية النصر.
العراقيون لم يستقبلوا القوات الامريكية الغازية رقصاً علي انغام الدفوف، وبباقات الورود والرياحين، مثلما كان يردد مستشارو البنتاغون من العراقيين المتأمركين. وهذا في حد ذاته مؤشر لمدي الورطة التي ورط فيها هؤلاء الرئيس بوش وتابعه بلير بـ نصائحهم و خبراتهم العظيمة!
عبدالبارى عطوان
الحرب النفسية الامريكية علي العراق بدأت تتقهقر مهزومة علي صخرة الصمود العراقي. فالرئيس العراقي لم يقتل، ونائبه طه ياسين رمضان الذي من المفترض انه في الدار الاخرة ظهر في مؤتمر صحافي علني امام اجهزة الاعلام العالمية.
آلة الدعاية الامريكية قالت ان الفرقة الواحدة والخمسين في الجيش العراقي استسلمت بالكامل لقوات التحالف، ليفاجئنا قائدها بالظهور علي شاشة الجزيرة، من قلب مدينة البصرة، محاطاً بالعشرات من جنوده.
توقعنا ان تعتمد الآلة الدعائية العراقية المتخلفة و غير الحضارية علي المبالغة في تضخيم خسائر الاعداء، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، جاء الاداء الاعلامي العراقي علي غير العادة متميزا. يعتمد علي الحقائق المجردة، والمعلومات الدقيقة.
العراق يقول انه اسقط طائرة معادية، البنتاغون يكذّب، فيرد العراق بتقديم طيارين جري اسرهم. يعلن طه ياسين رمضان في مؤتمر صحافي انه جري اسر مجموعة من الجنود الامريكيين في سوق الشيوخ رامسفيلد يكذّب الخبر، مرة اخري، فيقرر العراق ظهور هؤلاء علي شاشات التلفزة، فيعلن متحدث باسم البنتاغون ان عشرة جنود امريكيين في عداد المفقودين.
الادارة الامريكية تقول انها تتجنب المدن حتي لا توقع خسائر في المدنيين، فتقدم لنا قناة الجزيرة صوراً مفجعة لعشرات الاطفال والمدنيين العراقيين الذين قتلتهم القنابل العنقودية الامريكية.
العراقيون قالوا لنا انهم سيبيضون وجوه العرب هذه المرة، ويبدو انهم يعنون ما يقولون، فها هم يصمدون لليوم الرابع ويسقطون طائرات ويأسرون جنوداً، ويوقفون التقدم الامريكي.
والاهم من كل هذا تلك الوحدة الوطنية الرائعة التي انعكست في جميع المدن العراقية، حيث اثبت الاشقاء الشيعة، وهم الاغلبية، انهم اكثر وطنية من الجميع، ويتمتعون بولاء عظيم لوطنهم، علي عكس ما حاولت بعض فصائل المعارضة العراقية المرتبطة بامريكا تصويرهم.
الشعب العراقي تجاوز جزءاً كبيراً من المحنة، مثلما تجاوز عقدة الخوف من الامريكان، واصبح اكثر ايماناً بنفسه وقدراته، الامر الذي سيضع الامريكان وحلفاءهم البريطانيين في ورطة كبيرة.
الدلائل تشير الي ان فيتنام العراقية قد تكون بدأت بالفعل وان الرئيس الامريكي جورج بوش سيواجه اياماً عصيبة للغاية. فمعظم الاسري الذين عرضهم التلفزيون العراقي هم من تكساس بلد الرئيس نفسه.
الانتصار المعنوي الذي حققه العراقيون بصمودهم الاسطوري امام الآلة العسكرية الامريكية الجبارة ستكون له آثار عظيمة في الشارع العربي، مثلما سيشكل هزة للانظمة العربية الرسمية التي تواطأت وتحالفت مع العدوان الامريكي.
ومثلما اعاد الجندي المصري الثقة الي العرب جميعاً بقتاله البطولي في حرب رمضان عام 1973، بعد ان انهارت هذه الثقة بسبب هزيمة حزيران عام 1967 المخجلة، ها هو الجندي العراقي يمسح الاثار السلبية لاستسلام الجنود العراقيين المهين اثناء حرب الكويت عام 1991.
لاشك ان الانظمة العربية الفاسدة والديكتاتورية تلقت انباء الصمود العراقي بحزن كبير وخيبة امل اكبر، فالرئيس المصري حسني مبارك عميد الزعماء العرب قال امس انه كان يأمل ان تكون هذه الحرب سريعة مثلما وعده الرئيس بوش، ولكنها لا تبدو كذلك.
ومن المفارقة ان الكويت التي ينطلق من ارضها العدوان الامريكي قالت انها تصر علي ان يتضمن بيان وزراء الخارجية العرب فقرة تدين العدوان العراقي عليها، وايدتها الدول الخليجية الاخري. ولا نعرف ما هو، واين هو العدوان العراقي علي الكويت، وكيف تؤيد دول الخليج الاخري هذه الاكذوبة المخجلة.
ما يثير الحنق ان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي الذي كان يتصرف كالطاووس قبل بداية العدوان، اعتبر عرض العراقيين لصور الاسري والقتلي الامريكيين مخالفاً لمعاهدة جنيف بشأن معاملة الاسري، وطالب الحكومة العراقية باحترام هذه الاتفاقية. تري اليس قتل سبعين عراقياً مدنياً في قلب البصرة بالقنابل العنقودية يتطابق مع بنود هذه المعاهدة؟ وهل قصف بغداد بالقنابل الاضخم يتناغم مع القانون الدولي؟
الصمود العراقي اعاد الاعتبار للمواطن العربي، مثلما اعاد الثقة لقدراته، ووضع العرب والمسلمين علي اعتاب مرحلة جديدة، لعلها نهضة، لعلها انتفاضة كرامة، لعلها بداية النصر.
العراقيون لم يستقبلوا القوات الامريكية الغازية رقصاً علي انغام الدفوف، وبباقات الورود والرياحين، مثلما كان يردد مستشارو البنتاغون من العراقيين المتأمركين. وهذا في حد ذاته مؤشر لمدي الورطة التي ورط فيها هؤلاء الرئيس بوش وتابعه بلير بـ نصائحهم و خبراتهم العظيمة!
عبدالبارى عطوان