PDA

View Full Version : ،، قدح اللبن والرحمة المهداة ،،


كلاسيك
01-09-2001, 06:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


قصة لطيفة السياق ، ثرة بالمعاني الرقاق ، حافلةبالدلالات تبين عن حال الصحابة وورعهم ، وعن فقرهم وسوء حالهم ، وتعكس لذي العينين كيف أن محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة ، ونعمة مزجاة ، أسوقها للقارئ الكريم ليضحك منها كما ضحكت ، وليستخرج منها من العبر ما شاء الله الكريم له أن يستخرج :
يروي الإمام مسلم رحمه الله - في صحيحه ، كتاب الأشربة ، باب إكرام الضيف وفضل إيثاره - عن المقداد رضي الله عنه قال :
أقبلت - أنا وصاحبان لي - وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد( والجوع وقلة ذات اليد ) فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رغبة في دعوة إلى طعام ؛ ولو يسيرا ) فليس أحد منهم يقبلنا(لا بخلا وكزازة ، بل لأنهم كانوا أشبه بنا فقرا وسوء حال ) .
فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ( وكان صلى الله عليه وسلم يلحظ حال أصحابه ، ويتفرسهم ، فانتبه عليه الصلاة والسلام إلى حالي وحال ومن معي ) فانطلق بنا إلى أهله رضي الله عنهم (لعله أن يجد لنا في داره ما نطعم ) فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي صلى الله عليه وسلم : احتلبوا هذا اللبن بيننا

فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه. ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه. فيجيء من الليل فيسلم ( رفقا بنا )تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان . ثم يأتي المسجد فيصلي . ثم يأتي شرابه فيشرب .
فأتاني الشيطان ذات ليلة ، وقد شربت نصيبي ( فبدأ يوسوس لي ، ويغريني ، ويلقي في أذني الأعذار ) فقال ( لعنه الله ):
محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ، ويصيب عندهم ، ما به حاجة إلى هذه الجرعة ( أستشتد حاجته لهذه الجرعة ؟ وماذا تساوي ؟ إنك لأحوج إليها منه ) فأتيتها فشربتها.
فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنه ليس إليها سبيل ندمني الشيطان فقال: ويحك ! ما صنعت ؟ أشربت شراب محمد ؟ فيجيء فلا يجده ( والجوع شديد الوطأة ، حديد الناب ، وسيغضب منك ) فيدعو عليك فتهلك ، فتذهب دنياك وآخرتك .
( وكنت شديد الفاقة بذ الثياب ) وعلي شملة ، إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي ، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي . ( وركبني الهم والقلق أن يغضب مني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وركبتني الهموم ، وازدحمت علي الأفكار ) وجعل لا يجيئني النوم . وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت .

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم . ثم أتى المسجد فصلى . ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا ( فلم يأس لذلك ؛ فما كان الطعام من همه بأبي هو وأمي )
فرفع رأسه إلى السماء ( فركبني الفزع ، وساورني هم ثقيل وأسات الظن ) فقلت: الآن يدعو علي فأهلك .
( لكنه رحمة مهداة ؛إذ ذكر ربه ورأى في ذلك الرحمة وأيقن أن الله تعالى سائق إليه خيرا ) فقال : اللهم أطعم من أطعمني ، وأسق من أسقاني .
( فأردت أن أصنع خيرا ، وأتحف رسول الله صلى الله عليه وسلم )فعمدت إلى الشملة فشددتها علي . وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز ( أيتها أسمن فأذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلموإذا لم يكن لبن فلحم ، وأبى الله تعالى إلا أن يروي نبيه لبنا) فإذا هي حافلة ، وإذا هن حفل كلهن . فعمدت إلى إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم فحلبت فيه حتى علته رغوة . فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : ( أشربتم شرابكم الليلة ؟ ) قلت : يا رسول الله ! اشرب ( ولا عليك منا ) فشرب ثم ناولني . فقلت:
يا رسول الله ! اشرب ( وارتو وزد ) . فشرب ثم ناولني .
فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى ، وأصبت دعوته ( لي ، لا دعاءه علي )ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بعد أن أوجس في نفسه شيئا من ضحكي ) : إحدى سوآتك يا مقداد؟
فقلت ( وأنا بين الرضا بالحال ، والفرح بالمآل ، والحب للنبي صلى الله عليه وسلم ) :
يا رسول الله ! كان من أمري كذا وكذا . وفعلت كذا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذه إلا رحمة من الله . أفلا كنت آذنتني ( ليتسع الخير وتعم الرحمة ) فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها ؟
( وكانت فرحتي بالعافية والرحمة أشد وأطغى ) فقلت : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس .اللهم صل على الرحمة المهداة ، وارض عن آله , وأصحابه وتابعيه ، وسلم تسليما كثيرا.

كلاسيك
01-09-2001, 06:03 PM
(الشبكة الإسلامية)
عبد السلام البسيوني