PDA

View Full Version : المقامة البغدادية


متشيم
14-12-2001, 09:33 PM
الداعية النحرير ، والخطيب الكبير ، الذي إذا قال أفحم وإذا مدح أنعم وإذا قدح أفحم ، الشيخ عائض بن عبد الله القرني ، يخط بقلمة مقامة من مقاماته الفريدة وساما على جبين التارخ لا يمحى إلا بمحو سجل التاريخ.
============================
فيقول:

المقامة البغدادية
"من لم يدخل بغداد لم يدخل الدنيا"

لبغداد العراق دموع صبٍّ ... على عرصاتها دنيا غراما
تُذكرُك الربوعُ حياةَ قومٍ ... هُمُو كانوا لدنيانا قُواما

اجتمع أربعة أدباء ، نجباء خطباء ، فتعاهدوا ، وتعاقدوا ، وتواعدوا ، على أن صفوا بغداد ، دار الأمجاد ، وبت الأجواد ، وكوكبة البلاد.
فالأول: عليه وصف علمائها وفقهائها.
والثاني: يصف خلفائها وأمرائها.
والثالث: يصف شعرائها وأدبائها.
والرابع: يصف أرضها ، وسماءها ، وماءها ، وهواءها ، وبهاءها.

فبدأ الأول ويدعى أبا قتادة ، وهو صاحب ذكاء وإجادة ، وعلم وإفادة.

فقال: والله لو كتبت بدمع العيون ، على صفحات الجفون ، ما أنصفت بغداد على مداد القرون ، لك سوف أًف ما كان فيها من علم وعلماء ، بلغ مجدهم الجوزاء:
ما الدار بعدك يا بغداد بالدار ... تفنى عليك صباباتي وأشعاري
أنت المنى وحديث الشوق يقتلني ... من أين أبدأ يا بغداد أخباري
ولكن أقول ، بعد الصلاة والسلام على الرسول: أعلم أن من بغداد أشرقت شمس الرواية ، وبزغ فجر الدراية ، كانت في العلوم آية ، وفي الفنون غاية ، فكان بها أهل الحديث ، ولم يكن بها بعثي خبيث.

ولك أن تتخيل مجلس أحمد بن نبل ، عمائم بيضاء ، وهمة قعساء ، وسكينة وحياء ، إذا قال أحمد: حدثنا أو أخبرنا ، أطرقت الرؤوس ، وخشعت النفوس ، وتفتحت أبواب السماوات ، وتنزلت الرحمات:
سقوني وقالوا لا تُغنِّ ولو سقوا ... جبال سليمى ما سُقيتُ لغنت

ثم تذهب إلى مجلس فيه طائفة من الخاشعين ، فتجد وسطهم يحي بن معين ، يحدث عن رسول رب العالمين ، يجرح ويعدل ، ويجمل ويفصل ، كأنه ميزان منزل.
ولو حل خاطره في مُقعد لمشى ... أو ميت لصحا أو أخرس خطبا
ولله كم من ذكريات تشجيني ، إذا ذكرت علي بن المديني ، ذاك البطل ، إمام العلل ، السليم من الزلل ، فتراه يفتش الأسانيد ، وينخل المسانيد ، بفهم دقيق ، وعلم وتحقيق ، يعرف العلة في المسند المستقيم ، كما يعرف الطبيبُ السقيم.
برأي مثل ضوء الفجر ضاف ... كأن بريقه حد الحسام

ولا تنس البخاري ، الضياء الساري ، والنهر الجاري ، قيد الألفاظ ، وأفحم الحفاظ ، إن شك في حديث علقه ، وإن طال متنه فرقه ، وإن لقي كذابا مزقه ، هو السيف الحاسم ، لسنة أبي القاسم ، اقرأ تبويبه ، افهم ترتيبه ، لترى كل عجيبة.
من كالبخاري إذا ماقال حدثنا ... أو بوب الباب أو شد الأسانيدا
كأنما هو إلهام يعلمه ... أو أنه قبس يعطاه تأييدا

بغداد تشرفت بالسفيانين ، الثوري وابن عيينة ، وأصبحت بالعلماء أجمل مدينة ، وهي مدينة الكرخي معروف ، والإمام الشافعي المعروف.
من بغداد أصحاب الصحاح والسنن ، وأهل الذكاء والفطن ، للحديث دار الضرب والسلب ، بها تضرب الموضوعات للوضاعين ، ولكن تصلب الكذابين على خشب السلطان المتين ، قال بعضهم: من لم يدخل بغداد لم يدخل الحياة الدنيا ، ومن لم يشاهد حسنها ما شاهد النجوم العليا.

فقام الثاني يصف الخلفاء والأمراء ، الذين ملئوا الدنيا بالعطاء والسخاء.

فقال : هذه مدينة السفاح ، الذي خضب السيوف والرماح ، وكان لكل مجرم بطاح ، ولكل عدو بطاح.

هذه مدينة المنصور ، صاحب الدور والقصور ، الداهية والجسور ، والأسد الهصور.
هذه مدينة الرشيد ، صاحب القصر المشيد ، والمجد الفريد ، والصيت البعيد.
هذه مدينة المأمون ، صاحب الفنون ، وجامع المتون ، ولكنه بالفلسفة مفتون.
هذه مدينة المعتصم المغوار ، الذي أوطأ الخيل الكفار ، وأورد نحورهم كل بتار.
بغداد أنت حديث الدهر والأمم ... إذا مدحتك سال السحر من قلمي
أنت المنى أنت للتاريخ ملحمة ... كم من رشيد ومأمون ومعتصم

ثم قام الثالث يصف الأدباء ، ويثني على الخطباء.
فقال: في بغداد أكبر ناد ، للشعراء الأجواد ، إذا شرب الشاعر من ماء الفرات ، أتى بالمعجزات ، وخلب الألباب بالأبيات ، سم لي شاعرا ما دخل بغداد ، أذكر لي أديبا ما تشرف بتلك البلاد:
يابغداد يا فتنة الشرق التي خلبت ... بسحرها العقل والأقلام والأدبا
ماذا أُردد يا بغداد من حزني ... إذا ذكرتك بعت الهم والنصبا

من بغداد أبو تمام ، والبحتري الهمام ، وترنح بها المتنبي بعض عام ، سجل بها الرومي رواياته ، وأبدع إلياذاته ، وأروع أبياته.
وفي بغداد أبو العتاهية ، الشاعر الداهية ، منذر القلوب اللاهية ، وصاحب الرسائل الباهية ، الآمرة الناهية ، وهي أرض بشار ، نساج أجمل الأشعار.
من بغداد انطلقت في البحاري والبراري ، رائعة ابن الأنباري ، علو في الحياة وفي الممات. من بغداد استمع الدهر في عجب ، لدوي: السيف أصدق أنباء من الكتب.
بغداد مهرجان أدبي كبير ، لكل أديب نحرير ، فيها شعر ونثر ، وحصباء ودر ، وصديق وزنديق ، وحر ورقيق ، وموحد وملحد ، وحانوت ومسجد ، وبارة ومعبد ، ومقبرة ومشهد ، جد وهزل ، وحب وغزل ، كأن التاريخ كله في بغداد اجتمع ، وكأن الدهر لصوتها يسمع ، وكأن ضوء الشمس من بغداد يرتفع.
مصيبة بغداد الحكام الأقزام ، وأصحاب الظلم والإجرام ، أبطال الشنق والإعدام.

فقام الرابع فقال: كأن الأرض أخذت من بغداد جمالها ، أفدي بنفسي سهلها وجبلها ، دجلة له خرير ، والفرات له هدير ، والنسيم به له زئير ، كأن الهواء سرق من المسك أريجه ، وكأن الماء أخذ من العاشق نشيجه ، تغار من زهر بغداد الزهراء ، وتحمر خجلا من حسن بغداد وجنتي الحمراء.
كأن السحب في سماء بغداد مع الشفق خضاب ، وكأن بريق الفجر في مشارف بغداد ذهب مذاب ، كأن وجه بغداد مشرق ، قبل ميشيل عفلق ، فلما دخلها الرفاق ، وحزب النفاق ، كتب على بغداد الشقاء والإخفاق.

لله يا بغداد أنت نشيدة ... غنت بك الأعصار والأمصار
من لم ير ذاك الجمال فإنه ... ضاعت عليه مع المدى الأشعار
أظن بغداد أصابها عين ، أو دخلها لعين ، ما لها قتلت المبدعين ، وطردت اللامعين.
من ذا أصابك يا بغداد بالعين ... أليس كنت يقينا قرة العين؟
وأنا عاتب على بغداد ، والعتاب لا يغير الوداد ، لأنه جلد بها أحمد ، وقتل بها أحمد ، وأكرم بها أحمد ، فجلد بها أحمد بن حنبل ، الإمام المبجل ، وقتل بها أحمد بن نصر الخزاعي ، الإمام الواعي ، وهو إلى الحق داع ، وإلى البر ساع ، وأكرم بها أحمد بن دؤاد ، داعية البدعة والعناد ، والفتنة والفساد.

لكن بغداد لها حسنات يذهبن السيئات ، ونهر الفرات ودجلة يطهران من الحدث ، وإذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث.

شاهيناز
15-12-2001, 01:57 AM
كل الي اذكره عن تاريخ العراق
الدم والقتل السحل
وابو نواس وسوالفه
كل ماجابو اسم العرق تذكرت هذي القصص
والان قصه صدام غطت على كل تاريخ العراق
ولا تنسى قصص الاكراد وسحلهم بلكيماوي
الجثث تحلت والصور لازالت باقيه
شاهده على جريمه الانسان في حق اخيه الانسان

الغربيه ان الي يحبون صدام ويعشون اجرامه ليس عراقين :D

متشيم
15-12-2001, 03:03 AM
[ تم مسح الرد لان به همز ولمز لاحد الاعضاء -من قبل المشرف 777 - الرجاء اختيار الكلمات بعناية - وشكرا لتعاونك ]