PDA

View Full Version : رسالة إلى أخي المعلم


أبو سعيد
22-04-2001, 04:01 AM
ماذا يعني لنا التعليم
إن الناظر إلى حال الفئة من العاملين في قطاع التعليم يجد عدة صور منها :
الصورة الأولى : أن منهم من قد امتهن هذه الوظيفة واتخذها وسيلة للثراء والكسب المادي . فهو لا ينظر لهذا العمل إلا من خلال هذه الزاوية الضيقة ، فغاية همه وجل حساباته المقارنة بين المكاسب والخسائر المادية والحوافز والعقبات .
الصورة الثانية : ذاك المعلم الذي يشكو دهره ، ويندب حظه ، فإجازاته ليست بيده ، والطلاب أحالوا سواد شعره إلى بياض ، والآباء يتمون ما يعجز عنه أبناؤهم . فالمعلم أسوأ الناس حظاً .
الصورة الثالثة : صاحبها متبلد الإحساس ، فاقد الغيرة ، يرى أبناء المسلمين يتهافتون على الفساد ويقعون في شَبَك الرذيلة ، ولا يحرك الأمر لديه ساكناً ، أو يثير عنده حميه ، فهذا ليس من شأنه ، شأنه تدريس المادة فقط لا غير .
الصورة الرابعة : معلم اتجه للتدريس كرهاً لا طوعاً ، فهو لم يجد وظيفة أصلاً غيره ، أو كان يريد البقاء في بلده فهو الخيار
ولسان حاله يقول : " مكره أخاك لا بطل " .
هذه أربع صور للمعلمين ، والسؤال يقول : فما الصورة التي نريد ؟
ومن المعلم الذي نتطلع إليه ؟
المعلم الذي نريد هو المعلم الذي اختار هذا الطريق ليخدم الأمة من خلاله ، ويعد الجيل ويربي النشء ، ويؤدي واجبات وظيفته على الوجه المطلوب ، ليهنأ بأكل راتبه حلالاً .
وهو مع ذلك سيحصل ما يحصله غيره من مزايا مادية ، ويعيش عيشة مستقرة هنيئة .
ولكي يصل المعلم إلى المستوى المؤمل منه فإن هناك صفات عليه أن يتحلى بها ، وأخرى يحذرها .

أبو سعيد
22-04-2001, 04:04 AM
الصفات الإيجابية ( التي يسعى المعلم للتحلي بها ) :
& الإخلاص لله وحده :
أخي المعلم اجعل عملك وتدريسك خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى ، لا رياء فيه ولا سمعة . قال الله تعالى ] فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً [ .

& القدوة الصالحة :
فالمعلم كبير في عيون طلابه والطلاب مولعون بمحاكاته والاقتداء به ، والمعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان هو فاضلاً ، لأنهم ربما يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين .
قال ابن مسعود t : " من كان كلامه لا يوافق فعله فإنما يوبخ نفسه " .

& الصبر والحلم :
وهما صفتان ضروريتان للمعلم ، لأن عملية التعليم ، ليست من السهولة بمكان بل تحتاج إلى بذل جهد كبير ، وهذا يتطلب الصبر على ما يلاقيه المعلم من التعب كما يتطلب الحلم على المتعلم ، ليتم تحقيق ما نصبوا إليه بإذنه تعالى .
قال الله تعالى : ] ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك [ .

& الوفاء بالوعد :
إن الوفاء بالوعد من خلق المؤمن، بل الخلف من خصال النفاق ، وإخلاف
الوعد مظهر من مظاهر عدم الجدية واللامبالاة تنطبع في أذهان الطلاب عن شخصية أستاذهم ، وتعطيهم مقياساً لضآلة قدرهم عنده .
فاجتهد أخي المعلم واحرص كل الحرص على الوفاء بما وعدت به ، وإن حال دون ذلك حائل أو عاق دون تحقيقه عائق فالاعتذار اللطيف يزيل ما قد يكون في النفس .

& القدرة العلمية :
فمن الضروري أن تكون لدى المعلم المعلومات الكافية والتي تجعل موقفه قوياً أمام تلاميذه ، مما يكسبه ثقتهم وإعجابهم ، وبالتالي قناعتهم به . ومتى ما اقتنعوا به فأنهم يتأثرون به ويحاولون تقمص شخصيته .

& حسن المعاملة للطالب :
قال e : " ليس شيء اثقل في الميزان من الخلق الحسن " وذلك بتوقير الطالب وتقديره ، والثناء عليه حين يحسن ، والاهتمام به ، والعدل بينه وبين الطلاب .

& أحبب طلابك يحبوك :
فإذا أردت أخي المعلم أن يحبك طلابك فأحببهم وإذا رغبت أن يعاملوك وكأنك أب لهم ، فعاملهم وكأنهم أبناء لك ، فإن من الطباع اللازمة للطلاب أنهم يحبون من يتحبب لهم ، ويميلون إلى من يحسن إليهم ويأنسون بمن يعاملهم بالرفق ويقابلهم بالبشاشة ، فاحرص أخي المعلم على هذا الأمر

& حسن المظهر :
لا أشك أنك توافقني أن علينا أن نعتني بمظاهرنا بم لا يخرج عن حد الاعتدال إذ ذلك ادعى للقبول والتقدير ، ومن تمام حسن المظهر وأولوياته الالتزام بالضوابط الشرعية ، فإسبال الثياب أو لبس المخالف منها ، أو حلق اللحية مما يخل بمظهر الأستاذ . ناهيك عن حكمها الشرعي الذي حرم ذلك .

أبو سعيد
22-04-2001, 04:05 AM
الصفات السلبية ( التي يجب الحذر منها ) :
& الفتيا بغير علم :
ما أكثر ما يأتيك أخي المعلم السؤال والاستفتاء من طلبتك ، فهل روضت نفسك على أن تقول لما لا تعلم لا أعلم ، فليس هذا بناقص لقدرك بل هو دليل على كمال دينك وتحريك للصواب ، وتأسيك بالنبي e . فهذا أبو بكر الصديق t يقول : " أي سماء تظلني ؟ وأي أرض تقلني ؟ إذا قلت في كتاب الله بغير علم " .

& استخدام الطلاب في الأمور الشخصية :
ألا ترى أنه مما لا يليق بالمعلم أن يستخدم طلابه في أموره الشخصية ، ويكلفهم بمهام مهما هانت ؟ اللهم إلا أن تكون حاجة عامة غير شخصية وفي اشتغالك بها تضييع لوقتك، فلا حرج حينئذ بل إنه يتشرف بخدمتك .

& سرعة الانفعال ولغة التهديد :
ومن لوازم حسن الخلق الترفع عن سرعة الانفعال وشدة الغضب ، واستبعاد لغة التهديد ، وعناية المعلم بانضباط الفصل وهدوئه ينبغي أن لا تكون على حساب التربية ، وعلاقته مع الطلاب .

& السخرية من الطالب واحتقاره
قال e : " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " .

& غيبة الطلاب :
قال الله تعالى : ] ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم [ . فالطالب أخ لك أيها المعلم ، وذكرك له بما يكره من الغيبة التي هي أربى الربا : " وإن أربى الربا استطالة المسلم في عرض المسلم بغير حق " .

& إحراج الطالب في السؤال :
فسؤال المعلم طلابه عما يعنيهم بعيداً عما يوقعهم في الحرج من مقومات الدرس . ولكن ينبغي للمعلم ألا يحرج الطالب بالأسئلة ، كأن يسأله عن أمر خاص ، لا يود أن يطلع عليه أحد من الناس . قال الله تعالى : ] يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [ .
& انتقاد المعلمين الآخرين أو موادهم :
قد يلحظ المعلم على بعض زملائه المدرسين ملحظاً ، أو يكون وجهة نظر تجاهه في سلوكه ، أو أسلوبه في التدريس أو تعامله مع طلابه . لكن هذا لا يسوغ لك انتقاده أمام الطلاب أو الإيماء لذلك أوالإشارة إليه . ومثل ذلك الحديث عن مادة معينة ، وعدم صلاحيتها للتدريس فهذا لا يقدم ولا يؤخر ، ولا يفيد الطالب شيئاً .

أبو سعيد
22-04-2001, 04:06 AM
اقرأ وتأمل
قال أحد المدراء : لقـد عرفت معلماً كسب احترام طلابه له في أصعب المواقف حده ، وفي اعتى الفصول وأكثرها شراسة ، وبالرغم من ذلك لقي الاحترام والتقدير دون أن يحمل العصا ، أو يرفع صوتاً ، بل بدماثة أخلاقه وبابتسامته التي لا تغادر محياة ، فضلاً عن إلمامه بمادته وسعة اطلاعه وحنوه الدائم على طلابه .
وفي يوم من الأيام لقيني ولي أمر أحد الطلاب مره فسألني :
من معلم الصف ( ... ) ؟
قلت : إنه المعلم ( ... ) ولكن لم هذا السؤال ؟
قال : أريد أن أقبل جبين هذا الرجل النبيل .
قلت : جميل أن أسمع منك هذا الكلام ، فهل من الممكن أن أعرف الدافع إليه ؟
قال : يا أخي ، إن ولدي يصارحني أنه يحب معلمه أكثر مني ، فتصور إلى أي درجة بلغت أخلاق هذا المعلم من السمو الرفعة بحيث جعلت طلابه يفضلونه على آبائهم وأولياء أمورهم .
فحري بنا أخي المعلم أن نكون مثل هذا المعلم لنصل إلى باب النجاح في الدنيا والآخرة .

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الغرضون
27-04-2001, 04:12 AM
شكرا على موضوعك القيم؛