بركان الحلم
05-11-2001, 08:40 AM
وهنا أسألكم أيها الرئيس :
لو أن العالم خوّلكم إعطاء جائزة تقديرية للشعب الأرقى خلقاً وقيماً والأحسن تعاملاً فلأي الشعبين كنت ستعطي الجائزة ؟ لشعبك أم لنا ؟
هل يعني ذلك أننا نضمر الشرّ للشعب الأمريكي أو نعامله بعنصرية ؟
لا … أبداً، فنحن نعتقد أن للشعب الأمريكي - جملةً - من صفات الخير ما يجعله أقرب الشعوب الغربية إلينا وأجدرها بأن نحب له الخير في الدنيا والآخرة، فهو شعب يؤمن غالبيته العظمى بوجود الله، وهو ينفق على الأعمال الخيرية ما لا ينفقه شعب آخر في العالم ( ولا نعني بذلك التنصير بين المسلمين).
وأصدق دليل على ما فيه من خير: أنه أكثر شعوب العالم قبولاً للإسلام وأسرعها اعتناقاً له ومحاولة لفهمه حتى بعدما نـزل به من فاجعة حمَّلْتم – أنتم الحكومة – المسلمين مسؤوليتها بلا دليل .
ومثل هذا الشعب نحب لـه الخير والكرامة من أعماق قلوبنا ، والخير والكرامة لا يتحققان لأي شعب إلا بأحد أمرين :-
1- الدخول في دين الله الذي لا يقبل سواه وهو دين الأنبياء جميعاً = الإسلام . وبهذا يجمع الله له خيري الدنيا والآخرة .
2- مصالحة المسلمين ومحبتهم ومعاملتهم بالحسنى وبهذا يجازيه الله في الدنيا خيراً وأمناً.
فهذه الأمة الإسلامية أتباع إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم هي أكرم الخلق على الله فمن أكرمها أكرمه الله ومن أهانها أهانه الله وإن أمهله إلى حين . والتاريخ شاهد على هذا.
قد تقول أو يقال عنك لقد اعتذرت عن عبارة (( حملة صليبية )) وزرت المركز الإسلامي ونصحت الشعب بالانضباط .. فنقول : لقد تعودنا من أمريكا أن تجرح جرحاً غائراً ثم تضع عليه لصقة خفيفة، إلا أن عدوانكم الحالي على أفغانستان نـزع تلك اللصقات بعنف وفتح جرحاً عميقاً في قلب كل مسلم .
وليتك أيها الرئيس إذ فعلت ما فعلت لم تعاود العبارات العنصرية مرة أخرى في خطابكم عن بدء الهجوم، فقد كان يكفيك ومن غير حاجة إلى تبرير أن تدعي الحق في أن تصنّف العالم كما تشاء، وتعاقب من تشاء كيف تشاء متى تشاء، ثم إنك زدت فجعلت شهوة الانتقام مفتوحة إلى ما لا نهاية حين قلت: (( اليوم نركز على أفغانستان ولكن المعركة أعم )).
ألا يكفي أن تدمروا شعباً كاملاً بتهمة لم تثبت على شخص – أو تنظيم – يعيش مضطراً في هذا البلد ؟! أهذا العدوان الذي يتجاوز كل القيم والأخلاق ويهز كل الضمائر الحية في العالم ليس إلا قطرة من بحر انتقامكم ؟
هل فوضكم المسيح عليه السلام بهذا ، حاشاه من ذلك، فإن ميكافيللي نفسه لم يفوضكم إلى هذا الحد . إن سلفكم في هذا هو "شمشون" وابنه المعاصر "شارون".
ألا تخافون الله يا من جعلتم شعاركم هذه الأيام "بارك الله أمريكا"! كيف يباركها الله ويحفظها وقد علمها رسوله المسيح عليه السلام نقيض ما تفعل تماماً: (( من لطمك على خدك الأيمن فأدر لـه الأيسر ومن نازعك ثوبك فأعطه الرداء أيضاً ومن سخّرك ميلاً فامش معه ميلين )).
ألا تدرون أنكم حين تجعلون شهوة الانتقام اللانهائي صفة المتحضرين فإنكم تُلبسون المسيح عليه السلام صفة البرابرة الهمج وحاشاه من ذلك.
ولكنكم أيها الرئيس كفرتم بالله والمسيح وسلكتم سلوك البابوات في العصور الوسطى حين كانوا يصدرون صكوك الغفران وقرارات الحرمان – كما يشاؤون – . لقد أعطيتم أنفسكم والدولة الصهيونية وكل معتد غاشم صك غفران أبدي وأصدرتم بحق من تورع عن مشاركتكم في عدوانكم اللامحدود قرار حرمان، وذلك بوصفه بأنه إرهابي أو مؤيد للإرهاب.
تبحثون بالمجهر عمن تسمونه جماعات إرهابية في الصومال الذي قتله الفقر، أو مخيمات الفلسطينيين في لبنان، حيث الإرهاب الصهيوني يهدد تلك الأعشاش الوادعة كل يوم، وتنسون أن الإرهاب الجهنمي الفظيع قائم عندكم ملموس بأيديكم بل هو أنتم ولا شيء سواكم.
وإن لم تصدق هذا فقل لي بربك : لو أن أصدق صديق لكم جاء ليهنئكم بالانتصار الذي تريدون تحقيقه بعد عشر سنوات على عدوكم المفتعل الغامض . فعلى أي شيء سوف يهنئكم؟ هب أنه قال :
سيدي الرئيس؛ لقد تم قتل مليون أفغاني، ومليون عراقي، ومليون كذا وكذا، إلى آخر قائمتكم الخفية الملعونة، أهذا انتصار للحضارة والقيم النبيلة والحرية والديمقراطية ؟ بالتأكيد سيكون بين ضحاياكم أرامل وأطفال جياع عراة حفاة، فهل هذا يشبع شهوتكم في الانتقام؟!
أما الأ حياء فسوف تتخذون حياتهم دليلاً على أنكم اقتصرتم على تدمير بيوتهم الطينية وأكواخهم الخشبية بصفتها أهدافاً استراتيجية! في حربكم النظيفة! وأسلحتكم الذكية! التي لا تقتل البشر .
وهنا عند هذه النقطة سوف يقهقه العالم الذي ستجعلونه كئيباً حزيناً إلى ما شاء الله – نعم سوف تهدون إليه هذه النكتة المتحضرة لكي يتذكر الذكاء الخارق الذي اتسمت به صواريخكم حين كنتم تضربون العراق فتصرخ إيران، وحين استهدفتم أفغانستان – في عدوانكم الأول فجرحتم باكستان، وحين أثار أحد صواريخكم الذكية ثائرة العملاق الأصفر بضرب سفارته في بلغراد .
وأنا – للعدل – اعترف لصاروخ واحد من صواريخكم بالذكاء ، وهو ذلك الباتريوت الميمون الذي شاهد أحد صواريخ إسكود الغبية متجهاً فما كان منه إلا أن حرفه إلى الطريق الصحيح واستضافه في عشاء ضباط المخابرات الأمريكية في الخبر .
أما النظافة فالعالم كله يشهد لكم بأنظف الحروب، مع ملاحظة بسيطة جداً وهي أنكم حين نظفتم هيروشيما ونجازاكي بقيت في العراء نفايات قليلة – عن غير قصد منكم – ولعلكم تستدركون هذا الخطأ في أفغانستان وتوابعها وتتكرمون أكثر فتدهنون الأماكن المنظفة بشيء من الدهان الأمريكي الرخيص.
لكن للحق أيضاً نقول : إن نظافة حربكم في العراق مشكوك فيها قليلاً لأن شهود النفي أطفال والقانون لا يقبل شهادة الأطفال ولو كان عددهم مليونين، أما شهود الإثبات فهم كبار في حجم ديكتاتور وجنرالات حوله.
أيها الرئيس… هل تعتقدون أن القائمة التي أعلنتم فيها أسماء المنظمات الإرهابية والدول الراعية للإرهاب تخدم مصلحتكم أم أنها تؤكد أن العالم ضدكم؟
وأي مستشار هذا الذي أشار عليكم بنشرها في الوقت الذي اكتشف الناس فيه أن بيتكم من الزجاج ولا يزال مهشماً؟ فلماذا تستعدون عليكم من يرميكم بالحجارة من اليابان شرقاً إلى بيرو غرباً؟
أما كان يكفيكم بلد واحد ومنظمة واحدة في هذه الظروف الأمنية الحرجة في بلادكم؟ أم أنكم تريدون أن تستثيروا الكل، فإذا حدث منهم حادث حملتموه المسلمين وحدهم لكي تستمر حملتكم الصليبية عليهم إلى الأبد.
أيها الرئيس … لا تظن أنني أريد تعداد عيوبكم القليلة وأنسى عيوبنا الكثيرة جداً في أعينكم، لا بل سوف أذكِّركم بعيب خطير فينا نحن المسلمين؛ وهو أننا لا ننسى مآسينا مهما طال عليها الزمن ، تصوّر أيها الرئيس أننا لا زلنا نبكي على الأندلس ونتذكر ما فعله فرديناد وإيزابيلا بديننا وبحضارتنا وكرامتنا فيها ؟! ونحلم باستردادها مرة أخرى ولن ننسى تدمير بغداد ولا سقوط القدس بيد أجدادك الصليبيين ؟ أي أننا لسنا في نظركم بالقدر من الحضارة الذي يتمتع به الألمان واليابانيون الذين يؤيدونكم على هذا العدوان متناسين ماضيكم معهم.
وأشد من ذلك أن الإفريقي من المسلمين الذي أسلم بعد سقوط الأندلس يبكي مع العرب، مثلما يبكي الجاوي الذي لم يسمع عن الأندلس إلا قريباً . قد تكون هذه مشكلة بالنسبة لنا ولكن من سيدفع الثمن ولو بعد حين ؟
أيها الرئيس … إن مشكلتكم مع الأفغان – والمسلمين عامة – أنكم أقوى مما يجب وهم أضعف مما يجب، وأنكم كلما بالغتم بالقوة أو أفرطتم في استخدامها دلّ ذلك على ضعف في القوة .
وفي هذا سر إلهي عظيم يذكرنا بما حدث لفرعون الجبار على يد بني إسرائيل المستضعفين فاسمعه من كتاب الله الكريم { طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبأِ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } [ القصص : 1- 6 ]
لا تقل أين أنا من فرعون ؟ فقد طلبتم من المسلمين ما لم يطلبه فرعون من موسى عليه السلام وبني إسرائيل، وهو أن لا يكرهوكم بقلوبهم – مهما فعلتم وتجبرتم – وإلا فستنتقمون منهم، وهذا من خصائص الألوهية، فالله تعالى وحده هو القادر على أن ينتقم من كل من لا يحبه ، ونحن لا نعلم إمبراطورية ديكتاتورية في التاريخ القديم تتعامل مع ما تُكِنّه القلوب وتخفيه الضمائر ، فضلاً عن دولة ديمقراطية في القرن الواحد والعشرين .
قد تقولون : إننا نقصد استئصال كل ما يثير كراهية في الخطب ومناهج التعليم ومقالات الصحافة وأحاديث الإعلام . فنقول: إن كانت هذه هي ديمقراطيتكم فلا عليكم أن تطلبوا ما شئتم، ولكن ثقوا تماماً أنكم لن تنجحوا، فإن الذي يعلمنا كره الظلم ومحبة الحق هو ديننا وقرآننا وهو أقوى من كل وسائلكم وأثبت من جبالكم . وإذا أبيتم إلا غطرسة القوة وجنون العظمة فليس لديكم من وسيلة إلا إبادة المسلمين كلهم بالسلاح النووي أو البيولوجي أو ما شئتم من ترسانتكم الجهنمية ؟
قد تقولون: لماذا كلهم وفيهم من يحبنا ؟ فأقول – تأكدوا – أنه لا يوجد مسلم على الأرض يحبكم حتى وإن تبرع لكم بالدم وأنشأ لكم مراصد استخباراتية أو فوضكم وضع المناهج التعليمية لشعبه . فكل من يدعي محبتكم في الأرض – وليس في المسلمين من يستطيع أن يدعيها – إنما يحبكم محبة الفريسة الخائفة للوحش الغاشم .
وقد تقول: سوف نعطي الشعوب الإسلامية الثقة من خلال تغيير أنظمة الحكم لتكون متسامحة وديموقراطية!!
فنقول: كفوا عنا شرّكم وكفى. فبهذا الوعد الزائف أهلكتم الشعب العراقي وغيره. وأي حرية أو ديموقراطية منكم فلا نريدها، ولن نقبلها، فعدو الحرية لا يعطي الحرية.
أيها الرئيس …
أنصحكم وأخوفكم بالله أن تقفوا وتَكُفّوا عن العدوان وتتعاملوا مع القضية بعدل وأناة وسوف تجدوننا معكم بلا تحفظ . إن عودتكم الآن وأنتم في أول الطريق أسهل عليكم وأفضل للعالم وإلا فإن البدايات السهلة غالباً ما تستتبع نهايات بالغة الصعوبة، ولذلك أرجو أن تفكر أيها الرئيس فيما لو دمرت كل بلد تصنفه في قائمة الإرهاب هل ستكون هذه هي النهاية أم أنها البداية ، اللهم إلا إذا كنت تريد أن تدخل التاريخ من باب "آرمجدون" الملعونة !! فحينئذٍ لن يكون هناك تاريخ أصلاً .
ولهذا أكرر لك النصيحة وأقول : إتق الله وفكر جيداً . والسلام على من اتبع الهدى .
الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي
لو أن العالم خوّلكم إعطاء جائزة تقديرية للشعب الأرقى خلقاً وقيماً والأحسن تعاملاً فلأي الشعبين كنت ستعطي الجائزة ؟ لشعبك أم لنا ؟
هل يعني ذلك أننا نضمر الشرّ للشعب الأمريكي أو نعامله بعنصرية ؟
لا … أبداً، فنحن نعتقد أن للشعب الأمريكي - جملةً - من صفات الخير ما يجعله أقرب الشعوب الغربية إلينا وأجدرها بأن نحب له الخير في الدنيا والآخرة، فهو شعب يؤمن غالبيته العظمى بوجود الله، وهو ينفق على الأعمال الخيرية ما لا ينفقه شعب آخر في العالم ( ولا نعني بذلك التنصير بين المسلمين).
وأصدق دليل على ما فيه من خير: أنه أكثر شعوب العالم قبولاً للإسلام وأسرعها اعتناقاً له ومحاولة لفهمه حتى بعدما نـزل به من فاجعة حمَّلْتم – أنتم الحكومة – المسلمين مسؤوليتها بلا دليل .
ومثل هذا الشعب نحب لـه الخير والكرامة من أعماق قلوبنا ، والخير والكرامة لا يتحققان لأي شعب إلا بأحد أمرين :-
1- الدخول في دين الله الذي لا يقبل سواه وهو دين الأنبياء جميعاً = الإسلام . وبهذا يجمع الله له خيري الدنيا والآخرة .
2- مصالحة المسلمين ومحبتهم ومعاملتهم بالحسنى وبهذا يجازيه الله في الدنيا خيراً وأمناً.
فهذه الأمة الإسلامية أتباع إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم هي أكرم الخلق على الله فمن أكرمها أكرمه الله ومن أهانها أهانه الله وإن أمهله إلى حين . والتاريخ شاهد على هذا.
قد تقول أو يقال عنك لقد اعتذرت عن عبارة (( حملة صليبية )) وزرت المركز الإسلامي ونصحت الشعب بالانضباط .. فنقول : لقد تعودنا من أمريكا أن تجرح جرحاً غائراً ثم تضع عليه لصقة خفيفة، إلا أن عدوانكم الحالي على أفغانستان نـزع تلك اللصقات بعنف وفتح جرحاً عميقاً في قلب كل مسلم .
وليتك أيها الرئيس إذ فعلت ما فعلت لم تعاود العبارات العنصرية مرة أخرى في خطابكم عن بدء الهجوم، فقد كان يكفيك ومن غير حاجة إلى تبرير أن تدعي الحق في أن تصنّف العالم كما تشاء، وتعاقب من تشاء كيف تشاء متى تشاء، ثم إنك زدت فجعلت شهوة الانتقام مفتوحة إلى ما لا نهاية حين قلت: (( اليوم نركز على أفغانستان ولكن المعركة أعم )).
ألا يكفي أن تدمروا شعباً كاملاً بتهمة لم تثبت على شخص – أو تنظيم – يعيش مضطراً في هذا البلد ؟! أهذا العدوان الذي يتجاوز كل القيم والأخلاق ويهز كل الضمائر الحية في العالم ليس إلا قطرة من بحر انتقامكم ؟
هل فوضكم المسيح عليه السلام بهذا ، حاشاه من ذلك، فإن ميكافيللي نفسه لم يفوضكم إلى هذا الحد . إن سلفكم في هذا هو "شمشون" وابنه المعاصر "شارون".
ألا تخافون الله يا من جعلتم شعاركم هذه الأيام "بارك الله أمريكا"! كيف يباركها الله ويحفظها وقد علمها رسوله المسيح عليه السلام نقيض ما تفعل تماماً: (( من لطمك على خدك الأيمن فأدر لـه الأيسر ومن نازعك ثوبك فأعطه الرداء أيضاً ومن سخّرك ميلاً فامش معه ميلين )).
ألا تدرون أنكم حين تجعلون شهوة الانتقام اللانهائي صفة المتحضرين فإنكم تُلبسون المسيح عليه السلام صفة البرابرة الهمج وحاشاه من ذلك.
ولكنكم أيها الرئيس كفرتم بالله والمسيح وسلكتم سلوك البابوات في العصور الوسطى حين كانوا يصدرون صكوك الغفران وقرارات الحرمان – كما يشاؤون – . لقد أعطيتم أنفسكم والدولة الصهيونية وكل معتد غاشم صك غفران أبدي وأصدرتم بحق من تورع عن مشاركتكم في عدوانكم اللامحدود قرار حرمان، وذلك بوصفه بأنه إرهابي أو مؤيد للإرهاب.
تبحثون بالمجهر عمن تسمونه جماعات إرهابية في الصومال الذي قتله الفقر، أو مخيمات الفلسطينيين في لبنان، حيث الإرهاب الصهيوني يهدد تلك الأعشاش الوادعة كل يوم، وتنسون أن الإرهاب الجهنمي الفظيع قائم عندكم ملموس بأيديكم بل هو أنتم ولا شيء سواكم.
وإن لم تصدق هذا فقل لي بربك : لو أن أصدق صديق لكم جاء ليهنئكم بالانتصار الذي تريدون تحقيقه بعد عشر سنوات على عدوكم المفتعل الغامض . فعلى أي شيء سوف يهنئكم؟ هب أنه قال :
سيدي الرئيس؛ لقد تم قتل مليون أفغاني، ومليون عراقي، ومليون كذا وكذا، إلى آخر قائمتكم الخفية الملعونة، أهذا انتصار للحضارة والقيم النبيلة والحرية والديمقراطية ؟ بالتأكيد سيكون بين ضحاياكم أرامل وأطفال جياع عراة حفاة، فهل هذا يشبع شهوتكم في الانتقام؟!
أما الأ حياء فسوف تتخذون حياتهم دليلاً على أنكم اقتصرتم على تدمير بيوتهم الطينية وأكواخهم الخشبية بصفتها أهدافاً استراتيجية! في حربكم النظيفة! وأسلحتكم الذكية! التي لا تقتل البشر .
وهنا عند هذه النقطة سوف يقهقه العالم الذي ستجعلونه كئيباً حزيناً إلى ما شاء الله – نعم سوف تهدون إليه هذه النكتة المتحضرة لكي يتذكر الذكاء الخارق الذي اتسمت به صواريخكم حين كنتم تضربون العراق فتصرخ إيران، وحين استهدفتم أفغانستان – في عدوانكم الأول فجرحتم باكستان، وحين أثار أحد صواريخكم الذكية ثائرة العملاق الأصفر بضرب سفارته في بلغراد .
وأنا – للعدل – اعترف لصاروخ واحد من صواريخكم بالذكاء ، وهو ذلك الباتريوت الميمون الذي شاهد أحد صواريخ إسكود الغبية متجهاً فما كان منه إلا أن حرفه إلى الطريق الصحيح واستضافه في عشاء ضباط المخابرات الأمريكية في الخبر .
أما النظافة فالعالم كله يشهد لكم بأنظف الحروب، مع ملاحظة بسيطة جداً وهي أنكم حين نظفتم هيروشيما ونجازاكي بقيت في العراء نفايات قليلة – عن غير قصد منكم – ولعلكم تستدركون هذا الخطأ في أفغانستان وتوابعها وتتكرمون أكثر فتدهنون الأماكن المنظفة بشيء من الدهان الأمريكي الرخيص.
لكن للحق أيضاً نقول : إن نظافة حربكم في العراق مشكوك فيها قليلاً لأن شهود النفي أطفال والقانون لا يقبل شهادة الأطفال ولو كان عددهم مليونين، أما شهود الإثبات فهم كبار في حجم ديكتاتور وجنرالات حوله.
أيها الرئيس… هل تعتقدون أن القائمة التي أعلنتم فيها أسماء المنظمات الإرهابية والدول الراعية للإرهاب تخدم مصلحتكم أم أنها تؤكد أن العالم ضدكم؟
وأي مستشار هذا الذي أشار عليكم بنشرها في الوقت الذي اكتشف الناس فيه أن بيتكم من الزجاج ولا يزال مهشماً؟ فلماذا تستعدون عليكم من يرميكم بالحجارة من اليابان شرقاً إلى بيرو غرباً؟
أما كان يكفيكم بلد واحد ومنظمة واحدة في هذه الظروف الأمنية الحرجة في بلادكم؟ أم أنكم تريدون أن تستثيروا الكل، فإذا حدث منهم حادث حملتموه المسلمين وحدهم لكي تستمر حملتكم الصليبية عليهم إلى الأبد.
أيها الرئيس … لا تظن أنني أريد تعداد عيوبكم القليلة وأنسى عيوبنا الكثيرة جداً في أعينكم، لا بل سوف أذكِّركم بعيب خطير فينا نحن المسلمين؛ وهو أننا لا ننسى مآسينا مهما طال عليها الزمن ، تصوّر أيها الرئيس أننا لا زلنا نبكي على الأندلس ونتذكر ما فعله فرديناد وإيزابيلا بديننا وبحضارتنا وكرامتنا فيها ؟! ونحلم باستردادها مرة أخرى ولن ننسى تدمير بغداد ولا سقوط القدس بيد أجدادك الصليبيين ؟ أي أننا لسنا في نظركم بالقدر من الحضارة الذي يتمتع به الألمان واليابانيون الذين يؤيدونكم على هذا العدوان متناسين ماضيكم معهم.
وأشد من ذلك أن الإفريقي من المسلمين الذي أسلم بعد سقوط الأندلس يبكي مع العرب، مثلما يبكي الجاوي الذي لم يسمع عن الأندلس إلا قريباً . قد تكون هذه مشكلة بالنسبة لنا ولكن من سيدفع الثمن ولو بعد حين ؟
أيها الرئيس … إن مشكلتكم مع الأفغان – والمسلمين عامة – أنكم أقوى مما يجب وهم أضعف مما يجب، وأنكم كلما بالغتم بالقوة أو أفرطتم في استخدامها دلّ ذلك على ضعف في القوة .
وفي هذا سر إلهي عظيم يذكرنا بما حدث لفرعون الجبار على يد بني إسرائيل المستضعفين فاسمعه من كتاب الله الكريم { طسم * تلك آيات الكتاب المبين * نتلوا عليك من نبأِ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } [ القصص : 1- 6 ]
لا تقل أين أنا من فرعون ؟ فقد طلبتم من المسلمين ما لم يطلبه فرعون من موسى عليه السلام وبني إسرائيل، وهو أن لا يكرهوكم بقلوبهم – مهما فعلتم وتجبرتم – وإلا فستنتقمون منهم، وهذا من خصائص الألوهية، فالله تعالى وحده هو القادر على أن ينتقم من كل من لا يحبه ، ونحن لا نعلم إمبراطورية ديكتاتورية في التاريخ القديم تتعامل مع ما تُكِنّه القلوب وتخفيه الضمائر ، فضلاً عن دولة ديمقراطية في القرن الواحد والعشرين .
قد تقولون : إننا نقصد استئصال كل ما يثير كراهية في الخطب ومناهج التعليم ومقالات الصحافة وأحاديث الإعلام . فنقول: إن كانت هذه هي ديمقراطيتكم فلا عليكم أن تطلبوا ما شئتم، ولكن ثقوا تماماً أنكم لن تنجحوا، فإن الذي يعلمنا كره الظلم ومحبة الحق هو ديننا وقرآننا وهو أقوى من كل وسائلكم وأثبت من جبالكم . وإذا أبيتم إلا غطرسة القوة وجنون العظمة فليس لديكم من وسيلة إلا إبادة المسلمين كلهم بالسلاح النووي أو البيولوجي أو ما شئتم من ترسانتكم الجهنمية ؟
قد تقولون: لماذا كلهم وفيهم من يحبنا ؟ فأقول – تأكدوا – أنه لا يوجد مسلم على الأرض يحبكم حتى وإن تبرع لكم بالدم وأنشأ لكم مراصد استخباراتية أو فوضكم وضع المناهج التعليمية لشعبه . فكل من يدعي محبتكم في الأرض – وليس في المسلمين من يستطيع أن يدعيها – إنما يحبكم محبة الفريسة الخائفة للوحش الغاشم .
وقد تقول: سوف نعطي الشعوب الإسلامية الثقة من خلال تغيير أنظمة الحكم لتكون متسامحة وديموقراطية!!
فنقول: كفوا عنا شرّكم وكفى. فبهذا الوعد الزائف أهلكتم الشعب العراقي وغيره. وأي حرية أو ديموقراطية منكم فلا نريدها، ولن نقبلها، فعدو الحرية لا يعطي الحرية.
أيها الرئيس …
أنصحكم وأخوفكم بالله أن تقفوا وتَكُفّوا عن العدوان وتتعاملوا مع القضية بعدل وأناة وسوف تجدوننا معكم بلا تحفظ . إن عودتكم الآن وأنتم في أول الطريق أسهل عليكم وأفضل للعالم وإلا فإن البدايات السهلة غالباً ما تستتبع نهايات بالغة الصعوبة، ولذلك أرجو أن تفكر أيها الرئيس فيما لو دمرت كل بلد تصنفه في قائمة الإرهاب هل ستكون هذه هي النهاية أم أنها البداية ، اللهم إلا إذا كنت تريد أن تدخل التاريخ من باب "آرمجدون" الملعونة !! فحينئذٍ لن يكون هناك تاريخ أصلاً .
ولهذا أكرر لك النصيحة وأقول : إتق الله وفكر جيداً . والسلام على من اتبع الهدى .
الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي