PDA

View Full Version : هـذا بِذنْبِي ...


USAMA LADEN
22-01-2007, 10:07 AM
هـذا بِذنْبِي ...

الشيخ عبد الرحمن السحيم

كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تُصدع ، فتضع يدها على رأسها وتقول :

بذنبي ، وما يغفره الله أكثر .

أي أنها ما تُصاب إلا بسبب ذنبها .

وهي بذلك تُشير إلى قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )

وحَـدّث عبيد الله بن السرى قال : قال ابن سيرين : إني لأعرف الذنب الذي حُمل به عليّ الدَّين ما هو . قلت : لرجل منذ أربعين سنة : يامفلس !

قال عبيد الله : فحدثتُ به أبا سليمان الداراني فقال : قَـلّـت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندرى من أين نؤتى !

وكان إبراهيم بن أدهم - رحمه الله - يقول : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق زوجتي ودابتي .

وهذا الإمام وكيع بن الجراح – رحمه الله – لما أغلظ له رجل في القول دخل بيتاً فعفّـر وجهه ، ثم خرج إلى الرجل . فقال : زد وكيعاً بذنبه ، فلولاه ما سلطت عليه .

أي لولا ذنوبي لما سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول .

ولما استطال رجل على أبي معاوية الأسود فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية : دعه يشتفي، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سلّـطت عليّ به هذا .

هذا من فقـه المصيبة ، وهو فِقـه دقيق لا يتأمله كل أحـد .

فمتى أُصيب العبد بمصيبة لم ينظر إلى أسبابها وإلى ما هو مُقيم عليه من ذنوب ، فقد نظر إلى ظاهر الأمر دون باطنه .

فينظر كثير من الناس إلى من أجرى الله على يديه تلك المصيبة التي ما هي إلا عقوبة لذلك الذّنب ، ولولا ذلك الذنب لما سُـلِّـط عليه . كما تقدّم في الآثار السالفة .

ينظر كثير من الناس إلى من باشر المصيبة ، ومن أجرى الله على يديه العقوبة ، فينظرون إلى الظالم فحسب ، فيلعنونه ، ونحو ذلك .

وينظرون إلى من تسبب في حادث سير على أنه سائق غشيم ! لا يُحسن التصرّف ، ولكن

الناظر هذه النظرة يفتقد إلى تلك الشفافية التي نظر بها السلف أبعد مما هو ظاهر للعيان .

وينظر الزوج إلى زوجته على أنها تغيّـرت طباعها أو ساءت أخلاقها ، دون التأمل في الذّّنب الذي تسبب في ذلك .

كما تنظر الزوجة إلى زوجها على أنه تغيّر طبعه أو ساء خُلُقـه ، دون النظر في الذنوب التي هي السبب في ذلك .

فكم نحن بحاجة إلى تلك النظرة الفاحصة التي ننظر بها إلى ذنوبنا قبل كل شيء .

فإذا وقعت مصيبة أو نزلت نازلة أو ساءت أخلاق من يتعامل معنا من أهلٍ وأصحاب وجيران فلننظر في ذنوبنا الكثيرة : من أيها أُصبنا ؟

أمِنْ ارتكاب ما حرّم الله ؟

أم مِن تضييع فرائض الله ؟

أم مِن تخلّفنا عن صلاة الفجر ؟

أم مِن السهر المُحـرّم ؟

أم مِن ضعف مراقبتنا لله عز وجل ؟

أم ... أم ... وتعـدّ وتغلـط في العدّ ... مِن كثرة الذنوب العامة والخاصة .

أحببت تذكير نفسي وإخواني وأخواتي .

( وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

فرُحماك ربنا رُحماك

وعاملنا ربنا بلطفك الخفيّ

وعاملنا بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين

محب الشيخ العثيمين
23-03-2007, 04:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خيرا يا أخي الكريم على نقل هذا الموضوع الرائع

وبارك الله في الشيخ عبد الرحمن ونفعه بما سطرت أنامله

... كثيرا ما نغفل عن كون المصائب والابتلاءات سببها ـ في الغالب ـ الذنوب والسيئات

فالابتلاءات إما عقوبة على الذنوب والمعاصي

وأحياناً تكون لرفع الدرجات ، واستخراج عبودية الصبر والرضا بالمقدور
ـ مثل ابتلاءات كثير من الأنبياء والصديقين ـ


لكن .... في كثير من الأحيان ، تكون المصائب بسبب الذنوب والمعاصي

كما قال الله تبارك وتعالى :

" ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون "



اللهم عافنا واعف عنا

وبصـّرنا بعيـوبنا
ُُ
واهدنا وسددنا


ولا تتوفنا إلا وأنت راض ٍ عنا يا رب العالمين