حماس
19-02-2002, 02:43 PM
فاجأنا الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، مثلما فاجأ الكثيرين غيرنا بكل تأكيد، بالتصريحات التي ادلي بها الي الكاتب الامريكي توماس فريدمان، وكشف فيها للمرة الاولي، وبهذه الدرجة من الصراحة، استعداد بلادة للاعتراف بالدولة العبرية والتطبيع الكامل معها بما في ذلك فتح سفارة لها في الرياض مقابل الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي العربية المحتلة.
مصدر المفاجأة يعود الي عدة اسباب نوجزها في النقاط التالية:
اولا: الدبلوماسية السعودية تتسم دائما بالتكتم، وتجنب الوضوح في طرح المواقف، بحيث تكون قابلة للتفسير علي اكثر من وجه، ولكن هذه التصريحات جاءت صريحة وواضحة، وتضع النقاط علي الحروف، بشأن الاستعداد السعودي لكسر كل المحرمات والتطبيع الكامل مع الدولة العبرية.
والسعودية ليست دولة مواجهة، وغير مطالبة بتوقيع معاهدات سلام مثل مصر وسورية والاردن ومنظمة التحرير. وكانت دائما تلوم الدول التي هرولت لاقامة علاقات تطبيعية او شبه تطبيعية مع تل ابيب.
ثانيا: قرار استراتيجي علي هذه الدرجة من الاهمية والخطورة، كان من المفترض ان يظل في طي الكتمان، وان يتم عرضه علي الزعماء العرب، في اروقة القمة العربية مثلا، او في خطاب عبر التلفزة السعودية، وليس من خلال لقاء مع صحافي امريكي كان الاعلام السعودي حتي الامس القريب يتهمه بانه معاد للمملكة والمسلمين لما كتبه من مقالات شرسة انتقد فيها الفساد في اوساط الاسرة الحاكمة، مثلما هاجم المناهج الاسلامية المطبقة التي تفرخ ارهابيين .
ثالثا: ذهب الامير عبد الله بعيدا في مقترحاته وكان سخيا في مرونته ، فربما من الجائز، بالنسبة اليه، ان يعرض الامن للدولة العبرية، والاعتراف بحدودها، مقابل الانسحاب الكامل تطبيقا لقرارات الامم المتحدة، ولكن هذه القرارات لا تطالب بالتطبيع واقامة علاقات دبلوماسية، وتوقيع جميع الدول العربية معاهدات سلام مع الدولة العبرية.
فكان الاحري بالامير عبد الله، وهو السياسي المخضرم، ان يربط التطبيع وتبادل العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والدولة العبرية بمدي احترام الاخيرة لاي اتفاق سلام عربي جماعي يجري التوصل اليه.
فهي الدولة المعتدية، والعرب هم المعتدي عليهم، ولابد من فترة زمنية لاختبار نوايا المعتدي قبل التطبيع معه.
رابعا: اطلاق هذه المبادرة، ومن الدولة العربية الوحيدة التي تطبق الشريعة، وتحتضن الحرمين الشريفين، وفي هذا الوقت الذي تتصاعد فيه الانتفاضة الفلسطينية وتعطي ثمارها، اضعافا للدولة العبرية وفضحا لصورتها امام العالم، يصب في مصلحة ارييل شارون وسياساته، ويعطي الانطباع بان نظرية العصا التي يستخدمها هي السياسة الاسلم للتعامل مع العرب، فهو يظل يؤكد دائما للمسؤولين الامريكيين والاوروبيين ان العرب جبناء ولا يفهمون غير لغة القوة، وهو الاقدر علي التعامل معهم. وحتي اذا كانت هناك حاجة لطرح هذه الافكار، فلتطرح علي مائدة المفاوضات، او في اجتماع مع الرئيس الامريكي مقابل ثمن ما. اما ان تطرح مجانا هكذا، ومن اجل ارضاء صحافي فأمر محير.
ہہہ
اننا لا نشك في نوايا الامير عبد الله بن عبد العزيز العربية والاسلامية الصادقة، ولكننا نعتقد ان هناك من اساء اليه النصح، وطالبه بتبني هذه المواقف، والاعلان عنها في الوقت الخطأ، وبالطريقة الخطأ.
ندرك جيدا ان المملكة العربية السعودية تتعرض الي حملة اعلامية امريكية مضادة، وان المسؤولين فيها يتبنون حاليا استراتيجية دفاعية لحماية نظامهم من اي تحرك امريكي يستهدفه، ولكن هذه الاستراتيجية تتسم بالارتباك.
فتصريحات الامير عبد الله قد ترضي الصحافي فريدمان، واللوبي اليهودي الذي تقول الاوساط السعودية انه يقف خلف الحملة التي تستهدف بلادهم، ولكنه ربما لا يرضي المواطنين السعوديين، او الاغلبية العظمي منهم، ورضاء هؤلاء في اعتقادنا اهم كثيرا من رضاء فريدمان، وجريدة نيويورك تايمز واللوبي اليهودي ايضا.
المواطن السعودي، مثلما نعتقد، مثله مثل اي مواطن عربي آخر، يريد من حكومته مبادرات داخلية، مثل اطلاق الحريات، واحترام حقوق الانسان، والقضاء علي الفساد بكل اشكاله، وتوسيع دائرة المشاركة في سلطة اتخاذ القرار، ووقف عمليات الاهدار للمال العام، وتعزيز استقلالية القضاء، وتحسين الخدمات العامة.
وتحقيق هذه المطالب الاساسية هو الحصانة الحقيقية المنيعة لاي نظام عربي حاكم في وجه اي محاولات ابتزاز اعلامية، امريكية او غير امريكية، اما القفز فوق هذه المطالب، من خلال مبادرات خارجية، تتظلل بالمظلة الفلسطينية المشروعة، فهو عملية محفوفة بالكثير من المخاطر الآنية والمستقبلية.
ہہہ
الحكم السعودي يقف امام خيارين كبيرين في اعتقادنا المتواضع، فأما التمسك بالثوابت التحالفية التي يقوم عليها، اي التحالف مع المؤسسة الدينية الوهابية، او الرضوخ للضغوط الامريكية المتدثرة باثواب التحديث ومراعاة التطورات الدولية. ويبدو ان الخيار الثاني هو الارجح. خاصة ان المنظرين له يضربون مثلا بواقعية الجنرال برويز مشرف التي انقذت باكستان، علي حد زعمهم، وكشفت هشاشة المؤسسة الاسلامية المعارضة لحكمه.
وينسي هؤلاء ان السعودية ليست باكستان، والامير عبد الله ليس الجنرال مشرف، والحركة الاسلامية السعودية هي غير نظيرتها الباكستانية.
والسؤال الاهم الذي يطرح نفسه هو عما اذا كان الامير عبد الله قد تشاور مع اشقائه الاقرب في مجلس التعاون الخليجي حول قراره الاستراتيجي هذا ام انهم فوجئوا مثلنا بتفاصيله، واذا كان لم يتشاور معهم، فهل كان هناك تنسيق مع ضلعي المثلث الاخرين الذي حكم المنطقة وصاغ تطوراتها منذ حرب الخليج الثانية، ونعني بذلك الرئيسين حسني مبارك وبشار الاسد؟
ان اكثر ما نخشاه ان تكون هذه الهجمة السعودية التي تأتي في اطار هجمة عربية شاملة، نحو تهدئة الاوضاع في فلسطين المحتلة، هي توطئة للهجوم الامريكي علي العراق، فمقترحات الامير عبد الله جاءت رسالة الي شارون والادارة الامريكية، تقول مفرداتها اننا ما زلنا علي استعداد للتقدم بهذه المبادرة اذا اوقف رئيس الوزراء الاسرائيلي تصعيده للهجوم علي الفلسطينيين.
ہہہ
بقي علينا ان نعترف في ختام هذا المقال بان الصحافي توماس فريدمان بات هو الذي يضع اجندة معظم الزعماء العرب، عبر رسائله ومقالاته ومقابلاته، وهو الذي يحدد لهم ما الذي يجب ان يفعلوه وما يجب ان يبتعدوا عنه، وعلينا منذ اليوم ان نقرأ مقالاته حتي نتعرف علي الخطوات المقبلة لزعمائنا، فهنيئا له علي هذا الانجاز الكبير
مصدر المفاجأة يعود الي عدة اسباب نوجزها في النقاط التالية:
اولا: الدبلوماسية السعودية تتسم دائما بالتكتم، وتجنب الوضوح في طرح المواقف، بحيث تكون قابلة للتفسير علي اكثر من وجه، ولكن هذه التصريحات جاءت صريحة وواضحة، وتضع النقاط علي الحروف، بشأن الاستعداد السعودي لكسر كل المحرمات والتطبيع الكامل مع الدولة العبرية.
والسعودية ليست دولة مواجهة، وغير مطالبة بتوقيع معاهدات سلام مثل مصر وسورية والاردن ومنظمة التحرير. وكانت دائما تلوم الدول التي هرولت لاقامة علاقات تطبيعية او شبه تطبيعية مع تل ابيب.
ثانيا: قرار استراتيجي علي هذه الدرجة من الاهمية والخطورة، كان من المفترض ان يظل في طي الكتمان، وان يتم عرضه علي الزعماء العرب، في اروقة القمة العربية مثلا، او في خطاب عبر التلفزة السعودية، وليس من خلال لقاء مع صحافي امريكي كان الاعلام السعودي حتي الامس القريب يتهمه بانه معاد للمملكة والمسلمين لما كتبه من مقالات شرسة انتقد فيها الفساد في اوساط الاسرة الحاكمة، مثلما هاجم المناهج الاسلامية المطبقة التي تفرخ ارهابيين .
ثالثا: ذهب الامير عبد الله بعيدا في مقترحاته وكان سخيا في مرونته ، فربما من الجائز، بالنسبة اليه، ان يعرض الامن للدولة العبرية، والاعتراف بحدودها، مقابل الانسحاب الكامل تطبيقا لقرارات الامم المتحدة، ولكن هذه القرارات لا تطالب بالتطبيع واقامة علاقات دبلوماسية، وتوقيع جميع الدول العربية معاهدات سلام مع الدولة العبرية.
فكان الاحري بالامير عبد الله، وهو السياسي المخضرم، ان يربط التطبيع وتبادل العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والدولة العبرية بمدي احترام الاخيرة لاي اتفاق سلام عربي جماعي يجري التوصل اليه.
فهي الدولة المعتدية، والعرب هم المعتدي عليهم، ولابد من فترة زمنية لاختبار نوايا المعتدي قبل التطبيع معه.
رابعا: اطلاق هذه المبادرة، ومن الدولة العربية الوحيدة التي تطبق الشريعة، وتحتضن الحرمين الشريفين، وفي هذا الوقت الذي تتصاعد فيه الانتفاضة الفلسطينية وتعطي ثمارها، اضعافا للدولة العبرية وفضحا لصورتها امام العالم، يصب في مصلحة ارييل شارون وسياساته، ويعطي الانطباع بان نظرية العصا التي يستخدمها هي السياسة الاسلم للتعامل مع العرب، فهو يظل يؤكد دائما للمسؤولين الامريكيين والاوروبيين ان العرب جبناء ولا يفهمون غير لغة القوة، وهو الاقدر علي التعامل معهم. وحتي اذا كانت هناك حاجة لطرح هذه الافكار، فلتطرح علي مائدة المفاوضات، او في اجتماع مع الرئيس الامريكي مقابل ثمن ما. اما ان تطرح مجانا هكذا، ومن اجل ارضاء صحافي فأمر محير.
ہہہ
اننا لا نشك في نوايا الامير عبد الله بن عبد العزيز العربية والاسلامية الصادقة، ولكننا نعتقد ان هناك من اساء اليه النصح، وطالبه بتبني هذه المواقف، والاعلان عنها في الوقت الخطأ، وبالطريقة الخطأ.
ندرك جيدا ان المملكة العربية السعودية تتعرض الي حملة اعلامية امريكية مضادة، وان المسؤولين فيها يتبنون حاليا استراتيجية دفاعية لحماية نظامهم من اي تحرك امريكي يستهدفه، ولكن هذه الاستراتيجية تتسم بالارتباك.
فتصريحات الامير عبد الله قد ترضي الصحافي فريدمان، واللوبي اليهودي الذي تقول الاوساط السعودية انه يقف خلف الحملة التي تستهدف بلادهم، ولكنه ربما لا يرضي المواطنين السعوديين، او الاغلبية العظمي منهم، ورضاء هؤلاء في اعتقادنا اهم كثيرا من رضاء فريدمان، وجريدة نيويورك تايمز واللوبي اليهودي ايضا.
المواطن السعودي، مثلما نعتقد، مثله مثل اي مواطن عربي آخر، يريد من حكومته مبادرات داخلية، مثل اطلاق الحريات، واحترام حقوق الانسان، والقضاء علي الفساد بكل اشكاله، وتوسيع دائرة المشاركة في سلطة اتخاذ القرار، ووقف عمليات الاهدار للمال العام، وتعزيز استقلالية القضاء، وتحسين الخدمات العامة.
وتحقيق هذه المطالب الاساسية هو الحصانة الحقيقية المنيعة لاي نظام عربي حاكم في وجه اي محاولات ابتزاز اعلامية، امريكية او غير امريكية، اما القفز فوق هذه المطالب، من خلال مبادرات خارجية، تتظلل بالمظلة الفلسطينية المشروعة، فهو عملية محفوفة بالكثير من المخاطر الآنية والمستقبلية.
ہہہ
الحكم السعودي يقف امام خيارين كبيرين في اعتقادنا المتواضع، فأما التمسك بالثوابت التحالفية التي يقوم عليها، اي التحالف مع المؤسسة الدينية الوهابية، او الرضوخ للضغوط الامريكية المتدثرة باثواب التحديث ومراعاة التطورات الدولية. ويبدو ان الخيار الثاني هو الارجح. خاصة ان المنظرين له يضربون مثلا بواقعية الجنرال برويز مشرف التي انقذت باكستان، علي حد زعمهم، وكشفت هشاشة المؤسسة الاسلامية المعارضة لحكمه.
وينسي هؤلاء ان السعودية ليست باكستان، والامير عبد الله ليس الجنرال مشرف، والحركة الاسلامية السعودية هي غير نظيرتها الباكستانية.
والسؤال الاهم الذي يطرح نفسه هو عما اذا كان الامير عبد الله قد تشاور مع اشقائه الاقرب في مجلس التعاون الخليجي حول قراره الاستراتيجي هذا ام انهم فوجئوا مثلنا بتفاصيله، واذا كان لم يتشاور معهم، فهل كان هناك تنسيق مع ضلعي المثلث الاخرين الذي حكم المنطقة وصاغ تطوراتها منذ حرب الخليج الثانية، ونعني بذلك الرئيسين حسني مبارك وبشار الاسد؟
ان اكثر ما نخشاه ان تكون هذه الهجمة السعودية التي تأتي في اطار هجمة عربية شاملة، نحو تهدئة الاوضاع في فلسطين المحتلة، هي توطئة للهجوم الامريكي علي العراق، فمقترحات الامير عبد الله جاءت رسالة الي شارون والادارة الامريكية، تقول مفرداتها اننا ما زلنا علي استعداد للتقدم بهذه المبادرة اذا اوقف رئيس الوزراء الاسرائيلي تصعيده للهجوم علي الفلسطينيين.
ہہہ
بقي علينا ان نعترف في ختام هذا المقال بان الصحافي توماس فريدمان بات هو الذي يضع اجندة معظم الزعماء العرب، عبر رسائله ومقالاته ومقابلاته، وهو الذي يحدد لهم ما الذي يجب ان يفعلوه وما يجب ان يبتعدوا عنه، وعلينا منذ اليوم ان نقرأ مقالاته حتي نتعرف علي الخطوات المقبلة لزعمائنا، فهنيئا له علي هذا الانجاز الكبير