View Full Version : آخر وصية
البراء
26-03-2002, 01:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي في الله
كنت أتصفح موقع مكز الإمام الألباني رحمه الله تعالى وشدني ما كتب رحمه الله في وصيته فنقلتها لكم للفائدة .
أوصي زوجتي و أولادي و أصدقائي و كل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعوا لي بالمغفرة و الرحمة - أولاً - و ألا يبكون علي نياحةً أو بصوت مرفوع.
و ثانياً: أن يعجلوا بدفني، و لا يخبروا من أقاربي و إخواني إلا بقدر ما يحصل بهم واجب تجهيزي، و أن يتولى غسلي (عزت خضر أبو عبد الله) جاري و صديقي المخلص، و من يختاره - هو لإعانته على ذلك.
و ثلثاً: اختيار الدفن في أقرب مكان؛ لكي لا يضطر من يحمل جنازتي إلى وضعها في السبارة؛ و بالتالي يركب المشيعون سياراتهم، و أن يكون القبر في مقبرة قديمة يغلب على الظن أنها سوف لا تنبش ...
و على من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان خارجها من أولادي - فضّلاً عن غيرهم - إلا بعد تشييعي، حتى لا تتغلب العواطف، و تعمل عملها، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي.
سائلاً المولى أن ألقاه و قد غفر لي ذنوبي ما قدمت ز ما أخرت ...
و أوصي بمكتبتي - كلها - سواءً ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً أو مخطوطاً - بخطي أو بخط غيري - لمكتبة الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة؛ لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و السنّة، و على منهج السلف الصالح - يوم كنت مدرساً فيها - راجياً من الله - تعالى - أن ينفع بها روادها كما نفع بصاحبها - يومئذ - طلابها، و أن بنفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.
ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ و على والديَّ و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إنّي من المسلمين
و كتب الفقير إلى رحمة ربّه
محمد ناصر الدين الألباني
رحم الله شيخنا العلامة الجهبذ محمد ناصر الدين الألباني .
أخوكم في الله البراء
البراء
26-03-2002, 01:37 PM
هو محمد ناصر الدين بن نوح بن آدم نجاتي، الألباني مولداً، الدمشقي إقامة، الأردني مهجراً و وفاةً.
ولد في أشقودرة -عاصمة ألبانية- سنة (1332هـ = 1914م)، و إليها ينسب.
محدث، فقيه، داعية إلى الكتاب و السنة و على منهج السلف الصالح، و مؤلف متقن، و عالم متفنن.
كان والده الحاج نوح من كبار علماء الحنفية في بلده، و في أثناء حكم العلماني الهالك أحمد زوغو لألبانية كان ثمّة تضييق شديد على المسلمين؛ فهاجر -بسببه- الحاج نوح -مع جميع أبنائه، و منهم محمد ناصر الدين -فراراً بدينه إلى بلاد الشام؛ لما ورد فيها من فضائل و مناقب في السنّة النبوية، و هناك استقر بهم المقام.
و منها -بعد نحو خمسين عاماً- هاجر الشيخ إلى عمّان عاصمة الأردن، و بها قضى بقية حياته؛ عالماً معلّماً، فقيهاً مربياً.
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة تابعة لجمعية الإسعاف الخيري في دمشق -عاصمة سورية-؛ موئل العلم لقرون كثيرة غابرة مستفيداً من عدد من الشيوخ و أهل العلم؛ من أمثال والده الحاج نوخ، و الشيخ سعيد البرهاني، و غيرهما.
حبّب الله -سبحانه- إليه علم الحديث النبوي في مقتبل عمره، و بواكير شبابه، و ذلك حين اطلاعه على مقتالات علمية للشيخ محمد رشيد رضا في مجلة (المنار)؛ نقداَ لروايات واهية ذكرها أبو حامد الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين".
أجازه الشيخ محمد راغب الطبّاخ -مؤرخ حلب و محد
ذثها- بمروياته المجموعة في ثبته المسمى "الأنوار الجليّة في مختصر الأثبات الحلبية"، و ذلك حين رأى نبوغه و ألمعيته، و ألق ذهنه و فهمه، و رغبته العالية في تحصيل العلوم الإسلامية و المعارف الحديثيّة.
ابتدأ التأليف و التصنيف في أوائل العقد الثاني من عمره، فكان من أول مؤلفاته الفقهيّة المبنيّة على معرفة الدليل و الفقه المقارن كتاب "تحذير الساجد من اتّخاذ القبور مساجد" -وهو مطبوع مراراً- و كان من أوائل تخاريجه الحديثيّة المنهجيّة -أيضاً- كتاب "الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير"، -و لا يزال مخطوطاً-.
دعي من قبل عدد من الجامعات الإسلاميّة، و المراكز العلميّة لتولي مناصب رفيعة فيها، فواجه معظمها بالاعتذار؛ لشواغله العلمية الكثيرة.
تولى تدريس مادة الحديث النبوي في الجامعة الاسلاميّة -بالمدينة النبويّة- إبان افتتاحها، مدة ثلاث سنين، بدءاً من سنة (1381هـ)؛ ممّا كان له -بسببه- أعظم الأثر في إيجاد نهضة علميّة حديثيّة واسعة على نطاق العالم كلّه، و عل جميع المستويات: على المستوى الرسميّ؛ و ذلك باهتمام الجامعات عامّة بذلك، حيث قدّمت مئات الرسائل الجامعية المتخصصة في علم الحديث، و على المستوى الشعبي العامّ؛ حيث توجه عذذ كبير من طلاب العلم لدراسة علم الحديث و التخصص فيه، و غيّر ذلك ممّا وحد بعده، و صار أثراً من آثاره.
و من أكبر دليل على ذلك: هذا الكمّ الكبير من الكتب الحديثيّة المحققة، و الفهارس الحديثيّة المصنفة، مما لم يكن أكثره معروفاً من قبل.
و هذا الأثر -لجلائه و وضوحه- لا ينكره أحد، حتى المخالفون لشيخنا، المعارضون لمنهجه.
أثنى عليه كبار العلماء، و أئمة الزمان، و سألوه \، و قدموه، و استفتوه، و راسلوه.
و لو عدّوا -حفظ الله أحياءهم،و رحم أمواتهم-: لما أحصوا، و على رأسهم سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز؛ فقد كان عظيم التقدير و الإكبار له -رحمهما الله تعالى-.
و تلاميذ الشيخ و طلابه - سواءً من تلقّى العلم على يديه في الجامعة، أم في حلقاته العلميّة الخاصة، أم على تآليفه -كثيرون منتشرون - بحمد الله - في جميع أنحاء العالم؛ ينشرون صحيح العلم، و يدعون إلى صفيّ المنهج بقوةٍ و ثبات.
قضى الشيخ - رحمه الله تعالى - حياته كلها داعياً إلى الله - تعالى - على بصيرةٍ مؤصلاً لمنهج (التصفية و التربية)، - المبنيّ على العلم و التزكية - معلماً فاضلاً، و مربياً صادقاً؛ تربيّنا عليه - و الله - بمنهجه، و مواقفه، و آدابه، و عالي سلوكه، و رفيع أخلاقه، و رقة قلبه: الشيء الكثير، و الجم الغفير.
و للشيخ - رحمه اله تعالى - صفات حميدة عديدة، من أظهرها و أجلاها، و أبينها و أعلاها: دقته العلميّة البالغة، و جدّه، و مثابرته، و جلده، و صلابته في الحقّ، و رجوعه إلى الصواب، و صبره على مشاقّ العلم و الدعوة، و تحمّله الأذى في سبيل ذلك كلّه صابراً محتسباً.
و من أعظم ما يميّز الشيخ - رحمه الله - عن كثير من إخوانه أهل العلم: نصرته للسنّة و أهلها، و ثباته على منهج السلف الصالح، و محبة دعاته، و ردّه على المنحرفين على اختلاف درجاتهم، و تنوع دركاتهم، بوضوح بيّن، و صراحة نادرة.
و قد حظي الشيخ - رحمه الله - بقبولٍ عظيم من صالحي المسلمين في أرجاء الدنيا - كلها -، و نال شهرةً واسعةً عريضةً في أقطار العالم أجمع؛ مع أنه لم يطلبها، و لم يسع إليها، بل كان يهرب منها، و يفرّ عنها،و يكرّر - دائماً - قوله: "حب الظهور يقصم الظهور". - رحمة الله عليه -.
و لم يكن لأحد من خلق الله عليه فضلٌ و لا منّةٌ في أيّ شأن من شؤون الدنيا؛ فعلمه سفيره، و صبره رائده؛ فهو عصاميٌّ صابرٌ مصابرٌ، و مجتهدٌ جادٌّ مثابرٌ.
و لم يزل الشيخ - رحمه الله - مكباً على العلم، دؤوباً على التصنيف - مثابراً على التحصيل و الإفادة - إلى سنّ السادسة و الثمانين من العمر؛ ما انقطع عن التأليف و الكتابة و التخريج إلا في الشهرين الأخيرين من عمره - عند وهن قوّته -على تعلّق قلبه بذلك -؛ إلى أن توفّاه الله - سبحانه - قُبيل غروب شمس يوم السبت لثمانية أيام بقيت من شهر جمادى الآخرة من سنة 1420هـ، وفق تاريخ: 2/10/1999م.
و قد صلّى على الشيخ - مساء يوم موته نفسه - خلائق من النّاس - في مصلّى - يزيد عددهم على خمسة آلاف، بالرغم من أن تجهيزه، و الصلاة عليه، و دفنه: تمّ بأسرع وقت ممكن - تطبيقاً لوصيّته التي حرص فيها على التزام السنّة النبوية و تطبيقها -.
و قد تأثر بفقده العلماء، و الطّلاّب، و العامّة.
و ذكره و أثنى عليه - عند وصول نبإ وفاته - جلّة أهل العلم؛ منهم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - المفتي العام للمملكة العربيّة السعوديّة -، و فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -، و فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين، و فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمّد آل الشيخ، و غيرهم.
جزاك الله خيرا أخي البراء
"إنك ميت وإنهم ميتون"،و لا إله إلا الله
رحم الله الشيخ الألباني فقد ورث علماً غزيراً في السنة النبوية .