براكين
11-12-2001, 04:06 AM
تقرير قوي جدا حول العنوان اعلاه :_
كتب مصطفى عبد الجواد وخالد حسان :
بدأت تلك الأبواق – في سياق موازي - في التسويق لجولة جديدة من الحرب ضد ما أسمته واشنطن بـ " الإرهاب " ، وتم اختيار الصومال كهدف مرجح لتلك الضربة الأمريكية ، والتي يمكن وصفها بـ " الجديدة القديمة " ، حيث خاضت الولايات المتحدة في الفترة من 1993 إلى 1995 حربا شرسة ضد زعماء الحرب في الصومال في إطار ما عرف بعملية " إعادة الأمل " ، لكنها اضطرت إلى الانسحاب بعد مقتل 18 من قواتها الخاصة ، في عملية اعترف أسامة بن لادن – عدو أمريكا الأول – بالمسئولية عن تنفيذها بمشاركة قوات الجنرال محمد فارح عيديد طريد واشنطن حينئذ . وعلى الرغم من بعد المسافة واختلاف السياق بين أفغانستان والصومال ، إلا إن البلدين يتشابهان في العديد من العوامل التي تجعل منها هدفا مفضلا لمخططي الحرب في واشنطن . فالصومال تفتقد منذ 1991 لوجود حكومة مركزية مسيطرة ، وتعيش البلاد في حالة من الفوضى والانهيار ، خلفته حرب أهلية طاحنة دائرة منذ اكثر من عشر سنوات بين فصائل قبلية وميليشيات مسلحة متناحرة . كما إن الصومال يتمتع بموقع استراتيجي مسيطر ، الأمر الذي جعله ساحة للتصارع والبحث من موطئ قدم من جانب جيرانه الأقوياء ، ويضاف إلى ذلك وجود أعداء تقليديين من مصلحتهم تغيير النظام الحالي في الصومال ، وتأتي أثيوبيا على راس هؤلاء الأعداء . وتشير صحيفة " لوس أنجلوس تايمز " الأمريكية ، إلى إن الصومال قد وضعت بالفعل على قائمة الأهداف المحتملة ، مشيرة إلى " إن المسئولين الأمريكيين يريدون التأكد من أن أي مهمة مستقبلية هناك لن تمنى بعدم التوفيق ، وان الصومال لن ينزلق في دوامة نزاع إقليمي " . وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قد اتهم الصومال بأنه كان يأوي أعضاء في منظمة القاعدة في السابق ، معربا عن اعتقاده بأنه لا يزال يأويهم حتى الآن . وكشفت الصحيفة عن إرسال سفن حربية أمريكية وفرنسية وألمانية لمراقبة الساحل الصومالي المطل على المحيط الهندي ، خوفا من لجوء بن لادن وقادة تنظيم " القاعدة " للصومال . ولكن المزاعم الأمريكية باحتمال لجوء بن لادن إلى الصومال تبدو موضع جدل ، فالصومال صحراء منبسطة مكشوفة على العكس من جبال أفغانستان الوعرة والمليئة الكهوف . كما أن بن لادن سيفتقد في الصومال وجود زعماء أقوياء - مثل حركة طالبان - قادرين على توفير الحماية له ورجاله ، فزعماء القبائل وقادة الحرب في الصومال لن يترددوا في تسليم بن لادن للولايات المتحدة ، خاصة وان المكافأة التي رصدتها واشنطن مقابل رأسه - 25 مليون دولار - لا يصمد أمامها الكثيرون . وقد مهدت واشنطن لضربتها المقبلة ضد الصومال في وقت مبكر بعد تفجيرات 11 سبتمبر ، حيث وضعت حركة الاتحاد الإسلامي الصومالي ضمن قائمة شملت 27 منظمة وحركة اتهمتها واشنطن بأنها إرهابية . وأعقبت واشنطن تلك الخطوة بقرار ، اعتبرته جزءا من حربها المالية ضد بن لادن وشبكته ، حيث جمدت أصول وأموال مجموعة " البركات " ، التي تعد اكبر الشركات الصومالية . واتهم وزير الخزانة الأمريكي بول اونيل المجموعة بأنها تستعمل الأرباح التي تجنيها في تمويل القاعدة وأسامة بن لادن . وفي محاولة لإلصاق الصومال بمثلث الإرهاب الأمريكي المزعوم " بن لادن - أفغانستان - العراق " زعمت صحيفة " صنداى تلجراف " البريطانية أن الرئيس العراقي صدام حسين يقوم بتمويل عدد من معسكرات التدريب التي تستخدمها جماعة الاتحاد الإسلامي . وأشارت الصحيفة إلى إن الرئيس العراقي قد وافق على تقديم الاعتمادات المالية والتدريب والمعدات اللازمة لهذه الجماعة في مقابل معاونة السلطات الصومالية للعراق في التملص من العقوبات الدولية الموقعة عليها من قبل الأمم المتحدة !!!. ولكن وضع جماعة " الاتحاد الإسلامي " في خانة الإرهاب أثار امتعاض المهتمين بالشئون الأفريقية حتى في الولايات المتحدة نفسها ، ونقلت صحيفة " لوس أنجلوس تايمز " عن تيد داجن محلل الشئون الأفريقية في الكونجرس رفضه لوصف الحركة بالإرهاب ، مشيرا إلى إن " إنها منظمة تحظى بدعم مهم لتوفيرها الأمن في ظل غياب سلطة أو خدمات اجتماعية تلبي حاجات شعب محروم " . ويضيف داجن : " لست مقتنعا تماما بان التعريف الدولي للإرهاب ينطبق على " الاتحاد " فهم لم يستهدفوا أمريكا ، علاوة على انهم غير ناشطين على مستوى إقليمي للزعم بان لهم نشاطا على مستوى دولي " . ويتفق ديفيد ستيفن الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في الصومال مع ما ذكره تيد داجن ، مشيرا إلى انه " هناك كثير من التكهنات ولم يأت أحد بدليل أجده مقنعا على وجود معسكرات تدريب إرهابية في الصومال". ويحذر ستيفن من " أن الشعب الصومالي يعاني من الفقر الشديد والإحباط ، وأن تحركا عسكريا أمريكيا سوف يكون خطأ تترتب عليه نتائج فادحة وسوف يسفر عن نتيجة سلبية، كما سيكون أرضا خصبة لإنتاج كل أنواع الإرهابيين الذين قد يتظاهرون بأنهم يدافعون عن بلادهم ويأتون إلى الصومال في أعقاب التدخل الأمريكي " . وأما فيما يتعلق تجميد أموال مجموعة " البركات " ، فقد حذرت الأمم المتحدة من الآثار المدمرة لذلك القرار على اقتصاد الصومال ، ووصف راندولف كنت منسق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في مقديشو وضع الاقتصاد الصومالي قائلا " لم يحدث من قبل قط أن واجه المرء احتمال انهيار اقتصاد بالكامل... لكننا نجد الآن الصومال على شفا انهيار اقتصادي تام " . ومن جانبها نفت الحكومة الصومالية آية صلة لها بتنظيم القاعدة ، وقال الرئيس عبدي صلاد انه لم يعرف بوجود تنظيم اسمه القاعدة إلا بعد تفجيرات 11 سبتمبر ، وأبدى صلاد استعداد بلاده للتعاون مع واشنطن ، واستقبال بعثة تقصي حقائق للتأكد من عدم وجود أي قواعد لابن لادن في الصومال . وطالب صلاد الولايات المتحدة بتقديم أدلة على تورط مجموعة " البركات " في تمويل الإرهاب ، مشيرا إلى " إن آلاف الآسر الصومالية، وخاصة الأشد فقرا بينها، تعيش بفضل المبالغ التي يرسلها ذووهم في المهجر من القارات الخمس " . ويرى العديد من المراقبين إن أثيوبيا تعد المستفيد الأول من الضربة الأمريكية ضد الصومال ، فحركة الاتحاد الإسلامي طالما شكلت هاجسا أمنيا لأديس أبابا ، وشن مقاتلوها العديد من الهجمات في العمق الأثيوبي ، الأمر الذي اضطر الجيش الأثيوبي للتوغل اكثر من مرة في الأراضي الصومالية . كما أن أديس أبابا تشك في وجود صلات قوية بين الحركة والحكومة الإريترية ، التي تخوض أثيوبيا معها حربا حدودية شرسة راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى . ويضاف إلى ما سبق أن النظام الحالي في الصومال لا يبدو " ودودا " تجاه أديس أبابا بالقدر الذي يرضي الأخيرة . " . ولذلك لم يخف رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي قيام بلاده بتقديم معلومات للولايات المتحدة عن ما اسماه بـ " النشاطات الإرهابية " في الصومال ، مشيرا إلى انه "على يقين" بان تنظيم القاعدة موجود في الصومال . واتهم زيناوي الرئيس الصومالي عبدي صلاد بالاعتماد على "الاتحاد الإسلامي" في حكمه ، زاعما " إنها القوة الحقيقية وراء حكومته " . ويرى العديد من المحللين في أثيوبيا " العصا الأمريكية " الأنسب للقيام بالحرب في الصومال نيابة عن واشنطن ، خاصة وان أثيوبيا تمكنت من اختراق جميع الفصائل الصومالية، وتتمتع بنفوذ قوي في مقاطعة " بونت لاند " التي كانت معقلاً لجماعة الاتحاد الإسلامي .
ويتفق مع هذا السياق ما ذكرته صحيفة " وول ستريت جورنال " الأمريكية مؤخرا عن قيام مئات من القوات الأثيوبية المسلحة بعبور الحدود مع الصومال في منطقة " بونتلاند ووصفت الصحيفة تلك الخطوة بأنها " قد ترقى إلى حد فتح جبهة جديدة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب " . ويبدو إن أثيوبيا لن تكون حليف أمريكا الوحيد في ضرب الصومال ، فصحيفة " صنداي تلجراف " كشفت النقاب عن " أن الولايات المتحدة طلبت من بريطانيا معاونتها في الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية ضد الصومال وذلك في إطار المرحلة المقبلة من الحملة الدولية ضد قواعد تنظيم القاعدة في مختلف أنحاء العالم " . وقالت الصحيفة إن فريقا من كبار القادة العسكريين البريطانيين قام في الأسبوع الماضي بزيارة إلى مقر القيادة المركزية الأمريكية حيث طلب منهم خلال هذه الزيارة إعداد استراتيجية لشن هجوم على مواقع معينة في الصومال . وقد شرع أعضاء هذا الفريق بالفعل في أعقاب عودتهم إلى لندن في بحث هذه الخطة المقترحة مع كبار المسئولين بوزارة الدفاع البريطانية . ويشير المراقبون إلى إن إسرائيل التي تتمتع بتواجد ونفوذ قوي في جمهورية " ارض الصومال " - التي أعلنت انفصالها من جانب واحد عن جمهورية الصومال - لن تكون بعيدة عن العمليات الأمريكية في الصومال ، فالتغلغل في البحر الأحمر وسواحل المحيط الهندي ما زال هدفا رئيسيا للكيان الصهيوني . ولعل ما يزيد من احتمالات ذلك التدخل العلاقات الوثيقة التي تربط بين تل أبيب وأديس أبابا ، التي تعد المستفيد الأول من ضرب الصومال . ويلفت هؤلاء المراقبون النظر - أيضا - إلى إن التدخل الأمريكي في الصومال قد لا يكون محل ترحيب من بعض الأطراف الإقليمية ، التي لن تخف قلقها من تغلغل أثيوبيا وإسرائيل في القرن الأفريقي . الأمر الذي يفرض على الولايات المتحدة موازنة دقيقة للأمور ، حتى لا تتحول أي ضربة مقبلة ضد الصومال ، إلى حرب إقليمية تهدد الاستقرار في تلك المنطقة الاستراتيجية من العالم .
كتب مصطفى عبد الجواد وخالد حسان :
بدأت تلك الأبواق – في سياق موازي - في التسويق لجولة جديدة من الحرب ضد ما أسمته واشنطن بـ " الإرهاب " ، وتم اختيار الصومال كهدف مرجح لتلك الضربة الأمريكية ، والتي يمكن وصفها بـ " الجديدة القديمة " ، حيث خاضت الولايات المتحدة في الفترة من 1993 إلى 1995 حربا شرسة ضد زعماء الحرب في الصومال في إطار ما عرف بعملية " إعادة الأمل " ، لكنها اضطرت إلى الانسحاب بعد مقتل 18 من قواتها الخاصة ، في عملية اعترف أسامة بن لادن – عدو أمريكا الأول – بالمسئولية عن تنفيذها بمشاركة قوات الجنرال محمد فارح عيديد طريد واشنطن حينئذ . وعلى الرغم من بعد المسافة واختلاف السياق بين أفغانستان والصومال ، إلا إن البلدين يتشابهان في العديد من العوامل التي تجعل منها هدفا مفضلا لمخططي الحرب في واشنطن . فالصومال تفتقد منذ 1991 لوجود حكومة مركزية مسيطرة ، وتعيش البلاد في حالة من الفوضى والانهيار ، خلفته حرب أهلية طاحنة دائرة منذ اكثر من عشر سنوات بين فصائل قبلية وميليشيات مسلحة متناحرة . كما إن الصومال يتمتع بموقع استراتيجي مسيطر ، الأمر الذي جعله ساحة للتصارع والبحث من موطئ قدم من جانب جيرانه الأقوياء ، ويضاف إلى ذلك وجود أعداء تقليديين من مصلحتهم تغيير النظام الحالي في الصومال ، وتأتي أثيوبيا على راس هؤلاء الأعداء . وتشير صحيفة " لوس أنجلوس تايمز " الأمريكية ، إلى إن الصومال قد وضعت بالفعل على قائمة الأهداف المحتملة ، مشيرة إلى " إن المسئولين الأمريكيين يريدون التأكد من أن أي مهمة مستقبلية هناك لن تمنى بعدم التوفيق ، وان الصومال لن ينزلق في دوامة نزاع إقليمي " . وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قد اتهم الصومال بأنه كان يأوي أعضاء في منظمة القاعدة في السابق ، معربا عن اعتقاده بأنه لا يزال يأويهم حتى الآن . وكشفت الصحيفة عن إرسال سفن حربية أمريكية وفرنسية وألمانية لمراقبة الساحل الصومالي المطل على المحيط الهندي ، خوفا من لجوء بن لادن وقادة تنظيم " القاعدة " للصومال . ولكن المزاعم الأمريكية باحتمال لجوء بن لادن إلى الصومال تبدو موضع جدل ، فالصومال صحراء منبسطة مكشوفة على العكس من جبال أفغانستان الوعرة والمليئة الكهوف . كما أن بن لادن سيفتقد في الصومال وجود زعماء أقوياء - مثل حركة طالبان - قادرين على توفير الحماية له ورجاله ، فزعماء القبائل وقادة الحرب في الصومال لن يترددوا في تسليم بن لادن للولايات المتحدة ، خاصة وان المكافأة التي رصدتها واشنطن مقابل رأسه - 25 مليون دولار - لا يصمد أمامها الكثيرون . وقد مهدت واشنطن لضربتها المقبلة ضد الصومال في وقت مبكر بعد تفجيرات 11 سبتمبر ، حيث وضعت حركة الاتحاد الإسلامي الصومالي ضمن قائمة شملت 27 منظمة وحركة اتهمتها واشنطن بأنها إرهابية . وأعقبت واشنطن تلك الخطوة بقرار ، اعتبرته جزءا من حربها المالية ضد بن لادن وشبكته ، حيث جمدت أصول وأموال مجموعة " البركات " ، التي تعد اكبر الشركات الصومالية . واتهم وزير الخزانة الأمريكي بول اونيل المجموعة بأنها تستعمل الأرباح التي تجنيها في تمويل القاعدة وأسامة بن لادن . وفي محاولة لإلصاق الصومال بمثلث الإرهاب الأمريكي المزعوم " بن لادن - أفغانستان - العراق " زعمت صحيفة " صنداى تلجراف " البريطانية أن الرئيس العراقي صدام حسين يقوم بتمويل عدد من معسكرات التدريب التي تستخدمها جماعة الاتحاد الإسلامي . وأشارت الصحيفة إلى إن الرئيس العراقي قد وافق على تقديم الاعتمادات المالية والتدريب والمعدات اللازمة لهذه الجماعة في مقابل معاونة السلطات الصومالية للعراق في التملص من العقوبات الدولية الموقعة عليها من قبل الأمم المتحدة !!!. ولكن وضع جماعة " الاتحاد الإسلامي " في خانة الإرهاب أثار امتعاض المهتمين بالشئون الأفريقية حتى في الولايات المتحدة نفسها ، ونقلت صحيفة " لوس أنجلوس تايمز " عن تيد داجن محلل الشئون الأفريقية في الكونجرس رفضه لوصف الحركة بالإرهاب ، مشيرا إلى إن " إنها منظمة تحظى بدعم مهم لتوفيرها الأمن في ظل غياب سلطة أو خدمات اجتماعية تلبي حاجات شعب محروم " . ويضيف داجن : " لست مقتنعا تماما بان التعريف الدولي للإرهاب ينطبق على " الاتحاد " فهم لم يستهدفوا أمريكا ، علاوة على انهم غير ناشطين على مستوى إقليمي للزعم بان لهم نشاطا على مستوى دولي " . ويتفق ديفيد ستيفن الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في الصومال مع ما ذكره تيد داجن ، مشيرا إلى انه " هناك كثير من التكهنات ولم يأت أحد بدليل أجده مقنعا على وجود معسكرات تدريب إرهابية في الصومال". ويحذر ستيفن من " أن الشعب الصومالي يعاني من الفقر الشديد والإحباط ، وأن تحركا عسكريا أمريكيا سوف يكون خطأ تترتب عليه نتائج فادحة وسوف يسفر عن نتيجة سلبية، كما سيكون أرضا خصبة لإنتاج كل أنواع الإرهابيين الذين قد يتظاهرون بأنهم يدافعون عن بلادهم ويأتون إلى الصومال في أعقاب التدخل الأمريكي " . وأما فيما يتعلق تجميد أموال مجموعة " البركات " ، فقد حذرت الأمم المتحدة من الآثار المدمرة لذلك القرار على اقتصاد الصومال ، ووصف راندولف كنت منسق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في مقديشو وضع الاقتصاد الصومالي قائلا " لم يحدث من قبل قط أن واجه المرء احتمال انهيار اقتصاد بالكامل... لكننا نجد الآن الصومال على شفا انهيار اقتصادي تام " . ومن جانبها نفت الحكومة الصومالية آية صلة لها بتنظيم القاعدة ، وقال الرئيس عبدي صلاد انه لم يعرف بوجود تنظيم اسمه القاعدة إلا بعد تفجيرات 11 سبتمبر ، وأبدى صلاد استعداد بلاده للتعاون مع واشنطن ، واستقبال بعثة تقصي حقائق للتأكد من عدم وجود أي قواعد لابن لادن في الصومال . وطالب صلاد الولايات المتحدة بتقديم أدلة على تورط مجموعة " البركات " في تمويل الإرهاب ، مشيرا إلى " إن آلاف الآسر الصومالية، وخاصة الأشد فقرا بينها، تعيش بفضل المبالغ التي يرسلها ذووهم في المهجر من القارات الخمس " . ويرى العديد من المراقبين إن أثيوبيا تعد المستفيد الأول من الضربة الأمريكية ضد الصومال ، فحركة الاتحاد الإسلامي طالما شكلت هاجسا أمنيا لأديس أبابا ، وشن مقاتلوها العديد من الهجمات في العمق الأثيوبي ، الأمر الذي اضطر الجيش الأثيوبي للتوغل اكثر من مرة في الأراضي الصومالية . كما أن أديس أبابا تشك في وجود صلات قوية بين الحركة والحكومة الإريترية ، التي تخوض أثيوبيا معها حربا حدودية شرسة راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى . ويضاف إلى ما سبق أن النظام الحالي في الصومال لا يبدو " ودودا " تجاه أديس أبابا بالقدر الذي يرضي الأخيرة . " . ولذلك لم يخف رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي قيام بلاده بتقديم معلومات للولايات المتحدة عن ما اسماه بـ " النشاطات الإرهابية " في الصومال ، مشيرا إلى انه "على يقين" بان تنظيم القاعدة موجود في الصومال . واتهم زيناوي الرئيس الصومالي عبدي صلاد بالاعتماد على "الاتحاد الإسلامي" في حكمه ، زاعما " إنها القوة الحقيقية وراء حكومته " . ويرى العديد من المحللين في أثيوبيا " العصا الأمريكية " الأنسب للقيام بالحرب في الصومال نيابة عن واشنطن ، خاصة وان أثيوبيا تمكنت من اختراق جميع الفصائل الصومالية، وتتمتع بنفوذ قوي في مقاطعة " بونت لاند " التي كانت معقلاً لجماعة الاتحاد الإسلامي .
ويتفق مع هذا السياق ما ذكرته صحيفة " وول ستريت جورنال " الأمريكية مؤخرا عن قيام مئات من القوات الأثيوبية المسلحة بعبور الحدود مع الصومال في منطقة " بونتلاند ووصفت الصحيفة تلك الخطوة بأنها " قد ترقى إلى حد فتح جبهة جديدة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب " . ويبدو إن أثيوبيا لن تكون حليف أمريكا الوحيد في ضرب الصومال ، فصحيفة " صنداي تلجراف " كشفت النقاب عن " أن الولايات المتحدة طلبت من بريطانيا معاونتها في الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية ضد الصومال وذلك في إطار المرحلة المقبلة من الحملة الدولية ضد قواعد تنظيم القاعدة في مختلف أنحاء العالم " . وقالت الصحيفة إن فريقا من كبار القادة العسكريين البريطانيين قام في الأسبوع الماضي بزيارة إلى مقر القيادة المركزية الأمريكية حيث طلب منهم خلال هذه الزيارة إعداد استراتيجية لشن هجوم على مواقع معينة في الصومال . وقد شرع أعضاء هذا الفريق بالفعل في أعقاب عودتهم إلى لندن في بحث هذه الخطة المقترحة مع كبار المسئولين بوزارة الدفاع البريطانية . ويشير المراقبون إلى إن إسرائيل التي تتمتع بتواجد ونفوذ قوي في جمهورية " ارض الصومال " - التي أعلنت انفصالها من جانب واحد عن جمهورية الصومال - لن تكون بعيدة عن العمليات الأمريكية في الصومال ، فالتغلغل في البحر الأحمر وسواحل المحيط الهندي ما زال هدفا رئيسيا للكيان الصهيوني . ولعل ما يزيد من احتمالات ذلك التدخل العلاقات الوثيقة التي تربط بين تل أبيب وأديس أبابا ، التي تعد المستفيد الأول من ضرب الصومال . ويلفت هؤلاء المراقبون النظر - أيضا - إلى إن التدخل الأمريكي في الصومال قد لا يكون محل ترحيب من بعض الأطراف الإقليمية ، التي لن تخف قلقها من تغلغل أثيوبيا وإسرائيل في القرن الأفريقي . الأمر الذي يفرض على الولايات المتحدة موازنة دقيقة للأمور ، حتى لا تتحول أي ضربة مقبلة ضد الصومال ، إلى حرب إقليمية تهدد الاستقرار في تلك المنطقة الاستراتيجية من العالم .