MUSLIMAH
29-10-2002, 12:17 PM
السلام عليكم ،،،
أسعد الله صباحكم بكل خير و طاعة :)
الجامعة الرمضانية (1) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=150634)
الجامعة الرمضانية (2) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?postid=1141031&t=5104#post1141031)
الجامعة الرمضانية (3) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=151009)
كلّيــــــــــة الطّـــــــب
هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينبّه الأمّة إِلَى السبب الرئيسي للأمراض الَّتِي يعاني مِنْهَا البشر فيؤكّد أنّها فِي المعدة الَّتِي هِيَ منفذ عظيم لدخول الأشياء إِلَيْهَا ووصولها إِلَى باقي البدن فيقول: ( مَا ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كَانَ لاَ محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه ) صحيح الجامع (5674)، وبذلك يحصل الترشيد فِي الطّعام الَّذِي يمتنع الإنسان عَنْهُ فِي نهار رمضان ليقوم الجسم بالتّخلّص من الفضلات الزائدة عنه، والسموم الَّتِي تخرجها خلايا الجسم لتصبح نشيطة فتنتقل من عمل التنظيف إِلَى البناء والإنتاج، وهذا فِي حقيقة الأمر بحاجة إِلَى إنسان مرتاح نفسيّاً لأن الأمراض النفسيّة لَهَا تأثير عَلَى الأجهزة والأعضاء وتصيبها بخلل فَلاَ تستطيع تنظيم عملها حتّى وَلَوْ كَانَ أصحاب هَذِهِ الأجهزة والأعضاء لاَ يأكلون من الطّعام إِلاَّ القليل.
وَمَعَ طول السنة والانشغال الفكري والعضلي وتجمّع هموم الحياة اليومية والمستقبليّة تتفرّق الهموم عَلَى الإنسان حتّى يشعر بأنّه لاَ يخرج من هم إِلاَّ إِلَى غيره إِلَى أَنْ يأتي شهر رمضان فيتذكر أَنَّهُ لاَ بدّ لَهُ من الدّخول فِي هذه العبادة وغيرها من العبادات ليكون من عتقاء هَذَا الشهر، ومن أهل الجنّة، فيركن تحت تِلْكَ المظلّة المكتوب فِيهَا ( من كَانَتْ الآخرة همّه جعل الله غناه فِي قلبه وجمع لَهُ شمله وأتته الدُّنْيَا وَهِيَ راغمة ومن كَانَتْ الدُّنْيَا همّه جعل الله فقره بَيْنَ عينيه وفرق عَلَيهِ شمله ولم يأته من الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قدر لَهُ ) صحيح الجامع (6510)، فيجتهد فِي العبادة وخاصة أَنْ من حوله من النَّاس يكون همّهم هُوَ همّه من العبادة والذّكر فيجد فِي ذَلِكَ الفرصة ليتخلّص من أوهامه كلّها ويعود إِلَى الأصل الَّذِي خلق من أجله (( وَمَا خلقت الجنّ والإنس إِلاَّ ليعبدون مَا أريد منهم من رزقٍ وَمَا أريد أَنْ يطعمون إنّ الله هُوَ الرّزاق ذو القوّة المتين )) [الذّاريات: 56-58] وبذلك تتخلّص النّفس من حقدها وشرّها وحسدها وتتطلع بَعْدَ ذَلِكَ لفعل الخير لأن كلّ شيء ذاهب وَلاَ يبقى إِلاَّ البحث عَنْ حقيقة ذَلِكَ الطّريق الموصل إِلَى الجنّة. والله المستعان.
كلّيــــــــة الحِلـــــــم
جاء الرّجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الوصيّة فقال: ( لاَ تغضب ) صحيح الجامع (7373)
ولأنّ الغضب هُوَ فِي أغلب أحيانه ردّة فعل لفعل آخر، ويصحبها مجانبة الصّواب حتّى لَوْ كَانَ معه الحقّ وإرادة العقاب. فلعلّه فِي حكمه هَذَا يقع فِي الغلوّ فيؤدّي بِهِ إِلَى الظلم الَّذِي حرّمه الله عَزَّ وَجَلَّ لقوله صلى الله عليه وسلم فِي الحديث القدسي ( يَا عبادي إنّي حرّمت الظلم عَلَى نفسي وجعلته بينكم محرّماً فَلاَ تظالموا ) صحيح الجامع (4345)، ثُمَّ إنّ فورة الغضب توقع الإنسان فيما لاَ تحمد عقباه ولذلك لمّا استبّ رجلان أمام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأحدهما قَدْ احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه فقال عَلَيهِ الصّلاة السّلام: ( إنّي لأعلم كلمة لَوْ قالها لذهب عَنْهُ مَا يجد، لَوْ قَالَ: أعوذ باللهِ من الشّيطان الرّجيم ذهب عَنْهُ مَا يجد )مختصر صحيح مسلم (1792) فلمّا نقل لَهُ قول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَتْ ردّة الفعل عنده سريعة وقويّة فقال: أمجنون تراني؟ ولذلك كَانَ لاَ بدّ لهذا الدّاء من علاج، وأن يكون الإنسان مستعدّاً لَهُ، وليس وليد السّاعة حتّى لاَ يقع فِي معصية أَوْ ظلم، فكانت تِلْكَ الكليّة العظيمة فِي رمضان الَّتِي يكون جوابها حاضر وفعلها متوافر ( الصّيام جنّة، وَإِذَا كَانَ أحدكم صائماً فَلاَ يرفث، وَلاَ يجهل، وإن امرؤ قاتله أَوْ شاتمه فليقل: أنّي صائم، أنّي صائم ) صحيح الجامع (3877) وهكذا يلوذ بالله عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ يكون عنده ردّة فعل، بل يقف عَلَى ساحل الخير الَّذِي فِيهِ الرّحمة والمحبّة من الله عَزَّ وَجَلَّ لَهُ لأنّ هَذِهِ الخصال يحبّها الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمتدح الحلم فِي أشج بني عبد قيس فقال: ( يَا أشج! إنّ فيك لخصلتين يحبّهما الله: الحلم التؤدة ) صحيح الجامع (7848)، وبذلك تكون من الَّذِينَ ذكرهم الله فِي كتابه (( والكاظمين الغيظ والعافين عَنْ النَّاس والله يحبّ المحسنين )) [آل عمران: 134]، فكن عَلَى طريق أولئك الَّذِينَ لاَ يغضبون لأنفسهم بل يتسامحون مَعَ النَّاس حتّى وإن كَانَ الخطأ والغبن عليهم، ليكون لهم الأجر عِنْدَ الله (( وَلاَ تستوي الحسنة وَلاَ السّيئة ادفع بالتي هِيَ أحسن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم وَمَا يلقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صبروا وَمَا يلقّاها إِلاَّ ذو حظّ عظيم )) [فصّلت: 34]، فعليك أَنْ تحمل هَذَا الخلق بَعْدَ رمضان ليصبح فيك سجيّة، وهذا لاَ يأتي بيوم وليلة ولكن بالتّدبّر والجاهدة. والله المستعان.
كلّيـــــــة الزّكـــــــاة
زكاة الفطر واجبة لحديث ابن عمر رضي الله عنه : ( فرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أَوْ صاعاً من شعير عَلَى العبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ) [مختصر صحيح مسلم].
قَالَ الخطّابي رحمه الله تَعَالَى فِي "معالم السنن" (3/214) "وَهِيَ واجبة عَلَى كلّ صائم غني ذي جدة أَوْ فقير يجدها عَنْ قوته إِذَا كَانَ وجوبها لعلّة التطهير وكل الصّائمين محتاجون إِلَيْهَا فَإِذَا اشتركوا فِي العلّة اشتركوا فِي الوجوب".
قال تعالى: (( يَا أيّها الَّذِينَ آمنوا هَلْ أدلّكم عَلَى تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فِي سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذَلِكَ خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون )) [الصفّ: 10-11].
لقد جعل الله البذل بالمال قبل النَّفْس لأنه أرخص منها، ولكنه محبب إِلَى النّفوس يعزها ويرفعها فتختلج هَذِهِ الشهوة بالنّفس حتّى لاَ يستطيع الإنسان فِي كثير من الأوقات الانفكاك عنها فكانت أوّل درجات الجهاد حتّى يتعود المسلم عَلَى البذل شيئاً فشيئاً بالمال الَّذِي يحبّه، فجعل الله فِي رمضان زكاة الفطر الَّتِي يدفعها الإنسان عَنْ نفسه وأهله وولده ومن يعول ولعلّ الإنسان لاَ يملك النصاب فِي زكاة المال وليس عنده من الأموال مَا يحمله عَلَى دفع الصدقات للفقراء والمساكين فينسى هَذِهِ الشرعة العظيمة الَّتِي تعوده عَلَى البذل فِي سبيل الله، لأنّها أوّل مراحل التجارة الَّتِي طلبها ربّ العالمين من عباده لسلعته الغالية الجنّة، فيأتي شهر الخير ليذكره بِهَا ( زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرّفث وطعمة للمساكين ) صحيح الجامع (3570) فيبعده عَنْ مهلكة الشحّ (( فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون )) [التغابن: 16].
فهذا الإنفاق بداية لتربية النَّفْس عَلَى العطاء، والتوكّل عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وتحمل أعباء الدّعوة إِلَى الله ليكون بذل النَّفْس بَعْدَ المال باباً من أبواب الإيثار يقدمها فِي سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ حتّى وَلَوْ كَانَ الإنسان لاَ يملك غيرها فدفع القليل فِي أوّل الأمر يحمله عَلَى الكثير، فهذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اتّقوا النّار وَلَوْ بشقّ تمرة ) صحيح الجامع (114)، ولأن الإنسان دائم التفكير بالرّزق والموارد الَّتِي يريد أَنْ يحصل من خلالها عَلَى المال والاستزادة منه، تجعله يبخل فإن هَذَا الشهر يحمله عَلَى التفكير فِي دفع المال وإخراجه من أجل اكتمال الطّاعة والفرض (( قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لَهُ وَمَا أنفقتم من شيء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرّازقين )) [سبأ: 39]. والله المستعان.
نفعنا الله و إياكم بما نقرأ :)
نراكم على خير في الجزء الخامس و الأخير :)
في أمان الله و حفظه :)
أسعد الله صباحكم بكل خير و طاعة :)
الجامعة الرمضانية (1) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=150634)
الجامعة الرمضانية (2) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?postid=1141031&t=5104#post1141031)
الجامعة الرمضانية (3) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=151009)
كلّيــــــــــة الطّـــــــب
هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينبّه الأمّة إِلَى السبب الرئيسي للأمراض الَّتِي يعاني مِنْهَا البشر فيؤكّد أنّها فِي المعدة الَّتِي هِيَ منفذ عظيم لدخول الأشياء إِلَيْهَا ووصولها إِلَى باقي البدن فيقول: ( مَا ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كَانَ لاَ محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه ) صحيح الجامع (5674)، وبذلك يحصل الترشيد فِي الطّعام الَّذِي يمتنع الإنسان عَنْهُ فِي نهار رمضان ليقوم الجسم بالتّخلّص من الفضلات الزائدة عنه، والسموم الَّتِي تخرجها خلايا الجسم لتصبح نشيطة فتنتقل من عمل التنظيف إِلَى البناء والإنتاج، وهذا فِي حقيقة الأمر بحاجة إِلَى إنسان مرتاح نفسيّاً لأن الأمراض النفسيّة لَهَا تأثير عَلَى الأجهزة والأعضاء وتصيبها بخلل فَلاَ تستطيع تنظيم عملها حتّى وَلَوْ كَانَ أصحاب هَذِهِ الأجهزة والأعضاء لاَ يأكلون من الطّعام إِلاَّ القليل.
وَمَعَ طول السنة والانشغال الفكري والعضلي وتجمّع هموم الحياة اليومية والمستقبليّة تتفرّق الهموم عَلَى الإنسان حتّى يشعر بأنّه لاَ يخرج من هم إِلاَّ إِلَى غيره إِلَى أَنْ يأتي شهر رمضان فيتذكر أَنَّهُ لاَ بدّ لَهُ من الدّخول فِي هذه العبادة وغيرها من العبادات ليكون من عتقاء هَذَا الشهر، ومن أهل الجنّة، فيركن تحت تِلْكَ المظلّة المكتوب فِيهَا ( من كَانَتْ الآخرة همّه جعل الله غناه فِي قلبه وجمع لَهُ شمله وأتته الدُّنْيَا وَهِيَ راغمة ومن كَانَتْ الدُّنْيَا همّه جعل الله فقره بَيْنَ عينيه وفرق عَلَيهِ شمله ولم يأته من الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قدر لَهُ ) صحيح الجامع (6510)، فيجتهد فِي العبادة وخاصة أَنْ من حوله من النَّاس يكون همّهم هُوَ همّه من العبادة والذّكر فيجد فِي ذَلِكَ الفرصة ليتخلّص من أوهامه كلّها ويعود إِلَى الأصل الَّذِي خلق من أجله (( وَمَا خلقت الجنّ والإنس إِلاَّ ليعبدون مَا أريد منهم من رزقٍ وَمَا أريد أَنْ يطعمون إنّ الله هُوَ الرّزاق ذو القوّة المتين )) [الذّاريات: 56-58] وبذلك تتخلّص النّفس من حقدها وشرّها وحسدها وتتطلع بَعْدَ ذَلِكَ لفعل الخير لأن كلّ شيء ذاهب وَلاَ يبقى إِلاَّ البحث عَنْ حقيقة ذَلِكَ الطّريق الموصل إِلَى الجنّة. والله المستعان.
كلّيــــــــة الحِلـــــــم
جاء الرّجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الوصيّة فقال: ( لاَ تغضب ) صحيح الجامع (7373)
ولأنّ الغضب هُوَ فِي أغلب أحيانه ردّة فعل لفعل آخر، ويصحبها مجانبة الصّواب حتّى لَوْ كَانَ معه الحقّ وإرادة العقاب. فلعلّه فِي حكمه هَذَا يقع فِي الغلوّ فيؤدّي بِهِ إِلَى الظلم الَّذِي حرّمه الله عَزَّ وَجَلَّ لقوله صلى الله عليه وسلم فِي الحديث القدسي ( يَا عبادي إنّي حرّمت الظلم عَلَى نفسي وجعلته بينكم محرّماً فَلاَ تظالموا ) صحيح الجامع (4345)، ثُمَّ إنّ فورة الغضب توقع الإنسان فيما لاَ تحمد عقباه ولذلك لمّا استبّ رجلان أمام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأحدهما قَدْ احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه فقال عَلَيهِ الصّلاة السّلام: ( إنّي لأعلم كلمة لَوْ قالها لذهب عَنْهُ مَا يجد، لَوْ قَالَ: أعوذ باللهِ من الشّيطان الرّجيم ذهب عَنْهُ مَا يجد )مختصر صحيح مسلم (1792) فلمّا نقل لَهُ قول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَتْ ردّة الفعل عنده سريعة وقويّة فقال: أمجنون تراني؟ ولذلك كَانَ لاَ بدّ لهذا الدّاء من علاج، وأن يكون الإنسان مستعدّاً لَهُ، وليس وليد السّاعة حتّى لاَ يقع فِي معصية أَوْ ظلم، فكانت تِلْكَ الكليّة العظيمة فِي رمضان الَّتِي يكون جوابها حاضر وفعلها متوافر ( الصّيام جنّة، وَإِذَا كَانَ أحدكم صائماً فَلاَ يرفث، وَلاَ يجهل، وإن امرؤ قاتله أَوْ شاتمه فليقل: أنّي صائم، أنّي صائم ) صحيح الجامع (3877) وهكذا يلوذ بالله عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ يكون عنده ردّة فعل، بل يقف عَلَى ساحل الخير الَّذِي فِيهِ الرّحمة والمحبّة من الله عَزَّ وَجَلَّ لَهُ لأنّ هَذِهِ الخصال يحبّها الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمتدح الحلم فِي أشج بني عبد قيس فقال: ( يَا أشج! إنّ فيك لخصلتين يحبّهما الله: الحلم التؤدة ) صحيح الجامع (7848)، وبذلك تكون من الَّذِينَ ذكرهم الله فِي كتابه (( والكاظمين الغيظ والعافين عَنْ النَّاس والله يحبّ المحسنين )) [آل عمران: 134]، فكن عَلَى طريق أولئك الَّذِينَ لاَ يغضبون لأنفسهم بل يتسامحون مَعَ النَّاس حتّى وإن كَانَ الخطأ والغبن عليهم، ليكون لهم الأجر عِنْدَ الله (( وَلاَ تستوي الحسنة وَلاَ السّيئة ادفع بالتي هِيَ أحسن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم وَمَا يلقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صبروا وَمَا يلقّاها إِلاَّ ذو حظّ عظيم )) [فصّلت: 34]، فعليك أَنْ تحمل هَذَا الخلق بَعْدَ رمضان ليصبح فيك سجيّة، وهذا لاَ يأتي بيوم وليلة ولكن بالتّدبّر والجاهدة. والله المستعان.
كلّيـــــــة الزّكـــــــاة
زكاة الفطر واجبة لحديث ابن عمر رضي الله عنه : ( فرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أَوْ صاعاً من شعير عَلَى العبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ) [مختصر صحيح مسلم].
قَالَ الخطّابي رحمه الله تَعَالَى فِي "معالم السنن" (3/214) "وَهِيَ واجبة عَلَى كلّ صائم غني ذي جدة أَوْ فقير يجدها عَنْ قوته إِذَا كَانَ وجوبها لعلّة التطهير وكل الصّائمين محتاجون إِلَيْهَا فَإِذَا اشتركوا فِي العلّة اشتركوا فِي الوجوب".
قال تعالى: (( يَا أيّها الَّذِينَ آمنوا هَلْ أدلّكم عَلَى تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فِي سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذَلِكَ خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون )) [الصفّ: 10-11].
لقد جعل الله البذل بالمال قبل النَّفْس لأنه أرخص منها، ولكنه محبب إِلَى النّفوس يعزها ويرفعها فتختلج هَذِهِ الشهوة بالنّفس حتّى لاَ يستطيع الإنسان فِي كثير من الأوقات الانفكاك عنها فكانت أوّل درجات الجهاد حتّى يتعود المسلم عَلَى البذل شيئاً فشيئاً بالمال الَّذِي يحبّه، فجعل الله فِي رمضان زكاة الفطر الَّتِي يدفعها الإنسان عَنْ نفسه وأهله وولده ومن يعول ولعلّ الإنسان لاَ يملك النصاب فِي زكاة المال وليس عنده من الأموال مَا يحمله عَلَى دفع الصدقات للفقراء والمساكين فينسى هَذِهِ الشرعة العظيمة الَّتِي تعوده عَلَى البذل فِي سبيل الله، لأنّها أوّل مراحل التجارة الَّتِي طلبها ربّ العالمين من عباده لسلعته الغالية الجنّة، فيأتي شهر الخير ليذكره بِهَا ( زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرّفث وطعمة للمساكين ) صحيح الجامع (3570) فيبعده عَنْ مهلكة الشحّ (( فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون )) [التغابن: 16].
فهذا الإنفاق بداية لتربية النَّفْس عَلَى العطاء، والتوكّل عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وتحمل أعباء الدّعوة إِلَى الله ليكون بذل النَّفْس بَعْدَ المال باباً من أبواب الإيثار يقدمها فِي سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ حتّى وَلَوْ كَانَ الإنسان لاَ يملك غيرها فدفع القليل فِي أوّل الأمر يحمله عَلَى الكثير، فهذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اتّقوا النّار وَلَوْ بشقّ تمرة ) صحيح الجامع (114)، ولأن الإنسان دائم التفكير بالرّزق والموارد الَّتِي يريد أَنْ يحصل من خلالها عَلَى المال والاستزادة منه، تجعله يبخل فإن هَذَا الشهر يحمله عَلَى التفكير فِي دفع المال وإخراجه من أجل اكتمال الطّاعة والفرض (( قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لَهُ وَمَا أنفقتم من شيء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرّازقين )) [سبأ: 39]. والله المستعان.
نفعنا الله و إياكم بما نقرأ :)
نراكم على خير في الجزء الخامس و الأخير :)
في أمان الله و حفظه :)