PDA

View Full Version : أفـول المَجـدْ


sad_bird
19-06-2003, 01:34 PM
انقل لكم هذا المقال للكاتب الاسرائيلي والمحلل السياسي في صحيفة يدعوت احرنوت عوفر شيلح ليتم التعرف من خلاله على نفسية السياسي الاسرائيلي وحالة الاحباط التي وصلو اليها


لقد كُـتب على الإسرائيليين والفلسطينيين إيجاد المخرج بأنفسهم. كتب عليهم الاعتراف بأنه لا حل لهم إلا العيش إلى جانب بعضهم البعض، في سلسلة تسويات قاسية ومؤلمة. ولن يقوم أحد غيرنا بحل هذه المشكلة...


كم هو سريعًا أفول مجد الفلسطينيين في الوعي الإسرائيلي. قبل عدة أشهر كان محمود عباس (أبو مازن) يشكل الأمل الأبيض الكبير: من واشنطن وحتى وزارة الدفاع في تل أبيب، تغنى الجميع بالثناء على أبو مازن، الفلسطيني المستقيم ورجل السلام الذي سيساهم تتويجه بدل عرفات في حل جميع المشاكل. قالوا إنه سيكون أمامنا، أخيراً، شخص يحترم كلمته، شخص يتطلع إلى تقدم ورفاهية شعبه، ولا يتعامل مع نفسه بمصطلحات صلاح الدين، لم تلطخ أياديه بالعمليات المسلحة بل بقيت نقية تتعامل بسياسة رائعة. لقد فرض المجتمع الدولي تعيين رئيس الحكومة الجديد بالقوة، عبر حنجرة عرفات.

لا شك أن بعض هذه الأمور تعتبر صحيحة. لكنه وكما لو كان المدرب الجديد للمنتخب الإسرائيلي، بات زمان أبو مازن في غياهب الماضي، قبل أن يتمكن من تسخين كرسيه. بات يعتبر كتكوتاً بلا ريش، رجل واهن لا يمكنه مواجهة المسلحين، عربي لا يعرف العمل "بدون مساعدة من محكمة العدل العليا وجمعية "بتسيلم"، كما طالبت إسرائيل الفلسطينيين، منذ أيام رابين.

فبالنسبة لنا، لن يمر الجانب الثاني، أبداً، بخطوات سياسية، وباضطرارات وخطوات يتحتم نضوجها: دائما سيجري الحديث عن شخص، عن هذا الدكتاتور أو ذاك، الذي يمكنه، إذا رغب، جعل رعاياه يسيرون حسب الخط المطلوب، وإذا لم يفعل ذلك فهذا يعني أنه ليست لديه الرغبة، وإذا كان الأمر كذلك، فإننا لن ننتظر حتى ينمو ريشه (أو كما ادعوا في المؤسسة الأمنية بعد انتقاد محاولة اغتيال الرنتيسي، سنقوم بالعمل بدلاً عنه حتى إذا اعتقد بأن ذلك سيلحق به الضرر).

وانظروا، يا للعجب: ها هو قد بزغ، في نهاية الأسبوع، نجم جديد بدل الأمل منزوع الريش. قائد فلسطيني يناصر النظام، استدعى قادة التنظيمات إليه، وضرب بقبضته على الطاولة وطالبهم بفرض النظام. إنه شخص نضر، شديد البأس، يمكنه إخراج الأمور إلى حيز التنفيذ، وصنع كل ما لا يمكن لأبو مازن عمله. إنه ياسر عرفات وليس غيره.

في نهاية الأمر، سواء رضينا أم أبينا، تعود الأمور إلى الرئيس. إلى الشخص المكروه، والدامي، الذي لم يحترم كلمته في كثير من المحاولات. – وهو الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني. لأن العبرة التي لم نستخلصها – لا نحن ولا الأمريكان، تقول: يمكننا أن نقتلهم وأن نحتل أراضيهم، يمكننا أن نقرر بأننا لن نتحدث إليهم إلا بواسطة الصاروخ، لكنه لا يمكننا، مهما أردنا ذلك ومهما ضغطنا، أن نقرر من يترأسهم.

فكرة بلا قاعدة

عاد الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، في لقاء أجري معه في نهاية الأسبوع الماضي، إلى طرح فكرة تتدحرج هنا منذ فترة زمنية طويلة: إرسال قوة دولية، على شكل حاضنة أطفال مسلحة، لإنقاذ طرفي الصراع في الشرق الأوسط بسبب عدم مقدرتهما على التوصل إلى اتفاق بينهما. والمقصود، طبعاً، مفهوماً ليس جديداً، يعود أحدهم إلى طرحه بين الحين والآخر.

منذ انفجار اتفاقيات أوسلو، ينشغل العديد من مهندسي تلك الاتفاقيات في اتصالات تهدف إلى تطبيق فكرة "الحاضنة الدولية" لمرافقة عملية إقامة الدولة الفلسطينية. وينطوي ذلك، ظاهريًا، على الكثير من المنطق: فالطرفان لا يتمكنان، حقاً، من جر أنفسهما خارج دائرة الدم والانتقام.

لكن المشكوك فيه هو إيجاد من يتطوع لقوة كهذه. فالجيش الإسرائيلي، بقوته الضخمة وبعتاده الذي لا يعرف الرحمة، لا يتمكن من وقف العمليات المسلحة المتواصلة منذ ثلاث سنوات. فما الذي يدعو البعض إلى الاعتقاد بأنه يمكن للقوات الدولية أن تنجح في ذلك، في وقت سيعتبرها الفلسطينيون المتطرفون قوة تخدم فكرة يرفضونها؟ من هو الذي سيمنع تنفيذ سلسلة من العمليات الهجومية ستؤدي إلى طرد القوة الأجنبية إلى بلادها، ذليلة ومهانة؟

لقد كُـتب على الإسرائيليين والفلسطينيين إيجاد المخرج بأنفسهم. كتب عليهم الاعتراف بأنه لا حل لهم إلا العيش إلى جانب بعضهم البعض، في سلسلة تسويات قاسية ومؤلمة. ولن يقوم أحد غيرنا بحل هذه المشكلة.