مهاجر
12-06-2000, 06:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طوبى لمن كان من مثل هؤلاء ،
أضع بين يدي القارئ هذا الكتاب وأسئل الله أن يكون ذا فائدة مرجوة لنا جميعاً ، وإن شاء الله سأعرضه في حلقات حتى لا يمل القارئ وذلك بسبب طول مادته .
القسم الأول
الشيخ سلمان بن فعد العوده
معاني الغربة – عموماً –
اولاً:المعاني اللغوية
للغربة معاني عدة:
يرجع اشتقاق كلمة ((الغربه)) الى مادة غ ر ب الثلاثيه وهي أصل صحيح ومادة واسعه جدا ذكر صاحب القاموس لأحد تصريفاتها أربعة وعشرين معنى واستدرك عليه شارح القاموس محمد مرتضى الزبيدي عشرة معان لم يذكرها، فصار مجموعها أربعة وثلاثين معنى
واذا كانت هذه المعاني لتصريف واحد فما بالك بسائر ما يتفرع عن الماده؟
أما كلمة ((الغربه)) فتطلق على معان عده
منها النوى والبعد، يقال: اغترب غربة، إذا بعد، ونوى غربة: بعيدة
ومما يقرب هذا المعنى النزوح عن الوطن والاغتراب، يقال: رجل غرب – بضم الغين والراء – وغريب أي بعيد عن وطنه، والجمع غرباء
ويقرب منهما : الغريب بمعنى انه ليس من القوم
وتطلق على الغمةض والخفاء وعدم الشهرة، ومنه غريب الحديث: أي خفية الذي لا يظهر مهناه واغرب: أتى بالغريب
وتطلق على الذهاب والتنحي عن الناس، يقال: غرب عنا، يغرب غربا وهذه المعاني الخمسة يوجد بينها معنى مشترك تدور حوله معظم استعمالات هذه الكلمة.
والذي جمع هذه المعاني ان غربة الشيىء تعني انه غير موافق كلياً او جزئياً للاشياء التي حوله لغموضه وخفائه، فالرجل الغريب هو من يكون من ثوم غير قومه، والكلمة الغريبة هي التي تختلف عن سائر الكلمات في خفائها وعدم وضوحها للناس….,وهكذا.
ثانياً: استعمالاتها في السنه النبوية:
جاء استعمال الغربة في السنة النبوية، على معاني عدة يجمعها المعنى المشترك العام ، ويشير الكاتب هنا الى معنيين متقاربين منها:
فجاءت بمعنى المقيم في غير وطنه، وبين قوم غير قومه
فعن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بمنكبي، فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
وكان ابن عمر يقول: " إذا امسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا اصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"
فشبه " صلى الله عليه وسلم" الحال التي ينبغي ان يكون عليها المؤمن الناسك المسدد بحال الغريب الذي ليس له مسكن يؤويه، ولا بيت يكنه، وأموره كلها من المركب والمأكل والمشرب والمسكن مرقته عابره لحال غربته.
قال ابن بطال: " لما كان الغريب قابل الانبساط الى الناس، بل هو مستوحش منهم، اذ يكاد يمر بمن يعرفه .. فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر سبيل .. شبه بهما .. وفي ذلك اشارة الى الزهد في الدنيا واهذ البلغة منها والكفاف"
فألمح ابن بطال الى جانب من المعنى وهو ان المقصود تشبيه الموءمن بالغريب لقلة انبساطه الى الناس، واستيحاشه منهم، وعدم استئناسه معهم.
وهناك جانب اخر من المعنى، وهو ان الغريب المومع العودة الى الوطن لا يكاد يتعلق قلبه في شيء في بلد غربيه ، بل قلبه متعلق بوطنه الذي سيعود اليه
وكذلك المومن: شأنه مع الدنيا الا يتعلق قلبه بشيء منها، لتعلقه بدار الاخرة، التي اليها الرجعى، وفيها المستقر
وللمعنى جانب ثالث، وهو ان الغريب سالم من الرذائل التي منشوها الاختلاط بالناس والانبساط اليهم والاشتغال عن الخالق ، فهو قليل الحسد والحقد والنفاق والنزاع، قليل الوقوع في اعراض الناس، والوشاية بهم.
وهذا المعنى- الذي هو اطلاق " الغربة" على الغربة الحسية وهي مفارقة الاهل والوطن، ومساكنة قوم اخرين، قد ورد في احاديث كثيرة لا داعي لسردها هنا.
وجاءت بمعنى الاغتراب المعنوي، وهو ان يكون المرء على حال من الاستقامة ولزوم الجادة ، ومجانبه، الفتن والاهواء ، مع قلة النصير والمعين والموافق، وكثرة المنابذ والمخذل والمخالف، فيسمى صاحب هذه الحالة "غريباً " ذهاباً الى المعنى العام الذي اشير اليه قبل_ وهو عدم موافقته لمن حوله، اذا له شأن ولهم شأن ، وهو في واد وهم في واد اخر
وهذا المعنى هو المقصود في هذا البحث أصلاً وهو المفهوم من قوله " صلى الله عليه وسلم"
" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ "
------------------
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه .
طوبى لمن كان من مثل هؤلاء ،
أضع بين يدي القارئ هذا الكتاب وأسئل الله أن يكون ذا فائدة مرجوة لنا جميعاً ، وإن شاء الله سأعرضه في حلقات حتى لا يمل القارئ وذلك بسبب طول مادته .
القسم الأول
الشيخ سلمان بن فعد العوده
معاني الغربة – عموماً –
اولاً:المعاني اللغوية
للغربة معاني عدة:
يرجع اشتقاق كلمة ((الغربه)) الى مادة غ ر ب الثلاثيه وهي أصل صحيح ومادة واسعه جدا ذكر صاحب القاموس لأحد تصريفاتها أربعة وعشرين معنى واستدرك عليه شارح القاموس محمد مرتضى الزبيدي عشرة معان لم يذكرها، فصار مجموعها أربعة وثلاثين معنى
واذا كانت هذه المعاني لتصريف واحد فما بالك بسائر ما يتفرع عن الماده؟
أما كلمة ((الغربه)) فتطلق على معان عده
منها النوى والبعد، يقال: اغترب غربة، إذا بعد، ونوى غربة: بعيدة
ومما يقرب هذا المعنى النزوح عن الوطن والاغتراب، يقال: رجل غرب – بضم الغين والراء – وغريب أي بعيد عن وطنه، والجمع غرباء
ويقرب منهما : الغريب بمعنى انه ليس من القوم
وتطلق على الغمةض والخفاء وعدم الشهرة، ومنه غريب الحديث: أي خفية الذي لا يظهر مهناه واغرب: أتى بالغريب
وتطلق على الذهاب والتنحي عن الناس، يقال: غرب عنا، يغرب غربا وهذه المعاني الخمسة يوجد بينها معنى مشترك تدور حوله معظم استعمالات هذه الكلمة.
والذي جمع هذه المعاني ان غربة الشيىء تعني انه غير موافق كلياً او جزئياً للاشياء التي حوله لغموضه وخفائه، فالرجل الغريب هو من يكون من ثوم غير قومه، والكلمة الغريبة هي التي تختلف عن سائر الكلمات في خفائها وعدم وضوحها للناس….,وهكذا.
ثانياً: استعمالاتها في السنه النبوية:
جاء استعمال الغربة في السنة النبوية، على معاني عدة يجمعها المعنى المشترك العام ، ويشير الكاتب هنا الى معنيين متقاربين منها:
فجاءت بمعنى المقيم في غير وطنه، وبين قوم غير قومه
فعن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بمنكبي، فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".
وكان ابن عمر يقول: " إذا امسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا اصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك"
فشبه " صلى الله عليه وسلم" الحال التي ينبغي ان يكون عليها المؤمن الناسك المسدد بحال الغريب الذي ليس له مسكن يؤويه، ولا بيت يكنه، وأموره كلها من المركب والمأكل والمشرب والمسكن مرقته عابره لحال غربته.
قال ابن بطال: " لما كان الغريب قابل الانبساط الى الناس، بل هو مستوحش منهم، اذ يكاد يمر بمن يعرفه .. فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر سبيل .. شبه بهما .. وفي ذلك اشارة الى الزهد في الدنيا واهذ البلغة منها والكفاف"
فألمح ابن بطال الى جانب من المعنى وهو ان المقصود تشبيه الموءمن بالغريب لقلة انبساطه الى الناس، واستيحاشه منهم، وعدم استئناسه معهم.
وهناك جانب اخر من المعنى، وهو ان الغريب المومع العودة الى الوطن لا يكاد يتعلق قلبه في شيء في بلد غربيه ، بل قلبه متعلق بوطنه الذي سيعود اليه
وكذلك المومن: شأنه مع الدنيا الا يتعلق قلبه بشيء منها، لتعلقه بدار الاخرة، التي اليها الرجعى، وفيها المستقر
وللمعنى جانب ثالث، وهو ان الغريب سالم من الرذائل التي منشوها الاختلاط بالناس والانبساط اليهم والاشتغال عن الخالق ، فهو قليل الحسد والحقد والنفاق والنزاع، قليل الوقوع في اعراض الناس، والوشاية بهم.
وهذا المعنى- الذي هو اطلاق " الغربة" على الغربة الحسية وهي مفارقة الاهل والوطن، ومساكنة قوم اخرين، قد ورد في احاديث كثيرة لا داعي لسردها هنا.
وجاءت بمعنى الاغتراب المعنوي، وهو ان يكون المرء على حال من الاستقامة ولزوم الجادة ، ومجانبه، الفتن والاهواء ، مع قلة النصير والمعين والموافق، وكثرة المنابذ والمخذل والمخالف، فيسمى صاحب هذه الحالة "غريباً " ذهاباً الى المعنى العام الذي اشير اليه قبل_ وهو عدم موافقته لمن حوله، اذا له شأن ولهم شأن ، وهو في واد وهم في واد اخر
وهذا المعنى هو المقصود في هذا البحث أصلاً وهو المفهوم من قوله " صلى الله عليه وسلم"
" إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ "
------------------
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه .