PDA

View Full Version : حوار مع أحمد أمين ( 2-3 )


الطارق
18-07-2001, 02:47 PM
الطارق : وكان ناظر ( مدير ) المدرسة عاطف بك بركات ، الذي كان له دور في حياتك ؟!

أحمد أمين : نعم .. فقد كنت اعتبره الأب الروحي الثاني بعد والدي .
قد عيني بعد تخرجي معيدا في هذه المدرسة ، واختارني معيدا معه في دروس الأخلاق وقد كان هذا سببا في اتصالي وتعلقي به سنين ( 13 )

الطارق : وقد أخذت العلوم في هذه المدرسة من مشاهير ذلك العصر في القاهرة ومن المستشرقين ؟!

أحمد أمين : نعم .. مثل الشيخ الخضري و الشيخ المهدي أحمد فهمي العمروسي بك وعلي بك فوزي ومحمد بك زكي وأحمد بك أمين وناظرنا عاطف بك بركات ومن المستشرقين الأستاذ نللينو وغيرهم ( 14 )

الطارق : وقد حدث في أثناء دراستك فاجعتان في حياتك في تلك الفترة في ما يخص أسرتك ؟!

أحمد أمين : نعم .. فد توفي أخوي في تلك الفترة فقد توفي أخي الأصغر الذي يبلغ من العمر ستة عشر نتيجة الحمى التيفودية ، وقد أصاب أهلي الحزن بسب هذه الحادثة .
ثم توفي أخي الأكبر في الخامسة والثلاثين من عمره من شلل أصابه بعد انفجار في المخ ولم يبقى طويلا حتى توفي ( 15)

الطارق : حسنا .. هي الدنيا هكذا ... نكمل موضوعنا .. تخرجت من مدرسة القضاء وعينت معيدا كما ذكرنا من قبل .. نود أن تكمل ماذا حدث بعد ذلك ؟!

أحمد أمين : نعم بقيت مدرسة في هذه المدرة مدة سنتين من الزمن .. كما أني أخذت أتعلم في تلك الفترة الفرنسية لم أتقنها ، وكنت في تلك الفترة مدرس ولكني لست ثابتا على وظيفتي فد عينت ( ظهورات ) أي مستخدما في اصطلاحاتكم وليست لي ضمانات في بقائي في الوظيفة إذ يكفي إشارة من الرئيس بالاستغناء عني فيستغنى وكان سبب ذلك أني لم أنجح في الكشف الطبي لقصر النظر ، ففكر عاطف بك ولمصلحتي أن أعين قاضيا لمدة قصيرة وهذا لا يحتاج إلى كشف طبي ، فإذا عينت قاضيا كنت مثبتا ، فإذا انتقلت إلى مدرسة القضاء نقلت مثبتا ، وكذلك كان ، لكن من سوء الحظ أني نقلت قاضيا في الواحات الخارجة ( 16 )

الطارق : وبقيت فيها ثلاثة أشهر من سنة 1913 ، وقد كتبت مذكرات يومية في تلك الفترة ؟!

أحمد أمين : نعم .. ربما سبب ذلك الفراغ .. وقد ملأت فراغي بشيئين هما الرحلات إلى الآثار الموجودة بالخارجة و قراءتي الكتب ( 17 )
وعدت إلا مدرس القضاء مرة أخرى وفي هذه الفترة بدأت أحس بحاجتي لتعلم اللغة الإنجليزية وتعلمتها ( 18 )

الطارق : وفي سنة 1914 م أنشأت أنت وعدة متخرجين من الشباب يحملون ثقافة متنوعة أنشأتم عدة لجان لدراسة مصر من نواحيها المختلفة وبالفعل وفُعلت اللجان ولكن عصف الرياح باللجان ولم يبقى إلا لجنة ( التأليف والترجمة والشر ) التي كنت أنت على رأسها ؟!

أحمد أمين : نعم .. وقد طبعت من الكتب أكثر من مائتي كتب ، وقد لبثت طوال حياتي رئيسا لهذه اللجنة يعاد انتخابي كل سنة .. أزداد عدد أعضاءها ، وأسست لها مطبعة خاصة ، وأسست مجلة أسمها الثقافة استمرت أربعة عشر عاما حتى أوقفتها سنة 1953 م قد شغلت هذه اللجنة جزءاً كبيرا من حياتي ( 19 )

الطارق : وكنت هناك لقاءات مع نخبة من المثقفين من بينهم الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر فيما بعد ومنصور والأستاذ فهمي وعزيز مرهم والأستاذ محمد كامل البنداري والدكتور محمد عزمي وكامل بك حسين الأستاذ عبد الحميد حمدي غيرهم ؟!

أحمد أمين : نعم .. وقد كان جميع هؤلاء ممن يحمل ثقافة إنجليزية أو ثقافة فرنسية ، وكنا نتدارس الأحوال الاجتماعية ، ونتجادل في قضايا السفور والحجاب وكانت تلك القضية تثير الكثير من الجدل في زماننا ، وكان لا يخلو الأمر من حضور بعض السيدات الفرنسيات زوجات بعض المصريين .
وكنا نجلس يوما مع نخبة من هذه الجماعة كان أحدها يصدر جريدة أسمها ( السفور ) يدافع فيها عن رأي قاسم أمين فدعانا أن نساهم معه فقبلنا العرض وكنا نجتمع يومين أو ثلاثة في الأسبوع ونقرأ ما حرره كل منا من مقالة ، وجهدت أن أكتب مقالة كل أسبوع فكان ذلك أول عهدي بالصحافة والكتابة ، وكان ذلك سنة 1918 ( 20 )

الطارق : حسنا سنتحدث عن حياتك .. فقد تزوجت سنة 1916 م وكنت في التاسعة والعشرين من عمرك ؟!

أحمد أمين : نعم .. ولم أشاهد زوجتي إلا حين زواجي بها .. وقد حمدت الله على ما وهب فرزقت ولله الحمد بعشرة أبناء مات منهما اثنان في الطفولة وهم ستة أبناء بنتان ..

الطارق : كان من رأيك الإقتصار على ولد أو ولدين .؟!

أحمد أمين ( رد ضاحكا ) : زوجتي لم ترى هذا الرأي ، وقد نصحتها بعض قريباتها بالمثل المشهور ( قصيه لئلا يطير ) ( 21 )

الطارق : في تلك الفترة أثناء الحرب العالمية الأولى ، كان الوضع مضطرب في مصر فقد خلع الخديوي عباس وأعلنت بريطانيا الحماية على مصر وولي الأمير حسين كامل سلطان مصر ، وقد ربى هذا الشعور الوطني في قلوب الكثير من الشعب المصري ، وقد أثر فيك هذا وكان لك مواقف .. أحببنا ذكرها ؟!

أحمد أمين : نعم .. فما أن انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1918 م حتى طالب الكثير بجلاء بريطانيا من مصر وخاصة أنها وعدت بذلك بعد الحرب ، إلا أنه خاب أملنا من ذلك فقد بقت الأحكام العرفية تطبق كما تدهورت الحالة الاقتصادية واحتكرت بريطانيا محصول القطن ، فاتجهت أفكار بعض الزعماء إلى مطالبة الإنجليز بالوفاء بوعدهم وتألف الوفد بقيادة سعد زغلول .
فقبض عليه وعلى بعض من أصحابه فثارت المظاهرات في مصر
واشتدت الحركة الوطنية في كل مكان .
كما أن جمعيتنا الثقافية والتي كانت تخرج جريدة ( السفور ) انتدبت اثنين كنت أحدهما لمقابلة سعد زغلول على أن لنا ممثل في الوفد إلا أنه كان مشغولا عنا فقابلنا أحمد لطفي السيد الذي عر اقتراحنا على سعد زغلول الذي اختار الشيخ مصطفى عبد الزاق الذي اعتذر بعد ذلك بعد أن شاور أسرته .
ولما شغلت ثورة 1919م كنت من المتصلين بعبد الرحمن فهمي سكرتير الوفد فأختارني للإشراف على عملين هما إلقاء الخطابة السياسية وكتابة المنشورات .
كما كنت شديد الصلة بسكرتير سعد باشا زغلول و كامل بك سليم فلما أطلق سراح سعد زغلول وذهب كامل بك مع الوفد إلى باريس كان علي أن أصف الحالة في مصر من حين إلى لآخر وأرسل بذلك تقارير إلى سكرتير سعد باشا ليطلع عليها ، وكانت هذه سببا في معرفة سعد باشا بي فكثر اتصالي به ( 22 )

الطارق : وقد اشتدت الحركة الوطنية حتى في مدرسة القضاء ، وكان هذا سبب في استقالتك منها ؟!

أحمد أمين : نعم .. فقد افلت زمامها من يد عاطف بك واشتدت المظاهرات فيها ، فاتهم عاطف بك بأنه مدبر للمظاهرات وقرر في مجلس الوزراء أثناء وزارة نسيم باشا وقد كانت وزارته ليس على وفاق مع سعد باشا إحالة عاطف بك على المعاش .
وعين للمدرسة ناظر جديد ، وكانت علاقتي مع عاطف بك متميزة كما ذكرت من قبل فلم استقبل الناظر الجديد ولم اقطع علاقتي بعاطف بك ، فكرهني هذا الناظر أشد الكره ، وساءت حالتي بالمدرسة ، وحدث أن قرر جلس الإدارة يوما تعيين متخرج من مدرسة القضاء مدرسا بالمدرسة بشرط أن ألا يدرس الفقه ، فرأيت أن هذا القرار لا يجوز لأنه يمس مدرسة القضاء في الصميم ، فتحدثت بذلك مع المدرسين والطلبة وترتب على ذلك أن هاج الطلبة لما سمعوا كلامي ، وبلغ ذلك الناظر الجديد فلتقى بوزارة عدلي باشا وأبان أنه لا يستطيع العمل معي فأصدر أمره بنقلي إلى القضاء فعينت قاضيا في محكمة قويسنا ( 23 )

الطارق : وقد قضيت حوالي 15 سنة ما بين طالب ومدرس في هذه المدرسة ، قطعا ليس هذا بالسهل أن تغادرها ؟!

أحمد أمين : نعم لا شك في ذلك فقد قضيت فيها زهرة العمر ، نلت فيها أكثر ثقافي وجربت فيها الكثير من التجارب ولقيت فيها أكبر الشخصيات التي أثرت في نفسي ، وطبعت فيها بطابع لازمني طوال حياتي ، دخلتها مغمض العينين وخرجت منها أخر ، لذلك بكيت عليها كما أبكي على فقد أب أو أم أو أخ شقيق ومما آلمني أني تركت التدريس وهو ما أحبه إلى القضاء وهو ما لا أحبه ( 23 )

الطارق : وبقيت في القضاء أربع سنين سنة في قوسينا ، وسنة في طوخ وسنتين في محكمة الأزبكية .. وقد توفي في تلك الفترة والدك ؟!

أحمد أمين : نعم فقد توفي وكنت قاض في قويسنا وكان يبلغ ممن العمر ثمانين سنة رحمة الله ، فقد كان له دورا كبير في تعليمي منذ الصغر ( 24 )

المصادر :

( 13 ) حياتي : ص138
( 14 ) حياتي : ص119 –125
( 15) حياتي : ص134 –137
( 16 ) حياتي : ص141 ،142
( 17 ) حياتي : ص150
( 18 ) حياتي : 153 – 159
( 19 ) حياتي : ص 165 ، 166
( 20 ) حياتي : ص 172 ،173
( 21 ) حياتي : ص 177 –181
( 22 ) حياتي : ص185-187
( 23 ) حياتي : ض188 ، 189
( 24 ) حياتي : 190 ، 193

البحاري
18-07-2001, 05:33 PM
مساء الخير .. الطارق

وهذا الجزء من الحوار جميل أيضا ..

http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?postid=750293#post750293

تحياتي ..

الطارق
19-07-2001, 01:23 PM
تسلم أخي الحبيب البحاري ،،

شكر لك أخي الكريم على التعقيب

الذي يسعدني ،،

تحياتي وأمتناني لك أخي الكريم :)

متاهه
19-07-2001, 02:53 PM
تسلم يا رب..
على هالمجهود الطيب..
ويعطيك ألف عافية..

بانتظارك دوما :)

مع خالص احترامي..
اختك
متاهـــه