Fiona
23-02-2002, 07:47 PM
القضاء على الجماعات الإسلامية الناشطة في جزيرة باسيلان في جنوب الفيلبين، ضمن إطار الكفاح الذي يقوم به المسلمون لمقاومة أعمال التطهير العرقي التي تمارسها حكومات مانيلا المتعاقبة على خطى الاستعمارين الاسباني والاميركي طيلة الفترة الواقعة بين القرن السادس عشر والعام 1946، هو الهدف المعلن للتعاون العسكري الذي يجري حالياً بين الفيلبين والولايات المتحدة. وقد تمثل ذلك التعاون بحصول مانيلا على صفقات أسلحة أميركية ضخمة خلال الأشهر الأخيرة، وبتوقيع اتفاقيات سمحت لواشنطن بإرسال مئات الخبراء والمستشارين والجنود الأميركيين، كدفعات أولى، تحت ستار تدريب الجيش الفيلبيني ومساعدته على استئصال ما يسمى بالارهاب في جنوب البلاد.
وإذا كان قيام جماعة "أبو سياف" باحتجاز بعض الأجانب الذين يقوم معظمهم بأعمال تبشيرية، وهي لا تزال تحتجز حتى الآن ثلاثة أشخاص بينهم قس أميركي وزوجته يزاولان هذه الأعمال على وجه التحديد، قد سهل على الأميركيين وضع الجماعة على رأس قائمة الارهاب، وسمح لهم باختيار جنوب الفيلبين كمسرح لأول نشاط عسكري مباشر وواسع النطاق بعد حرب أفغانستان، فإن اغراض هذا النشاط ومحفزاته الحقيقية تتجاوز بكثير حدود ملاحقة العناصر الثلاثمئة الذين تضمهم تلك الجماعة. فمن الناحية الاستراتيجية، شكلت الفيلبين، بعد هاواي، ما يشبه رأس جسر للتقدم الأميركي عبر الباسيفيكي نحو آسيا الشرقية. وقد لعب وجود القواعد العسكرية في الفيلبين دوراً مهماً في توجيه الضربات النهائية لليابان خلال الحرب العالمية الثانية، ثم في الحربين الكورية والفيتنامية وفي التدخلات الأميركية في لاوس وكمبوديا، إضافة إلى ما شكلته كمنطلق للاسناد الأميركي لتايوان في مواجهاتها مع الصين، أو للنشاطات الاميركية في مجالات التجسس والتخريب والتأليب في الأرخبيل الاندونيسي الذي تحول حالياً، وبعد انفصالات ماليزيا وبروناي وسنغافورة وتيمور الشرقية، إلى أتون متفجر بالصراعات العرقية والمناطقية والدينية ذات التوجهات الانفصالية.
ومن الطبيعي للولايات المتحدة المنهمكة في حربها العالمية الثالثة أن تولي الفيلبين اهتماماً مباشراً. وقد برز هذا الاهتمام منذ وصول جورج بوش إلى البيت الأبيض، وهو يهدف الآن لإعادة إحياء دورها كرأس جسر هجومي خصوصاً في ظروف الاستهداف الاميركي لكوريا الشمالية كواحد من الأقطاب المحددة لما يسمى بـ "محور الشر"، وهو استهداف لما يلبث، وفقاً لما يشف عنه تطور المنطق الاميركي، أن يطال الصين وسائر بلدان آسيا الشرقية التي تستفز شهية الاميركيين الانتقامية لأسباب تاريخية تتعلق بهزائم الولايات المتحدة في المنطقة منذ الخمسينيات.
وبالاضافة الى حاجة الجيش الاميركي الى قواعد ثابتة على مقربة من الاهداف العسكرية، وهو الأمر الذي لم يكن متوافراً بما فيه الكفاية خلال العدوان على أفغانستان، والذي نُفّذ معظمه انطلاقاً من حاملات الطائرات المتمركزة في بحر العرب والمحيط الهندي، تشكل الفيلبين اغراءً خاصاً بوصفها مستعمرة اميركية سابقة خلال الفترة الممتدة بين العام 1898 والعام 1946 (سبق وارتفعت أصوات تطالب باعتبارها ولاية أميركية) من جهة، ولأنها نجحت، من جهة ثانية، في اخراج الاميركيين من سوبيك ـ كلارك، آخر قواعدهم العسكرية في البلاد عام 1991. ولكن يبقى ان التمركز الاميركي في الفيلبين قد لا يكون سهلاً بالشكل الذي تحلم به إدارتا بوش وأرويد لأن جماعة "أبو سياف" لن تكون وحدها على خط المواجهة، وأن عشرات الألوف من المقاتلين المتمرسين في حرب العصابات في جبهتي مورو الاسلامية والقومية العاملتين في جنوب البلاد، وشيوعيي جيش الشعب الجديد العامل في الشمال، يدركون المرامي الحقيقية لعمليات الانزال الاميركي المطّردة. وقد أعلنوا عزمهم على التصدي ونفذوا، منذ بداية وصول الجنود الاميركيين، عدداً من العمليات العسكرية التي قتل فيها عدد من الجنود الحكوميين، وأطلقت فيها القذائف على إحدى الطائرات العسكرية الاميركية.
المصدر: جريدة الانتقاد اسبوعيه لبنانيه
وإذا كان قيام جماعة "أبو سياف" باحتجاز بعض الأجانب الذين يقوم معظمهم بأعمال تبشيرية، وهي لا تزال تحتجز حتى الآن ثلاثة أشخاص بينهم قس أميركي وزوجته يزاولان هذه الأعمال على وجه التحديد، قد سهل على الأميركيين وضع الجماعة على رأس قائمة الارهاب، وسمح لهم باختيار جنوب الفيلبين كمسرح لأول نشاط عسكري مباشر وواسع النطاق بعد حرب أفغانستان، فإن اغراض هذا النشاط ومحفزاته الحقيقية تتجاوز بكثير حدود ملاحقة العناصر الثلاثمئة الذين تضمهم تلك الجماعة. فمن الناحية الاستراتيجية، شكلت الفيلبين، بعد هاواي، ما يشبه رأس جسر للتقدم الأميركي عبر الباسيفيكي نحو آسيا الشرقية. وقد لعب وجود القواعد العسكرية في الفيلبين دوراً مهماً في توجيه الضربات النهائية لليابان خلال الحرب العالمية الثانية، ثم في الحربين الكورية والفيتنامية وفي التدخلات الأميركية في لاوس وكمبوديا، إضافة إلى ما شكلته كمنطلق للاسناد الأميركي لتايوان في مواجهاتها مع الصين، أو للنشاطات الاميركية في مجالات التجسس والتخريب والتأليب في الأرخبيل الاندونيسي الذي تحول حالياً، وبعد انفصالات ماليزيا وبروناي وسنغافورة وتيمور الشرقية، إلى أتون متفجر بالصراعات العرقية والمناطقية والدينية ذات التوجهات الانفصالية.
ومن الطبيعي للولايات المتحدة المنهمكة في حربها العالمية الثالثة أن تولي الفيلبين اهتماماً مباشراً. وقد برز هذا الاهتمام منذ وصول جورج بوش إلى البيت الأبيض، وهو يهدف الآن لإعادة إحياء دورها كرأس جسر هجومي خصوصاً في ظروف الاستهداف الاميركي لكوريا الشمالية كواحد من الأقطاب المحددة لما يسمى بـ "محور الشر"، وهو استهداف لما يلبث، وفقاً لما يشف عنه تطور المنطق الاميركي، أن يطال الصين وسائر بلدان آسيا الشرقية التي تستفز شهية الاميركيين الانتقامية لأسباب تاريخية تتعلق بهزائم الولايات المتحدة في المنطقة منذ الخمسينيات.
وبالاضافة الى حاجة الجيش الاميركي الى قواعد ثابتة على مقربة من الاهداف العسكرية، وهو الأمر الذي لم يكن متوافراً بما فيه الكفاية خلال العدوان على أفغانستان، والذي نُفّذ معظمه انطلاقاً من حاملات الطائرات المتمركزة في بحر العرب والمحيط الهندي، تشكل الفيلبين اغراءً خاصاً بوصفها مستعمرة اميركية سابقة خلال الفترة الممتدة بين العام 1898 والعام 1946 (سبق وارتفعت أصوات تطالب باعتبارها ولاية أميركية) من جهة، ولأنها نجحت، من جهة ثانية، في اخراج الاميركيين من سوبيك ـ كلارك، آخر قواعدهم العسكرية في البلاد عام 1991. ولكن يبقى ان التمركز الاميركي في الفيلبين قد لا يكون سهلاً بالشكل الذي تحلم به إدارتا بوش وأرويد لأن جماعة "أبو سياف" لن تكون وحدها على خط المواجهة، وأن عشرات الألوف من المقاتلين المتمرسين في حرب العصابات في جبهتي مورو الاسلامية والقومية العاملتين في جنوب البلاد، وشيوعيي جيش الشعب الجديد العامل في الشمال، يدركون المرامي الحقيقية لعمليات الانزال الاميركي المطّردة. وقد أعلنوا عزمهم على التصدي ونفذوا، منذ بداية وصول الجنود الاميركيين، عدداً من العمليات العسكرية التي قتل فيها عدد من الجنود الحكوميين، وأطلقت فيها القذائف على إحدى الطائرات العسكرية الاميركية.
المصدر: جريدة الانتقاد اسبوعيه لبنانيه