تسجيل الدخول

View Full Version : قــــــــــــــــصـــــــــــــــة ، وفــــــــــــوائـــــــــــــــد ...


عابر99
04-03-2000, 03:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

قال علي بن الحسين رحمه الله : كان لنا جار من المتعبدين قد برز في الاجتهاد ، فصلى حتى تورمت قدماه و بكى حتى مرضت عيناه ، فاجتمع إليه أهله و جيرانه فسألوه أن يتزوج ، فاشترى جارية و كانت تغني و هو لا يعلم ، فبينا هو ذات يوم في محرابه يصلي ، رفعت الجارية صوتها بالغناء ، فطار لبه ، فرام ما كان عليه من العبادة فلم يطق ، فأقبلت الجارية عليه ، فقالت : يا مولاي لقد أبليت شبابك ورفضت لذات الدنيا أيام حياتك ، فلو تمتعت بي فمال إلى قولها و اشتغل باللذات عما كان فيه من التعبد .

فبلغ ذلك أخاً له كان يوافقه على العبادة ، فكتب إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من الناصح الشفيق ، و الطبيب الرفيق ، إلى من سلب حلاوة الذكر ، و التلذذ بالقرآن ، و الخشوع و الأحزان ، بلغني أنك اشتريت جارية بعت بها من الآخرة حظك ، فإن كنت بعت الجزيل بالقليل و القرآن بالقيان ، فإني محذرك هادم اللذات و منغص الشهوات و موتم الأولاد ، فكأنه قد جاء على غرة فأبكم منك اللسان ، و هدم منك الأركان ، و قرب منك الأكفان ، و احتوشك الأهل و الجيران ، و أحذرك من الصيحة إذا جثت الأمم لهول ملك جبار ، فاحذر يا أخي ما يحل بك من ملك غضبان ، ثم طوى الكتاب و أنفذه إليه .

فوافاه الكتاب و هو في مجلس سروره ، فغص بريقه و أذهله ذلك ، فنهض مبادراً من مجلس سروره و كسر آنيته و هجر جاريته ، و آلى أن لا يطعم الطعام و لا يتوسد المنام .

قال الذي وعظه : فلما مات رأيته في المنام بعد ثلاث ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قدمنا على رب كريم أباحنا الجنة . و قال :
الله عوضني ذو العرش جاريـــــــة حوراء تسقيني طوراً و تهنينــي
تقول لي اشرب بما قد كنت تأملني و قر عيناً مع الولدان و العين
يا من تخلى عن الدنيا و أزعجــه عن الخطايا و عيد في الطواسين

كتاب التوابين . لابن قدامة المقدسي .

نستفيد من هذه القصة فوائد منها :

1ـ أن لايركن المسلم إلى عمله الصالح ولو كان كثيراً ومتنوعاً بل عليه أن يسأل الله الثبات على الحق دائماً وأبداً كما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله :" إن قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ". روه مسلم

وقصة هذا العابد خير دليل على ذلك فقد كان عابداً مصلياً باكياً من خشية الله فانصرف عن ذلك بطرفة عين .

2ـ أن يبتعد المسلم قدر استطاعته عن اماكن الفتن والشبهات فإن :" من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه " .

3ـ أن يحرص المسلم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب استطاعته وقدرته :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " .

4ـ أن يختار الناصح والآمر بالمعروف الطريقة المناسبة والأسلوب الأمثل والوقت المناسب كذلك لكي يكون مقبولاً بين الناس ويكون كلامه مسموعاً وليتذكر أنه لايدعو لنفسه وليكن هدفه :" إن أريد إلا الإصلاح مااستطعت وماتوفيقي إلا بالله ".

ثم ليتجرد من الهوى وحظوظ النفس والجدال بالباطل وليجعل بين عينيه دائماً قوله تعالى :" إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " .

ثم عليه أن لايتعجل النتائج وأن لاييأس كذلك بل عليه أن يصبر ويتابع النصح والإرشاد مع الدعاء دائماً بأن يرزقه الله الإخلاص في القول والعمل .

5ـ وعلى المأمور أو المنهي أن يتقبل النصح وأن يعلم أن هذا الناصح والآمر ما قال ذلك إلا رغبة في هدايته وحباً في استقامته وأن لايبحث عن اسباب واهية وحجج باطلة لرد هذا الأمر وتلك النصيحة .

جيون
04-03-2000, 05:16 AM
وعليكم السلام ورحمةالله وبركاته

بوركت ايها العابر 99 النبع الصافي .....

حقيقة مواضيعك تشرح النفس وتردناإلى روحانيات نفتقدها كثيرا في وقتنا...
أصبحت قلوبنا كالجمار الملتهبة ....

أخي جزاك الله كل الخير والبركة ... لا تؤخر علينا مواضيعك الشفافة هذه

وأنا اقرأ ماكتبت أعترضتني هذه الجملة (( أن يبتعد المسلم قدر استطاعته عن اماكن الفتن والشبهات فإن :" من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه )) وأسأل الله العلي ان يعينني عليه ويعني كل مسلم بثبات الصادق ..

فلا تنسانا اخي من دعاءك المبارك ...

عابر99
04-03-2000, 09:23 AM
اللهم آمين :

بارك الله فيك اختي الكريمة وجزاك الله كل خير على متابعتك واهتمامك .

وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .

وأسأله أن لايجعل فينا ولامعنا شقياً ولامحروماً .

كما أسأله سبحانه وتعالى أن يشرح صدرك وأن ييسرأمرك .

كما أسأله أن يحفظك بحفظه ويكلأك برعايته وأن يثبتك بقوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .