حلا
07-09-2001, 05:22 PM
إن ما قد يمر به زوجان من تأرجح في العلاقات بين البرودة والقرب، أمر طبيعي جداً في كل زواج. لكن الأمر الغير طبيعي هو غلبة البرودة والتباعد في العلاقة على القرب والود والمحبة.
إن قضية الاحتكاك الذي قد يقع مرات، أو مراراً، بين الطرفين، إنما يكون عادة لحل وبحث مشكلة (عابرة) لم يتفقا عليها من قبل. لكن أن تصبح المشكلة (قارّة)، والاحتكاك حولها دائم، فهذا يدل على عدم قدرة الطرفين على التفاهم بسبب انعدام وسائله حاليا، أو بقاء مسبباته التي يجب أن تعالج هي أولاً.
ومما نسمعه أو نفهمه مما يدور و دار بينكما من اختلاف في المواقف ووجهات النظر، لا يسعننا إلا أن ننحى باللائمة عليكما!
وأرجو أن يتسع صدركما لقراءة ما عندنا، فوالله الذي لا إله إلا هو، ليس في قلوبنا لكل منكما سوى الحب والتقدير، ولا يدفعنا لكتابة هذا سوى طلب منفعتكما، كليكما، إضافة إلى قناعتنا أنكما تضيعان أثمن أيامكما عوض ملئها بالحب والهناءة وهو ممكن لكنكما أخطأتما طريقه، وليس هو بصعب ولا بعيد إدراكه.
وإن تعجب، فاعجبْ من اثنين التقيا على طاعة الله، وكل منهما فهِـم رصين عاقل لامع، لا يستطيعان أن يضعا أصبعهما على المشكلة فيعرفونها، ولا متقد ذهنيهما فيحلونها! هذه من أعجب العجب.
إن بدأنا بالمشكلة التي نراها، فهي واحدة أمامنا : كل منكما يرى تقصير شريكه ويقف عنده، ولا يرى تقصيره ولا يبادر إلى إصلاحه! ولو عمل كلٌ على إصلاح نفسه وترك الآخر حتى يصلح نفسه أولاً: صلحا معاً دون جهد ولا معركة!
لم نآت بجديد! أنتم تعرفون هذا، لكنكم لم تتجاوزوا نقطة البداية الخاطئة والتي هي : نقد الآخر وإصلاحه أولاً..وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( يبصر أحدكم "القذى" في عين أخيه، وينسى "الجذع" في عينه).
وهل قال هذا ذلك المعلم المعصوم صلى الله عليه وسلم إقراراً لواقع وتركاً له على الخطإ، أم قال ذلك تعليماً للناس أن لا يقعوا فيه؟! فيكون مفهوم الكلام هو التحذير النبوي : لا تبصر القذى في عين الآخر! وانظر الجذع في عينكَ – و عينكِ – أولاً.
لماذا يجب على الطرف الآخر أن يصحح خطأه فوراً، وإلا قلبت الحياة جحيماً، ولا يجب علي أن أحرك ساكناً فيما يتعلق بأخطائي؟!
لقد سمّى الشارع الحلال والحرام : معروفاً ومنكراً. فلا داعي للدلالة على الأخطاء وتسميتها بأسمائها، أو توجيه أصابع الاتهام. فالحلال : معروف لكل ذي عقل وفهم، ولا ينقصكما من هذا الشرط شيء، بل لله المنة عليكما أن زادكم وفرة منه، فهل ستقومان بحقه وتستعملانه حق الاستعمال؟
والحرام: منكرٌ، يعرفه كل ذي عقل وفهم، ولا ينقصكما من هذا الشرط شيء، بل لله المنة عليكما أن زادكم وفرة منه، فهل ستقومان بحقه وتستعملانه حق الاستعمال؟
إن طاعة المرأة للرجل واجبة طبعاً – وفي غير المعصية كما هو بدهي – لكن وجوب الطاعة هذه، هل تدل على أن الرجل معفو عنه فيما يأمر وينهى وله الحق أن يتصرف كيفما شاء؟ لا والله..
إن طاعة المرأة له إنما هو شرع من رب العالمين ( ألا يَـعلمُ مَــنْ خَــلَــق؟) حفظاً للبيت من التمزق حال الاختلاف، لكن يبقى الرجل مسؤولاً عن قراراته كلها وهو محاسب عليها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. فلذا يجب أن يدقق المسؤول عن رعيته فيما يقول ويطلب ويأمر وينهى، لأنه مسؤول عن نفسه وأعماله قبل غيره. وسؤال الله تعالى له عن رعيته يتضمن:
هل أحسن إليهم إضافة إلى هل سعى عليهم!؟
هل كان عادلاً غير ظالم؟
هل كان حسن الكلام معهم؟
هل كان عوناً لهم في مهماتهم؟
هل قسم أوقاته فأعطى لكل ذي حق حقه؟
هل كان قدوة لهم؟
وبكلمة مختصرة: هل كان قدوتــُـه في بيته : النبيَ الذي بـَـنَـيا بيتهم على الإيمان به؟ صلى الله عليه وسلم.
أما هو عليه الصلاة والسلام :
فكان محسناً لهم..
وكان عادلاً غير ظالم، حاشاه..
وكان يعين أهله في أعمالهم دائما، حتى أنه كان يصلح حذاءه بنفسه، وقد أثار هذا عجب من رآه..
وكان أطيب الناس كلاما مع أهله..
وكان يُــعَــلّــم مـَن معه أنه (لأهلك عليك حقاً)، كما (لربك عليك حقاً)، لا يختلفان في الوجوب !!!!! وإنْ اختلفا في إثم تركهما، ولا نترك واحداً منهما إن شاء الله.
فكان صلى الله عليه وسلم محموداً في كل ما يأتي ويترك، معلماً لأمته ومشجعا لهم أن يستنوا به فقال صلى الله عليه وسلم ( خيركم : خيركم لأهله!!! وأنا خيركم لأهلي)
فهل تــَـتــْرك هذه القاعدة العجيبة كلاماً لمتكلم؟ أو مجالاً لمتردد؟؟!
قد يقول قائل: هو معصوم صلى الله عليه وسلم، لا يدرك عمله.
صحيح، لكننا مطالبون بأن نقوم بما نستطيعه من ذلك، ولا نتخذ من عصمته صلى الله عليه وسلم ذريعة لتبرير الإساءة!
رأى أحد الصحابة الرسول صلى عليه وسلم يقــَــبّــل أحد أحفاده، فقال ذلك الصحابي الغافل عن وجوب الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم : عندي عشرة من الولد، ما قــبــّـلت واحداً منهم قط!
فحذره النبي صلى الله عليه وسلم من داء خطير فقال له ( وما أملك لك إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك؟؟)
لكنه صلى الله عليه وسلم حذره بهذا الجواب المفاجئ، من مرض نفسي خطير، ألا وهو: رؤية فعل النبي صلى الله عليه وسلم ببرود ودون تحديث النفس بالمبادرة للإقتداء به أصلاً..!!!!
فعدم تقبيل الولد خطأ...لكن عدم الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم و الغفلة عن محاولة ذلك: أمر أخطر بكثير!!
فاقتدوا به صلى الله عليه وسلم:
أحسنوا إلى أهلكم..! إعدلوا..! عليكم بالكلمة الطيبة..! لا تسيؤوا لهن بالفعل أوالكلام..! أعطوهن شيئا من أوقاتكم..! كونوا قدوة لهن..!
كانت نفسه صلى الله عليه وسلم تتردد في صدره، مشرف على الموت، وهو يحذر المؤمنين ( الصلاة، ومـــــــــــا مـــــــــــــــــلكـت يــــــــمينـــــــــــكــــــم !!!!) أي: زوجاتكم..!! هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم عند لحظة وفاته!!
فأين نحن منها؟؟؟
ولا تحسب الزوجة أنها بمعزل عن اللوم و المسؤولية!
إن بيت الزوجية بيت لـُــحمة و تقارب ، لا تـَـمزّق أو منافرة..!
وإن كان الزوج يجلب- بإذن الله – الرزق المادي، فعلى الزوجة أن تأتي بالرزق العاطفي، المعنوي.
والله تعالى لا يحب مـَـن يتوقع الرزقَ المادي دون كدّ ولا عناء ولا جهد..
أليس إن جلس الزوج فارغاً في داره ينتظر الرزقَ المادي أن يأتيه بلا جهد ولا عناء كان مقصّــراً وملوماً؟
فكذلك، غفلة الزوجة عن تطلـّـب أسباب الرزق المعنوي الذي ينتج منه الود والحب والرحمة، خطأ تلام هي عليه.
فعليها أن تتجنب ما يزعجه، وتأتي ما يسرّه..
وبعد هذا : ، تدعو الله أن يصلحه، والله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه..
فهل دعوناه بالاضطرار الذي هو مفتاح الإجابة، أم استزلنا الشيطان في طريق اليأس مسروراً بالشقاق الذي عمل عليه ليوقع بين المرء و زوجه؟
هل أشعرته أهميته في حياتها وحياة العائلة، أم أهملته غفلة و انشغالا، بل ربما يأسا من تغيره؟ فكان منه ما كان، وبات كل يبحث عن حقه، لا يعير حق الآخر أي اهتمام؟
وكما أن الوقت جزء من العلاج، فإنه يصبح عامل ترسيخ لعادات مذمومة في البيت الذي بهتت أو غابت فيه القدوة من الرجل، كما بهت أو غاب الرزق المعنوي العاطفي من المرأة. كلاهما مخطئ، آثم في حق نفسه مرة، وفي حق الآخر مرات، وفي حق الأولاد ما الله به عليم!!
ولا يقتصر حق الأطفال على الأم بأن تقوم بقوامهم من الطعام والملبس والتدريس، بل من حقهم عليها توفير أسباب الهناء في البيت و تقصيرها في ذلك ذنب لا يسكت عنه.
وماذا يفعل الشبع والري في بيت غاب عنه الهناء والوفاق؟
وفـّـروا هناءاً لأولادكم واستقراراً وقدوة وحباً و رحمة... ويا مرحباً بالجوع والعطش..!
إن كثيراً من السلوكيات لا تأتي طبيعة، بل تستجلب. كما قال صلى الله عليه وسلم (إنما الحـِـلم – أي الأناة و الرفق – بالتــّــحــلــّـم ) أي باصطناعها ولو قهراً. فقد لا يحسن المرؤ الحلم، لكنه يكبح جماح نفسه مرة، ثم مرات، فيصبح الحلم صفة لازمة له فيما بعد.
وهكذا قد فإن الكثير من الأخلاق والعادات التي يفقدها الواحد منا، إن يأس من إدراكها ولم يحاولها، كان في عداد الفاشلين ولو كانت مهمته –أو مهمتها - التعليم!!
ولو عزم على طلب ذلك الفعل والخلق بصدق وتصميم، أعانه الله تعالى، ويعينه من معه حين يراه محاولاً ذلك، وتجتمع الظروف لنجاحه أو نجاحها.
أنتما لستما في فندق يعيش كل على هواه، أنتما أصحاب همّ واحد، وولد واحد، وفراش واحد!
إن لم تشتركا في رعاية كل ذلك، كنتما آثمين آثمين آثمين ولو أطلقت لحيتي وتحجبت زوجتي.
( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم!!!!
ولكن ينظر إلى قلوبكم و أعــــــــــــــــمالــــــــــكم !!)
إن أولادكما يشتكون من أعمالكما وسلوككما! هل قمتما بالمسؤولية التي يسأل عنها كل راعٍ؟
لا والله..
ليصلح كل منكما عيبه أولاً ، وليجعل همّ البيت والعائلة قبل همه الخاص، وتناصحا واصدقا بعضكما البعض وتصارحا وتعاملا بالتراحم والود والعاطفة..
و لا تتعاملا كالتجار، وتختصما كالفجار..
فإن (المسلم أخو المسلم –والمسلمة- لا يظلمه ولايخذله – أو يظلمها أو يخذلها)!
و(انصر أخاك – وأختك!- ظالماً أو مظلوماً..)
ونصر الظالم يكون بدفعه عن ارتكاب الظلم..ولا يكون ذلك بالتهديد بسيف الطاعة الواجبة، ولا بالشكاية من تقصير الآخر دون تدارك تقصيري.. إنما يكون ذلك بالحسنى و الكلمة الطيبة والرفق والصبر.
اللهم وفق بيننا وبين أزواجنا، وأسبغ علينا واسع رحمتك، واجعل بيوتنا آمنة مطمئنة، واطرد منها شياطين الجن والإنس، ونق قلوبنا من الحقد، وألسنتنا من الفحش، ونفوسنا من الغل، واجعل مكان ذلك مودة ورحمة وهناءاً وقراراً وسكناً وتناصحاً وتوافقاً ورفقاً.
اللهم رب جبرائيل وإسرافيل وميكائيل ، رب الناس اعصمنا من الزلل و الخطإ واغفر لنا من ذلك ما سلف، إنا تبنا إليك.
وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وقدوة الصالحين و خير الأزواج ومن به نستن وبهديه نعمل، وعلى زوجاته الطاهرات، القدوات المعلمات ومن بهن اقتدى ، وسلم تسليماً كثيرا.
إن قضية الاحتكاك الذي قد يقع مرات، أو مراراً، بين الطرفين، إنما يكون عادة لحل وبحث مشكلة (عابرة) لم يتفقا عليها من قبل. لكن أن تصبح المشكلة (قارّة)، والاحتكاك حولها دائم، فهذا يدل على عدم قدرة الطرفين على التفاهم بسبب انعدام وسائله حاليا، أو بقاء مسبباته التي يجب أن تعالج هي أولاً.
ومما نسمعه أو نفهمه مما يدور و دار بينكما من اختلاف في المواقف ووجهات النظر، لا يسعننا إلا أن ننحى باللائمة عليكما!
وأرجو أن يتسع صدركما لقراءة ما عندنا، فوالله الذي لا إله إلا هو، ليس في قلوبنا لكل منكما سوى الحب والتقدير، ولا يدفعنا لكتابة هذا سوى طلب منفعتكما، كليكما، إضافة إلى قناعتنا أنكما تضيعان أثمن أيامكما عوض ملئها بالحب والهناءة وهو ممكن لكنكما أخطأتما طريقه، وليس هو بصعب ولا بعيد إدراكه.
وإن تعجب، فاعجبْ من اثنين التقيا على طاعة الله، وكل منهما فهِـم رصين عاقل لامع، لا يستطيعان أن يضعا أصبعهما على المشكلة فيعرفونها، ولا متقد ذهنيهما فيحلونها! هذه من أعجب العجب.
إن بدأنا بالمشكلة التي نراها، فهي واحدة أمامنا : كل منكما يرى تقصير شريكه ويقف عنده، ولا يرى تقصيره ولا يبادر إلى إصلاحه! ولو عمل كلٌ على إصلاح نفسه وترك الآخر حتى يصلح نفسه أولاً: صلحا معاً دون جهد ولا معركة!
لم نآت بجديد! أنتم تعرفون هذا، لكنكم لم تتجاوزوا نقطة البداية الخاطئة والتي هي : نقد الآخر وإصلاحه أولاً..وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( يبصر أحدكم "القذى" في عين أخيه، وينسى "الجذع" في عينه).
وهل قال هذا ذلك المعلم المعصوم صلى الله عليه وسلم إقراراً لواقع وتركاً له على الخطإ، أم قال ذلك تعليماً للناس أن لا يقعوا فيه؟! فيكون مفهوم الكلام هو التحذير النبوي : لا تبصر القذى في عين الآخر! وانظر الجذع في عينكَ – و عينكِ – أولاً.
لماذا يجب على الطرف الآخر أن يصحح خطأه فوراً، وإلا قلبت الحياة جحيماً، ولا يجب علي أن أحرك ساكناً فيما يتعلق بأخطائي؟!
لقد سمّى الشارع الحلال والحرام : معروفاً ومنكراً. فلا داعي للدلالة على الأخطاء وتسميتها بأسمائها، أو توجيه أصابع الاتهام. فالحلال : معروف لكل ذي عقل وفهم، ولا ينقصكما من هذا الشرط شيء، بل لله المنة عليكما أن زادكم وفرة منه، فهل ستقومان بحقه وتستعملانه حق الاستعمال؟
والحرام: منكرٌ، يعرفه كل ذي عقل وفهم، ولا ينقصكما من هذا الشرط شيء، بل لله المنة عليكما أن زادكم وفرة منه، فهل ستقومان بحقه وتستعملانه حق الاستعمال؟
إن طاعة المرأة للرجل واجبة طبعاً – وفي غير المعصية كما هو بدهي – لكن وجوب الطاعة هذه، هل تدل على أن الرجل معفو عنه فيما يأمر وينهى وله الحق أن يتصرف كيفما شاء؟ لا والله..
إن طاعة المرأة له إنما هو شرع من رب العالمين ( ألا يَـعلمُ مَــنْ خَــلَــق؟) حفظاً للبيت من التمزق حال الاختلاف، لكن يبقى الرجل مسؤولاً عن قراراته كلها وهو محاسب عليها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. فلذا يجب أن يدقق المسؤول عن رعيته فيما يقول ويطلب ويأمر وينهى، لأنه مسؤول عن نفسه وأعماله قبل غيره. وسؤال الله تعالى له عن رعيته يتضمن:
هل أحسن إليهم إضافة إلى هل سعى عليهم!؟
هل كان عادلاً غير ظالم؟
هل كان حسن الكلام معهم؟
هل كان عوناً لهم في مهماتهم؟
هل قسم أوقاته فأعطى لكل ذي حق حقه؟
هل كان قدوة لهم؟
وبكلمة مختصرة: هل كان قدوتــُـه في بيته : النبيَ الذي بـَـنَـيا بيتهم على الإيمان به؟ صلى الله عليه وسلم.
أما هو عليه الصلاة والسلام :
فكان محسناً لهم..
وكان عادلاً غير ظالم، حاشاه..
وكان يعين أهله في أعمالهم دائما، حتى أنه كان يصلح حذاءه بنفسه، وقد أثار هذا عجب من رآه..
وكان أطيب الناس كلاما مع أهله..
وكان يُــعَــلّــم مـَن معه أنه (لأهلك عليك حقاً)، كما (لربك عليك حقاً)، لا يختلفان في الوجوب !!!!! وإنْ اختلفا في إثم تركهما، ولا نترك واحداً منهما إن شاء الله.
فكان صلى الله عليه وسلم محموداً في كل ما يأتي ويترك، معلماً لأمته ومشجعا لهم أن يستنوا به فقال صلى الله عليه وسلم ( خيركم : خيركم لأهله!!! وأنا خيركم لأهلي)
فهل تــَـتــْرك هذه القاعدة العجيبة كلاماً لمتكلم؟ أو مجالاً لمتردد؟؟!
قد يقول قائل: هو معصوم صلى الله عليه وسلم، لا يدرك عمله.
صحيح، لكننا مطالبون بأن نقوم بما نستطيعه من ذلك، ولا نتخذ من عصمته صلى الله عليه وسلم ذريعة لتبرير الإساءة!
رأى أحد الصحابة الرسول صلى عليه وسلم يقــَــبّــل أحد أحفاده، فقال ذلك الصحابي الغافل عن وجوب الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم : عندي عشرة من الولد، ما قــبــّـلت واحداً منهم قط!
فحذره النبي صلى الله عليه وسلم من داء خطير فقال له ( وما أملك لك إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك؟؟)
لكنه صلى الله عليه وسلم حذره بهذا الجواب المفاجئ، من مرض نفسي خطير، ألا وهو: رؤية فعل النبي صلى الله عليه وسلم ببرود ودون تحديث النفس بالمبادرة للإقتداء به أصلاً..!!!!
فعدم تقبيل الولد خطأ...لكن عدم الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم و الغفلة عن محاولة ذلك: أمر أخطر بكثير!!
فاقتدوا به صلى الله عليه وسلم:
أحسنوا إلى أهلكم..! إعدلوا..! عليكم بالكلمة الطيبة..! لا تسيؤوا لهن بالفعل أوالكلام..! أعطوهن شيئا من أوقاتكم..! كونوا قدوة لهن..!
كانت نفسه صلى الله عليه وسلم تتردد في صدره، مشرف على الموت، وهو يحذر المؤمنين ( الصلاة، ومـــــــــــا مـــــــــــــــــلكـت يــــــــمينـــــــــــكــــــم !!!!) أي: زوجاتكم..!! هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم عند لحظة وفاته!!
فأين نحن منها؟؟؟
ولا تحسب الزوجة أنها بمعزل عن اللوم و المسؤولية!
إن بيت الزوجية بيت لـُــحمة و تقارب ، لا تـَـمزّق أو منافرة..!
وإن كان الزوج يجلب- بإذن الله – الرزق المادي، فعلى الزوجة أن تأتي بالرزق العاطفي، المعنوي.
والله تعالى لا يحب مـَـن يتوقع الرزقَ المادي دون كدّ ولا عناء ولا جهد..
أليس إن جلس الزوج فارغاً في داره ينتظر الرزقَ المادي أن يأتيه بلا جهد ولا عناء كان مقصّــراً وملوماً؟
فكذلك، غفلة الزوجة عن تطلـّـب أسباب الرزق المعنوي الذي ينتج منه الود والحب والرحمة، خطأ تلام هي عليه.
فعليها أن تتجنب ما يزعجه، وتأتي ما يسرّه..
وبعد هذا : ، تدعو الله أن يصلحه، والله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه..
فهل دعوناه بالاضطرار الذي هو مفتاح الإجابة، أم استزلنا الشيطان في طريق اليأس مسروراً بالشقاق الذي عمل عليه ليوقع بين المرء و زوجه؟
هل أشعرته أهميته في حياتها وحياة العائلة، أم أهملته غفلة و انشغالا، بل ربما يأسا من تغيره؟ فكان منه ما كان، وبات كل يبحث عن حقه، لا يعير حق الآخر أي اهتمام؟
وكما أن الوقت جزء من العلاج، فإنه يصبح عامل ترسيخ لعادات مذمومة في البيت الذي بهتت أو غابت فيه القدوة من الرجل، كما بهت أو غاب الرزق المعنوي العاطفي من المرأة. كلاهما مخطئ، آثم في حق نفسه مرة، وفي حق الآخر مرات، وفي حق الأولاد ما الله به عليم!!
ولا يقتصر حق الأطفال على الأم بأن تقوم بقوامهم من الطعام والملبس والتدريس، بل من حقهم عليها توفير أسباب الهناء في البيت و تقصيرها في ذلك ذنب لا يسكت عنه.
وماذا يفعل الشبع والري في بيت غاب عنه الهناء والوفاق؟
وفـّـروا هناءاً لأولادكم واستقراراً وقدوة وحباً و رحمة... ويا مرحباً بالجوع والعطش..!
إن كثيراً من السلوكيات لا تأتي طبيعة، بل تستجلب. كما قال صلى الله عليه وسلم (إنما الحـِـلم – أي الأناة و الرفق – بالتــّــحــلــّـم ) أي باصطناعها ولو قهراً. فقد لا يحسن المرؤ الحلم، لكنه يكبح جماح نفسه مرة، ثم مرات، فيصبح الحلم صفة لازمة له فيما بعد.
وهكذا قد فإن الكثير من الأخلاق والعادات التي يفقدها الواحد منا، إن يأس من إدراكها ولم يحاولها، كان في عداد الفاشلين ولو كانت مهمته –أو مهمتها - التعليم!!
ولو عزم على طلب ذلك الفعل والخلق بصدق وتصميم، أعانه الله تعالى، ويعينه من معه حين يراه محاولاً ذلك، وتجتمع الظروف لنجاحه أو نجاحها.
أنتما لستما في فندق يعيش كل على هواه، أنتما أصحاب همّ واحد، وولد واحد، وفراش واحد!
إن لم تشتركا في رعاية كل ذلك، كنتما آثمين آثمين آثمين ولو أطلقت لحيتي وتحجبت زوجتي.
( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم!!!!
ولكن ينظر إلى قلوبكم و أعــــــــــــــــمالــــــــــكم !!)
إن أولادكما يشتكون من أعمالكما وسلوككما! هل قمتما بالمسؤولية التي يسأل عنها كل راعٍ؟
لا والله..
ليصلح كل منكما عيبه أولاً ، وليجعل همّ البيت والعائلة قبل همه الخاص، وتناصحا واصدقا بعضكما البعض وتصارحا وتعاملا بالتراحم والود والعاطفة..
و لا تتعاملا كالتجار، وتختصما كالفجار..
فإن (المسلم أخو المسلم –والمسلمة- لا يظلمه ولايخذله – أو يظلمها أو يخذلها)!
و(انصر أخاك – وأختك!- ظالماً أو مظلوماً..)
ونصر الظالم يكون بدفعه عن ارتكاب الظلم..ولا يكون ذلك بالتهديد بسيف الطاعة الواجبة، ولا بالشكاية من تقصير الآخر دون تدارك تقصيري.. إنما يكون ذلك بالحسنى و الكلمة الطيبة والرفق والصبر.
اللهم وفق بيننا وبين أزواجنا، وأسبغ علينا واسع رحمتك، واجعل بيوتنا آمنة مطمئنة، واطرد منها شياطين الجن والإنس، ونق قلوبنا من الحقد، وألسنتنا من الفحش، ونفوسنا من الغل، واجعل مكان ذلك مودة ورحمة وهناءاً وقراراً وسكناً وتناصحاً وتوافقاً ورفقاً.
اللهم رب جبرائيل وإسرافيل وميكائيل ، رب الناس اعصمنا من الزلل و الخطإ واغفر لنا من ذلك ما سلف، إنا تبنا إليك.
وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وقدوة الصالحين و خير الأزواج ومن به نستن وبهديه نعمل، وعلى زوجاته الطاهرات، القدوات المعلمات ومن بهن اقتدى ، وسلم تسليماً كثيرا.