PDA

View Full Version : لطائف وطرائف من حجة المصطفى صلى الله عليه وسلم


أبو لـُجين ابراهيم
01-03-2001, 09:14 AM
لطائف وطرائف من حجة المصطفى صلى الله عليه وسلم

والله متى نوره :

هذه المعجزة الربانية وتلك القدرة الإلهية ، أنظر كيف أعز الله جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ( إنا لننصر رسلنا والذين ــ يقوم الأشهاد ) .

قارن بين موقفين متباينين وحالين مختلفين تماماً :

الموقف الأول : رجل وحيد ليس معه إلاّ النفر اليسير ، طريد ، شريد ، مهدد ، يُرتكب معه صنوف من الأذى في نفسه ، في أهله ، في أتباعه ، ولا حول له ولا قوة ، ثم يأتي ما هو أشد من ذلك وأشق ، إذ يضطر للخروج من بلده ، وليس هنالك لوعة ولا ألم أشق على الإنسان وأمرُّ في فؤاده من اضطراره إلى مفارقة وطنه والهجرة عن أرضه وأحبته .

فيخرج صلى الله عليه وسلم من مكة مكرهاً ويترك مراتع الصبا وملاعب الطفولة ، فيودعها في ألم وحسرة قائلاً : ( والله إنك لأحب البقاع إلى نفسي ، والله لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ) .

الموقف الثاني : مع الرجل نفسه وبعد سنوات قليلة لا تكاد تذكر ولا تمثل شيئاً في عمر الزمن يعود الرجل نفسه إلى هذا البلد الحرام ، قوياً عزيزاً مُكبّراً ، مهللاً عالي الهامة مرفوع الرأس يعود ليحج إلى هذا البيت الذي كان يطوف به خفية أو في جو من الرعب والحذر ، يعود إلى هذا البيت الذي منع عنه مراراً ، ولقد كان يعرض نفسه على القبائل في الحج مراراً وتكراراً ، ويقول : من يؤويني حتى أبلغ دين الله ؟ فإن قريشاً منعوني من ذلك ، فلا يجد من يؤويه .. بعد ذلك يعود بماذا وبمن ؟ بمائة رجل ، بمائتين ، بألف … لا والله بل بما يقارب مائة وعشرين ألفاً من المؤمنين ، كلهم يشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ، كل منهم يتمنى أن يقدم رقبته رخيصة في سبيل الذبّ عن هذا الدين ، وفداءً لهذا النبي صلى الله عليه وسلم .

أليست هذه عجيبة من العجائب ولطيفة من اللطائف جديرة بأن يتأملها المؤمنون والدعاة إلى الله على وجه الخصوص .

2 ) حسن الخاتمة :

بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة يدعو ربه ويتضرع إليه وينطرح بين يديه ويتلذذ بمناجاته بينا هو كذلك إذا بأصوات تتردد هنا وهناك ، وإذا بالناس يزدحمون حول رجل من الحجاج .

فيسأل القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي كان يعيش هموم الأمة عن الخبر ، فيقال له : رجل فقير وَقَصَتهُ الدابّةُ فمات ، فهل شمخ بأنفه ؟ إلا في ثوبيه ( ثوبي الإحرام ) قال : اغسلوه بماءٍ وسدر ، وكفّنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً ) .

3 ـ إبل تعشق الموت :

حينما حج صلى الله عليه وسلم ساق معه مائة من الإبل ، هديه صلى الله عليه وسلم فأخذ الحربة لينحرها فيا للعجب ويا للروعة إذا أقبلت الإبل تتسابق إليه أيتها ينحر قبل ، هكذا تتسابق النوق وكل واحدة منها تقدم رقبتها للنبي صلى الله عليه وسلم لتظفر بطعنة من يده الشريفة لقد أدركت أن الموت له طعم من كفه صلى الله عليه وسلم ، ينحر منها ثلاثاً وستين ثم يتوقف ولم يكمل المائة ويعطي الحربة لعلي رضي الله عنه ليكمل المائة .

قال العلماء : نحر من النوق بعدد سني عمره ، لأنه عاش ثلاثاً وستين سنة .

سبحان الله إبل تُقَدّم رقابها لينحرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على حين أن هنالك فئام من الناس وأعداد ممن ينتسبون إلى هذا الدين يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ليقطع رقابهم بل ليرفعها ويعلي قدرها بهذا المنهج الذي يحمله فيأبون إلا أن يدسوا رؤوسهم في التراب وأن يلووا أعناقهم عن سنته وهديه صلى الله عليه وسلم .

أكرم بَخَلق نبي زانه خُلُق 00000 بالحق مشتملٍ بالبشر مُتّسمِ

كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ 00000 والبحر في كرم والدهر في هِمَمِ

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة 00000 تمشي إليه على ساقٍ بلا قدمِ

ياربّ أزكى صلاةٍ منك دائمة 00000 على النبي بمنهَلًّ ومنسجمِ

ما رنّحت عذبات البان ريح صبا 00000 وأطربت نغمات الآي من أُمم


4 ـ مع الحلاق :

لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه قال لمعمَر بن عبد الله : ( يا معمر ألديك موسى ) ؟

قال : نعم يا رسول الله .

قال : ( سم الله وأحلق رأسي ) ، فأعطاه ميمنة رأسه الشريف ، فأخذ يحلق رأسه وهو مبتسم ويقول لمعمر : ( أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بين يديك والموسى في يديك ) قال معمر : يا رسول يالله ، والله إنها من نعم الله عليّ أن أحلق رأسك ، فما انتهى النصف الأول قال لأصحابه : ( اقتسموه بينكم ) فكادوا يقتتلون على شعره كلُ منهم يريد أن يحصل ولو على شعرة واحدة .

وحق لهم ذلك الاقتتال على شعره صلى الله عليه وسلم إنه شعر من رأس سيد الأولين والآخرين ، إنها شعرات من الرأس الذي ملأ الدنيا نوراً وتوحيداً وعدلاً ، إنها شعرات من الرأس الذي أنقذهم من الضلالة وأخرجهم من الجهالة ، إنها شعرات من الرأس الذي ما تدنس بمعصية ، ولا تلطخ بخطيئة ، وما امتلأ بغير جلال الله وتوحيد الله .

ليس عندنا في الإسلام كهنوت ولا عبادة لغير الله ولا اعتقاد في غيره تعالى ، ولكنه الحب الصادق لذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم قال لمعمر : ( احلق النصف الآخر ) حلق النصف الآخر ، فقال صلى الله عليه وسلم : أين أبو طلحة الأنصاري ؟ فأتى أبو طلحة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ، ( خذ هذا الشعر كله ) فبكى أبو طلحة من الفرح ) رواه مسلم .

طفح السرور عليّ حتى أنني 00000 من عظم ما قد سرني أبكاني

المرجع : إبهاج الحاج .