سديم
14-08-2001, 11:37 PM
سؤال : ما التوسل الممنوع والتوسل المشروع وما الفرق بينهما ؟
الجواب : الله سبحانه وتعالي يقول :"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة" (المائدة 35) . وحقيقة التوسل هي ما يتوصل به إلى تحصيل المقصود . ومقصود العبد المسلم هو تحقيق رضوان الله والفوز بجنانه . وما يتوصل به إلى تحقيق رضوان الله لا يمكن للعباد أن يعلموه إلا من جهة إعلام الله لهم عن طريق رسله عليهم السلام ، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم فانحصر طريق معرفة ما يوصل إلى رضوان الله في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكلاهما وحي من الله ، أما القرآن فدليله ظاهر ومن ذلك قوله تعالى : "وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" (الأنعام 19) . وأما السنة فقوله تعالى : "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" (النجم : 3-4) .
وقد دلت الأدلة أن أعظم الوسائل نفعاً هو إخلاص الدين لله والقيام بحقه من العبادة والطاعة . وهناك أيضاً وسائل قد جاء النص بمشروعيتها :
فمن ذلك التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته ، يقول الله تعالى : "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" (الأعراف 180) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يصلي ، ثم دعا : الله إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى" . أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
ومن التوسل المشروع توسل الإنسان بأعماله الصالحة : وأعظمها الإيمان بالله عزوجل وتوحيده ، ودليل ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عبدالله بن بريده عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : "الله إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . فقال : "لقد سأل الله عز وجل باسمه الأعظم" .
ومن ذلك حديث أصحاب الغار الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة فقال بعضهم لبعض : "انظروا أعمالاً عملتموها صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها " فدعا كل مهم بعمل صالح ، فرجل دعا الله ببره لوالديه ، ورجل دعا الله بتعففه عن الوقوع فيما حرم الله من الزنى مع تمكنه منه ، ورجل دعا الله بحفظه لحق أجيره وإعطائه إياه . فانفرجت الصخرة عنهم . والحديث مشهور وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ومن أنواع الوسل المشروع : التوسل بدعاء الأخ المؤمن الحي له ومن أصح الأدلة في ذلك حديث أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا ، استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال : "اللهم كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون" رواه البخاري .
وعن أبي الزبير عن صفوان بن عبدالله بن صفوان قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت أتريد الحج العام ، فقلت : نعم . فقالت : أدع لنا بخير ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ..." الحديث رواه مسلم .
أما التوسل الممنوع فهو ماتقرب به العبد إلى الله بما لم يرد به الشرع ، فمن ذلك : التوسل إلى الله بذات شخص ، سواء كان نبياً أو مَلَكاً أو صالحاً أو غيره ، كأن يقول : اللهم إني أتوسل إليك بفلان بن فلان أن تشفى مريضي أو أن تغفر لي ونحو ذلك .
ومن ذلك التوسل إلى الله بحق شخص من الأشخاص أو بجاهه ، كأن يقول الله إني أسألك بجاه فلان أو بحق فلان ، أن تغفر لي ونحو ذلك وكل هذا باطل لم يرد به النص ولا هو في معنى ماوردبه النص فيكون بدعة لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" .
ولأن ذلك ذريعة لدعاء الشخص نفسه والطلب منه إما في حياته بما لا يقدر عليه إلا الله ، أو بعد مماته بأن يطلب منه الشفاعة ورفع الحوائج إلى الله ، وهذ كله من الشرك الأكبر الذي قال الله عنه : "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء" (النساء 48) .
أسأل الله الكريم لنا ولكم ولسائر المسلمين الفقه في الدين والثبات على سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .
أجاب على السؤال سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة .
مجلة الدعوة - العدد 1790 - 9 صفر 1422هـ - الموافق 3 مايو 2001 م .
الجواب : الله سبحانه وتعالي يقول :"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة" (المائدة 35) . وحقيقة التوسل هي ما يتوصل به إلى تحصيل المقصود . ومقصود العبد المسلم هو تحقيق رضوان الله والفوز بجنانه . وما يتوصل به إلى تحقيق رضوان الله لا يمكن للعباد أن يعلموه إلا من جهة إعلام الله لهم عن طريق رسله عليهم السلام ، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم فانحصر طريق معرفة ما يوصل إلى رضوان الله في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكلاهما وحي من الله ، أما القرآن فدليله ظاهر ومن ذلك قوله تعالى : "وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" (الأنعام 19) . وأما السنة فقوله تعالى : "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" (النجم : 3-4) .
وقد دلت الأدلة أن أعظم الوسائل نفعاً هو إخلاص الدين لله والقيام بحقه من العبادة والطاعة . وهناك أيضاً وسائل قد جاء النص بمشروعيتها :
فمن ذلك التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته ، يقول الله تعالى : "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" (الأعراف 180) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يصلي ، ثم دعا : الله إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى" . أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
ومن التوسل المشروع توسل الإنسان بأعماله الصالحة : وأعظمها الإيمان بالله عزوجل وتوحيده ، ودليل ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عبدالله بن بريده عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : "الله إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . فقال : "لقد سأل الله عز وجل باسمه الأعظم" .
ومن ذلك حديث أصحاب الغار الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة فقال بعضهم لبعض : "انظروا أعمالاً عملتموها صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها " فدعا كل مهم بعمل صالح ، فرجل دعا الله ببره لوالديه ، ورجل دعا الله بتعففه عن الوقوع فيما حرم الله من الزنى مع تمكنه منه ، ورجل دعا الله بحفظه لحق أجيره وإعطائه إياه . فانفرجت الصخرة عنهم . والحديث مشهور وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ومن أنواع الوسل المشروع : التوسل بدعاء الأخ المؤمن الحي له ومن أصح الأدلة في ذلك حديث أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا ، استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال : "اللهم كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون" رواه البخاري .
وعن أبي الزبير عن صفوان بن عبدالله بن صفوان قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت أتريد الحج العام ، فقلت : نعم . فقالت : أدع لنا بخير ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ..." الحديث رواه مسلم .
أما التوسل الممنوع فهو ماتقرب به العبد إلى الله بما لم يرد به الشرع ، فمن ذلك : التوسل إلى الله بذات شخص ، سواء كان نبياً أو مَلَكاً أو صالحاً أو غيره ، كأن يقول : اللهم إني أتوسل إليك بفلان بن فلان أن تشفى مريضي أو أن تغفر لي ونحو ذلك .
ومن ذلك التوسل إلى الله بحق شخص من الأشخاص أو بجاهه ، كأن يقول الله إني أسألك بجاه فلان أو بحق فلان ، أن تغفر لي ونحو ذلك وكل هذا باطل لم يرد به النص ولا هو في معنى ماوردبه النص فيكون بدعة لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" .
ولأن ذلك ذريعة لدعاء الشخص نفسه والطلب منه إما في حياته بما لا يقدر عليه إلا الله ، أو بعد مماته بأن يطلب منه الشفاعة ورفع الحوائج إلى الله ، وهذ كله من الشرك الأكبر الذي قال الله عنه : "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء" (النساء 48) .
أسأل الله الكريم لنا ولكم ولسائر المسلمين الفقه في الدين والثبات على سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .
أجاب على السؤال سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة .
مجلة الدعوة - العدد 1790 - 9 صفر 1422هـ - الموافق 3 مايو 2001 م .