جيون
17-06-2000, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
22
( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )
قال تعالى في الاية 6 : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ ) أي يجعلك نبيا , ويصطفيك على سائر العباد , وهذا الاصطفاء سبق المحنة الأولى ليوسف مع إخوانه فوافق الاصطفاء الحادثة
وقال الله تعالى في اية 21 : ( وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ ) وجاء هنا التمكين يوافق المحنة الثانية ليوسف في مصر وهذا هو التناسق والتوافق والانسجام في اللفظ القرآني
ولما بلغ أشده : أي استكمال القوة
قيل 33 سنة وقيل 18 سنة وقيل بلوغ الحلم
آتيناه حكما وعلما : أي الحكم هو النبوة والعلم بالدين وعلم الرؤيا
وقيل هي صحة الحكم على الأمور والعلم بمصائر الأحاديث وتأويل الرؤيا والعلم بالحياة وأحوالها
وكل هذا جزاء من الله للمحسن يوسف الذي أحسن في سلوكه وتصرفاته واجتاز المحنة الأولى بنجاح
نال يوسف درجة الإحسان فزاد سبحانه الاحسان إحسانا حين قال : ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) أي كل عبد صبر على محنة مشابهة
لمحنة يوسف الأولى من ظلم ذوي القربى وأحسن التصرف والصبر فيها فسوف ينال درجة الإحسان
23
( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )
وهذه المحنة الثانية أشد وأعمق من المحنة الأولى ولكن رحمة الله عظيمة فقد جاءت المحنة الثانية ويوسف على صحة من الحكم والعلم
وراودته التي هو في بيتها : المراودة وهي الطلب برفق ولين
كانت حياة يوسف عليه السلام في القصر فترة مراهقته كلها في ذلك الجو ولكن حفظ الله له عظيم مع تلك المرأة التي بين السن الثلاثين وسن الأربعين أي
أنها كانت مكتملة الجرأة مالكة لكيدها متهالكة ويحيطها جو خاص فلا ولد لها يشغلها به فكان يوسف امامها بتأثيرها ومغرياتها ووسائلها الخبيثة متفرغة له ..
فالمحنة التي مر بها يوسف محنة طويلة لكنه صمد لها ونجا منها كان يعيش مع تلك المرأة تحت سقف واحد وهو الفتى المولى
والطلب برفق ولين كثيرا منها ومستمر ولكن تلك المروادة التي سجلها كتاب الله العزيز كانت المكشوفة وكانت الدعوة فيها سافرة حيث انها غلقت الأبواب
وغلقت الأبواب : قيل كانت الأبواب سبعة وقالت هيت لك : أي هلم تعال تدعوة إلى نفسها الدعوة الأخيرة
قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون
أعيذ نفسي بالله إنه ربي الذي أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن
إنه لا يفلح الظالمون
إنه من يتجاوز حدود الله فإنه ظالم لنفسه
24
( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )
في هذا الشطر من الأية ظهرت الاسرائيليات وكعادة بني اسرائيل يشوهون أنبيائهم فصورو فيها يوسف هائج الغريزة مندفعا
وأن الله يدافعة ببراهين كثيرة .. مرة قالوا أنه رأى أبيه يعقوب في سقف المخدع عاضا على أصبعه بفمه
ومرة قالوا كتبت على السقف آيات من القرآن تنهى عن مثل هذا المنكر
ومرة قالوا جاءه جبريل فضربه في صدره
كلها تصورات وأساطير لا أصل لها تلفيق وكذب في حق نبي الله الكريم يوسف عليه السلام
قال جمهور المفسرون همت به : أي همت المرأة بالفعل
وهم بها : أي هم بالنفس
ثم تجلى له برهان ربه فترك وأنكر
وقال بعض المفسرون همت بضربه نتيجة إبائه وإهانته لها وهي السيدة الآمرة
وهم هو برد الاعتداء بالضرب ولكنه آثر الهرب فلحقت به وقدت قميصه من دبر
وهذا الرأي لا دليل عليه
وقال سيد قطب في هذه الواقعة وهذا الشطر من الاية
إنما همت به وهم بها إنها نهاية موقف طويل من الإغراء في ذلك القصر الطبقة الراقية المترفة والتصوير
هنا صادق واقعي لحالة النفس البشرية الصالحة في المقاومة والضعف ثم الاعتصام بالله في النهاية والنجاة
فالسياق القرأني لم يفصل في تلك المشاعر البشرية المتداخلة لايرد المنهج القرآني أن يجعل من هذه اللحظة معرضا يستغرق اكثر من مساحته المناسبة في محيط القصة
ويريد الجو نظيف وهو أقرب إلى الطبيعة البشرية وإلى العصمة النبوية يوسف كان بشرا ولم يتجاوز همه الميل النفسي في تلك اللحظات
فلما رأى برهان ربه الذي نبض في ضميرة وقلبه بعد لحظة الضعف الطارئة عاد إلى الاعتصام والتأبي
كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ
25
( وَاسُتَبَقَا الْبَابَ ... )
وكأن يوسف في سباق زمني مع الباب لحظات سريعة يريد الخروج والنجاة
وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ
وتقع المفاجأة
( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ .. )
أحداث متوالية سريعة وكانت امرأة العزيز أيضا سريعة في تفكيرها وحاضرة الاجابة
قبل ان تسأل
( قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
ولانها امرأة عشقة يوسف قدمت في عقابها السجن العقاب المأمون قبل العذاب الأليم
فيوسف لم يصمت بل جهر بالحقيقة في وجه إتهامها له
26
( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ )
الشاهد هنا شاهد الواقعة أو أن الزوج استدعى من أهلها وعرض عليه الأمر
قال الشاهد إن كان قميص يوسف تمزع من أمام فهذا أثر مدافعتها من الاعتداء فهي صادقة وهو كاذب
27
( وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ )
وإن كان قميصه تمزع من خلف فهذا أثر تملصه منها وهي تعقبته حتى الباب هي من كاذبة وهو صادق
وقد جاء الفرض الأول لأنه من أهلها ويفترض صدقها
28
( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ .. )
تبينت الشهادة أنها هي التي راودته عن نفسه ودبرت الاتهام
( قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )
قال الزوج إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم
تعليق الزوج كان يشبه الثناء في وقت لم يثر الدم في عروقه وتلطف لتلك السيدة
طبقة راقية ذات الدم البارد المائع القيم
ثم قال
29
( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ )
يوسف أهمله ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به
وأنتِ استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين المتعمدين
إنها قرارات طبقة الأرستقراطية في كل جاهلية
22
( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )
قال تعالى في الاية 6 : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ ) أي يجعلك نبيا , ويصطفيك على سائر العباد , وهذا الاصطفاء سبق المحنة الأولى ليوسف مع إخوانه فوافق الاصطفاء الحادثة
وقال الله تعالى في اية 21 : ( وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ ) وجاء هنا التمكين يوافق المحنة الثانية ليوسف في مصر وهذا هو التناسق والتوافق والانسجام في اللفظ القرآني
ولما بلغ أشده : أي استكمال القوة
قيل 33 سنة وقيل 18 سنة وقيل بلوغ الحلم
آتيناه حكما وعلما : أي الحكم هو النبوة والعلم بالدين وعلم الرؤيا
وقيل هي صحة الحكم على الأمور والعلم بمصائر الأحاديث وتأويل الرؤيا والعلم بالحياة وأحوالها
وكل هذا جزاء من الله للمحسن يوسف الذي أحسن في سلوكه وتصرفاته واجتاز المحنة الأولى بنجاح
نال يوسف درجة الإحسان فزاد سبحانه الاحسان إحسانا حين قال : ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) أي كل عبد صبر على محنة مشابهة
لمحنة يوسف الأولى من ظلم ذوي القربى وأحسن التصرف والصبر فيها فسوف ينال درجة الإحسان
23
( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )
وهذه المحنة الثانية أشد وأعمق من المحنة الأولى ولكن رحمة الله عظيمة فقد جاءت المحنة الثانية ويوسف على صحة من الحكم والعلم
وراودته التي هو في بيتها : المراودة وهي الطلب برفق ولين
كانت حياة يوسف عليه السلام في القصر فترة مراهقته كلها في ذلك الجو ولكن حفظ الله له عظيم مع تلك المرأة التي بين السن الثلاثين وسن الأربعين أي
أنها كانت مكتملة الجرأة مالكة لكيدها متهالكة ويحيطها جو خاص فلا ولد لها يشغلها به فكان يوسف امامها بتأثيرها ومغرياتها ووسائلها الخبيثة متفرغة له ..
فالمحنة التي مر بها يوسف محنة طويلة لكنه صمد لها ونجا منها كان يعيش مع تلك المرأة تحت سقف واحد وهو الفتى المولى
والطلب برفق ولين كثيرا منها ومستمر ولكن تلك المروادة التي سجلها كتاب الله العزيز كانت المكشوفة وكانت الدعوة فيها سافرة حيث انها غلقت الأبواب
وغلقت الأبواب : قيل كانت الأبواب سبعة وقالت هيت لك : أي هلم تعال تدعوة إلى نفسها الدعوة الأخيرة
قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون
أعيذ نفسي بالله إنه ربي الذي أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن
إنه لا يفلح الظالمون
إنه من يتجاوز حدود الله فإنه ظالم لنفسه
24
( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )
في هذا الشطر من الأية ظهرت الاسرائيليات وكعادة بني اسرائيل يشوهون أنبيائهم فصورو فيها يوسف هائج الغريزة مندفعا
وأن الله يدافعة ببراهين كثيرة .. مرة قالوا أنه رأى أبيه يعقوب في سقف المخدع عاضا على أصبعه بفمه
ومرة قالوا كتبت على السقف آيات من القرآن تنهى عن مثل هذا المنكر
ومرة قالوا جاءه جبريل فضربه في صدره
كلها تصورات وأساطير لا أصل لها تلفيق وكذب في حق نبي الله الكريم يوسف عليه السلام
قال جمهور المفسرون همت به : أي همت المرأة بالفعل
وهم بها : أي هم بالنفس
ثم تجلى له برهان ربه فترك وأنكر
وقال بعض المفسرون همت بضربه نتيجة إبائه وإهانته لها وهي السيدة الآمرة
وهم هو برد الاعتداء بالضرب ولكنه آثر الهرب فلحقت به وقدت قميصه من دبر
وهذا الرأي لا دليل عليه
وقال سيد قطب في هذه الواقعة وهذا الشطر من الاية
إنما همت به وهم بها إنها نهاية موقف طويل من الإغراء في ذلك القصر الطبقة الراقية المترفة والتصوير
هنا صادق واقعي لحالة النفس البشرية الصالحة في المقاومة والضعف ثم الاعتصام بالله في النهاية والنجاة
فالسياق القرأني لم يفصل في تلك المشاعر البشرية المتداخلة لايرد المنهج القرآني أن يجعل من هذه اللحظة معرضا يستغرق اكثر من مساحته المناسبة في محيط القصة
ويريد الجو نظيف وهو أقرب إلى الطبيعة البشرية وإلى العصمة النبوية يوسف كان بشرا ولم يتجاوز همه الميل النفسي في تلك اللحظات
فلما رأى برهان ربه الذي نبض في ضميرة وقلبه بعد لحظة الضعف الطارئة عاد إلى الاعتصام والتأبي
كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ
25
( وَاسُتَبَقَا الْبَابَ ... )
وكأن يوسف في سباق زمني مع الباب لحظات سريعة يريد الخروج والنجاة
وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ
وتقع المفاجأة
( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ .. )
أحداث متوالية سريعة وكانت امرأة العزيز أيضا سريعة في تفكيرها وحاضرة الاجابة
قبل ان تسأل
( قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
ولانها امرأة عشقة يوسف قدمت في عقابها السجن العقاب المأمون قبل العذاب الأليم
فيوسف لم يصمت بل جهر بالحقيقة في وجه إتهامها له
26
( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ )
الشاهد هنا شاهد الواقعة أو أن الزوج استدعى من أهلها وعرض عليه الأمر
قال الشاهد إن كان قميص يوسف تمزع من أمام فهذا أثر مدافعتها من الاعتداء فهي صادقة وهو كاذب
27
( وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ )
وإن كان قميصه تمزع من خلف فهذا أثر تملصه منها وهي تعقبته حتى الباب هي من كاذبة وهو صادق
وقد جاء الفرض الأول لأنه من أهلها ويفترض صدقها
28
( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ .. )
تبينت الشهادة أنها هي التي راودته عن نفسه ودبرت الاتهام
( قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )
قال الزوج إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم
تعليق الزوج كان يشبه الثناء في وقت لم يثر الدم في عروقه وتلطف لتلك السيدة
طبقة راقية ذات الدم البارد المائع القيم
ثم قال
29
( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ )
يوسف أهمله ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به
وأنتِ استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين المتعمدين
إنها قرارات طبقة الأرستقراطية في كل جاهلية