PDA

View Full Version : الــــــــــــــــــحـــــــــــــــج الـــــــــــمـــــــــــبــــــــــــــرور ...


عابر99
04-03-2000, 02:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .

و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من حج هذا البيت فلم يرفث و لم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " . فمغفرة الذنوب بالحج و دخول الجنة به مرتب على كون الحج مبروراً
و إنما يكون مبروراً باجتماع أمرين قيه أحدهما : الإتيان فيه بأعمال البر .

و البر يطلق بمعنيين : أحدهما : بمعنى الإحسان إلى الناس كما يقال البرو الصلة و ضده العقوق .

و في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن البر ؟ فقال : " حسن الخلق " .

و كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : إن البر شيء هين : وجه طليق و كلام لين .

و هذا يُحتاج إليه في الحج كثيراً أعني معاملة الناس بالإحسان بالقول و الفعل .

و سئل سعيد بن جبير : أي الحج أفضل ؟ قال : من أطعم الطعام و كف لسانه .

و كان ابن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام و هو صائم و كان إذا أراد الحج من بلده مر و جمع أصحابه و قال : من يريد منكم الحج فيأخذ منهم نفقاتهم فيضعها عنده في صندوق و يقفل عليه ثم يحملهم و ينفق عليهم أوسع النفقة ، و يطعمهم أطيب الطعام ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من الهدايا و التحف ، ثم يرجع بهم إلى بلده فإذا وصلوا صنع لهم طعاماً ثم جمعهم عليه و دعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فرد إلى كل واحد نفقته .

المعنى الثاني : مما يراد بالبر : فعل الطاعات كلها و ضده الإثم .

و قد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله : " و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين و آتى المال على حبه ذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و السائلين و في الرقاب " ... الآية

فتضمنت الآية : أن أنواع البر ستة أنواع من استكملها فقد استكمل البر :

أولها : الإيمان بأصول الإيمان الخمسة .

و ثانيها : إيتاء المال المحبوب لذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و السائلين و في الرقاب .

و ثالثها : إقام الصلاة .

و رابعها : إيتاء الزكاة .

و خامسها : الوفاء بالعهد .

و سادسها : الصبر على البأساء و الضراء و حين البأس .

و كلها يحتاج الحاج إليها فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان و لا يكمل حجه و يكون مبروراً بدون إقام الصلاة و إيتاء الزكاة فإن أركان الإسلام بعضها مرتبطة ببعض فلا يكمل الإيمان و الإسلام حتى يؤتي بها كلها ، و لا يكمل بر الحج بدون الوفاء بالعهود في المعاقدات و المشاركات المحتاج إليها في سفر الحج و إيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه و يحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر .

فهذه خصال البر و من أهمها للحاج : إقام الصلاة فمن حج من غير إقام الصلاة لا سيما إن كان حجه تطوعاً كان بمنزلة من سعى في ربح درهم و ضيع رأس ماله و هو ألوف كثيرة .

و من أعظم أنواع بر الحج كثرة ذكر الله تعالى فيه و قد أمر الله تعالى بكثرة ذكره في إقامة مناسك الحج مرة بعد أخرى و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل : " أي الحاج أفضل ؟ قال : أكثرهم لله ذكراً " . خرجه الإمام أحمد و روي مرسلاً من وجوه متعددة و خصوصاً كثرة الذكر في حال الإحرام بالتلبية و التكبير .
و في الترمذي و غيره عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أفضل الحج العج و الثج " .

و في حديث جبير بن مطعم المرفوع : " عجو التكبير عجا ، و ثجوا الإبل ثجا " .

فالعج رفع الصوت في التكبير و التلبية ، الثج إراقة دماء الهدايا و النسك و الهدي من أفضل الأعمال .

قال الله تعالى : " و البدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير " ... الآية و قال الله تعالى : " و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " .

و أهدى النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع مائة بدنة و كان يبعث الهدي إلى منى فتنحر عنه و هو مقيم بالمدينة .

الأمر الثاني : مما يكمل ببر الحج اجتناب أفعال الإثم فيه من الرفث و الفسوق و المعاصي ، قال الله تعالى : " فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و ما تفعلوا من خير يعلمه الله و تزودوا فإن خير الزاد التقوى " .

و في الحديث الصحيح : " من حج هذا البيت فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " .

فما تزود حاج و لا غيره أفضل من زاد التقوى ، و لا دعي للحاج عند توديعه بأفضل من التقوى .

و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم : " ودع غلاماً للحج فقال له : زودك الله التقوى " .

قال بعض السلف لمن ودعه : اتق الله فمن اتقى الله فلا وحشة عليه .

و قال آخر : لمن ودعه للحج أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه و سلم معاذاً حين ودعه : " اتق الله حيثما كنت و أتبع السيئة الحسنة تمحها ، و خالق الناس بخلق حسن " . و هذه وصية جامعة لخصال البر كلها .

و من أعظم ما يجب على الحاج اتقاؤه من الحرام و أن يطيب نفقته في الحج و أن لا يجعلها من كسب حرام .

و قد خرج الطبراني و غيره " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : إذا خرج الرجل حاجاً بنفقة طيبة و وضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء : لبيك و سعديك زادك حلال و راحلتك حلال ، و حجك مبرور غير مأزور ، و إذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء : لا لبيك و لا سعديك زادك حرام و نفقتك حرام و حجك غير مبرور " .

و ما يجب اجتنابه على الحاج و به يتم بر حجه أن لا يقصد بحجه رياء و لا سمعة و لا مباهاة و لا فخراً و لا خيلاء و لا يقصد به إلا وجه الله و رضوانه و يتواضع في حجه و يستكين و يخشع لربه .

روي " عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم حج على رحل رث و قطيفة ما تساوي أربعة دراهم و قال : اللهم اجعلها حجة لا رياء فيها و لا سمعة " .

و قال عطاء : " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح بمنى غداة عرفة ثم غدا إلى عرفات و تحته قطيفة اشتريت له بأربعة دراهم و هو يقول : اللهم اجعلها حجة مبرورة متقبلة لا رياء فيها و لا سمعة " .

قال بعض التابعين : رب محرم يقول : لبيك اللهم لبيك ، فيقول الله : لا لبيك و لا سعديك هذا مردود عليك . قيل له : لم ؟ قال : لعله اشترى ناقة بخمسمائة درهم و رحلاً بمائتي درهم و مفرشاً بكذا و كذا ثم ركب ناقته و رجل رأسه و نظر في عطفيه ، فذلك الذي يرد عليه .

و من هنا استحب للحاج أن يكون شعثاً أغبر و في حديث المباهاة يوم عرفة أن الله تعالى يقول لملائكته : " انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين ، اشهدوا أني قد غفرت لهم " .

أتاك الوافدون إليك شعثاً يسوقون المقلدة الصواف
فكم من قاصد للرب رغبــا و رهبا بين منتعل و حاف
سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للناس و أمنا ، يترددون إليه و يرجعون عنه و لا يرون أنهم قضوا منه وطراً .

رأى بعض الصالحين الحاج في وقت خروجهم فوقف يبكي و يقول : واضعفاه و ينشد على أثر ذلك :
فقلت دعوني و اتباعي ركابكم أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
ثم تنفس و قال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت يحق لمن رأى الواصلين و هو منقطع أن يقلق ، و لمن شاهد السائرين إلى ديار الأحبة و هو قاعد أن يحزن .

ولئن سار القوم و قعدنا ، و قربوا و بعدنا فما يؤمننا أن نكون ممن كره الله أتباعهم فثبطهم و قيل اقعدوا مع القاعدين .
لله در ركائب سارت بهـــــــــــم تطوي القفار الشاسعات على الدجا
رحلوا إلى البيت الحرام و قد شجا قلب المتيم منهمو ما قد شجــــا
نزلوا بباب لا يخيب نزيلــــــــه و قلوبهم بين المخافة و الرجــا

على أن المتخلف لعذر شريك للسائر كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لما رجع من غزوة تبوك : " إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً و لا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم خلفهم العذر " .
يا سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً و سرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر و قد رحلوا و من أقام على عذر كمن راحا


لطائف المعارف بتصرف . ابن رجب الحنبلي .

وعذراً على الإطالة وذلك لارتباط بعض الكلام ببعض مما يحصل به تكامل الموضوع .

جيون
04-03-2000, 05:43 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا على الإيطالة أخي في الله ...

الموضوع مهم جدا وجاء في وقته اسأل الله ان يكون في ميزانك عظيم .. وتذكرة لمن لم يحج ويؤدي فرضة وهو القادر الميسور ....

وكثيرا منا غافلون .......

( اتق الله فمن اتقى الله فلا وحشة عليه ) ....... كبسولة مضاد حيوي

صدى الحق
04-03-2000, 06:42 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اسئل الله أن يرزقنا وإياك حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وعملاً صالحاً متقبلاً إن شاء الله تعالى .

صدى الحق

------------------
سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم

عابر99
04-03-2000, 09:05 AM
اللهم آمين :

وجزاك الله خيرا وبارك فيك أختي الفاضلة جيون على مشاركتك ومتابعتك .

عابر99
04-03-2000, 09:08 AM
اللهم آمين :

أسأل اله سبحانه وتعالى أن يبارك في عمرك ووقتك أخي المبارك صدى الحق .