PDA

View Full Version : تجمع فيه الصّد، والصّدْم، والدّم


ArabDev
26-01-2003, 09:19 AM
تجمع يا صدام باسمك وحده
ثلاثة أوزار به تتحكم.
بماذا سيوحى اسم لحامله،
تجمع فيه الصد، والصدم، والدم
الجواهري

شاعر وأديب وإذاعي عريق عاصر الانقلابات وكان أحد أتراب صدام حسين، أدرك فيه الدهاء والرعونة والمراوغة وحب السيطرة... غايته الرعونة وإن خلّف جرما أو ترك ظلما. كان يسحق كل من يقف في طريقه من خصوم وأصدقاء ورفاق وذوي القربى، وقالها في عرش السلطة إنه سوف يحمل السلاح وإن فني الشعب العراقي ولم تبق إلا امرأة واحدة.
عايشه في الصغر وفي المراحل الأولى التعليمية ولما تولى قيادة السلطة ابتعد عنه لما رأى عجلة البقاء تحصد المقربين منه..
الشاعر الأديب والإذاعي الذي وصل صوته المميز لأقطار الأمة العربية وخالط رؤساء الدول العربية، وكان صوته يعلو مع كل انقلاب بين دوي الرصاص وتقاذف النيران حتى في استوديوهات الإذاعة، وتراشق الرشاشات عند باب الإذاعة لقراءة البيان الأول في كل انقلاب.
إنه الأستاذ الشاعر والإذاعي القدير ابراهيم الزبيدي...
ذهبت كل الأصوات الإذاعية المعروفة في العراق وبقي صوته على كثب من الفراتين وقاب قوسين من نخيل العراق الباسقة، يصدح بصوت المعارضة العراقية.
لقد أهداني نسخة من مخطوطه، وتمنى أن تحتضنه صحيفة كويتية، أوصلت نسخة منه إلى مسؤول صحفي كبير للنظر في أمر نشره وطباعته..
لا أريد أن ألقي دائرة كبرى من الضوء حول هذا الكتاب لكي لا أحرقه ولكني سأتابع بدائرة صغيرة كانت تسلط على الصبي الشقي المتشاجر الصياد في النهر، والبنّاء الذي يقيم جدارا من الطين ويبني غرفة مع رفاقه الصغار ونساء الدار... وذلك الذي يمتشق السلاح مبكرا ليرتكب جرائم يراوغ فيها دون أن يصطاده رقباء الأمن.
يقول الأستاذ ابراهيم الزبيدي: «بعد غزو الكويت تشجعت ونشرت واحدة من تلك الحكايات الفريدة التي لا يعرفها غير القليلين من أبناء جيلي عن صدام حسين وأهله وطفولته والآن أجد نفسي قد انتهيت من الإعداد لكتاب حول ذكرياتي مع صدام وسيرتي الحياتية والحديث عن (دولة الاذاعة) رأس الحربة لكل تغيير سياسي».
مدن العراق التي تحتضن الأضرحة والعتبات المقدسة تجدها أكثر انتعاشا بحركة اقتصادها، ويؤمها الزوار من داخل وخارج العراق وهناك مدن خلقت لنفسها أضرحة وادعت أنها للصحابة أو التابعين، ولأناس صالحين لتجتذب لها مورد رزقها..
تكريت هي من المدن الفقيرة البائسة التي لم يتمكن أهلها من احتضان ضريح أو إيواء أحد الصالحين ليكون بعد موته مصدر ثراء لهذه المدينة..
يقول المؤلف: إن تكريت قد تكون أكثر من غيرها توقفا عن مسيرة الحياة المدنية بالمقارنة مع المدن العراقية الأخرى... فسامراء مثلا كانت أكثر ازدهارا وانتعاشا اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا بسبب وجود ضريح الإمامين علي الهادي وحسن العسكري عليهما السلام، الأمر الذي يحمل إليها سنويا أقواما متعددة ومتنوعة للزيارة مع ما يعنيه ذلك من إنفاق على الأكل والمنام والتبضع بالهدايا وما يفرضه على المدينة من واقع مختلف عن تكريت اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا. ولعل هذا ما أثار الحزازات بين أهالي سامراء وتكريت وجعل سامراء «قضاء» تابعا للواء محافظة بغداد وكانت تكريت «ناحية» تابعة لها.

العوجة

العوكة قرية بجنوب تكريت تبعد عنها أحد عشر كيلو مترا، وهي خليط بشري ليس بينهم أي رابط عشائري، وهم فقراء يسود فيهم الجهل ومنبوذون من قبل أهل تكريت والمدن القريبة منهم، وأهل العوجة كانوا يمتهنون الأعمال الوضيعة ويحملون الأسلحة وتكثر فيهم أعمال الجرائم والسرقات.
ورغم فقر مدينة تكريت إلا أن أهل العوجة كانوا يرون فيها رزقا ومكسبا...
زحف الكثير منهم إلى تكريت ولقبوا أنفسهم بالتكارتة على كره من أهلها كما فعل صدام وأخوه برزان وهما ليسا من أهل تكريت...

دجاجة عمتي

يقول المؤلف: كانت لي عمة نلعب في فناء بيتها أنا «ابراهيم الزبيدي»، وعدنان خيرالله وأخته ساجدة - زوجة صدام فيما بعد - وأمها «ليلو» مطلقة خيرالله، كانت عمتي تربي الدجاج وتبيع بيضه وفي يوم خرجت وتركت المنزل خاليا ولما عادت أحصت دجاجاتها فوجدتها ناقصة فأطلّت على البيت الملاصق من ثلمة في الجدار الطيني فرأت العائلة يحيطون بقدر على النار، الزوج ابراهيم العبد يعمل شرطيا والزوجة ليلى الطلفاح، فذهبت عمتي مسرعة وحملت القدر وجاءت به وكان يحتوي على الدجاجة المسروقة ثم جادت عليهم بشرط منها ليأكلوه حلالا بدل الأكل الحرام.

البناء

اقترح عدنان خيرالله ان نبني غرفة في وسط الفناء، كنا نحن البنائين للغرفة أنا «الزبيدي» وصدام حسين وعدنان خيرالله وساجدة... أنا وصدام في أعلى الجدار وساجدة تعمل الطين وتناوله لنا مع اللبن الطوب..
ساجدة زوجة صدام التي كتبتُ عنها قبل أيام عندما طلبت من مدير البنك المركزي مليون دينار في أيام عز الدينار وارتفاعه، ولما أراد أن يستشير صدام أقيل من منصبه وهو في الطريق فأمرت بجلب الأموال في القصر باسم الدائرة المالية لتكون بين يدي العائلة.
ويقول: كان بيننا من عائلة صدام شخص يدعى (دهام) مجرم يهابه الجميع وعرف بأنه قد قتل أحد أعمامه ولم تقبض عليه الشرطة خوفا من انتقامه.
وكان صدام يعمل قنبلة خاصة ويرميها في النهر فيطفو السمك ميتا ونسارع في التقاطه وكان صدام على رأس الأشقياء من الصبيان.
ويقول المؤلف ابراهيم الزبيدي في جرائم صدام إنه دخل ثانوية تكريت وكان صدام معه وكان يدربهم في الألعاب الرياضية مدرس كردي قوي البنية، يختار أحد التلاميذ ويلاكمه... فمرة اختار صدام وأذاقه لكمات ووخزه في ظهره وفي يوم استعار صدام فرسا وسلاحا فذهب إلى بيت المدرس «كاكا عزيز» ليلا فطرق الباب فقام لفتحه أخوه فهزاد وما أن فتح الباب حتى أطلق صدام عليه النار وهرب بفرسه، قام كاكا عزيز باتهام صدام فتوجهت الشرطة إلى منزل ليلى طلفاح حيث صدام فوجدوه نائما وليس فيه فرس ولا سلاح وبعد فترة خبّـر صدام ابراهيم الزبيدي أنه هو الذي أطلق النار وحسب الذي فتح الباب «كاكا عزيز» وفي الحال أعاد السلاح والفرس إلى العوجة ورجع ثم نام بفراشه وكأن شيئا لم يكن... هذه طفولة صدام وفي أول صباه حيث زاول الإجرام ونشأ عليه..


من مقال لعبدالله خلف
http://www.alwatan.com.kw/default.aspx?page=5&topic=150967