تسجيل الدخول

View Full Version : هذه هي الغيرة؟


شمس البيان
05-09-2001, 12:51 PM
كان العرب في الجاهلية يعدون المرأة ذروة شرفهم وعنوان عرضهم ، ولذلك فقد تفننوا في حمايتها والمحافظة عليها ، والدفاع عنها زوجة وأماً ، وابنة و أختاً ، قريبة وجارة ، حتى يظل شرفها سليماً من الدنس ويبقى عرضها بعيداً من أن يمس . وكان العرب أغير من غيرهم : لأنهم أشد الناس حاجة إلى حفظ الأنساب ، ولذلك قيل : كل أمة وضعت الغيرة في رجالها ، وضعت الصيانة في نسائها . ومن نخوة العرب وغيرتهم أنهم يكنون عن حرائر النساء بالبيض والنخلة . لذلك كان للغيرة عن القوم مظاهر كثيرة :

(×) منها حبهم لعفة النساء عامة ، ونسائهم خاصة ، ومنها حبهم لحيائهن وتسترهن ووفائهن ووقارهن .

(×) ومنها ستر النساء ومنعهن من الظهور أمام الرجال .

(×) ومنها أن العفة كانت شرطاً من شروط السيادة والقيادة ، فلا مكان عندهم للدياثة .

هذه هي أمة العروبة وشيمها وأخلاقها ، فأين الذين ينادون بها وهم قد انسلخوا من الإسلام جملة وتفصيلاً ، إن الإسلام جاء بحمد الغيرة وشجع المسلمين عليها ذلك أنها إّذا تمكنت في النفوس كان المجتمع كالطود الشامخ حمية ودفاعاً عن الأعراض . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا أحد أإير من الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " رواه البخاري ومسلم .

إن غيرة الإسلام غرة منبثقة من غيرة رب العباد والمتمثلة في خاتم المرسلين وهي ليست بخفية على أحد من الناس ولكن أكثر الناس يتجاهلون ويتغافلون . وما أحسن ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" ألا تستحيوا ألا تغارون أن يخرج نساؤكم ؟ فإنه بلغني أن نساؤكم يخرج إلى الأسواق يزاحمن العلوج(*)" رواه أحمد وصححه أحمد شاكر وهذا في زمانه فكيف إذا رأى زماننا هذا، والله المستعان. فالمسلم الغيور يفعل كل شئ من أجل صيانة عرضه وشرفه ولله رد القائل :

أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض بالمال .

ومن أعجب الأحداث التي صنعتها الغيرة ما ذكره ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة 286هـ :" قال في المنتظم : ومن عجائب ما وقع في هذه السنة أن امرأة تقدمت إلى قاضي الري ، فادعت على زوجها بصداقها 500دينار ، فأنكره فجاءت ببينة تشهد لها به ، فقالوا :" نريد أن تسفر لنا عن وجهها حتى نعلم أنها هي الزوجة أم لا ؟" فلما صمموا على ذلك قال الزوج :" لا تفعلوا هي صادقة فيما تدعية " فأقر بما ادعت ليصون زوجته عن النظر إلى وجهها ، فقالت المرأة حين عرفت ذلك منه وأنه إنما أقر ليصون وجهها عن النظر :" هو في حلّ من صداقي عليه في الدنيا والآخرة " فقال القاضي وقد أعجب بغيرتهما :" هذا يكتب في مكارم الأخلاق " .

إن حياة الغيرة التي يحياها المجتمع المسلم ، والتي يسمو بها فوق النجوم رفعة ، ويرتقي بها إلى أعلى المنازل فضلاً وطهراً ، ليس لها مثيل في المجتمعات الأخرى ، فيا أيها القوامون على النساء : (احفظوا القوارير قبل أن تنكسر فتندموا ولات ساعة مندم .)