محب الشيخ العثيمين
25-12-2004, 09:14 PM
الاحتلال الأمريكي...هل دخل مرحلة التداعي!؟
ياسر سعد
25/12/2004
--------------------------------------------------------------------------------
من الواضح أن الحالة في العراق قد دخلت طورا جديدا، ومن اليسير القول إنه لا بوش ولا وزير دفاعه يقضون أعيادا سعيدة ولن تأخذهم كثيرا نشوة احتفالات إعادة تنصيب بوش المنتصر انتخابيا، في ظل اضطراب الوضع في العراق، لكنه ليس من السهل التنبؤ بما ستؤول إليه الأحداث في العراق، غير أنه من المؤكد أن الأسابيع القليلة القادمة تحمل في أحشائها الكثير من المفاجآت والتطورات.
لم يكن أشد المتفائلين بالمقاومة العراقية ليتخيل أن تلك المقاومة ستصل إلى مرحلة متقدمة من الفاعلية والقدرة في فترة قصيرة من الزمن إلى درجة تجعل من رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي المشهور بلغته الاستعلائية وبنبرته المتغطرسة يبث في مؤتمر صحفي أشجانه وهمومه ويتحدث عن أرقه وقلقه بلهجة منكسرة ولغة حزينة, وتؤدي بالرئيس المنتصر انتخابيا بوش إلى تغيير خطابه من هجومه الكاسح المعتاد إلى الدفاع وعن من؟! عن وزير دفاعه الذي يحتاج إلى من يدافع عنه، حاله حال جنوده المنتشرين في العراق.
كتبت مقالا في وقت سابق تحت عنوان: العراق..تصدعات في العسكرية الأمريكية!! ولم أكن لأتصور أن الانتقال من مرحلة التصدعات إلى ما أحسبه مرحلة التداعيات سيكون بهذه السرعة. حدثان كبيران وقعا على الساحة العراقية مؤخرا ربما شكلا منعطفا حاسما في الحرب الدائرة رحاها على أرض الرافدين, مما قد يؤدي إذا ما استمرت وتيرة الأحداث بهذا الإيقاع إلى طرح مسألة الانسحاب الأمريكي من العراق كواحد من الخيارات المرة أمام صانع القرار الأمريكي.
الأول: عملية الموصل شكلت ضربة موجعة للغاية لقوات الاحتلال من جميع النواحي العسكرية والإعلامية والمعنوية. فالتوقيت جاء بعد "الانتصار" الأمريكي الدعائي في الفلوجة والذي تحقق في الساعات الأولى من خلال تصريحات قاسم داوود وعلاوي وغيرهم, يفترض بعد معركة الفلوجة أن تهدأ الأحوال، خصوصا وأن تلك المعركة أدت إلى قصم ظهر "التمرد" حسب مصدر عسكري أمريكي رفيع. وإذا تذكرنا أن الاستعدادات التي تمت لمعالجة مسألة الفلوجة أخذت وقتا طويلا وتصريحات ومناورات دبلوماسية من علاوي وغيره، واضطرت القوات الأمريكية خلالها للاستعانة بالقوات البريطانية في محيط بغداد مما سبب صداعا سياسيا لتوني بلير، فما عساها تفعل قوات الاحتلال وقد بدا عليها الإنهاك واضحا، فيما توسعت أضلاع مثلث المقاومة ليصل إلى الموصل -والتي شهدت الحادثتين الأكثر فداحة في الخسائر الأمريكية سقوط الطائرتين سابقا وتفجير القاعدة الآن- في الوقت الذي أعلنت فيه المجر عن سحب قواتها وإصرار هولندا أن تفعل الشيء ذاته في مارس القادم رغم الضغوط الأمريكية البريطانية عليها، فيما تعتزم بولندا سحب ثلث قواتها في فبراير القادم.
الخسارة الإعلامية في عملية الموصل كانت محرجة للأمريكان, فالخبر تم بثه أولا وبالتفصيل عبر موقع مجهول على الانترنت, كانت وكالات الأنباء وهي تسوق الخبر منه وعنه تشكك في مصداقيته وصدقيته، ومن بعد ظهر أن أخبار ذلك الموقع أكثر دقة ووضوحا من الإعلان الأمريكي والذي تخبط في شرح سبب الحادث من صاروخ إلى أربع إلى عملية "انتحارية" في نهاية المطاف, من الواضح أن الإعلاميين سيأخذون جديا ما تذيعه تلك المواقع التي تزعم أنها تتحدث باسم المقاومة أو بعض فصائلها، مما يشكل خسارة لأمريكا في الساحة الإعلامية التي تفردت فيها خصوصا بمنعها لكثير من المراسلين العرب من تغطية الأحداث في العراق.
المحاولات الأمريكية المحمومة بإنشاء قوات أمن وجيش عراقية تعينها على ضبط الأوضاع وتخفيف المخاطر المحيقة بجنودها ولتعطي الاحتلال وجها وغطاءا عراقيا أصيبت هي الأخرى بما يشبه الضربة القاضية بعد عملية الموصل, فلقد تم الإعلان على أن منفذ العملية كان يرتدي على الأغلب ملابس الجيش العراقي الجديد, فإذا ما شددت أمريكا الإجراءات على القوات العراقية المتعاونة ولجأت إلى أسلوب الشك والحذر خسرت ثقة تلك القوات وربما هيأت للمقاومة مجندين محتملين, أما إن أبقت الأمور على ما هي عليه أقلقت جنودها القلقين ابتدءا ورفعت أصواتهم بالشكوى من نقص العتاد وإجراءات السلامة.
ياسر سعد
25/12/2004
--------------------------------------------------------------------------------
من الواضح أن الحالة في العراق قد دخلت طورا جديدا، ومن اليسير القول إنه لا بوش ولا وزير دفاعه يقضون أعيادا سعيدة ولن تأخذهم كثيرا نشوة احتفالات إعادة تنصيب بوش المنتصر انتخابيا، في ظل اضطراب الوضع في العراق، لكنه ليس من السهل التنبؤ بما ستؤول إليه الأحداث في العراق، غير أنه من المؤكد أن الأسابيع القليلة القادمة تحمل في أحشائها الكثير من المفاجآت والتطورات.
لم يكن أشد المتفائلين بالمقاومة العراقية ليتخيل أن تلك المقاومة ستصل إلى مرحلة متقدمة من الفاعلية والقدرة في فترة قصيرة من الزمن إلى درجة تجعل من رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي المشهور بلغته الاستعلائية وبنبرته المتغطرسة يبث في مؤتمر صحفي أشجانه وهمومه ويتحدث عن أرقه وقلقه بلهجة منكسرة ولغة حزينة, وتؤدي بالرئيس المنتصر انتخابيا بوش إلى تغيير خطابه من هجومه الكاسح المعتاد إلى الدفاع وعن من؟! عن وزير دفاعه الذي يحتاج إلى من يدافع عنه، حاله حال جنوده المنتشرين في العراق.
كتبت مقالا في وقت سابق تحت عنوان: العراق..تصدعات في العسكرية الأمريكية!! ولم أكن لأتصور أن الانتقال من مرحلة التصدعات إلى ما أحسبه مرحلة التداعيات سيكون بهذه السرعة. حدثان كبيران وقعا على الساحة العراقية مؤخرا ربما شكلا منعطفا حاسما في الحرب الدائرة رحاها على أرض الرافدين, مما قد يؤدي إذا ما استمرت وتيرة الأحداث بهذا الإيقاع إلى طرح مسألة الانسحاب الأمريكي من العراق كواحد من الخيارات المرة أمام صانع القرار الأمريكي.
الأول: عملية الموصل شكلت ضربة موجعة للغاية لقوات الاحتلال من جميع النواحي العسكرية والإعلامية والمعنوية. فالتوقيت جاء بعد "الانتصار" الأمريكي الدعائي في الفلوجة والذي تحقق في الساعات الأولى من خلال تصريحات قاسم داوود وعلاوي وغيرهم, يفترض بعد معركة الفلوجة أن تهدأ الأحوال، خصوصا وأن تلك المعركة أدت إلى قصم ظهر "التمرد" حسب مصدر عسكري أمريكي رفيع. وإذا تذكرنا أن الاستعدادات التي تمت لمعالجة مسألة الفلوجة أخذت وقتا طويلا وتصريحات ومناورات دبلوماسية من علاوي وغيره، واضطرت القوات الأمريكية خلالها للاستعانة بالقوات البريطانية في محيط بغداد مما سبب صداعا سياسيا لتوني بلير، فما عساها تفعل قوات الاحتلال وقد بدا عليها الإنهاك واضحا، فيما توسعت أضلاع مثلث المقاومة ليصل إلى الموصل -والتي شهدت الحادثتين الأكثر فداحة في الخسائر الأمريكية سقوط الطائرتين سابقا وتفجير القاعدة الآن- في الوقت الذي أعلنت فيه المجر عن سحب قواتها وإصرار هولندا أن تفعل الشيء ذاته في مارس القادم رغم الضغوط الأمريكية البريطانية عليها، فيما تعتزم بولندا سحب ثلث قواتها في فبراير القادم.
الخسارة الإعلامية في عملية الموصل كانت محرجة للأمريكان, فالخبر تم بثه أولا وبالتفصيل عبر موقع مجهول على الانترنت, كانت وكالات الأنباء وهي تسوق الخبر منه وعنه تشكك في مصداقيته وصدقيته، ومن بعد ظهر أن أخبار ذلك الموقع أكثر دقة ووضوحا من الإعلان الأمريكي والذي تخبط في شرح سبب الحادث من صاروخ إلى أربع إلى عملية "انتحارية" في نهاية المطاف, من الواضح أن الإعلاميين سيأخذون جديا ما تذيعه تلك المواقع التي تزعم أنها تتحدث باسم المقاومة أو بعض فصائلها، مما يشكل خسارة لأمريكا في الساحة الإعلامية التي تفردت فيها خصوصا بمنعها لكثير من المراسلين العرب من تغطية الأحداث في العراق.
المحاولات الأمريكية المحمومة بإنشاء قوات أمن وجيش عراقية تعينها على ضبط الأوضاع وتخفيف المخاطر المحيقة بجنودها ولتعطي الاحتلال وجها وغطاءا عراقيا أصيبت هي الأخرى بما يشبه الضربة القاضية بعد عملية الموصل, فلقد تم الإعلان على أن منفذ العملية كان يرتدي على الأغلب ملابس الجيش العراقي الجديد, فإذا ما شددت أمريكا الإجراءات على القوات العراقية المتعاونة ولجأت إلى أسلوب الشك والحذر خسرت ثقة تلك القوات وربما هيأت للمقاومة مجندين محتملين, أما إن أبقت الأمور على ما هي عليه أقلقت جنودها القلقين ابتدءا ورفعت أصواتهم بالشكوى من نقص العتاد وإجراءات السلامة.